سكارليت جوهانسون وتيلي نوروود

خاص "هي".. من سكارليت جوهانسون إلى تيلي نوروود: هل تنتهي السينما البشرية؟

إيهاب التركي
5 أكتوبر 2025

بابتسامتها الدائمة وطلتها الجذابة وتلقائيتها، تثير تيلي نوروود مخاوف نجمات هوليوود. يَرَيْنَ شروق شمسها في سماء هوليوود إعلانًا لغروب نجوميتهن، هي مُعدة مثل أيقونة جمال الزمن المعاصر، ونجمة الأجيال الجديدة وربما القادمة، جاذبيتها الفائقة تُعد تهديدًا لمكانة سكارليت جوھانسون وآنا دي أرماس وسيدني سويني في عالم الإغراء، وبعيدًا عن تأثير الجمال يثير تطوير أدائها التمثيلي مخاوف ميريل ستريب وأوليفيا كولمان وفيولا ديفيس. أشعلت تيلي غضب "نقابة الممثلين SAG-AFTRA"، وأطلقت نجمات مثل إميلي بلانت وووبي جولدبرج تصريحات عدائية حادة ضد الممثلة والفكرة بأكملها، في المقابل، أبدت وكالات المواهب اهتمامًا بالتعاقد مع تيلي نوروود. مثاليتها وتدريبها الصارم يؤهلانها لإتقان أدوارها جيدًا، هي مخلوقة للفن، بعيدة عن الحياة الشخصية الجدلية والفضائح، اسمها بعيد عن عناوين صحافة النميمة المثيرة.

مولد نجمة

في أروقة هوليوود، برزت تيلي نوروود ككائن أثيري يتحدى الجاذبية الأرضية. هي ليست ممثلة من لحم ودم، بل شبح رقمي مصنوع من خوارزميات وأكواد. أُطلقت في يوليو 2025 كأول "ممثلة" ذكاء اصطناعي كاملة، في كوميديا قصيرة بعنوان "AI Commissioner". أنشأتها إيلين فان دير فيلدن، الممثلة الهولندية السابقة والمؤسسة لشركة Particle6، كجزء من استوديو Xicoia، الذي يُقدم نفسه كـ"أول استوديو مواهب ذكاء اصطناعي في العالم". ظهور تيلي مرآة تعكس مخاوف هوليوود العميقة؛ تخشى "نقابة الممثلين الأمريكية SAG-AFTRA" وكبار النجمات أن تبتلع النماذج الرقمية الروح البشرية في السينما، وعلى جانب آخر، يرى المبدعون أن تيلي ستكون مثل بوابة إبداع لعوالم لا حدود لها.

 برزت تيلي نوروود ككائن أثيري يتحدى الجاذبية الأرضية
برزت تيلي نوروود ككائن أثيري يتحدى الجاذبية الأرضية

بدأت قصة تيلي مع فيلم "AI Commissioner"، باستخدام عشر أدوات ذكاء اصطناعي ومساعدة ChatGPT في الكتابة. كانت الشخصية – فتاة بريطانية شابة ذات عيون جميلة ونطق بريطاني مثالي – مصممة لتكون فتاة عادية، بنت الجيران الجميلة، والهدف تقليل تكاليف الإنتاج بنسبة 90%، من خلال توليد محتوى كامل دون الحاجة إلى طاقم بشري.

بحلول أكتوبر 2025، كانت حسابات تيلي على إنستغرام (48,000 متابع) وفيسبوك تنشر صورًا لها في اختبارات تصوير وهمية، ومقاطع ترويجية تقلد برامج مثل "The Graham Norton Show" – حيث تبكي على الأريكة أو تتجول على سجادة حمراء افتراضية. تدافع فان دير فيلدن عن رؤيتها الفنية مؤكدةً أن "الجمهور يهتم بالقصة، لا بما إذا كانت النجمة لها نبض". لم تعد تيلي مجرد تجربة فنية، بل تهديدًا للصناعة التي لا تزال تتعافى من إضراب 2023، حيث كان الذكاء الاصطناعي محور النزاع،.

بدأت قصة تيلي مع فيلم "AI Commissioner"، باستخدام عشر أدوات ذكاء اصطناعي
بدأت قصة تيلي مع فيلم "AI Commissioner" باستخدام عشر أدوات ذكاء اصطناعي

أشباح الشاشة

حينما يأتي الحديث عن شخصية اصطناعية متحركة على شاشة السينما، نتذكر أن شخصيات الرسوم المتحركة والشخصيات ثلاثية الأبعاد ليست بشر. ومع ذلك، قد أحبها المتفرجون. لم تهدد شخصيات مثل سندريلا ورابونزل والجميلة النائمة عروش إيما ستون ورفيقاتها من النجمات الشابات، ولم ينافس المأمور وودي من "قصة لعبة" نجوم الأكشن والوسامة، شخصيات الذكاء الاصطناعي، مثل الرسوم، تظل أداة جديدة تُضاف إلى أدوات السينما.

أقنعتنا هوليوود – بالذكاء الاصطناعي والخدع البصرية - أن بعض البشر لديهم قوى خارقة؛ سوبر مان يطير وباز أيضًا يطير، لماذا إذًا لا تقوم ممثلة رقمية بأدوار البطولة في أفلام خيالية أو رومانسية؟ من حق تيلي نوروود أيضًا أن تطير!

ممثلة رقمية بأدوار البطولة في أفلام خيالية أو رومانسية
ممثلة رقمية بأدوار البطولة في أفلام خيالية أو رومانسية

تاريخ السينما يشير إلى أن الشخصيات الخيالية أو الأشباح الأليفة جزء من الصناعة، رَقَص الثنائي توم وجيري مع جين كيلي في فيلم (1945) "Anchors Aweigh"، وشاركا الأيقونة إستر ويليامز في استعراض تحت الماء في فيلم (1953) "Dangerous When Wet"، وهي أفلام مبكرة دمجت الرسوم المتحركة بشخصيات حقيقية، ثم جاءت جيسيكا رابيت في "Who Framed Roger Rabbit" (1988) كنجمة إغراء كرتونية مستوحاة من عدة شخصيات، مثل ريتا هيوارث ومارلين مونرو، وظهرت جيسيكا الكرتونية بعد ذلك في عدد من الأفلام الأخرى، واختارتها مجلة "إمباير" عام 2008 كواحدة من أعظم 100 شخصية سينمائية في كل العصور، نجاح هذه الشخصيات في الأفلام دليلٌ على أن الجمهور يحب الشبح إذا خَدَم القصة.

تيلي ليست استثناءً؛ هي امتداد، لكن الخوف اليوم أعمق، ربما لأن الشبح هذه المرة يحمل وجهًا بشريًا واقعيًا للغاية، مسروقًا من صور وجوه بشرية حقيقية.

 الشبح هذه المرة يحمل وجه بشريًا مسروق من صور وجوه بشرية حقيقية
 الشبح هذه المرة يحمل وجه بشريًا مسروق من صور وجوه بشرية حقيقية

نبوءة سيمون

لم تولد تيلي من فراغ، هي حفيدة أشباح هوليوود نفسها، تلك الشخصيات الرقمية التي زرعت بذور الجدل قبل عقود. فيلم "Simone" (2002)، من إخراج أندرو نيكول وبطولة أل باتشينو الذي يلعب دور فيكتور تارانسكي، مخرج محبط. يخلق تارانسكي ممثلة افتراضية تُدعى سيمون، مولدة ببرنامج "Simulation One" الرقمي، بعد أن تترك نجمتُه الحقيقية (وينونا رايدر) مشروع فيلمه الجديد. تصبح سيمون نجمة عالمية، تفوز بجوائز أوسكار، لكن تارانسكي يفقد السيطرة عليها، فيسعى لتدميرها.

رغم أن الفيلم يسخر من هوس هوليوود بالذكاء الاصطناعي، لكنه أصبح نبوءة تتجسد اليوم في تيلي، التي تُقارن بسيمون، النجمة التي لا تطالب بأجر أو راحة.

سيمون ليست الوحيدة؛ احتوى فيلم "Tron" (1982) على 15 دقيقة كاملة من الرسوم المتحركة الرقمية، حيث يدخل البطل برنامج كمبيوتر إلى عالم افتراضي، رمزًا للاندماج بين الإنسان والآلة، فاز الفيلم بجائزة أوسكار للتأثيرات البصرية. هذه الأعمال لم تكن مجرد تجارب، كانت مثل تأملات في "الكمال الاصطناعي"، كما في "The Abyss" (1989) لجيمس كاميرون، حيث تتحرك كائنات مائية رقمية كأرواح بحرية، أو "Terminator 2" (1991)، حيث يجسد روبوت يحاكي الجسد البشري التهديد الرقمي.

فيلم Simone بطولة أل باتشينو الذي يلعب فيه دور مخرج محبط يخلق ممثلة افتراضية تُدعى سيمون
فيلم Simone بطولة أل باتشينو الذي يلعب فيه دور مخرج محبط يخلق ممثلة افتراضية تُدعى سيمون

عواطف رقمية!

تيلي اليوم هي الثمرة الناضجة لهذه البذور، مدربة على بيانات آلاف الممثلين بهدف محاكاة المشاعر البشرية بدقة وحساسية. الجدل ليس جديدًا، بل هو صدى لفلسفة فيلم "Blade Runner" (1982)، حيث يسأل كاتب القصة فيليب ك. ديك: "هل يمكن للآلة أن تكون بشرية؟".

تيلي نوروود مصممة لتكون "إنسانية". إنها تعبر عن الحزن، الفرح، والغضب ببراعة تتحدى أعين المشاهدين. في مشاهد "AI Commissioner"، تذرف تيلي الدموع بحرارة وهي تروي قصة حبها الفاشلة، وتُبدي شجاعة في مواجهة خصمها. إن الجاذبية الحقيقية لتيلي تكمن في قدرتها على إقناع الجمهور بأنها تشعر، لكن هذا الإقناع يثير مثل مخاوف أخلاقية: هل يحق لنا خلق كائنات رقمية تحاكي إنسانيتنا دون أن تملك روحًا؟ وهل ستحل تيلي محل الممثلين الحقيقيين، ليس فقط في الأدوار البسيطة، بل في تلك التي تتطلب عمقًا عاطفيًا؟

تدير تيلي حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي كأنها إنسانة، حتى إنها تصف حالتها العاطفية بـ"معقدة بعض الشيء". تدعي فان دير فيلدن أن تيلي "تشعر بعواطف حقيقية"، ربما تعني أنها تطور مشاعرها الاصطناعية لتحاكي المشاعر الطبيعية. ربما يقع في غرامها معجب ما، مثلما وقع يواكين فينكس في غرام مساعدة صوتية مصنوعة بالذكاء الاصطناعي في فيلم "Her" (2013). أو كما أحب هاريسون فورد الروبوت راشيل في "Blade Runner" (1982). في فيلم "Ex Machina" (2014)، يختبر أوسكار إيزاك الافتتان الحسي مع روبوت أنثى تُدعى أفا، ترمز للإغراء الرقمي. مشاعر يواكين فينكس وهاريسون فورد وأوسكار إيزاك صادقة ومؤثرة، وقد كانت قصص الحب محور تلك الأفلام، فهل سيحب الجمهور "عواطف مصطنعة"؟

تيلي نوروود مصممة لتكون "إنسانية" إنها تعبر عن الحزن
تيلي نوروود مصممة لتكون "إنسانية" إنها تعبر عن الحزن

سرقة أم تدريب؟

أسباب الجدل عميقة: انتهاك قوانين حقوق الملكية الفكرية، إذ تم تدريب تيلي ببيانات ممثلين حقيقيين دون موافقتهم، والخوف الوجودي. بعد إضراب 2023، فرضت النقابة قيودًا على استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة إنتاج الوجوه والأصوات البشرية، فتبدو تيلي وكأنها تنتهك تلك الاتفاقيات، وتهدد وظائف النجمات والكومبارس والمبتدئين في عالم السينما. أخيرًا، فقدان الجوهر، فالتمثيل تجربة حياة، عواطف، وفوضى لا تستطيع الخوارزميات محاكاتها.

لكن مرور الوقت أظهر أن الأدوات الجديدة لا تخلق شيئًا من فراغ، بل تحتاج إلى مبدع ليصنع منها عملًا إبداعيًا أصيلًا، وحتى جدلية تدريب النماذج على أعمال وأداء الممثلين تتهافت أمام حقيقة يتجاهلها البعض، وهي أن المبدعين أنفسهم يتأثرون بأداء بعضهم البعض. يتعلم الفنان الناشئ من الكبار ويقلدهم أحيانًا، قبل أن يستقل وتتبلور شخصيته الأصيلة، تيلي لم تفعل شيئًا جديدًا، هي فقط أكثر صراحة وشفافية، ربما تبدو المقارنة غريبة، ولكن الفعل متشابه، البشر أنفسهم مثل نماذج أصيلة، لكنها مدربة على مواهب بشر آخرين. خلف كل ذكاء اصطناعي مجموعة من البشر، وخلف تيلي نوروود إيلين تجسيد الممثلة فان دير فيلدن، مدعومة بأدوات الذكاء الاصطناعي وحواسيب ضخمة بإمكانات هائلة.

النبض والخوارزميات

تكشف الممثلة تيلي نوروود هشاشة هوليوود وحاجتها المُلحة إليها، يُرى الذكاء الاصطناعي اليوم كحل اقتصادي، وطوق نجاة لصناعة تُعاني خسائر فادحة. تكاليف الإنتاج المتزايدة تضغط على الصناعة، فيلم "Avatar: The Way of Water" تكلف 350 مليون دولار، لكنه يفتقد الجوهر خلف الجلود الزرقاء للشخصيات الرقمية مفرطة الطول، يتعثر الممثلون مع الأسلاك التي تلتقط تعبيراتهم، وتغيب عن أدائهم التلقائية البشرية، التي تجعل الفن تجربة استثنائية، السينما نجحت ببراعة في دمج الرقمي مع البشري، هذا لا يجعل بداية تيلي هي نهاية الممثلين البشر، بل تذكير أن التقنية تخدم الفن، لا تعوضه، طالما حافظت الأفلام على الروح البشرية والنبض الإنساني.

مقاومة التطور الفائق في صناعة الذكاء الاصطناعي ردة فعل رجعية بشرية قديمة، رفض الأدوات الجديدة واعتبارها تهديدًا وجوديًا أمر معتاد، ويستنزف الوقت والمجهود اللازمين لترويض الأداة وبلورة حدودها كجزء من أي صناعة إبداعية. للأسف أو لحسن الحظ – يتوقف الأمر على موقفك من المسألة – خلال سنوات قليلة سيصبح الجدل الحالي تراثًا من الماضي، وستصبح تيلي نوروود أو مثيلاتها واقعًا رقميًا وسينمائيًا، جزءًا رئيسًا من صناعة السينما الأمريكية والعالمية، وربما تمنحها نقابة الممثلين الأمريكية عضويتها.

الممثلة تيلي نوروود تكشف هشاشة هوليوود
الممثلة تيلي نوروود تكشف هشاشة هوليوود

سيقرر المتفرجون هذه المسألة، ستقف شركات الإنتاج والنجوم خلف مصالحهم المادية في النهاية، ربما تقف إميلي بلانت في المستقبل أمام تيلي نوروود لأداء مشهد سينمائي، وتخرج للإعلام مُشيدة بأدائها والكواليس الرقمية اللطيفة التي جمعتهما.

صور سكارليت جوهانسون وتيلي نوروود مولدة بالذكاء الصناعي: خاص لـ"هي"، صور تيلي نوروود: موقع ستديو Particle6.