المصمم دانيال عيسى لـ"هي": تحمل تصاميمي قدراً من الهدوء والمينيمالية والخيال... والاستدامة جزء من فلسفة التصميم نفسها
أقسى التحديات يمكن أن تكون وقوداً للإبداعات، هذا ما أثبته وشدد عليه المصمم "دانيال عيسى" مؤسس علامة Daniel Essa، الذي بدأ رحلته من لاجئ حرب، ثم شقّ طريقه ليصبح مؤسس علامة فاخرة للأحذية في قلب باريس، محوّلاً قصته الشخصية إلى رؤية للجمال والرفاهية.
تُعرف علامته بشعارها المميز: وحيد القرن، الذي يرمز إلى السحر، والشفاء، والقدرة على تجاوز المستحيل. وتصاميمه هي لقاء فريد بين الأناقة الفرنسية الراقية والحرفية الإيطالية العريقة، وكل قطعة يبتكرها تحمل في طياتها لمسة إنسانية عميقة، من البساطة المينيمالية إلى الرسائل المخفية التي تحمل معاني الحب والسلام داخل كل حذاء.
من الأحذية الرياضية التي غزت عالم الموضة بأسلوبها المبتكر، إلى السجادة الحمراء في هوليوود، حيث تألقت بتصاميمه نجمات عالميات مثل هالي بيري وووبي غولدبرغ. دعونا نتعمق في هذه الرحلة الملهمة من خلال هذا الحديث الخاص مع موقع "هي"، لنكتشف كيف شكّلت الجذور الصعبة رؤيته للفخامة المستدامة، وكيف يواصل "وحيد قرنه" الخاص إرشاده إلى قمة الإبداع العالمي.

رمز علامة دانيال عيسى التجارية هو وحيد القرن، الذي يرمز إلى السحر والقدرة على تخطي التحديات. كيف تعكس هذه الأسطورة قصتك الشخصية - من لاجئ حرب إلى مؤسس علامة تجارية فاخرة في باريس؟
لطالما أسرتني شخصية وحيد القرن؛ ليس بوصفه كائناً أسطورياً فحسب، بل كرمزٍ للشفاء والأمل. فقد قرأت يوماً أسطورة تقول: "من يحظى برؤية وحيد القرن ولو لثوانٍ، تزول آلامه، وتتلاشى مشكلاته، ويبدأ شفاؤه." تعلّق هذا المعنى في ذهني. فعندما غادرت وطني بعد سنوات من الحرب والدمار والفقد، لم أحمل معي سوى الأمل. كان ذلك الأمل هو "وحيد قرني" الخاص — الدليل الخفي الذي ساعدني على تجاوز الصدمات، والتركيز على الضوء القادم، وإعادة بناء حياتي خطوة بعد خطوة.
بالنسبة لي، يرمز وحيد القرن إلى الإيمان بشيء أجمل، إلى القدرة على الشفاء، وإلى تحويل الألم إلى مصدر للإبداع والجمال. لهذا أصبح شعار علامتي. فـ Daniel Essa وُلدت في باريس، مدينة النور، المدينة التي احتضنتني ومنحتني فرصة البداية الجديدة. هناك، تمكّنت من تحويل ذلك الأمل إلى رؤية، وإلى حرفة، وإلى دار أزياء تحمل قصتي في كل تفصيل من تفاصيلها.
كيف ساهمت جذورك ورحلتك الشخصية الصعبة في تشكيل رؤيتك للجمال والرفاهية اليوم؟
لقد شكّلت جذوري ورحلتي الشخصية رؤيتي للجمال بشكلٍ عميق للغاية. فبعد رؤية الحرب — حيث تختفي الأشياء وتنهار وتزول بين ليلةٍ وضحاها — يبدأ الإنسان في النظر إلى العالم بحساسية مختلفة. يبدأ في تقدير التفاصيل والمشاعر واللحظات التي قد يتجاهلها الآخرون.
وبصفتي شخصاً مبدعاً، جعلتني تلك التجربة أشعر بمسؤولية تقديم النقيض تماماً لما رأيته: أن أخلق الجمال والسلام والشاعرية.
لهذا تحمل تصاميمي دائماً قدراً من الهدوء والمينيمالية والخيال — فهي طريقتي في الاحتفاء بكل ما يزهر بعد الألم، وكل ما يعود إلى الحياة من جديد. رؤيتي للفخامة تنبع من هذا التناقض: تحويل الوجع إلى أناقة، واستخدام التصميم كتذكير بأن للجمال قدرة على الشفاء.
تجمع علامتكم بين "الأناقة الفرنسية" و"الحرفية الإيطالية". كيف توازن بين هذين العالمين في تصميم واحد؟ ولماذا اخترت إيطاليا تحديداً لإضفاء الحيوية على تصاميمك الباريسية؟
يلتقي الرقيّ الفرنسي مع الحرفية الإيطالية بشكلٍ طبيعي في أعمالي، لكنّ التوازن بينهما ينبع من أمرٍ أعمق من الإلهام وحده. فأنا أصمّم في باريس، المدينة التي تُجسّد الجمال الأزلي والبساطة الراقية. لكن عملي الإبداعي يعتمد أيضاً على التقنية — على فهم كيفية بناء الحذاء، وما هو ممكن، وما هو صعب، وإلى أي حد يمكننا دفع حدود الحرفة. ولأنني أعرف العالمين معاً — الجانب الفني والجانب التقني — يصبح الحوار بين التصميم والصناعة منسجماً وسلساً. أستطيع أن أبتكر بحريّة، وفي الوقت نفسه أعرف تماماً كيف أُترجم الفكرة إلى قطعة منفّذة بأعلى درجات الإتقان.
كانت إيطاليا خياري الطبيعي، ليس فقط لإرثها العريق، بل لأن أرقى مشاغلها تمتلك مستوى استثنائياً من الخبرة. العمل مع أمهر الحرفيين يتيح للإبداع أن يصل إلى أقصى طاقاته. وفي النهاية، يحدث السحر في تلك المساحة بين الثقافتين: فرنسا تمنح الرؤية… وإيطاليا تمنح الحياة — ودوري هو وصل العالمين بالدقة والخيال.
لماذا اخترت الأحذية الرياضية كنقطة انطلاق؟ وما الذي يميز تصاميمك عن غيرها؟
اخترت أن أبدأ بالسنيكرز لأنني أردت ابتكار قطعة تعكس أسلوب الحياة الحقيقي اليوم — أن تكون أنيقة، متعددة الاستخدامات، مريحة، وفي الوقت نفسه مصنوعة بدقّة وروح الحِرَف الفاخرة. في تلك الفترة، كان العالم يدخل "عصر السنيكرز"، حيث لم تعد هذه الأحذية محصورة بالمناسبات اليومية فقط، بل أصبحت جزءاً من حياتنا كلها — في العمل، وفي المناسبات، وحتى في الإطلالات الخاصة.
ما يميّز سنيكرز علامتي هو هويتها المينيمالية، إلى جانب مفهوم التخصيص الفريد لدينا. ففي موديلات مثل Nous و Toi & Moi، يمكن للعميل تغيير الأشرطة أو الأربطة وتعديل الحذاء فوراً ليناسب أي إطلالة أو مزاج. وهكذا يتحوّل الحذاء إلى قطعة تتطوّر مع صاحبها — قطعة يعود إليها يومياً لأنها تناسب كل شيء، وترافقه في كل مكان، وتصبح جزءاً من أسلوبه الشخصي.
بالنسبة لي، هذا المزيج بين التنوّع، والراحة، والارتباط العاطفي هو ما يجعل سنيكرز علامتنا مختلفة فعلاً في عالم الفخامة.

لماذا كان من المهم بالنسبة لكم منح العملاء هذه الحرية في "تصميم" أحذيتهم الخاصة؟
كان من المهم جداً بالنسبة لي أن أمنح من يرتدي أحذيتي حرية تخصيصها كما يشاء. فقد آمنت دائماً أن الفخامة لا تقتصر على المنتج بحدّ ذاته، بل تشمل أيضاً العلاقة العاطفية التي يبنيها الإنسان مع ما يرتديه. في موديلات مثل Nous و Toi & Moi، جاءت الفكرة من رغبة في إشراك الشخص نفسه في العملية الإبداعية — ليتمكّن من تغيير الأشرطة أو الأربطة، وتبديل الألوان، والتعبير عن شخصيّته بطريقة بسيطة وبديهية. وهكذا يتحوّل الحذاء إلى قطعة شخصية، يشعر صاحبها بأنها صُمّمت خصيصاً له.
كما أن هذه الحرية تعكس أسلوب حياتنا اليوم: نحن نتحرّك كثيراً، وأذواقنا تتغيّر، ومزاجنا يتبدّل، ونحتاج إلى قطع تتطوّر معنا. بالنسبة لي، هذا التفاعل بين الشخص والقطعة يخلق ارتباطاً أقوى — إحساساً بالمتعة والملكية يتجاوز التجربة التقليدية لشراء حذاء
تقوم بنقش رسائل مكتوبة بخط اليد تحمل معاني "الحب والسلام" داخل الأحذية. لمن تُوجه هذه الرسائل؟ وكيف كان رد فعل العملاء عند اكتشافهم لهذه التفاصيل؟
تُعدّ الرسائل المخفية داخل الأحذية من التفاصيل الأقرب إلى قلبي. فنحن نغيّرها كل عام — أحياناً نكتب قبلات، وأحياناً حب وسلام، ومؤخراً أضفنا كلمة Bisou التي أجدها لفتة رقيقة وناعمة للغاية. بالنسبة لي، هذه الرسائل تذكير بأن الفخامة اليوم لا تقوم على المنتج وحده، بل على الشعور الذي يولّده. تخيّل أن تهدي شخصاً زوجاً من الأحذية، وبعد أسابيع تخبره أن ينظر خلف اللسان… ليجد رسالة صغيرة كُتبت له وحده. هذه اللحظة من الدهشة والحميمية والارتباط هي ما أطمح إليه في تصاميمي.
إنها طريقتي في إضافة لمسة إنسانية — همسة هادئة داخل كل حذاء — تجعل التجربة أعمق وأكثر دفئاً، وتتجاوز فكرة الشراء إلى شعورٍ شخصي يحمل معنى.

حدثنا أكثر عن أحدث مجموعاتك. كيف استطعت نقل هوية "دانيال عيسى" المريحة والبسيطة من الأحذية الرياضية إلى عالم الأحذية الرسمية والأحذية ذات الكعب العالي؟
تُعدّ مجموعتي الأخيرة من أقرب الأعمال إلى قلبي، لأنها تمثّل اللحظة التي انتقلت فيها هوية علامتي — الراحة، المينيمالية، والإحساس — من عالم السنيكرز إلى عالم الأحذية الرسمية والكعب العالي. كان التحدّي أن أحافظ على النقاء والبساطة اللذين يحبّهما الجميع في تصاميمي، مع الارتقاء بها إلى مستوى أكثر أناقة ورقياً.
ومن هنا وُلد الكعب المزدوج — ابتكار نحتيّ يجمع بين الجمال والجرأة، وفي الوقت ذاته يمنح ثباتاً وراحة مضاعفة مقارنة بالكعب التقليدي. وهو يعبّر تماماً عمّا أؤمن به: جمال يبدو effortless. ثم جاءت الزهور المطرّزة يدوياً على الحرير والكريستالات — عناصر تضيف الشعر والضوء والإحساس من دون أن تمسّ الهوية المينيمالية للعلامة. كل زهرة تُشكَّل بتقنية النحت، وتُرصّع بآلاف الكريستالات، وتُثبت على قواعد شفافة تجعلها تبدو وكأنها تطفو فوق القدم كقطعة فنية.
بالنسبة لي، تثبت هذه المجموعة أن هوية Daniel Essa يمكن أن تعيش في أي فئة — سواء في سنيكرز أو كعب عالٍ — طالما ظلّ التصميم نقياً، والخطوط أنيقة، والمرأة تشعر بالثقة والراحة والجمال على طبيعتها.
من بدايات صعبة إلى السجادة الحمراء في هوليوود، رأينا نجمات عالميات مثل هالي بيري وووبي غولدبرغ يرتدين تصاميمك. ما هو شعورك عندما رأيتم هؤلاء النجمات لأول مرة يرتدين أحذيتك؟
كانت المرة الأولى التي رأيت فيها إحدى أيقونات العالم ترتدي من تصاميمي لحظةً تختلط فيها الدهشة بالامتنان وبمشاعر عميقة يصعب وصفها. فأنا أنحدر من خلفية مليئة بالتحديات، ومن رحلة طويلة أعدتُ خلالها بناء حياتي ومسيرتي من الصفر. ولهذا، رؤية شخصيات مثل هالي بيري أو ووبي غولدبيرغ يتألّقن بأحذيتي لم تكن مجرد “لحظة موضة”، بل كانت شيئاً أكبر بكثير. كان الأمر أشبه بتأكيد داخلي بأن كل تضحية، وكل مخاطرة، وكل ليلة عملت فيها وحدي لبناء هذه العلامة… لم تذهب سدى.
وما أثّر فيّ أكثر من البريق هو أن هؤلاء النساء — القويات، المؤثّرات، الملهمات — اخترن التعبير عن أنفسهن من خلال قطعة صُنعت بيديّ وبقلبي، وانطلقت من ظروف صعبة جداً إلى منصات عالمية. إنها تذكير بأن الأحلام التي تولد في أصعب اللحظات يمكنها أن تشقّ طريقها إلى أبعد مما نتخيّل، إذا آمنّا بها وسعينا خلفها بلا تراجع.



في عالم يهيمن عليه جنون الموضة السريعة، تلتزم علامتك بالاستدامة وتجنب استخدام البلاستيك في التغليف. كيف تثبت أن الفخامة والمسؤولية البيئية يمكن أن تتعايشا دون أي تنازلات؟
بالنسبة لي، الاستدامة ليست توجّهاً عابراً، بل هي مسؤولية. وأؤمن أن الفخامة الحقيقية كانت دائماً مرتبطة بالاحترام: احترام المنتج، واحترام الحرفة، واحترام العالم الذي نعيش فيه. في علامة Daniel Essa نتجنّب استخدام البلاستيك بالكامل في التغليف، ونعتمد فقط على مواد قابلة لإعادة التدوير، متينة، ومن مصادر مسؤولة.
لكن الاستدامة لدينا لا تقتصر على التغليف — فهي جزء من فلسفة التصميم نفسها. فمثلاً، السنيكرز لدينا يقوم على مفهوم التخصيص الذي يسمح لمن يرتديها بتغيير مظهر الحذاء وإعادة ابتكاره بطرق لا حصر لها. فلماذا يشتري الشخص عشرة أحذية بينما يمكن لحذاء واحد جميل ومتعدّد الاستخدامات أن يرافقه في كل مكان؟ هذا الأسلوب بطبيعته يقلّل من الاستهلاك المفرط، وهو أحد أكبر تحديات عالم الموضة اليوم.
إن الفخامة والمسؤولية البيئية يمكن أن يجتمعا تماماً — فعندما نصمّم بوعي، ونختار المواد الصحيحة، ونبتكر قطعاً مصنوعة لتعيش طويلاً، تصبح الاستدامة امتداداً طبيعياً للأناقة… لا تنازلاً عنه.
هل لديك مشاريع قادمة تطمح إلى تحقيقها؟
نعم، بالتأكيد — مستقبل العلامة يحمل الكثير من المشاريع والطموحات. رؤيتي هي الاستمرار في توسيع عالم Daniel Essa خطوة بخطوة، وبوعي كامل، مع الحفاظ دائماً على الجماليات، والراحة، والحرفية التي تميّزنا. فنحن نعمل على فتح فئات جديدة في كل موسم — من مجموعات الكعب العالي والقطع ذات الطابع الكوتور، وصولاً إلى خط الأحذية الرسمية للرجال قريباً — وجميعها تحمل الـDNA نفسه الذي يعرّف العلامة: خطوط نظيفة، ابتكار واضح، وإحساس حاضر في كل تصميم.
وفي الوقت نفسه، أعمل على تعزيز حضورنا الدولي وتوسيع انتشارنا في أسواق عالمية مهمة، إضافة إلى التعاون مع مواهب استثنائية تشاركنا القيم والرؤية نفسها. بالنسبة لي، المستقبل هو عن النمو — ولكن نمواً قائماً على أسس متينة، وتصاميم هادفة، ومنتجات يحتاجها الناس ويحبونها فعلاً.