"جيجر-لوكولتر x أوليــفـكـــوت" قصة مصورة رقمية لساعة "ريفيرسو" الخالدة
حوار: Joelle Tamer
وسط الأجواء الإبداعية التي شهدها أسبوع دبي للتصميم، التقينا مصممة القصص المصورة الرقمية "أوليفكوت" Olivecoat خلال زيارتها إلى دبي، حيث جاءت لتشارك دار "جيجر-لوكولتر" Jaeger-LeCoultre الكشف عن تجربتها الغامرة "قصص ريفيرسو" Reverso Stories، الفعالية التي تعيد استكشاف إرث إحدى أكثر الساعات الأيقونية في تاريخ صناعة الساعات، وتقدّم حكايتها عبر 4 فصول تدمج بين التاريخ، والابتكار، والتصميم، والحرفية.
في جناح "قصص ريفيرسو" المؤقّت، الذي استقبل زوّاره من الـ4 إلى الـ16 من نوفمبر، أخذت الدار العريقة الجمهور في رحلة بصرية وثقافية نادرة تجمع بين أرشيف لا يُرى عادة، وبين قطع معاصرة محدودة الإصدار، في تجربة تعكس جوهر برنامج "ما أبدعته يد الصانع" Made of Makers™ الهادف إلى ربط العالم الرفيع لصناعة الساعات بعوالم الإبداع الأخرى. ومن بين المحطات الفنية الثلاث التي يقدّمها البرنامج هذا العام، تبرز تجربة "أوليفكوت" التي كُلفت ابتكار قصة مصوّرة رقمية تعيد تخيّل تاريخ ساعة "ريفيرسو" من منظور جديد يجمع بين الشرق والغرب. بأسلوبها المميّز الذي يزاوج بين الـ"مانغا" اليابانية والقصص المصوّرة الغربية، أضفت "أوليفكوت" روحا مرحة وعمقا إنسانيا على شخصيات ظهرت قبل نحو قرن، لتجعلها تنبض بالحياة من جديد عبر سرد بصري يواكب العصر. تحدّثنا معها عن هذه الشراكة الاستثنائية، وعن كيفية تحويل ساعة ابتُكرت في ثلاثينيات القرن الماضي إلى رواية رقمية تتجاوز الزمن، وتفتح بابا جديدا للحوار بين الحرفية التقليدية والفن الحديث.. وهنا تفاصيل اللقاء.

كيف بدأت هذه الشراكة مع "جيجر-لوكولتر"، وما كان انطباعك الأول عندما دُعيتِ لإعادة تقديم قصة "ريفيرسو"؟
عندما وصلني بريدهم الإلكتروني للمرة الأولى، لم تكن لدي معرفة واسعة بالدار، فلم يسبق أن صادفت أعمالهم شخصيا. خلال اجتماعنا الأول، شرحوا لي جوهر قصة "ريفيرسو"، وسألوني إن كنت أستطيع تصور تحويلها إلى قصة مصورة رقمية. وجدت الفكرة مشوّقة للغاية. لم أسمع من قبل عن دار لصناعة الساعات تكلف فنانا إنتاج قصة مصورة رقمية، وربما يكون المشروع الأول من نوعه. كان ذلك مفاجئا، وجديدا، ومحفّزا للإبداع.
برنامج "ما أبدعته يد الصانع" Made of Makers™ يحتفي بالإبداع عبر التخصصات. كيف تعاملتِ مع مزج عالمي صناعة الساعات والفن الرقمي من خلال القصة المصورة الرقمية الخاصة بـ"ريفيرسو"؟
تركّز حبكتنا على ساعة واحدة محددة: "ريفيرسو"، أيقونتهم الأكثر شهرة. بدل الغوص في التفاصيل التقنية لصناعة الساعات، بنينا القصة حول الشخصيات الإنسانية خلف ابتكارها: "سيزار دو تري" César de Trey، رائد الأعمال صاحب الرؤية، و"جاك-دافيد لوكورتر" Jacques-David LeCoultre، صانع الساعات البارع. وبصفتي جديدة على هذا العالم، أعتقد أن هذا النهج يجعل القصة سهلة وممتعة لأي شخص يتعرّف إلى "ريفيرسو" للمرة الأولى.
باعتبارك مبدعة ماذا تمثّل "ريفيرسو" لكِ، سواء كقطعة حرفية أو كرمز للتصميم الخالد؟
عندما رأيت "ريفيرسو" للمرة الأولى، أدهشتني جماليتها، خطوطها المستوحاة من الآرت ديكو جريئة وأنيقة في آن. من اللافت أن ساعة ابتُكرت قبل نحو قرن ما زالت تبدو عصرية وقابلة للارتداء اليوم. هذا الإحساس بالخلود ألهم مقاربتنا السردية؛ أردنا لشخصيات من الماضي أن تبدو نابضة بالحياة، وكأنها موجودة بيننا اليوم.
تعيد القصة المصورة الرقمية الخاصة بـ"ريفيرسو" تخيّل لحظة تاريخية من خلال السرد الروائي. كيف وازنتِ بين الحفاظ على إرث "ريفيرسو" وإضافة لمستك الفنية الخاصة؟
بدأنا من الشخصيتين المحوريتين في ابتكار "ريفيرسو"، لكنني شعرت بأن بناء قصة مصورة قوية يحتاج إلى طاقم أوسع. فتحت "جيجر-لوكولتر" أرشيفها وساعدتنا في التعرف إلى شخصيات إضافية تعود إلى تلك الحقبة. قد لا تكون هذه الشخصيات أساسية في قصة اختراع الساعة، لكنها أضافت عمقا وحيوية وغنى سرديا إلى العالم الذي كنّا نبنيه.

ما العناصر المستوحاة من التقاليد البصرية الشرقية، مثل الـ"مانغا" أو تقنيات السرد الرقمي، التي أدرجتها في القصة المصورة؟ ولماذا؟
أسلوبي الفني يتشكل بشكل تلقائي من مزيج بين الـ"مانغا" والقصص المصورة الغربية، إنهما موجودان دوما في عملي. على سبيل المثال، يظهر أسلوب "تشيبّي" chibi في القصة؛ تحويل وجه واقعي إلى نسخة صغيرة ولطيفة يضفي روحا مرحة وتباينا عاطفيا. كما استخدمت تقنية الـ ellipses الشائعة في الـ"مانغا"، والتي تعبر عن الصمت أو مرور الزمن بشكل خفي. هذه اللمسات تضيف خفة وإيقاعا ينسجمان مع الطابع التاريخي للقصة.
كيف ترين أن السرد الرقمي يشكل جسرا بين الثقافات، تماما كما تسعى "جيجر-لوكولتر" لربط الكلاسيكي بالمعاصر؟
القصص المصورة الرقمية تتجاوز الحدود ببساطة، لأنها تعيش على الإنترنت، يمكن لأي شخص يمتلك اتصالا بالويب أن يقرأها. هذا الوسيط عالمي بطبيعته، ويخاطب بشكل خاص الجمهور الشاب، والسرد الرقمي يمكّنهم من التواصل مع قصص وثقافات وتواريخ تتجاوز عالمهم المباشر.
قصة "ريفيرسـو" تــــدور في ثلاثينيات القرن الماضي. هل كانت هناك تفاصيـــل أرشيـــفــيـــة أو عنــــــاصر تـــصـمـــيم تراثية من "جيجر-لوكولتر" أثرت في عملكِ بشكـــــل خاص؟
شاركت الدار القصة بالتفصيل، إلى جانب صور أرشيفية. كان لـ"جاك-دافيد لوكولتر" عدة مراجع بصرية، أما "سيزار دو تري"، فلم يكن هناك سوى صورة واحدة باقية له. اعتمدت بالكامل على هذه الصورة الوحيدة لبناء ملامح شخصيته، وتخيلت بقية شخصيته بصريا انطلاقا من هذا المرجع الوحيد.
برنامج Made of Makers™ يحتفي بدفع حدود الإبداع مع احترام التقاليد، وهي فلسفة تعكس أيضا جوهر عملك. ماذا يعني لك هذا التوازن شخصيا؟
يذكرني ذلك بالطريقة التي يتعامل بها الفنانون مع التكنولوجيا اليوم. تظهر أدوات جديدة باستمرار، تجعل العمل أسرع وأسهل، ومع ذلك يختار الكثير منا الرسم يدويا. يعجبني كثيرا كيف تحافظ "جيجر-لوكولتر" على حرفيات تعود لقرون، لكنها في الوقت نفسه تحتضن الابتكار. بالنسبة إلي، الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مفيدة، لكنها لا تستطيع أن تحل محل الصوت الإنساني، واللمسة الشخصية، والفرادة التي تميز الإبداع الحقيقي.
ماذا علمتك هذه الشراكة عن الحرفية والزمن، سواء كمفاهيم فنية أو كتجارب إنسانية؟
جعلني هذا المشروع أتأمل الزمن بعمق، وكيف يعمل داخل السرد القصصي. القصص المصورة الرقمية قادرة على التنقل بين اللحظات بسلاسة، ساعات، أيام، وحتى عقود قد تمر داخل بضع إطارات. كقارئ، تنتقل إلى عالم آخر، زمن آخر، حياة أخرى. جعلني ذلك أقدّر كم حياة نعيش من خلال القصص، وكم تصبح تجاربنا غنية عندما نملؤها بحكايات تجمع بين الماضي والحاضر.