فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي لـ"هي": طموحي أن إلى العالمية باسم سيدة عربية سعودية

 

تشهد السعودية زخما في إبداع القطاع الفني والموسيقي، وظهور نماذج نسائية سعودية يمارسن مواهبهن وإبداعاتهن ويسهمن في تطوير هذا المجال الإبداعي بفخامة ورقي. انتهزت الفنانة الأوبرالية السعودية سوسن البهيتي الفرص في ظل التحولات والتغييرات التي تسعى إلى دعم الشباب السعودي في شتى المجالات، ولاقت استحسانا عظيما لفن نادر في السعودية أدته باحترافية راقية على أكمل وجه، وكسبت رضى الجمهور بسحر صوتها ومقاماته العالية وحضورها الرائع على المسرح. في حوار خاص بـ"هي" تشاركنا الفنانة الأوبرالية السعودية مسيرتها في عالم فن الأوبرا، والنهج الذي اتبعته في صقل موهبتها ومساعدة الآخرين من خلال إعطاء دروس في تدريب الصوت، مرورا بتحويل أحلامها إلى إنجازات وطنية على أرض الواقع.

حوار: "مشاعل الدخيل" Mashael Al Dakheel
تصوير: "مختار شاهين" Mokhtar Chahine

بداية، أخبرينا بقصة اكتشاف موهبتك.

في عام 2008، أثناء دراستي في الجامعة الأمريكية بالشارقة، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في تخصص الإعلام، رشحني أستاذ الموسيقى لغناء الأوبرا أثناء تجارب الأداء لمادة الكورال لما وجده في صوتي من قابلية. كانت صدمة بالنسبة لي،
حيث لم يخطر ببالي قط أن أحترف الأوبرا.
لكن قررت أن أخوض التجربة، والحمد لله وجدت سعادة كبيرة في غناء الأوبرا تأخذني إلى عالم آخر. بدأت بالتدريبات الصوتية مع دكتورة الصوت وفنانة الأوبرا في ذلك الوقت، وثابرت على التدريبات، وقدمت بضعة عروض أوبرا ومسرحيات غنائية برودوي على مسرح الجامعة حتى تخرجت عام 2011.
وكيف تصفين ردة فعل عائلتك ومن حولك على موهبتك؟ هل ورثتِها من فرد من أفراد العائلة؟
كانت ردة فعل أهلي إيجابية جدا، حيث أبدوا إعجابهم بقدرتي على إتقان هذا النوع من الغناء. لا يوجد أحد من عائلتي يمارس الغناء مثلي، لكن أختي الكبرى لديها صوت غنائي جميل، ولاحظت أن لوالدتي أيضا نغمة جميلة في صوتها، فربما لذلك أثر في خامة صوتي.
هل تذكرين لنا نشاطا أو عملا قدمته لتجربة صوتك قبل صقل موهبتك؟
شاركت في مسابقة موسيقية في الجامعة عام 2007 ، عزفت على الجيتار، وغنيت أغنية Pop إنجليزية، نالت إعجاب الجمهور، وفزت بالمركز الأول بتصويت الجمهور.


هل تعتبرين نفسك أول مغنية أوبرا سعودية؟
بحثت طوال الأحد عشر عاما الماضية منذ بدايتي في غناء الأوبرا عن مغنية أو مغني أوبرا سعودية أو سعودي، ولم أجد أحدا بدأ قبلي.
وماذا يعني لك هذا اللقب أو المسمى في ظل إعلام محلي يبحث عن هذه المسميات في مجالات عدة؟
لم يكن يهمني هذا اللقب على الإطلاق من قبل، حيث إنني لا أهتم بالمنافسة. لكن وجدت أن لهذا اللقب مسؤولية وفرصة جميلة لتقديم فن راقٍ مثل الأوبرا لجمهور لم يتطرق إليها من قبل؛ وهذا شيء يملئني شغفا وطموحا لتقديم أفضل ما لدي لهذا الفن.
ما الآلات الموسيقية التي أجدت العزف عليها من خلال هذا المجال وارتبطتِ بها خلال رحلة اكتشاف موهبتك وصقلها؟
أنا أعزف على الجيتار منذ الصغر، لكن خلال رحلتي مع الأوبرا لم أتعلم عزف آلة موسيقية جديدة بشكل احترافي، لكنني أعزف على البيانو باستخدام سمعي لإيجاد الألحان.

كيف تصنفين نفسك باعتبارك فنانة في قطاع موسيقي قيد التطور ويصنف بغير التقليدي مثل غناء الأوبرا؟
ما زلت في طليعة مسيرتي الفنية، وأعمل بلا كلل لتطوير مهاراتي بشكل مستمر. ومن ناحية أخرى أشعر بالمسؤولية الكبيرة لتقديم هذا الفن بصورة جميلة يتقبلها الجمهور السعودي والعربي.
ما نشاطاتك سابقا في هذا المجال؟ وأين كنتِ تتدربين على الصوت والأداء المسرحي؟
في السابق، قدمت عروضا أوبرالية وبرودوي أثناء فترة دراستي في الجامعة، وقدمت أيضا مسرحية لمنصور الرحباني باسم "صيف 840". شاركت بعد تخرجي في الجامعة في حفل للمواهب الناشئة في دبي، وما عدا ذلك من عروضي كان يقتصر على المناسبات العائلية. ومن ناحية التدريب، مع صعوبة الوصول إلى مدربي صوت مختصين في الأوبرا وانعدام فرصة احترافي في هذا الفن قبل انطلاق الرؤية، كانت تدريباتي مقتصرة على التسجيلات التي احتفظت بها لجلسات تدريب الصوت مع مدربتي الأولى في الجامعة، وكانت تفي بالغرض بالمحافظة على مرونة صوتي وخامته الأوبرالية.
ما أبرز وأهم مشاركاتك بصفتك مغنية أوبرالية في المحافل الوطنية والرسمية؟
مشاركتي الأولى بالطبع حين أديت الفقرة الافتتاحية لحفل أوبرا لاسكالا ميلانو الذي أقيم في الرياض في شهر يوليو الماضي؛ حيث تُعد أكبر مدارس الأوبرا في إيطاليا والعالم. وكذلك مشاركتي في احتفالات اليوم الوطني في السفارة السعودية في برلين، حيث أديت السلام الملكي على الطريقة الأوبرالية. وأكبرها كانت في شهر يناير الماضي، حيث كان أول حفل جمهوري رسمي في موسم الرياض، وكان الحفل يليه حفلان لفنانين عرب على مستوى عال جدا، وهم هاني شاكر وأنغام.
صفي لنا شعورك وإحساسك لحظة أدائك على المسرح السعودي للمرة الأولى؟ هل كان الأمر طبيعيا أم مهيبا لك؟
كانت من أهم اللحظات في حياتي، ولن أنساها طوال عمري. كانت لحظة تغمرها مشاعر كثيرة؛ فرح، فخر، رهبة، توتر.. ومن ناحية أخرى تزامن الأداء مع حزن لوفاة جدتي صباح هذا اليوم الذي أديت فيه للمرة الأولى. كانت فخورة بي جدا للإنجازات التي قدمتها، وكانت دائما تتابع مقابلاتي التلفزيونية؛ فأهديت صوتي ومشاعري ذاك اليوم لجدتي الغالية، رحمها الله.
هل وجدتِ لنفسك مكانا بين الجمهور السعودي؟
فوجئت بسرعة حصول ذلك، لكن نعم لقيت ردة فعل إيجابية جدا وطلبا من الجمهور السعودي لأدائي القادم. سعدت جدا أيضا لكل مشاعر ورسائل الفخر التي وصلتني من متابعيّ على وسائل التواصل الاجتماعي.

الأوبرا ليست غناء فحسب، بل تتطلب مهارة التمثيل أيضا، ما الجهود التي تبذلينها لتتقني الأداء المسرحي المتكامل على المسرح؟
أعترف بأنني أهملت جانب التمثيل في فن الأوبرا في الفترة الماضية، لكني الآن أعمل على صقل مهارتي في التمثيل مع مختصين في المجال.
كيف توصلين إحساسك من خلال الغناء الأوبرالي؟
بصوتي. وهذا تحديدا السبب الذي جعلني أحب هذا الفن، لأنني وجدت في صوت الأوبرا إمكانية رائعة للتعبير عن مشاعري وشخصيتي. ففي غناء الأوبرا اللحظات القوية الصارمة، وكذلك اللحظات الخافتة والرقيقة، كلها أساليب رائعة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس بغض النظر عن اللغة التي أغني بها.
كيف ترين مستقبل غناء الأوبرا عندنا في العالم العربي، ولا سيما في السعودية؟
أتوقع أن يكون له مستقبل رائع جدا إذا وجد العناية والتقديم بالصورة الراقية الجميلة التي يستحقها. وبالطبع أتوقع ظهور لون جديد تضيفه السعودية إلى فن الأوبرا العريق.

هنالك مقطوعات كلاسيكية أتت من العالم الغربي وانتشرت لدينا على نطاق واسع، هل تظنين أن العالم العربي جدير بابتكار مقطوعات موسيقية على المستوى نفسه أو حتى أقوى؟
نعم بالتأكيد، خاصة في العصر الحالي، حيث التواصل مع كل أنحاء العالم بات بغاية السهولة، فيمكننا من خلال المواهب الرائعة التي نكتشفها في المملكة كل يوم أن نعمل مع مختصي فن الأوبرا لدمج الفنون والثقافات، وتقديم مقطوعات موسيقية أوبرالية بحلة عربية وسعودية.

"وجدت أن لقب أول مغنية أوبرا سعودية مسؤولية وفرصة لتقديم فن راقٍ"
ما اللغات الأخرى التي تجيدين الغناء والأداء بها؟ وما طموحاتك وأحلامك على مستوى عالمي؟
أجيد الغناء بالإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والألمانية، والروسية. طموحي أن أصل إلى جمهور الأوبرا عالميا باسم سيدة عربية سعودية أقدم لهم هذا الفن بالطريقة الكلاسيكية والطريقة المبتكرة التي أعمل عليها حاليا.


أنت مدربة صوت معتمدة وتقدمين دروسا في تدريب الصوت في المملكة، هل لديك مساهمات أخرى تقدمينها للمجتمع الموسيقي وتحديدا في الفن الأوبرالي السعودي؟
في الوقت الحالي أعمل مع محبي غناء الأوبرا لإتقان هذا الفن الجميل بتدريبهم بشكل مستمر. أعمل أيضا على تكوين فرقة كورال تقدم موسيقى عربية على طريقة الكورال المبتكرة. ومن ناحية أخرى، أتواصل مع المختصين في مجال الموسيقى الكلاسيكية عموما لتقديم ورش عمل وبرامج لتدريب الموسيقيين والمغنين في السعودية.