
طاقة الأبراج الشبابية: كيف يكسر جيل اليوم القواعد الفلكية التقليدية؟
تظهر الأجيال الشابة، وخاصةً جيل Z وجيل الألفية، اهتمامًا كبيرًا بعلم الفلك والأبراج. فطاقة الأبراج الشبابية تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة منهم تؤمن بعلم الفلك وتستشيره، ويستخدمه الكثيرون لاتخاذ قراراتهم الحياتية، وفهم أنفسهم، وإدارة علاقاتهم. حيث يكسر جيل اليوم القواعد الفلكية التقليدية ويدعم هذا التوجه وسائل التواصل الاجتماعي.كما يحظى المحتوى المتعلق بعلم الفلك بشعبية وسهولة الوصول إليه.
مدى الاهتمام والاستخدام:
يؤمن عدد كبير من الشباب، وخاصةً النساء، بعلم الفلك. وتشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 80% من جيل Z وجيل الألفية يهتمون به. كما يتابع العديد من الشباب أبراجهم بانتظام، حتى أن بعضهم يفعل ذلك يوميًا. كذلك تعتمد نسبة كبيرة من الشباب على علم الفلك لتوجيه قراراتهم الحياتية المهمة. بما في ذلك الخيارات المهنية والعلاقات الاجتماعية، وحتى الأمور المالية.
دور وسائل التواصل الاجتماعي:
لعبت منصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وإنستغرام، دورًا حاسمًا في كسب شعبية لعلم الفلك، مما جعله أكثر سهولةً وتفاعلًا مع الجمهور الشاب. بالإضافة إلى نشر طاقة الأبراج الشبابية تزداد شعبية هذا العلم وما يصاحبه من فنون تعبيرية وتشخيصية تساعد المتلقين على فهم أكبر لبذواتهم وذوات المحيطين بهم.
أسباب الاهتمام:
يشير بعض الخبراء إلى أن علم الفلك يمنح شعورًا بالمعنى والهوية والانتماء، لا سيما في أوقات عدم اليقين. كما يمكن أن يكون آليةً للتكيف، إذ يساعد الشباب على فهم المواقف وإيجاد التوجيه. وهذا بالضبط ما تبحث عنه الأجيال الشابة.
ومع أن علم الفلك قد يكون أداةً مفيدةً للبعض، إلا أن هناك مخاطر محتملة مرتبطةً بالاعتماد المفرط عليه في اتخاذ القرارات. كما قد يعاني بعض الأفراد من القلق أو يعتمدون عليه بشكلٍ مفرطٍ في إدارة شؤون حياتهم وهذه سبيلة يجب الانتباه لها.
لماذا
منذ العام 1953 كتب الفيلسوف وعالم الاجتماع وعالم النفس والموسيقي الألماني ثيودور أدورنو عن سبب اهتمام جيل الألفيةبالفلكفقال إن الفلك يجذب "الأشخاص الذين لم يعودوا يشعرون بأنهم أصحاب القرار في مصيرهم". وبما أننا نعيش حالة تزيد فيها مشاعر القلق وعدم اليقين والجميع بحاجة إلى إجابات لا توفقها منصات الذكاء الاصطناعي ولا يمكن ملؤها إلا بخبرة محللي خرائط الفلك وقراء الطالع ومنازل النجوم والكواكب. لما لطاقتها وجاذبيتها من تأثير على الإنسان وعلى بيئته التي يعيش فيها.
حيث يعود نظام دراسة محاذاة النجوم والكواكب للتوقع بالمستقبل إلى أولى الحضارات المعقدة في بلاد ما بين النهرين قبل حوالي 4000 عام. وهذه الممارسة المعروفة أكثر باسم "الأبراج" أو "علم الفلك" لم تختفِ تمامًا. لكننا شهدنا ارتفاعًا عالميًا هائلًا في شعبيتها بين جيل الألفية الغربي وجيل Z في السنوات القليلة الماضية. حيث يبحث هذا الجيل عن المعنى في أماكن مختلفة ومتنوعة وغير نمطية. في عصرٍ قد ينقلب فيه العالم رأسًا على عقب بين عشية وضحاها، يبدو البحث عن التوجيه من النجوم والسماء أمرًا طبيعيًا تمامًا.
زمن اللايقين
وفي أوقات التغيير المجتمعي وأزمنة اللايقين، نشهد غالبًا انتعاشًا في هياكل وأنظمة المعتقدات للمساعدة في توجيه دفة الأمور في عالمٍ يسوده عدم اليقين. حيث يمرّ الشباب بلحظةٍ حاسمةٍ في حياتهم بعد جائحة كوفيد-19 وحرب أوكرانيا والحروب في غزة والسودان وما يرافقها من قلق وكساد اقتصادي وجدل اجتماعي ومناكفات عقائدية. لذا من الطبيعي أن يبحث الشباب عن أنظمةٍ تساعدهم على فهم ما يجري في اللحظة الراهنة وممارسة قدرٍ من التحكم الشخصي فيه. وبدلًا من أن يكون مجرد منظورٍ للمستقبل، يمثّل علم الفلك طريقةً للتفكير في الحياة في الوقت الحاضر بديلًا روحيًا (أو رفيقًا) للدين الرسمي في بيئةٍ عصرية. كذلك يمكن لعلم الفلك أن يساعدك على فهم وتعزيز الإيجابية في حياتك. كما أنه عالميٌّ للغاية. يمكن لأي شخص الوصول إليه، أو اختبار طاقاته، أو اكتشاف شيءٍ فيه يساعده على فهمٍ أعمق لعالمنا المعقّد.
رواج ثقافة الأبراج بين الشباب
تُظهر نظرة سريعة على تطبيق تيك توك 4.4 مليار مشاهدة لمقاطع الفيديو التي تحمل وسم #الأبراج. كما يضم يوتيوب 18,000 قناة متخصصة في علم الفلك بكل لغات العالم. ويضم باتريون صفحات لمنشئي محتوى علم الفلك، مثل iJadee التي تتقاضى 9.99 دولار شهريًا فقط من جميع متابعيها البالغ عددهم 4331. كما تنتشر المؤثرات والمؤثرؤين على منصات التواصل الاجتماعي، وينشرون يوميا آلاف الفيديوهات والمنشورات في خصائص كل برج وتوافقاته وتوقعاته.
أيضًا على مواقع التواصل الاجتماعي، يجمع خبراء الفلك عشرات أو مئات الآلاف من المتابعين. ويناقش الناس تراجع عطارد في الميزان وصعود الزهرة في الأسد. ويصنفون "الأبراج" على أنها أي شيء حرفيًا: سلالات القطط، واقتباسات أوسكار وايلد، وشخصيات مسلسل "أشياء غريبة"، وأنواع الأجبان السايحة وأبطال المسلسلات العربية والتركية والمكسيكية والكورية.
ثقافة شعبية
إذا رأيت أي شخص سريع الانفعال اليوم؛ أعرف أن توقعات علم الفلك وراء ذلك!. لكنعليك التأكد من أنك لست الوحيد الذي على وشك الانفجار وفي وجه من ستنفجر. ولمزيد من التوضيح فإننا عرفنا ذلك من وجود المريخ في برج الأسد يقابل زحل في برج الدلو، وكلاهما يعومان في تربيع أورانوس مع برج الثور!.
علم النفس يوضح
بالنسبة للجمهور العادي ذي الخبرة البسيطة وغير المتعمق في علم الفلك، غالبًا ما يعرف برج الشمس الرئيسي الخاص به أو بالشخص الذي يهمه فقط. أما بالنسبة لمن يمارسون ويتبعون علم الفلك بعمق، فإن التعمق في مخطط ميلادهم أو ميلاد الآخرين يكشف عن جوانب وجوانب متعددة ومتنوعة للشخصية البشرية. على سبيل المثال، معرفة أن "تراجع عطارد" قد يؤثر بشدة على برج القمر لصديقك المفضل (مما يسبب مشاكل في التواصل) وبرج المشتري (مما يسبب مشاكل في الحياة الاجتماعية) يتطلب منك أن تنظر إلى الأشخاص من حولك ككائنات متعددة الأبعاد، وأن تعترف بانتظام بأن الآخرين يمرون بهذه المشاكل بانتظام، وبالتالي، من الطبيعي أن تمر بها أنت أيضًا.
كما إن فهم جاذبية علم الفلك يعني التعود على المفارقات. فهو يبدو كونيًا وشخصيًا في آن واحد، روحانيًا ومنطقيًا، لا يوصف وملموسًا، حقيقيًا وغير واقعي. ويحسب لهذا أن يزيد وعينا بتنوع شخصيات الآخرين وحساسياتهم. من ذا الذي يجادل في أمرٍ قد يدفعنا إلى أن نكون أكثر تعاطفًا مع الآخرين؟ أما بالنسبة لمدى تأثيره على أحداث حياتنا، فـ" تأثير بارنوم" هو العامل الحاسم. يحدث هذا عندما يعطي الناس تأييدًا دقيقًا مثل "رائع، هذا يصفني حقًا!".. لأوصاف سمات الشخصية التي يعتقدون أنها مصممة خصيصًا لهم مثل الميزان، الجوزاء، إلخ. في الواقع، تميل هذه الأوصاف إلى أن تكون غامضة بعض الشيء، وقد تنطبق على كثيرين. لكن بالنسبة لشخص متشائم او يبحث عن بصيص أمل، لنتزعجه بعض التوقعات الإيجابية الإطلاق بل سيكون شاكرًا وممنونًا.