ما حقيقة ظاهرة "الانفلونسرز" وأي مستقبل ينتظرها؟

في السنوات الأخيرة حدث تحول كبير في عالم الأزياء، حين بدأت ظاهرة الفاشينونيستا ومؤثري الموضة بالظهور وبالسيطرة على المشهد العام والانتشار السريع بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما الإنستقرام، وقد نجحوا في غضون سنوات قليلة أن يصبحوا قوة لا يستهان بها في مجال الموضة ومختلف مجالات الحياة بما في ذلك قطاع الأعمال الرائدة، واعتبروا ظاهرة فريدة ومهمة. فما الحقيقة خلف هذه الظاهرة وأي مستقبل ينتظرها؟ إليك جميع التفاصيل.

 

ظاهرة مدوني الموضة والفاشينيستا

أول ظهور لمدونات الموضة كان في بداية العام 2002 وفي حينها برز اسم عدد من النساء اللواتي انشأن هذه المدونات واهتممن بالكتابة عن الموضة والصيحات مثل Kathryn Finney مؤسسة مدونة Budget fashionista وDiane Pernet مؤسسة مدونة A Shaded View on Fashion. وبالفعل فقد لفتن أنظار العلامات التجارية الكبيرة ودور الأزياء وبدأن بتلقي دعوات لحضور أسابيع الموضة للكتابة عن عروض الأزياء على مدوناتهم.

ومن بعدها ومع ازدياد انتشار تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بدأت الكثير من الشابات بانشاء مدوناتهن الخاصة لعرض اطلالاتهن عليها وربطها بمنصاتهن على انستقرام وتقديم نصائح عن الموضة والجمال من خلالها ومن هنا بدأ مصطلح فاشينيستا بالانتشار حيث كان يطلق على النساء اللواتي ينسقن اطلالات مميزة ومواكبة لأحدث صيحات الموضة، ليتحول إلى عمل يومي فيه أرباح كبيرة. وقد وصلت عائدات بعض المدونات إلى ملايين الدولارات.

تأثير مدونات الموضة على صناعة الأزياء

الموضة هي صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات ولها تأثير كبير على حياة الأشخاص العاديين بشكل أو بآخر. من ناحية طريقة ارتداء الملابس والشراء وحتى عكس الصورة الذاتية. والموضة تتأثر بالتغيرات الاجتماعية والأحداث العالمية، وهذا التأثير يتمد إلى المشتري، وقد أدرك مدونو الموضة هذا التأثير الكبير للموضة على حياتنا اليومية وقاموا باستغلال الظروف لخدمة مصالحهم، وبدأوا باتباع سياسة الترويج للمنتج على منصاتهم الخاصة مع الوعي للتأثير الذي يمكن أن يحدثوه على متابعينهم المخلصين على هذه المنصات، وقد عكس هذا الأمر علاقة ديناميكية وثقة كبيرة من المدوّن والجمهور الخاص به، أي بمعنى آخر ولاسيما بين فئة النساء أصبح كل ما تروج له الفاشينيستا أو مدونة الموضة شيء أساسي وضروي للشراء بغض النظر عن أهميته الفعلية.

وهنا بدأ القائمون على صناعة الأزياء بإدراك أهمية هذه المدونات لتنشأ علاقة تكاملية بين الطرفين أي أن الدور العالمية أو العلامات التجارية تقوم بتقديم عينات مجانية للفاشينيستا أو مدونات الموضة أو تقوم بدفع مبالغ كبيرة مقابل الترويج للمنتجات على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، وهنا أصبحوا قوة لايستهان بها في عالم الموضة، وأصبح تواجدهم أساسي في مختلف المناسبات والأحداث العالمية.

 

تغيير في المصطلحات لكن النتيجة واحدة

تغيرات كثيرة رافقت التطور السريع لعالم الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل أو بآخر أصبحنا جميعنا مدمنين على استعمال أجهزتنا الخليوية وتصفح الانترنت من خلالها كما أصبحنا جميعنا ميالين للأخبار السريعة وتلقي المعلومات عن طريق هذه الوسائل مثل الانستقرام وتويتر وتيك توك، وهذا ما أدى إلى تراجع دور مدوّنات الموضة واستبدالها بالصفحات الخاصة على وسائل التواصل حيث الوصول لها وتصفحها أسهل، وهنا استبدل مصطلح مدونو الموضة والفاشينيستا بمصطلح "المؤثرين" Influencers من مؤثري الموضة أو المؤثرين في أي مجال آخر.

 

المؤثرون يتحولون إلى مشاهير ونجوم عالميين

تجاوز مؤثرو الموضة حدود العالم الرقمي ليصلوا إلى مكانة المشاهير، وهنالك الكثير من الأمثلة على ذلك وقد جسدت "كيارا فيراني" Chiara Ferragni هذا التحول، فهي مثال حي على كل ما تحدثنا عنه، حيث بدأت مشوارها في عالم الموضة كمدونة وفاشينيستا وأصبحت اليوم نجمة عالمية ورائدة أعمال وقد تم مناقشة حالتها والظاهرة التي أسستها في جامعة هارفرد.

ومثلها عدد كبير من الانفلونسرز اللواتي أصبحن نجمات عالميات، حضورهن أساسي في الصفوف الأولى من عروض الأزياء العالمية وعلى السجادة الحمراء في الفعاليات الكبيرة والمهرجانات العالمية.

 

انتشار عالمي ووجود إقليمي ومحلي

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح العالم فعلياً كقرية صغيرة. ومن هو مشهور في شمال أميركا مشهور أيضاَ في أوروبا وآسيا وأفريقيا أيضاَ. وهذا الأمر ينطبق على ظاهرة الانفلونسرز لكن بالمقابل أيضاَ لاحظنا أن لكل منطقة حصتها الخاصة من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذين يدركون احتياجات المنطقة وثقافتها ومفاهيمها الخاصة ويروجون لمحتواهم بشكل يتناسب مع هذه الاحتياجات، وفي الوطن العربي أصبح هنالك عدد كبير من الانفلونسرز ومشاهير السوشال ميديا الذين يمثلون قوة كبيرة في عالمي الموضة والجمال مثل كارن وزان التي لديها عدد كبير من المتابعين يصل إلى أكثر من 8 مليون.

ونور عريضة التي لديها أكثر من 11 مليون متابع، ونهى نبيل مع أكثر من 12 مليون متابع، وروان بن حسين مع أكثر من 7 مليون متابع والقائمة تطول…

 

ما مستقبل الانفلونسرز مشاهير السوشال ميديا؟

من المرجح أن تشهد هذه الظاهرة انتشاراَ أوسع في السنوات المقبلة ولابد أنها ستصبح أكثر تخصصية. وسيستمر تأثيرها الكبير على القوة الشرائية وعلى الجمهور، وبدأنا نرى منذ الآن أشكال جديدة من المؤثرين مع وجود الذكاء الصناعي حيث أصبح هنالك مؤثرين افتراضيين تقوم شركات التكنولوجيا بابتكارهم وتأسيس منصات خاصة لهم على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يتماشى بطريقة مثالية مع المتابع وما يخفيه المستقبل لا يمكن التنبؤ به لكن طالما منصات وسائل التواصل الاجتماعي موجودة فإن المؤثرين سيستمر وجودهم.

في الختام، غيرت التكنولوجيا وعصر السرعة الكثير من المفاهيم وطريقة تعاطينا مع الواقع وقد شمل هذا التغير عالم الموضة الذي أصبح فيه المؤثرين قوة ديناميكية لا يستهان بها.