لمناسبة اليوم العالمي لسرطان الرئة اكتشفي طرق الوقاية

لأنفاسٍ آمنة: خطواتٌ علمية للوقاية من سرطان الرئة في يومه العالمي

جمانة الصباغ

في الأول من أغسطس من كل عام، يبرز موضوعٌ صحي خطير ومميت إلى الأضواء من جديد، ليُنذر الناس بأن القرار بيدهم، سواء أرادوا أن يتمتعوا بصحةٍ وحياةٍ جيدة، أو أن يرموا بأنفسهم إلى التهلكة.

لماذا هذه المقدمة الحادة؟ لأنه اليوم العالمي لسرطان الرئة، أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا وخطورةً في العالم، والسبب الأول للوفاة المرتبطة بالسرطان حول العالم.

في هذا اليوم؛ تؤكد منظمة الصحة العالمية على أهمية رفع الوعي حول هذا المرض، كما تُشجَع على الكشف المبكر، وتقديم الدعم للمرضى وأُسرهم. تدعو المنظمة أيضًا إلى اتخاذ العديد من الإجراءات للحد من عوامل الخطر، مثل التدخين والتلوث، وتعزيز البحوث لتطوير علاجاتٍ جديدة.

في عام 2020، سجّل سرطان الرئة حوالي 1.8 مليون حالة وفاة حول العالم، مما يجعله السبب الأول للوفاة بين أنواع السرطان عالميًا كما أسلفنا. وسجل العام ذاته تسجيل 2.21 مليون حالة إصابة بهذا المرض، الذي يُمثَل بالنسبة حوالي 25% من إجمالي وفيات السرطان.

الرجال هم أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الرئة، لكن للأسف بدأت النسبة ترتفع بين النساء بسبب زيادة معدلات التدخين. وتشمل الدول الأعلى في معدل الإصابة المجر، تليها صربيا ثم وتركيا، وفقًا لنسب الإصابة بالمقارنة بعدد السكان.

لمناسبة اليوم العالمي لسرطان الرئة اكتشفي طرق الوقاية  - رئيسية واولى
لمناسبة اليوم العالمي لسرطان الرئة اكتشفي طرق الوقاية

في هذا اليوم، من المهم تسليط الضوء على هذا المرض الخطير، خصوصًا في ظل استمرار العادات السلبية مثل التدخين، وانتشار التلوث البيئي، وتزايد حالات التشخيص المتأخر. وهو ما تباحثنا فيه مع الدكتورة رنا الزعبي، استشارية الأمراض الصدرية في مستشفى الريم أبوظبيwww.reemhospital.com، والتي وافتنا بمعلومات قيَمة لا بد من مشاركتها مع قارئات "هي" العزيزات؛ لتشجعيهن وتحفيزهنَ، كما عهدنا، على اتباع كافة النصائح والإجراءات الوقائية التي تُعزَز حياتهنَ وحياة أحبتهنَ.

فإذا كنتِ مثلي عزيزتي، تهتمين بشخصٍ أو أكثر ضمن عائلتكِ ومحيطكِ ممن يدخنون ولا يقتنعون بوجوب الإقلاع، لكننا نستمر في محاولة إقناعهم بالحُجج والمعلومات القيَمة؛ تابعي القراءة معنا اليوم، للاستزادة بما شاركتنا به الدكتورة الزعبي..

ما هي العلامات المبكرة لسرطان الرئة؟

غالبًا ما يتسلل سرطان الرئة بصمتٍ في مراحله الأولى، لكن هناك بعض العلامات التي تستدعي الانتباه، ومنها:

•       سعالٌ مزمن لا يتحسن مع الوقت، وقد يزداد سوءًا.

•       خروج دمٍ مع السعال أو بلغم مُدمى.

•       ضيق في التنفس حتى مع بذل مجهودٍ خفيف.

•       ألم في الصدر قد يزداد عند التنفس أو السعال.

•       بحة مستمرة في الصوت.

•       فقدان غير مبرر للوزن وفقدان الشهية.

•       التعب العام والإرهاق المستمر.

أيٌ من هذه الأعراض، خاصةً لدى المدخنين أو من لديهم تاريخ مرضي؛ تستوجب زيارة الطبيب فورًا لإجراء الفحوصات اللازمة.

كيف نتجنّب سرطان الرئة؟

الوقاية من سرطان الرئة تبدأ باتخاذ قرارات صحية واعية، لا بدَ من التذكير بها دومًا، كي يُدرك من يُدخن ومن يحيطون بهم، العواقب الخطيرة التي تُحدق بهم في حال استمرارهم في التدخين.

وتشمل تلك القرارات:

1.     الإقلاع عن التدخين: إذ يُعدَ التدخين السبب الرئيسي لما يقارب 85% من حالات سرطان الرئة. وكلما توقفتم مُبكرًا عن التدخين، كلما انخفض خطر الإصابة بشكلٍ كبير. في الحقيقة، أن الإقلاع عن التدخين يُسهم في تحسين صحة الرئتين حتى بعد دقائق وجيزة: بعد 20 دقيقة سينخفض ضغط الدم ونبض القلب إلى المستوى الطبيعي. إن الذين يدخنون غالبًا ما يشعرون ببرودة أيديهم وأقدامهم، ولذلك سيبدأون باستعادة حرارتهم الطبيعية.

ليس ذلك فحسب؛ للنساء نقول، لقد أزلتِ سببًا مهمًا للإصابة بالتجاعيد في الوجه بوقتٍ مبكر جدًا. إذ ستتخلصين من القلق بشأن المواد السامة التي امتصصتها داخلكِ مع كل سيجارة. هذا جزءلإ صغير من الفوائد العديدة الجمة التي يمكنكِ الحصول عليها بعد التوقف عن التدخين خلال دقائق فقط، فماذا عن ثمار الإقلاع الدائم؟ فكرَي في ذلك جيدًا..

2.     الابتعاد عن التدخين السلبي: والمقصود به التواجد في مكانِ للمدخنين، في حال كنتِ لا تُدخنين أو تُقلعين عن هذه العادة حديثًا.

3.     تجنب الملوثات الكيميائية والغازات المشعة مثل الرادون: كونها من الأسباب المباشرة وراء سرطان الرئة.

4.     اتبَاع نمط حياةٍ صحي: يشمل التغذية السليمة والنشاط البدني المنتظم.

5.     الخضوع للفحوصات الدورية: خاصةً للمدخنين أو من لديهم تاريخٌ عائلي للإصابة بسرطان الرئة.

الدكتورة رنا الزعبي استشارية الأمراض الصدرية في مستشفى الريم أبوظبي
الدكتورة رنا الزعبي استشارية الأمراض الصدرية في مستشفى الريم أبوظبي 

ماذا عن السجائر الإلكترونية والفيب، الذي يشهد انتشارًا كبيرًا بين المدخنين حاليًا؟

يعتقد الكثيرون أن السجائر الإلكترونية بديلٌ "آمن" عن التدخين التقليدي؛ لكن الأبحاث الحديثة تُظهر عكس ذلك. فالبخار الناتج عنها يحتوي على مواد كيميائية ضارة، قد تؤدي إلى التهاباتٍ مُزمنة في الرئة، وتُسبَب تغيَراتٍ خلوية تُمهّد للإصابة بسرطان الرئة.

كما أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى أن استخدام السجائر الإلكترونية، خصوصًا لفتراتٍ طويلة أو بشكلٍ مُكثف، قد يكون عامل خطرٍ مستقل للإصابة بسرطان الرئة، حتى لدى غير المُدخنين سابقًا.

في العيادات الصدرية، بدأنا نلاحظ ارتفاعًا بأعداد المرضى الشباب الذين يعانون من أعراضٍ تنفسية ناتجة عن استخدام السجائر الإلكترونية، مثل السعال المزمن وضيق النفس. وهذا مؤشرٌ مُقلق يستدعي وقفةً مجتمعية وتنظيمية.

أحد الشبان في الأردن، عمره 16 سنة فقط، أُصيب منذ فترةٍ ليست ببعيدة بمشكلةٍ صحية يُطلق عليها الأطباء تسمية "رئة الفشار"؛ وذلك جراء تدخينه الفيب بالسر عن عائلته، لمدة عامٍ كامل. نُقل المراهق إلى المستشفى في حالةٍ طارئة بعد تعرَضه لفشلٍ رئوي حاد، لتُشخَص حالته بإصابةٍ خطيرة في الرئتين منعته من التنفس دون دعمٍ خارجي. ومنذ تلك اللحظة، أصبح مضطرا لحمل أسطوانة أوكسجين معه حتى إلى المدرسة.

العديد من الحالات الأخرى المُشابهة، تمَ رصدها في دولٍ عدة؛ ما يُنذر بمشكلةٍ صحية لا علاج لها، وحياة المئات بل الآلاف من الشباب والمراهقين ممن تُغريهم حلاوة الفيب وسهولة استخدامها للتحول من حياةٍ نشطة وصحية، إلى حياةٍ ملؤها التعب طوال السنوات اللاحقة.

لذا فالرسالة واضحة، تؤكد الدكتورة الزعبي: لا توجد "سيجارة آمنة" — سواء كانت إلكترونية أو تقليدية، فإن التأثير على الرئتين وخطر الإصابة بالأمراض الصدرية وسرطان الرئة يبقى قائمًا.

ما هي العلاجات الحديثة لسرطان الرئة، هل تحمل أملًا جديدًأ للمدخنين؟

بالفعل؛ شهدَ علاج سرطان الرئة تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وتُعدَ الإمارات من الدول المتقدمة التي توفر هذه العلاجات، وتشمل:

•       العلاج المُوجّه (Targeted Therapy): الذي يستهدف طفراتٍ جينية مُحددة في الخلايا السرطانية.

•       العلاج المناعي (Immunotherapy): ويساعد الجهاز المناعي على مهاجمة الخلايا السرطانية.

•       العلاج الكيميائي والإشعاعي: الذي لا يزال يلعب دورًا أساسيًا في بعض الحالات.

•       الجراحة: قد تكون الخيار الأمثل إذا تمَ اكتشاف الورم في مراحله المبكرة.

ينتشر الفيب بشكلٍ مخيف بين الشباب ما يُنذر بتداعياتٍ صحية خطيرة
ينتشر الفيب بشكلٍ مخيف بين الشباب ما يُنذر بتداعياتٍ صحية خطيرة

ما دور التكنولوجيا في الكشف المبكر عن سرطان الرئة؟

في دولة الإمارات، بدأ اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصوير المتقدم، للكشف المبكر عن سرطان الرئة، خاصةً لدى الفئات الأكثر عرضةً لهذا المرض المميت مثل المُدخنين. وتُساهم هذه التقنيات في تقليل نسب الوفيات وزيادة فرص النجاة، من خلال التدخل في المراحل المبكرة للمرض.

رسالتي في هذا اليوم، تختم الدكتورة الزعبي: الوعي هو خط الدفاع الأول في مواجهة سرطان الرئة. لا تنتظروا ظهور الأعراض، ولا تستهينوا بالتدخين أو تجاهل الفحوصات الدورية؛ في مستشفى الريم، نؤمن بأن التشخيص المبكر والعلاج المتخصص قادران على إنقاذ الأرواح.

ونحن على استعدادٍ دائم لتقديم الدعم الكامل، من التشخيص الدقيق إلى أحدث خيارات العلاج.