شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

احتفاءً بـ يوم المرأة الإماراتية.. "هي" في حوار ملهم مع شيماء راشد السويدي عن الثقافة والإبداع ومسيرة الإنجازات والأحلام

يورغو البيطار
25 أغسطس 2025

تحمل مناسبة يوم المرأة الإماراتية في طياتها معاني الريادة والتمكين، وتجسد مسيرة خمسين عاماً من الإنجازات التي سطّرتها المرأة الإماراتية في مختلف الميادين، لتصبح اليوم شريكاً أساسياً في التنمية وصناعة المستقبل. وفي "هي" نحتفي بهذه المناسبة بهذا الحوار المميز مع شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة".

تكشف السويدي عن رؤيتها لدور المرأة الإماراتية المتنامي في قيادة القطاع الثقافي والإبداعي، وتسلّط الضوء على أثر المبادرات التي تقودها "دبي للثقافة" في ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للإبداع والفنون. كما تتحدث عن محطات مؤثرة في مسيرتها المهنية، وعن الشعار الملهم ليوم المرأة الإماراتية هذا العام "يداً بيد نحتفي بالخمسين" الذي يختصر روح التكاتف الوطني والنجاح المشترك.

 شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

وبنبرة تحمل الكثير من الإلهام، توجه السويدي رسائل صادقة إلى الفتيات والشابات الإماراتيات الطامحات إلى خوض مجالات الثقافة والفنون، داعية إياهن إلى التمسك بالقيم الأصيلة، والإيمان بقدراتهن، وتحويل شغفهن إلى مشاريع حقيقية تترك بصمة في الحاضر وتصنع ملامح المستقبل.

حوار يضيء على رحلة امرأة قيادية كرّست حياتها لخدمة الثقافة والإبداع، ويعكس في الوقت ذاته صورة مشرقة عن الإمارات التي آمنت بدور المرأة وقدمت لها كل الدعم لتكون عنواناً للريادة والتأثير.

 شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

المرأة الإماراتية نجحت في إلهام الأجيال الجديدة

ترى السويدي في حديثها الخاص مع "هي" أن يوم المرأة الإماراتية يمثل تتويجاً لمسيرة متواصلة من التميز والريادة التي حققتها المرأة الإماراتية، وفرصة للاحتفاء بإنجازاتها التي جعلت منها مثالاً متفرداً في التميز ونموذجاً ملهماً على مستوى المنطقة، بفضل دعم القيادة الرشيدة التي آمنت بقدراتها ودورها الفاعل والمؤثر في المجتمع، وعملت على تمكينها والاستثمار فيها ومنحها فرصة التعبير عن رؤاها وأفكارها وتطلعاتها، ما فتح أمامها آفاقاً للإبداع. وتعتبر أن "المرأة الإماراتية نجحت عبر أعمالها وإبداعاتها المختلفة في إلهام الأجيال الجديدة، وشاركت بطموحاتها وأحلامها في تشكيل ملامح المستقبل، كما التزمت بأداء رسالتها المجتمعية من خلال محافظتها على عادات وتقاليد مجتمعنا وهويتنا الوطنية، وعملت على ترسيخها في نفوس أبنائها".

وتقول أنه "على المستوى الشخصي، اعتز بانتمائي للإمارات التي تتبنى سياسات مرنة تراعي احتياجات المرأة ومسؤولياتها المهنية والأسرية، وتسهم في تطوير القيادات النسائية، وزيادة تمثيلها في سوق العمل وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً، ما يحفزنا على بذل مزيد من العطاء في مختلف المجالات".

 شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

بيئة إبداعية ملهمة تشجع المرأة

وعن التحول في دور المرأة الإماراتية على مدار العقدين الأخيرين، خاصة في القيادة وصناعة القرار الثقافي، ترى المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة" أن دور المرأة الإماراتية على مدار العقدين الأخيرين شهد تحولاً نوعياً، حيث يحظى تمكين المرأة باهتمام ورعاية القيادة الرشيدة، التي تحرص على الاستثمار في طاقاتها وإمكانياتها، وتسعى عبر نهجها المتفرد واستراتيجياتها النوعية إلى تحفيزها على تطوير مهاراتها في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تعمل القيادة على إتاحة الفرص أمام المرأة لتولي المناصب العليا في القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز مشاركتها في صناعة القرار ودعم مسيرة التنمية الشاملة، بما ينسجم مع أهداف السياسة الوطنية لتمكين المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة 2023 –2031.

وفي قطاع الثقافة والفنون، سجلت المرأة الإماراتية حضوراً لافتاً بفضل ما تمتاز به دبي والإمارات من بيئة إبداعية ملهمة، تشجع المرأة على إطلاق العنان لأفكارها، وتحويلها إلى مشاريع ناجحة تساهم في دعم قوة الصناعات الثقافية والإبداعية، وهو ما انعكس إيجاباً على المشهد الثقافي المحلي.

وعن كيفية انعكاس شعار "يداً بيد نحتفي بالخمسين"، على مسيرة شيماء راشد السويدي، تؤكد أن الشعار يمثل محطة رمزية للاحتفاء بما حققته المرأة من إنجازات نوعية على مدار خمسة عقود، كما يحمل في طياته دلالات عميقة تجسد أهمية دور المرأة في مسيرة التنمية وترسيخ قيم التكاتف الوطني. ويعكس هذا الشعار مساراً طويلاً من العمل المشترك الذي يجمع بين قيادة تؤمن بقدرات المرأة وتحرص على تمكينها، ومجتمع يساندها في جميع خطواتها، ونساء أثبتن جدارتهن في مواصلة العطاء وتحقيق النجاح في مختلف الميادين.

 شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

اللحظة الأكثر تأثيرًا

وعن اللحظة أو الإنجاز التي تعتبرها الأكثر تأثيرًا في حياتها وكيف تصف رحلتها، تقول: "يمكنني وصف مسيرتي المهنية بأنها رحلة تطوير متواصلة غنية بالفرص والتحديات، وخلالها تنقلت بين عدد من المؤسسات والهيئات في دبي وشغلت مناصب مهمة، مثل كل واحد منها تجربة ملهمة أضافت لي الكثير من الخبرة والمعرفة وأسهمت في صقل مهاراتي في مجالات التسويق، وتصميم الاستراتيجيات، وإدارة المشاريع، وغيرها. أما اللحظة الأكثر تأثيراً في حياتي المهنية، فكانت لحظة صدور قرار تعييني من قبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، لشغل منصب المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"، حيث مثلت هذه الثقة محطة فارقة في مسيرتي، وفتحت أمامي آفاقاً واسعة للتطوير، وتعزيز الروابط مع أعضاء المجتمع الإبداعي، والتفاعل مع أصحاب المواهب، واستكشاف إمكانياتهم، والمساهمة في تحقيق تطلعات دبي ورؤاها الطموحة، وترسيخ حضورها على الخريطة الثقافية العالمية".

مواصلة التعلم والتمسك بالقيم والاستفادة من الفرص

وعن الرسالة التي تود توجيهها إلى الفتيات والشابات الإماراتيات الطامحات إلى مناصب قيادية في قطاعات الإبداع والثقافة، توضح السويدي أن المرأة الإماراتية أثبتت قدرتها على تحقيق التميز في قطاع الثقافة والفنون، ونجحت في تشكيل ملامح المشهد الإبداعي المحلي من خلال قيادتها وإدارتها للعديد من المشاريع الثقافية والإبداعية، التي تثري الحراك الثقافي وتدعم أصحاب الكفاءات المحلية وتسهم في مد جسور التواصل مع الثقافات الأخرى، وتحقيق تطلعات دبي ورؤاها الطموحة بأن تكون مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.

وتضيف: "أنصح كل شابة إماراتية تطمح للعمل في هذا القطاع بضرورة مواصلة التعلم والاهتمام بالابتكار، والتمسك بالقيم المجتمعية الأصيلة، والاستفادة من التجارب والفرص التي تمكنها من تعزيز قدراتها ومواهبها، وتحويل أفكارها إلى مشاريع واقعية، بما يساعدها على مواصلة مسيرتها وتحقيق طموحاتها وأحلامها، ويعزز حضورها في المجتمع".

 شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

قوة الصناعات الثقافية والإبداعية

وبالنسبة لمساهمة "دبي للثقافة" عبر مبادراتها ومشاريعها المختلفة في بناء وتطوير المنظومة الثقافية بدبي، وتوفير منصات لدعم وتمكين المبدعين وتعزيز حضورهم على الساحة العالمية، ترى السويدي أن المشهد الفني والإبداعي في دبي يتميز بتنوعه وتطوره، حيث يعكس ما تتميز به الإمارة من بنية تحتية قوية، وبيئة جاذبة، وقدرة على استقطاب المبدعين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب من مختلف أنحاء العالم، الذين يجدون في الإمارة مناخات ملهمة تحفز لديهم روح الابتكار، ما ساهم في إرساء منظومة ثقافية متطورة قادرة على النهوض بالحركة الفنية والثقافية المحلية.

وتحرص "دبي للثقافة" عبر برامجها المختلفة على دعم مكونات هذا القطاع، ومد جسور التواصل بين أعضاء المجتمع الإبداعي في دبي، وتشجيعهم على تطوير مهاراتهم وخبراتهم، والاحتفاء بتجاربهم وإنتاجاتهم في مختلف المجالات الثقافية والفنية، وهو ما يتجلى في برنامج "منحة دبي الثقافية" الهادف إلى تطوير قطاع الثقافة والفنون في دبي، ودعم المجتمعات الإبداعية في الإمارة، إضافة إلى مهرجانات "سكة للفنون والتصميم"، و"دبي للفنون الأدائية الشبابية"، وغيرها من المشاريع التي تنظمها الهيئة بهدف تشجيع الفنانين والمثقفين على مواصلة شغفهم، ومنحهم مساحة واسعة للتعبير عن وجهات نظرهم.

كما تعمل الهيئة من خلال مشاركاتها في العديد من الفعاليات والأحداث الدولية المهمة مثل "بينالي لندن للتصميم" و"بينالي سانت إتيان الدولي للتصميم" و"ترينالي كوفيليا الدولي للتصميم"، و"إكسبو 2025 أوساكا"على تعزيز حضور أصحاب المواهب المحلية على الخريطة العالمية، وتمكينهم من التفاعل مع أبرز التجارب الفنية والاستفادة منها، ما ينعكس إيجاباً على قوة الصناعات الثقافية والإبداعية، وهو ما ينسجم مع الخارطة الاستراتيجية لـ "دبي للثقافة"، وأولوياتها القطاعية الرامية إلى تحقيق تطلعات دبي ورؤاها الهادفة إلى ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للاقتصاد الإبداعي.

تعزيز ريادة دبي

وفي هذا الإطار، تشرح السويدي أن "دبي للثقافة" تؤمن بأهمية الثقافة ودورها في تنمية المجتمع والتعبير عن هويته وقيمه وتطلعات أفراده، وتسعى عبر ما تنفذه من استراتيجيات مثل "دبي للاقتصاد الإبداعي"، و"الفن في الأماكن العامة"، و"استراتيجية قطاع التصميم 2033"، إضافة إلى مشاريع أخرى، من بينها "مدارس الحياة"، و"صندوق القراءة"، و"شهر الصُنّاع"، ومنتدى القوز للريادة الإبداعية، وبينالي دبي للخط، و سلسلة "ثقافة دبي وتراثها" وغيرها، إلى تحفيز روح الإبداع لدى أصحاب المواهب الرواد والناشئة، وتشجيعهم على عرض أعمالهم وإنتاجاتهم أمام الجمهور، ما يدعم قوة الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارة.

 شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في "دبي للثقافة"

كما تعمل الهيئة عبر برامج "المبدعين الإماراتيين في البندقية"، و"ورشة المواهب" و"منحة معرض مصممي الإمارات في ميزون أوبجيه" و"منحة المعارض الفنية الدولية"، والتي تندرج جميعها تحت مظلة برنامج "منحة دبي الثقافية"، على إيجاد منصات مبتكرة قادرة على ربط الكفاءات المحلية بشبكات إبداعية عالمية، وتوطيد علاقات التعاون الدولي والتبادل الفكري مع الجامعات والمعارض والمراكز الفنية من مختلف أنحاء العالم، ما يسهم في إعداد وتأهيل الأجيال القادمة من أصحاب المواهب، وإتاحة فرص عديدة لهم للتفاعل مع التجارب الفنية العالمية، وخبرات الأكاديميين والمتخصصين والاستفادة منها في استكشاف توجهات القطاع الفني عالمياً، ما ينعكس إيجاباً على أساليبهم التعبيرية التي تبرز أصالة التراث والثقافة المحلية وتقديمهما بطريقة مبتكرة، ويعزز مساهماتهم في تقديم صورة إيجابية عن دبي والإمارات، وهو ما ينسجم مع مسؤوليات الهيئة وأولوياتها القطاعية الهادفة إلى تعزيز ريادة دبي وجهة مفضلة للعيش والعمل والترفيه، ومركزاً عالمياً للثقافة والإبداع.

رسالة إلى جيل 2050 

وعن رؤيتها لمستقبل الثقافة والفنون في دبي خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل التحولات العالمية السريعة في المشهد الإبداعي، تؤكد أن "مستقبل الثقافة في دبي واعد ومزدهر وحافل بالفرص، وذلك بفضل رؤى الإمارة الطموحة، وقدرتها على توظيف أدوات الدبلوماسية الثقافية والقوة الناعمة، في تعزيز مساهماتها في إثراء الحراك الثقافي العالمي، حيث تسعى الإمارة عبر استراتيجياتها إلى استشراف وتصميم المستقبل، وتمهيد الطريق للأجيال القادمة للمساهمة في ابتكار نماذج جديدة للتفاعل الثقافي، وصنع سياسات وتشريعات متفردة وتطوير مشاريع جديدة تسهم في تعزيز قوة الاقتصاد الإبداعي، إلى جانب إطلاق مبادرات تعكس حرصها على تبني الحلول المبتكرة وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي أحدثت نقلة نوعية في توظيف التكنولوجيا في قطاع الثقافة والفنون، كما تركز الإمارة على دور الشباب في تشكيل ملامح المشهد الثقافي وذلك استعداداً لمواجهة التغيرات المستقبلية".

وتضيف: "نحرص في "دبي للثقافة" من خلال برامجها المبتكرة على بناء منظومة متكاملة قادرة على مواكبة التحولات المتسارعة التي يشهدها القطاع الإبداعي العالمي، وذلك عبر تشجيع المبدعين على الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها ضمن مشاريعهم، ما يساهم في دفع عجلة التحول الرقمي ويعزز ريادة دبي كواحدة من أكثر مدن العالم استعداداً للمستقبل".

وأخيرًا، توجه السويدي رسالة تخيلية إلى الأجيال القادمة من المبدعين في عام 2050: "رسالتي للأجيال القادمة من المبدعين.. أنتم عماد الوطن وثروته وامتداد لمسيرته، احرصوا على مواصلة التعليم والمعرفة فهي طريقكم نحو الريادة وتحقيق المركز الأول، تمسكوا بأحلامكم واحرصوا على تحقيق طموحاتكم، وحافظوا على ثقافتنا وقيمنا فهي هويتنا التي نعتز بها، واجعلوا من إبداعاتكم جسراً للتواصل بين الثقافات، وأداة لصناعة مستقبل أفضل للإنسانية، واهتموا بالفنون فهي مرآة لمجتمعنا وقوة ناعمة تعزز حضوركم على الساحة الفنية وتمكنكم من ترك بصمة وأثرٍ لا ينسى".