
WHEN MUSIC WALKS... موسيقيون يسيرون على منصات العروض
موسما بعد آخر، تتشابك الخطوط الفاصلة بين الموسيقى والموضة أكثر فأكثر، ولم يعد الموسيقيون يوفّرون موسيقى عروض الأزياء فحسب، بل أصبحوا أيضا يسيرون على منصاتها بأنفسهم، حاملين إلى مشهد الموضة نجوميتهم وأذواقهم الفريدة. وقد أعطانا هذا المزيج بين الصوت والأناقة لحظات أيقونية انتقل فيها الفنانون بسلاسة من المسرح إلى منصة العرض.

يتعاون المصممون مع الفنانين الموسيقيين ويختارونهم لعرض أزيائهم منذ وقت طويل، ولأسباب عديدة. وسواء كانت خطوة استراتيجية أو ثقافية أو إبداعية، فإن الأسباب تجمع الموضة بالقوة العاطفية للموسيقى لعروض يتردد صداها بعيدا عن منصاتها. عندما تمشي فنانة عالمية مثل "مادونا" أو "دوا ليبا" على خشبة العرض، ذلك يزيد على الفور انتشار العرض بشكل كبير، فيجذب المعجبين بالفنانة، ويعزز التغطية الصحفية، ويهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي. ونظرا لأن عروض الأزياء أصبحت مسرحية أكثر، فإن الفنانات خيار ملائم لإضفاء حضور ديناميكي وحركة وإيقاع، وهو ما قد لا نجده مع العارضات التقليديات، وكأنهن "يؤدّين" الأزياء ولا يلبسنها فقط.

Jean Paul Gaultier في عام 1994
تميل دور الأزياء إلى اختيار المغنيات اللواتي يجسّدن مزاج المجموعة أو رسالتها. من تمرد البانك إلى الحركة المستقبلية الأثيرية أو الحسّية الفاخرة، إن الفنانات يعشن هذه السرديات ويتنفّسنها، ويستطعن الارتقاء بها مع كل خطوة يمشينها. عندما سارت "دوجا كات" في عرض الأزياء الراقية لدار "سكياباريلي" في عام ٢٠٢٣، وهي متزيّنة بكريستالات "سواروفسكي" الحمراء، سرقت الأضواء بإطلالتها التي يختلط فيها الكوتور بالخيال العلمي.

أما شخصية "ليدي غاغا" الغريبة وجمالياتها القوية، فأوصلتها إلى الظهور في عروض أزياء دراماتيكية رائعة. من تبخترها الشهير في عرض "تييري موغلر" إلى الإطلالة المموهة للحدود بين الأنثوي والذكوري لدى "ألكسندر ماكوين"، استطاعت شخصيتها دائما إضافة طاقة استعراضية ومحرّكة للمشاعر؛ ولا يمكن إلا للموسيقيين الذين يتمتعون بهذه الشجاعة والقوة أن يحققوا هذا التوازن.

بما أن الموضة والموسيقى تنطلقان بشكل كبير من الهوية، يبدو أن العلامات التجارية للأزياء تستعين بفنان موسيقي للتلميح إلى اتجاه جديد. كان اختيار "دوناتيلا فيرساتشي" للمغنية "دوا ليبا" مقصودا، بهدف جذب جمهور أصغر سنا وعصريا أكثر إلى عالم دار الأزياء الإيطالية، وقد نجحت هذه الخطوة البسيطة في تحقيق هذا التحوّل.


إن ظهور نجمات موسيقى البوب على منصات العروض يحدث ضجة كبيرة في أكثر من قطاع. فتغطّيه وسائل الإعلام المتخصصة في الموضة، وتلك المتخصصة في الموسيقى، وينشر خبره معجبو الفنانات. ويؤدي هذا التآزر في كل مرة إلى تضخيم التأثير العميق لكل من الفنان والعلامة التجارية. فإذا أطلق المغنّي أغنية منفردة أو ألبوما جديدا في وقت قريب من العرض، يمكن لكلتي الحملتين الرفع من شأن الأخرى بشكل استثنائي. كما أن اختيار مغنية بدلا من عارضة أزياء محترفة يكسر صلابة التقاليد، ويشير إلى أن العرض لا يتعلق بالجمال فقط بل يتعلق بالموقف والرسالة والمعنى، وهو ما ينطبق بشكل خاص على المصممين المستقلين أو الطليعيين لتحويل خشبة العرض إلى لحظة إعلامية خاصة بهم تعيد تسليط الضوء على هوية علاماتهم.
في عالم الموضة، تخطف نجمات البوب الأضواء بشكل متزايد، ليس فقط بصفتهن مؤديات بل بصفتهن عارضات أزياء يتألّقن على منصة العرض. ويضفي حضورهن مزيجا فريدا من الجاذبية الموسيقية والحسّ المستقبلي للموضة.