متى يجب أن نقول نعم للطفل

متى أقول "نعم" ومتى أقول "لا" لطفلي؟..إليكِ حدود الحزم والحنان في التربية

ريهام كامل

كثيرًا ما أحتار بين قلبي الذي يريد أن يقول "نعم" لطفلي، وبين عقلي الذي يهمس لي بالحزم ويحثّني على قول "لا".أعلم أن التربية الإيجابية ليست أوامر ولا تنازلات، بل هي ذلك التوازن الجميل الذي يجمع بين قلبٍ يحنّ وعقلٍ يوجّه.

ومع ذلك، أجد نفسي أحيانًا في صراعٍ دائم بين الحزم والحنان، وأتساءل: متى أقول "نعم" ومتى أقول "لا" لطفلي؟

كان هذا السؤال صوت إحدى الأمهات الحائرات بين "نعم" و"لا"، لكنه في الحقيقة سؤال كل أم وأب يسعيان لتربية طفل قوي ومتزن، يدرك أن الحب لا يعني دائمًا الموافقة، وأن الحزم يمكن أن يكون وجهًا آخر للحنان.

لماذا يجب معرفة متى أقول "نعم" ومتى أقول "لا" لطفلي؟

عندما أدرك كأم متى أقول "نعم" ومتى أقول "لا" لطفلي؟، فهذا يعني أني أرغب في تربية طفلي تربية إيجابية وسليمة. إن الأمر ليس مجرد مهارة بل امتلاك القدرة على فهم احتياجات الطفل في كل مرحلة عمرية يمر بها. فالطفل يحتاج إلى المدح والتقدير والتشجيع والحنان بقدر ما يحتاج إلى الضبط والتوجيه والحزم.

تقول "داليا شيحة مستشارة أسرية، بأن الطفل يشعر بحيرة شديدة عندما يتلقى رسائل متناقضة (مرة نعم ومرة بدون سبب واضح يفهمه)، وهنا يكمن الخطر.   

متى يجب أن نقول "نعم" أو"لا" للطفل

متى يجب أن أقول "لا" ومتى يجب أن أقول "نعم"؟

اختيار الوقت المناسب لقول "نعم" أو "لا" ليس مجرد قرار لحظي، بل هو أساس يبني شخصية الطفل ويعلّمه كيفية الموازنة بين الرغبة والمسؤولية. تتضمن الإجابة على هذا السؤال معرفة متى يجب قول "نعم" للطفل، ومتى يجب قول"لا"

متى أقول "نعم" لطفلي؟

قول "نعم" لا يعني ضعف شخصية الأم، ولا يعكس حنانها عليه، بل هو اعتراف باحتياجات الطفل العاطفية والعقلية، وهذا ما أكدته دكتورة أميرة دكتوراه صحة نفسية  

في ما يلي ذكر لبعض المواقف التي يُستحب أن تقول فيها  الأم "نعم:"

  • عندما يطلب الطفل فعل بعض الأشياء بنفسه لأن ذلك يعزز من استقلاليته، على سبيل المثال وليس الحصر، رغبة الطفل باختيار ملابسه بنفسه، أو مشاركته في إعداد الطعام.
  • عندما تكون مطالب الطفل منطقية وآمنة، وأن تكون بعيدة كل البعد عن الضرر به.
  • عندما تكون "نعم" كمكافآة له على سلوكيات إيجابية قام بها.
  • عندما تعبّر "نعم" عن الحب أو الدعم، مثل "نعم"، أستطيع أن أسمعك الآن، أو "نعم" سأساعدك في مذاكرة  دروسك.

متى نقول للطفل "لا"؟

"لا" تشير إلى الحزم المستحسن الذي يعود على الطفل بالخير الكثير، لا هنا تعد بمثابة درع الأمان النفسي ولطفلك، كل ما يهم أن يتم قول "لا" بطريقة هادئة ومقنعة للطفل.

ومن المواقف التي تستدعي أن تقول "لا":

  • عندما يتجاوز الحدود أو يؤذي نفسه أو الآخرين
  • عند ارتكاب السلوكيات العدوانية.
  • عند استخدام أدوات خطرة تضر به.
  • عندما تكون مطالبه غير ملائمة لعمره أو أخلاقه التي يتربى عليها.
  • عند تخطيه للتعليمات والتوصيات والإجراءات الوقائية التي تحقق سلامته.
  • كأن يصر على استخدام الهاتف طوال اليوم أو مشاهدة محتوى غير ملائم.
  • عندما يكذب ويخالف القيم التي تربى عليها.
  • عند تهاونه في القيام بما عليه من واجبات.
  • عند رغبته في الذهاب مع صحبة غير صالحة.

كل هذه المواقف تحتم قول "لا"، لأن الطفل لا يدرك مصلحته، ويجب من الحزم في التربية.

يجب اختيار الوقت المناسب لقول لا ونعم للطفل

كيف يمكن الموازنة بين قول "نعم" و"لا"؟

تقول داليا شيحة أن التوازن هو أساس التربية الإيجابية، وسر التواصل الفعال مع الأطفال، ولتحقيقه يجب الالتزام بالتوصيات التالية:

  • يجب شرح السبب دائمًا، إذ لا يجب الاكتفاء بقول "لا" بل يتعين تفسير سبب الرفض للطفل بلطف.
  • الحرص على الثبات وعدم تغيير الرأي لأن ذلك يحقق شعور الطفل بالأمان.
  • استخدم نبرة هادئة عند قول "لا" لأن الصراخ على الطفل له تأثيراته السلبية التي من بينها شعور الطفل بالخوف.
  • يجب مكافئة الطفل على السلوك الجيد، ومدحه لتشجيعه على القيام بسلوكيات جيدة وإيجابية.

خلاصة القول:

إن التربية ليست معركة بين "نعم" و"لا"، بل رحلة تحتاج إلى الوعي والحب والاحترام والدعم والاحتضان والحكمة. لذلك، فإن الإجابة على سؤال "متى أقول "نعم" ومتى أقول "لا" لطفلي؟، تكمن في الجمع بين الحزم والحنان في التربية. يجب قول "نعم" على كل السلوكيات وطلبات الطفل التي تعزّز النمو، الثقة، والاستقلالية عند الطفل. وقول "لا" حال رفض الطلبات التي تضر بسلامته، وتلك التي تترك أثرًا سلبيًا على أخلاقه والقيم التي تربى عليها.

تذكري عزيزتي الأم "نعم" ليست تدليل، و"لا" لا تعني المنع لمجرد المنع، كلاهما ضروريان لمصلحة الطفل، ولتأمين مستقبله. قولي "نعم" بحب وقولي "لا" بحب أيضًا، ولا تنسي احتضان طفلكِ.

مع تمنياتي لكِ برحلة تربية سليمة ومثمرة لطفلكِ.