الترف الواعي: Stella McCartney تختتم أسبوع الأزياء في الرياض 2025
في ختام أسبوعٍ أعاد صياغة مشهد الموضة السعودية، جاءت "ستيلا مكارتني" لتضع النقطة الأخيرة، أو ربما البداية الأوضح. عرضها في حيّ الملك عبدالله المالي لم يكن حدثًا احتفاليًا فحسب، بل موقفًا فكريًا يختبر معنى الفخامة حين تتقاطع مع الوعي، وحين تتحوّل الموضة إلى وسيلة لإعادة تعريف علاقتنا بما نرتديه.

منذ انطلاقتها في بدايات الألفية، لم تتعامل "مكارتني" مع التصميم كترفٍ بصري، إنما كمنظومة قيم. ابنة جيلٍ عرف الشهرة والموسيقى، لكنها اختارت أن تبني إرثها على الاستدامة والصدق الإبداعي. قدّمت أزياء لا تبحث عن إبهارٍ عابر ولكن عن أثرٍ طويل المدى، حيث تتحوّل الخياطة إلى التزام، والنسيج إلى وعد.

في الرياض، كشفت عن مجموعة ربيع 2026 إلى جانب مختارات من خريفها السابق، لتقدّم حوارًا بين المواسم، بين ما مضى وما يُعاد تخيّله. المواد جاءت كبيانٍ بيئي متكامل: جلود نباتية من الفطريات، ترتر نباتي بالكامل، حرير مُعاد تكوينه، وشبك عضوي يتحلّل دون أن يخلّف أثرًا. كل قطعة بدت كأنها تجربة فكرية تُعيد تعريف معنى الأناقة من خلال الوعي بالبيئة، مع احتفاظها بدقّة البناء وأناقة الصنعة.
أما في السياق الثقافي، فحضور المصمّمات السعوديات ورائدات الأعمال إلى جانب جمهور عالمي منح العرض بعدًا مختلفًا. المنصّة لم تكن مسرحًا للعرض فقط، بل مساحة حوار بين فلسفة "مكارتني" عن “الفخامة الواعية” ومسار السعودية في بناء اقتصادٍ إبداعي يضع الحِرفة في صميم التحوّل. كان المشهد إعلانًا عن توازنٍ جديد بين الجمال والمسؤولية، بين الصنعة والفكر.

في زمنٍ تحكمه السرعة والاستهلاك، جاءت "مكارتني" بعرضٍ يتأنّى. أزياء تتحرّك بخفّةٍ محسوبة، تحمل هندسة صارمة بقدر ما تحمل رهافة، لتقول إن الرصانة لا تعني الجمود، وإن التجديد الحقيقي يولد من الدقّة لا من المبالغة. كانت تلك أناقة ناضجة، تعرف وزنها وتدرك أثرها.
بختامها لأسبوع الأزياء في الرياض، تركت Stella McCartney رسالة واضحة: المستقبل لا يُقاس بكمّ الصيحات، بل بعمق الفكرة. أن تكون الأناقة وسيلة وعي، وأن تُصنع الموضة من فهمٍ ومسؤولية. ومع نهاية العرض، بدت الرياض كأنها دخلت فصلًا جديدًا من تاريخها الإبداعي، فصلًا تُقاس فيه الفخامة بالصدق قبل اللمعان.
