
تسمم الحمل.. اعرفي متى يحدث وكيف يمكنك الوقاية؟
تسمم الحمل من أخطر المضاعفات التي من الممكن أن تصيب الحامل، قد يبدو خفيًا في بدايته، لكنه قد يتطور بسرعة ليعرض حياتها وجنينها للخطر. بالرغم من التقدم الطبي، ما زال تسمم الحمل من الأسباب الرئيسة للوفاة المرتبطة بالحمل في العديد من الدول، خصوصًا في ظل غياب الرعاية الطبية المنتظمة أو تأخر التشخيص.
اليوم ولأهمية هذا الموضوع، كل حامل وكل أسرة ومقدم رعاية صحية على موعد معنا في"هي" حيث تقدم دكتورة عائشة المختار أختصاصية النساء والتوليد، إفادة طبية لفهم تسمم الحمل، ومعرفة أسبابه، وأعراضه وطرق تشخيصه، وكيفية الوقاية منه.

ما هو تسمم الحمل وما هي أعراضه؟
أولًا: ماهية تسمم الحمل
تسمم الحمل هو اضطراب صحي يحدث عادة في النصف الثاني من الحمل، ويُشخص غالبًا بعد الأسبوع العشرين. يتمثل في ارتفاع ضغط الدم بشكل غير طبيعي، إلى جانب ظهور نسبة مرتفعة من البروتين في البول، ما يدل على ضعف في وظائف الكلى أو أعضاء أخرى.
رغم أن ارتفاع ضغط الدم قد يبدو عرضًا بسيطًا ، إلا أن التغيرات التي تحدث بسبب تسمم الحمل تشمل الأوعية الدموية، الكبد، الكلى، والمشيمة، بل وقد تؤدي إلى نوبات تشنجية وفقدان للوعي في الحالات الشديدة، وتُعرف هذه المرحلة باسم تشنجات الحمل (Eclampsia).
ثانيًا: أعراض تسمم الحمل
الأعراض تقودك إلى التشخيص السليم، ومن أبرز أعراض تسمم الحمل ما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم (أكثر من 140/90 ملم زئبقي)
- صداع مستمر وشديد
- انتفاخ مفاجئ في الوجه أو اليدين أو القدمين
- تشوش أو اضطرابات في الرؤية (مثل رؤية ومضات أو نقاط سوداء)
- ألم في أعلى البطن، خصوصًا من الجهة اليمنى (فوق الكبد)
- غثيان أو قيء غير معتاد
- قلة كمية البول
- تسارع نبضات القلب أو ضيق في التنفس في المراحل المتقدمة

من أي شهر يبدأ تسمم الحمل؟
معرفة كيف ومتى يبدأ تسمم الحمل، وما الذي يحدث في جسم الحامل بعد الإصابة به، من الأمور المهم التي يجب أن تعيها كل امرأة في مرحلة الخصوبة والانجاب لتكون على وعي بمخاطر الإصابة به. عادة ما يحدث تسمم الحمل في النصف الثاني من الحمل، وبتحديد أكبر بعد الأسبوع العشرين من الحمل. في بعض الحالات نادرة الحدوث، يحدث التسمم في الأسابيع المبكرة من الحمل.
ما هي أسباب تسمم الحمل؟
تقول دكتورة عائشة المختار" أسباب تسمم الحمل غير معروفة، لكن التفسير الأقوى يشير إلى وجود مشكلة في تطور المشيمة، العضو المسؤول عن تغذية الجنين من خلال دم الأم، حيث تنغرس المشيمة في جدار الرحم وتشكل أوعية دموية خاصة لتسمح بتدفق دم غني بالأكسجين والعناصر الغذائية. في حال لم تتطور المشيمة بشكل سليم، فإن كمية الدم التي تصل إلى المشيمة تصبح غير كافية، ومن هنا يحدث خللًا في بطانة الأوعية الدموية، بسبب إطلاق مواد في دم الأم حيث البدء بالشعور بارتفاع ضغط الدم، وتسرب البروتين إلى البول، ومشاكل في تخثر الدم، ونقص تروية الأعضاء الحيوية، ومن ثم حدوث التسمم الذي يشكل خطورة كبيرة على حياة الأم والجنين على حد سواء.
ما هي العوامل التي تزيد خطر الإصابة بتسمم الحمل؟
تشمل هذه العوامل ما يلي:
- الحمل الأول حيث تزيد فرص حدوث تسمم الحمل عند الحمل لأول مرة.
- الحمل في سن صغيرة جدًا (أقل من 18 سنة) أو متأخر (أكثر من 35 سنة).
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بتسمم الحمل.
- السمنة وزيادة الوزن قبل الحمل.
- الإصابة بأمراض مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، أمراض الكلى.
- أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة أو متلازمة أضداد الشحوم الفسفورية.
- الحمل بتوأم أو أكثر.

ما هي الآثار طويلة المدى لتسمم الحمل؟
تقول د.عائشة أن الآثار طويلة المدى لتسمم الحمل ومضاعفاته الخطيرة هي:
- تشنجات الحمل (Eclampsia):، وهي عبارة عن نوبات تشنجية مفاجئة قد تصاحبها فقدان الوعي، وهذه تعد حائلة طارئة تستوجب اتخاذ الطبيب قرار فوري بالولادة.
- انفصال المشيمة، حيث تنفصل المشيمة عن جدار الرحم قبل الولادة، مما يسبب نزيفًا وقد يؤدي إلى وفاة الجنين، وهي حالة خطيرة جدًا.
- متلازمة HELLP وهو اضطراب نادر لكنه قاتل، لأنه يتسبب في تكسر خلايا الدم الحمراء، وارتفاع إنزيمات الكبد، وانخفاض عدد الصفائح الدموية.
- فشل كلوي أو كبدي.
- نقص نمو الجنين داخل الرحم أو الولادة المبكرة.
- وفاة الجنين أو الأم في الحالات الحرجة.
كيف يمكن تشخيص تسمم الحمل؟
يعتمد ذلك على عدة فحوصات مجمعة مثل:
- قياس ضغط الدم باستمرار
- تحليل البول للكشف عن البروتين
- اختبارات دم لتقييم وظائف الكلى والكبد
- فحص بالموجات فوق الصوتية لتقييم نمو الجنين
- قياس عدد الصفائح الدموية ومستوى الكرياتينين وإنزيمات الكبد
ما هو علاج تسمم الحمل؟
تقول د. عائشة، أن اتخاذ قرار فوري بالولادة من قبل الطبيب هو الحل النهائي لتسمم الحمل، لكن توقيت الولادة يعتمد على حالة الأم والجنين معًا، ومدى تطور مرحلة الحمل. إذا كانت مضاعفات تسمم الحمل خفيفة والجنين لم يكتمل نموه بعد، يتم مراقبة الحالة طبيًا مع متابعة خفض ضغط الدم، وعمل فحوصات دورية بانتظام. أما إذا كانت الحالة شديدة الخطور وذات تطورات متلاحقة وسريعة، وجب اتخاذ قرار الولادة حتى لو كل قبل الأسبوع الـ 37 من الحمل انقاذًا لحياة الأم والجنين.
كيف تحمي الحامل نفسها من تسمم الحمل؟
بحسب د.عائشة المختار، يمكن للحامل تقليل خطر الإصابة بتسمم الحمل باتباع التوصيات الطبية التالية بدقة عالية:
- بدء المتابعة الطبية من أول أسابيع الحمل
- السيطرة على الأمراض المزمنة قبل الحمل
- تناول الأسبرين بجرعة منخفضة إذا أوصى الطبيب بذلك (خصوصًا في حال وجود تاريخ سابق للإصابة بتسمم الحمل)
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وقليل الأملاح.
- ممارسة نشاط بدني معتدل بحسب توصية الطبيب وبعد إستشارته بشأن إمكانية ممارسة الرياضة من عدمه.
- الحفاظ على وزن صحي خلال الحمل وتجنب الزيادة المفرطة.
- متابعة ضغط الدم بانتظام في المنزل وليس أثناء زيارة الطبيب فقط.

خلاصة القول:
إن الإصابة بتسمم الحمل لا تعني حتمية الوفاة. التشخيص المبكر، والمتابعة الدقيقة، والتدخل في الوقت المناسب كفيل بإنقاذ حياة الأم والجنين.
عزيزتي الحامل: لا تنتظري الأعراض وبادري بالمتابعة الطبية الدقيقة من أول الحمل وبابتظام، فكل فحص شهري للحامل يعد وقاية من تسمم الحمل، وكل وعي بالأعراض يعد فرصة لحماية أرواحكما أنتِ وجنينك.
مع تمنياتي لكل حامل بالسلامة والمعافاة الدائمة،،،