ناصر العوجان  رغم تطوّر الزمن الزمن تظل الموسيقى الحديثة مرتبطة بجذورها

ناصر العوجان يكشف لـ"هي": هكذا نصنع زفّة تُشبه الجيل الجديد وتُلامس قلوبهم

لطيفة الحسنية 
16 يوليو 2025

هو صانع لحظة الدخول، ومهندس الإحساس الأول في ليلة العمر. لا يكتفي بتأدية الزفّة، بل يبتكرها، يُعيد تشكيلها ويرتقي بها لتُشبه من تُصمَّم لأجلها. ناصر العوجان، المنتج الموسيقي ومتعهد الحفلات وصاحب شركة "زفاتكم"، يتعامل مع الزفّة كحالة شعورية فريدة، يرى في كل عروس رواية مختلفة، ولكل عريس نغمة تليق به وحده.

واليوم، وفي زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتشابك فيه الثقافات، لا يُقاوم العوجان التغيير بل يحتضنه. يدمج بين التراث والحداثة، بين الشرقي والغربي، ليقدّم زفّة تُرضي ذوق الجيل الجديد، دون أن يُفرّط بأصالة الهويّة.
في لقائنا معه، نتعرّف إلى رؤيته في الموسيقى، الزفّة، والاختلاف بين الأجيال، ونفهم كيف يمكن للحظة موسيقية واحدة أن تحوّل دخول العروس إلى مشهد لا يُنسى.

  • كيف تختار نوع الموسيقى أو العرض الأنسب للزفّة؟ وما العوامل التي تؤثر في هذا الاختيار؟

اختيار الموسيقى يبدأ، أولاً وقبل كل شيء، بتثقيف العروس موسيقيًا. من المهم أن نقدم لها مادة توعوية تساعدها على فهم الخيارات المتاحة، لتتمكن من اختيار الآلة والنمط الذي يعكس ذوقها وشخصيتها.

        عادةً ما نقسم الآلات الموسيقية إلى أربع فئات رئيسية:

  1. الآلات الوترية مثل العود، القانون، الجيتار، والبزق.
  2. الآلات القوسية كالفيولين، التشيلو، والربابة، وهي آلات يُعزف عليها باستخدام القوس أو العصا.
  3. الآلات الهوائية وتشمل آلات الجاز مثل الساكسفون، الكلارينيت، الناي، والمزمار.
  4. آلات الكيبورد مثل البيانو، الأورغ، والأكورديون.

من خلال هذا التصنيف، نساعد العروس على اكتشاف الآلة التي تناسب ذوقها وتلائم أجواء زفّتها. فكثيرات يُعجبن بصوت آلة معينة دون أن يعرفن اسمها أو خصائصها.

بعد اختيار نوع الآلة، ننتقل إلى تحديد الإيقاع الأنسب: هل هو إيقاع درامز عصري، خليجي تقليدي، أو شرقي كلاسيكي؟ كل تفصيل موسيقي يُسهم في خلق لحظة دخول لا تُنسى.

  • مع دخول الآلات الموسيقية الحديثة والتقنيات الرقمية، هل تغيّر شكل الزفّة الخليجية التقليدية؟ وهل تعتبر هذا التغيّر إيجابيًا أم مقلقًا؟

برأيي، الذكاء الحقيقي اليوم يكمن في دمج الثقافات الموسيقية بطريقة متناغمة. فعندما تُدمج موسيقى أوركسترالية غربية مع آلة عربية مثل العود أو القانون، ويُضاف إليها إيقاع خليجي بنفس النَسَق، نحصل على مزيج موسيقي جميل يعكس روحين مختلفتين في آنٍ واحد.

ولا يتوقف الأمر عند الدمج بين الشرقي والغربي فقط، بل يمكن التوسّع لخلق توليفات موسيقية بين التركي والعربي، أو حتى بين الإيقاعات الخليجية والأنماط العالمية المعاصرة.

من هذا المنطلق، لا أرى في هذا التطوّر أي تهديد للزفّة الخليجية التقليدية، بل على العكس، أراه وسيلة لتعزيز الموروث وتقديمه بأسلوب عصري يُحاكي جيل اليوم، دون أن يفقد أصالته.

  • كيف تصف العلاقة بين الموسيقى ومشاعر العروسين أثناء الزفّة؟ وهل تؤمن أن الموسيقى قادرة على تعزيز لحظة دخول العروس؟

بالتأكيد، فالموسيقى ليست مجرّد خلفية، بل هي تعبير حيّ عن الإحساس، تُترجم المشاعر وتُجسّد لحظة الزفّة بكل تفاصيلها. لكن الأهم من ذلك، هو أن تشبه الموسيقى العروسين. لا توجد "زفّة سيئة" أو "زفّة غير جميلة"، بل هناك زفّة تُشبهك وأخرى لا تُشبهك.

 الموسيقى حالة، ولكل حالة مزاجها وتوقيتها المناسب. هناك موسيقى مثالية لحفل الاستقبال، وأخرى أكثر حيوية تناسب لحظة قطع قالب الحلوى أو فقرات الـDJ. وهناك موسيقى تحملنا إلى عمق الإحساس، تُلامس القلب وتُحاكي الذكرى.

من هنا، نؤمن أن اختيار الموسيقى بعناية يضفي على لحظة دخول العروس طابعًا استثنائيًا، يعكس شخصيتها وشخصية شريكها، ويترك أثرًا لا يُنسى في قلوب الحاضرين.

  • هل ترى أن هناك فرقًا واضحًا بين ذوق الجيل الجديد في الزفّات وذوق الأجيال السابقة؟ وكيف تتعامل مع هذا الاختلاف؟

بغض النظر عن تغيّر الأجيال وتطوّر الزمن، تظل الموسيقى الحديثة مرتبطة بجذورها.فكل ما نسمعه اليوم، مهما بدا جديدًا، يستند إلى إرث قديم جرى تطويره بأساليب معاصرة. لنأخذ مثالًا أغنية "إنت عمري" لأم كلثوم، عمرها يتجاوز الخمسين عامًا، لكنها لا تزال تُعاد توزيعها وتُقدَّم بروح جديدة تُناسب كل جيل.

من هذا المنطلق، لا نرى فجوة حقيقية بين الأجيال، بل نواكب ذوق الجيل الجديد من خلال تقديم الإرث الموسيقي بحلّة حديثة، مع الحفاظ على قيمته الأصلية، فنقدّم شيئًا مألوفًا وفي الوقت نفسه متجدّدًا.

  • ما هو نوع الموسيقى المنتشر حاليًا في حفلات الزفاف؟

أنا شخصيًا لا أتّبع الترندات، لأنني أؤمن أنه لا وجود لموسيقى "سيئة" أو "جيدة" بمعايير عامة، بل هناك موسيقى تُناسب ذوق الشخص وتُعبّر عنه.

الموسيقى التي تواكب الموضة تكون في الغالب مستهلكة وسريعة الزوال.أما ما يترك أثرًا في الزفاف، فهو الموسيقى المصنوعة خصيصًا للمناسبة، التي تُراعي شخصية العروس وتفاصيل الحفل، فتصبح فريدة لا تُشبه أي زفّة أخرى.

  • بالإضافة إلى إبداعك بالزفّات، لاحظنا النصائح القيّمة التي تقدمها للعروسين. أخبرنا تفاصيل  أكثر عن الخدمات  التي توفرها "زفاتكم".

قد يعتقد كثيرون أن "زفاتكم" محصورة فقط بالزفّات نسبة للاسم الذي تحمله، وإنّما "زفاتكم" هو اسم العلامة التجارية فقط، حيث تندرج تحته خدمات متنوّعة ومتعددة، منها صناعة كلّ ما يتعلّق بعالم الموسيقى: نبدأ من إعداد أغانٍ خاصة لكافة المناسبات، وتلك ليست محصورة فقط بالزواج، بل تتعدّاها لمناسبات أعياد الميلاد وذكرى الزواج، وحتى الأغاني الوطنية والأوبريتات. فنحن نقدم خدمات واسعة، أبرزها صناعة الموسيقى كلحن، ومسيرات، وتخرّج،  أي كلّ ما من شأنه أن يُعنى أو يخدم أو يكون تحت مضلّة الموسيقى. ليس هذا فحسب، يل تعمل "زفاتكم" كمتعهد لتنظيم الحفلات، لا سيّما  في ما يتعلّق بتأمين النجوم والفنانين وكل ما تحتاجه المناسبة.

  • ما هي أنواع الزفّات التي تنصح بها للعروس بحسب شخصيتها؟

بفضل الخبرة التي وصلت إليها، نتيجة 22 سنة في العمل بهذا المجال، أصبحت مخوّلاً أن أجعل تصنيف العرائس عندي مندرجاً تحت أربع شخصيات رئيسية: الشخصية الأولى، وهي الشخصية التي قد يصفها البعض بالغرور، فيما أراها صاحبة شخصية ملكية، لا تبتسم كثيراً، وتناسبها  موسيقى الأوركسترا أو الأوبرا، أو الأنماط المماثلة. أمّا الشخصية الثانية، فهي الشخصية الاجتماعية التي تشعرك وكأنّك تعرفها منذ سنوات، بطبيعتها المبتسمة دائماً بطريقة تدخل القلب دون إستئذان؛ هذه العروس يناسبها النمط الشرقي والخليجي، وتحديداً آلتي العود والقانون. أمّا الشخصية الحالمة والخجولة والناعمة التي لا تحب الأضواء، وتعيش الموسيقى التي تسير على إيقاعها بهدوء، فهي بالغالب تعشق آلتي البيانو والكمان.  أمّا الشخصية الرابعة، فهي الشخصية الكلاسيكية، والتي نطلق عليها صفة الموروثية، أيّ العروس التي تفضّل الأساليب القديمة مثل الهبسة، العدة، المختري، الدق والمزاهر، حيث نسعى هنا أن نخلق تناغماً في هذا الإطار من خلال إدخال النمط العصري على الزفّة.

  • بحكم خبرتك الطويلة في مجال الأعراس. كيف تغيّر مفهوم الأعراس في السعودية خلال السنوات العشرين أو العشرة الأخيرة؟

ما أقدّمه اليوم كناصر العوجان في عالم الأفراح وتحديداً الزفات، مختلفاً مجتمعياً عن ما كانت عليه الحال منذ عشر سنوات، حيث كان من الصعوبة بمكان تقبّل أية أفكار جديدة؛ وهذا بالفعل كان أمراً صعباً حتى أقنع مجتمعاً بأكمله أنّ ما أقدمه هو المنهج الحقيقي والمفهوم الصحيح للزفة. ولم تكن الزفة قبل عشر سنوات بنفس أهميتها اليوم، لكن ساهمت مواقع التواصل بدور فعّال لناحية اطلاع السعوديين على كل جديد على صعيد العالم؛ خاصة وأنّ الزفّة هي العامود الفقري للاحتفالية كاملة وهي جوهر الزفاف. لذلك، استطعت أن أقنع الجميع بالبروتوكول الصحيح، وقد كتبت عني إحدى المجلات كيف "أعدت للزفّة مفهومها الصحيح". فشخصياً، أنا لم أبتكر الزفة لكن أخذت المنهج الصحيح وقدمته بمفهوم يليق بثقافة بلدي.