الأميرة ايرينا... حائرة على جسر من ذهب
عمرو رضا
سبعون عاما من المعارك قضتها الأميرة الهولندية إيرينا، مرة للحفاظ على عرش أمها الملكة جوليانا ثم تهديده، وللزواج من الرجل الذي تحبه ثم للطلاق منه، وأخيرا من أجل الحفاظ على البيئة والسلام. سبعون عاما من الحروب على جسر من ذهب الملك والحب والإنسانية. ولم تنتصر الا في معركة الحب.
عندما ولدت الأميرة إيرينا إيما إليزابيث في 5 أغسطس 1939 في هولندا، كان عليها أن تحمل فورا لقب أميرة أوران جناسو، وأن تحل ثانية في قائمة ولاية عهد والدتها الملكة جوليانا بعد شقيقتها الكبرى بياتريكس، والأهم ان تثبت أنها "رسول العناية الإلهية" لإنقاذ العائلة المالكة من مخاطر الحرب العالمية الثانية التي اضطرتهم جميعا للهرب الى بريطانيا ثم كندا سرا، ثم العودة للعرش بعد انتهاء الحرب.
وعندما شبت عن الطوق وأثناء دراستها اللغة الإسبانية في مدريد، كانت أمام المعركة الأكبر في حياتها عندما تحدت العائلة المالكة والحكومة الهولندية والبرلمان وقررت أن تتزوج من الأمير كارلوس هوغو، دوق بارما، والمطالب بعرش إسبانيا، ورغم أنها كانت وصيفة الشرف في حفل زفاف ملك إسبانيا خوان كارلوس والأميرة صوفيا من اليونان والدنمارك عام 1962، ورغم من أن زواجها يتطلب تغيير مذهبها من البروتستانتية إلى الكاثوليكية الرومانية، وافقت إيرينا وأصرت على إتمام الزواج من دون موافقة البرلمان ومخالفة للدستور.
فدفعت الثمن فورا بحرمانها من الألقاب الملكية وحذفها من قائمة ولاية العهد، وفى المقابل وافق البابا بولس السادس على أن يعقد قرانها بنفسه في روما في حفل أسطوري في كاتدرائية ديسانتا ماريا ماجوري في روما، إيطاليا، في 29 أبريل 1964. ونقل الحفل خصيصا بالبث المباشر من روما لهولندا حتى يتمكن والد العروس الأمير برينهارد من مشاهدة زفاف ابنته، بعدما فشل وزوجته في تنفيذ خطة عسكرية لإعادتها من مدريد مقر دراستها بعد تهديد الحكومة الهولندية بتقديم استقالة جماعية.
الزفاف الذى كاد أن يضيع الملكية في هولندا كلها، كاد أيضا أن يضيع الملكية في إسبانيا، بعدما تضامنت الأميرة إيرينا مع حق زوجها في تولى العرش وتمتعت بالجنسية الإسبانية، وخاضت معه المقاومة المسلحة بدءا من 8 أبريل عام 1964 وتبرأت منها الحكومة الهولندية بعدها بيومين فقط خشية التورط في حرب مع إسبانيا، وكادت هي نفسها أن تموت في المعارك حتى صدر قرار بطرها من إسبانيا في العام 1977، وبعدها بأربع سنوات فقط كانت إيرينا في أضان والدتها الملكة جوليانا مع اطفالها الأربعة الأمير كارلوس كزافييه (مواليد 1970)، التوائم الأميرة مارغريتا والأمير خايمي (مواليد 1972)، والأميرة كارولينا (1974) وورقة طلاق وقعها كارلوس هوغو عام 1981.
ونظرا لحرمانها من ممارسة الأنشطة المتعلقة بالأسرة المالكة، بدأت إيرينا رحلة جديدة للحرب من أجل السلام العالمي وحماية البيئة دشنتها بحملة عالمية كبرى ضد انتشار الأسلحة النووية، وخاضت حربا حقيقية ضد توسع حلف الأطلسي في مجال الأسلحة غير التقليدية، وقد اتهمتها الصحافة الهولندية وقتها "بالجنون" واقتبست فقرات محرفة من كتابها "حوار مع الطبيعة" للادعاء بأنها تزعم الحوار مع الأشجار والدلافين، ما أضطر الأميرة للهجرة لجنوب أفريقيا في عام 1999 وبدأت نشاطها في مجال حماية البيئة هناك ودعم الأسر الفقيرة.
في احتفالها بعامها السبعين قالت:"كنت أريد دائما أن أكون إنسانةعادية". وأضافت أنها اضطرت إلى "عمل الكثير" لقب والحقيقة أنها كانت أميرة حائرة على جسر من ذهب.
لمشاهدة مراسم الزفاف الأسطوري للأميرة إيرينا: