يغار من أخيه: ماذا أفعل؟

هي – أسماء وهبة يعيش سعيدا في مملكته الخاصة بين أمه وأبيه... صرخات مولود جديد تثير قلقه وغيرته. وهنا تطرح الأم على نفسها السؤال التالي: كيف يمكن أن أخفف من حدة هذه المشكلة؟ في هذا اللقاء مع "هي" يفصل أخصائي علم الإجتماع السعودي د. محمد إسحاق الموضوع كما يلي: "من الممكن إدراج ما يسمى بالغيرة في خانة الحفاظ على المكتسبات الطبيعية للطفل، وأهمها العلاقة الحميمة مع الأم. وهي علاقة مميزة عن الآخرين، حيث اعتاد الطفل على الاهتمام به من الوسط المحيط، وتلبية ندائه وتحديدا عند البكاء. لكن عند ظهور منافس له في العائلة: أي مولود جديد، يعمل الطفل على كسب مودة الآخرين، للإبقاء على مكتسباته الأساسية. لكن عندما يستنتج الطفل الغيور -ولو بالفطرة- أن الآخرين أي الأهل والمحيطين به حولوا بعض اهتمامهم إلى المولود الجديد، يعمل على لفت نظرهم بكافة السبل، لكن إذا فشل في ذلك يعمد إلى ضرب أخيه مثلا أو إسكاته لكسب اهتمامهم". كيف يجب أن يتصرف الأهل بشكل عقلاني إزاء هذا الواقع؟ لا توجد طريقة علمية للتصرف. صحيح أن الطب النفسي وعلم الإجتماع موجودان، لكنهما يتعاملان مع الطفل على قاعدة وجدانية. لكن يجب وضع الأهل في الصورة الصحيحة تربويا وعاطفيا، بما يسمح باستباق حالة الغيرة والعناد من خلال ما يسمى بـ "تقطير العاطفة" بشكل متساو بين الأخوة. وهذه النصيحة العلمية للأهل تنطلق من ضرورة عدم الإفراط بالعاطفة، والإنجرار وراء أحاسيس الأمومة والأبوة، وضرورة استخدام المعايير المنطقية ذهنيا وعقليا بشكل إيجابي اتجاه الطفل. هل الغيرة هنا تعبير عن ألم يعانيه الطفل؟ الغيرة ليست مصدر ألم، لكنها تسببه، ولا يمكن وصف المعاناة النفسية التي يعيشها الطفل نتيجة الغيرة إلا كما يلي: يعبره إحساس داخلي بأن هناك عملية سلب غير محقة لمقومات ومسلمات باتت من حقه وحده، لكنه قد لا يسترجعها مع ظهور مولود جديد. وهنا تبرز معاناته النفسية، حيث يشعر بالإحباط والضعف وعدم القدرة على بلوغ الهدف، ما يسبب له بدايات انحدار الثقة بالنفس. لذلك يجب تجنب حدوث هذا الشعور عند الطفل في سن الثانية أو الثالثة حتى لا تصاحبه ترسبات في عمر البلوغ. هل تولد الغيرة طفلا عنيدا؟ من الممكن أن يكون الطفل عنيدا. لكن مسألة العناد يمكن أن تترسخ فيه أو يساعد على ظهورها استحالة تجاوب الأهل مع مطالبه. هل تؤدي الغيرة إلى طفل صعب التكيف مع الآخرين عندما يكبر؟ هناك بعض الحالات القليلة، حيث تحجز ترسبات الغيرة مكانا لها عند الكبر. وقد تظهر عبر روح التنافس بين الأخ والأخ بشكل إيجابي. وقد تأخذ معنى الصدام غير المبرر عند البعض الآخر. ما هي النصيحة العلمية التي يمكن أن تقدمها إلى الأم؟ النصيحة الأهم هي: إعطاء الطفل الغيور بعضا من الاهتمام ولو الزائد قليلا، لإمتصاص غيرته،من  دون أن يكون ذلك على حساب بقية إخوته، وخصوصا المولود الجديد الذي يجب أن يحتفظ بحقه في العاطفة والحنان.