بالخطوات والمراحل.. كيف تتخطى الأم ألم وفاة طفلها بعد الولادة؟

كريستيانو رونالدو وجورجينا رودريغز أعلنا خبراً حزيناً للجمهور الذي تعاطف مع الثنائي الشهير، بعد وفاة ابنهما الرضيع بعد لحظات من ولادته، ونشر رونالدو خبر استقبال طفلته ووفاة شقيقها التوأم بعد لحظات من ولادة جورجينا رودريجز لهما. فعلاًـ كم هي قاسية ومريرة لحظة فراق الأم لوليدها وطفلها الذي عاش في أحشائها 9 أشهر، وشاركها فيها تفاصيل عدة، تسكن قلبها ولا ينطق بها لسانها، ولذلك لا أحد يستطيع أن يشعر بكم المعاناة التي تصيب الأم عند وفاة طفلها بعد الولادة، إنها اللحظة الأصعب والأكثرة قسوة على قلبها وكيانها، فطالما باتت تحلُم بلحظة ولادته، وكانت بالأمس القريب تتحدث إليه ويسمعها وهو حياً في أحشائها، وعندما جاء إلى الدنيا لم يعد بإمكانها الحديث معه، ولم يعد بإمكانه سماعها رغم وجوده معها في نفس الزمان والمكان، لأنه فارق الحياة. 

وكم هي مظلمة مشاعر الأم في تلك اللحظة واللحظات التي تليها، وكذلك الساعات، والأيام، بل والسنين أيضاً، فهل من سبيل لدعمها والوقوف بجانبها هي وكل أم أخرى ذاقت مرارة وداع الأبناء.

مراحل تمر بها الأم بعد صدمة وفاة طفلها

كيف تتخطى الأم ألم وفاة طفلها بعد الولادة

قال محمد حسام الدين أخصائى صحة نفسيه وعلاج نفسى كلينيكى، "وفاة الأبناء ليست كوفاة الآباء، لأن وقع وفاه الابن على الأبوين، وخصوصاً الأم يكون كالصاعقة التي تصدم كيانها من الداخل الى الخارج، والقصد من الداخل هو النفس بمستوياتها تفكير ومشاعر وحتى على الجسم ومن الخارج في السلوكيات التي تسلكها الأم"

وأشار حسام الدين أنه يجب النظر إلى هذا الأمر بعين فاحصه لأنه مزيج يجمع بين التعرض لصدمه وفقدان عزيز وقلق واكتئاب محتمل من الموقف، إضافة إلى إكتئاب ما بعد الولادة الذي له أسباب أخرى بعيدة عن الصدمة، لذا وجب من الجميع تقديم الدعم الحقيقي والمساندة وتوفير الأمان الكامل للأم.

مراحل

وأوضح حسام الدين أن مراحل استقبال الصدمة عند الأم تبدأ بإنكار حقيقه وفاة الطفل ورفض تصديق الأمر، وهي مرحلة قاسية تلحقها موجه عنيفة من الغضب تعبيراً عن رفضها لتصديق الخبر، إلى حد يجعلها تصف أن ما تمر به ليس عدلاً.

وبعد مرحلة الإنكار تأتي مرحلة المساومة مثل قول "يا رب خد من عمرى واديله – افعل أي شيء لكن رد طفلي لي"، بعدها تنتقل إلى مرحلة الإكتئاب بعد يقينها بأنه لا جدوى من الإنكار والمساومة، وتسليمها بالواقع ألا وهو وفاة طفلها، وهنا يحتمل الأمر أحد أمرين إما التقلب بين اكتئاب ورفض وغضب وقلق أو تقبل واحتساب ثم خروج آمن من الصدمة.

كيف تتخطى الأم ألم وفاة طفلها بعد الولادة

الدعم النفسي

قال حسام الدين أن دور المحيطين في تقديم الدعم النفسي الكامل في تحقيق خروج آمن للأم من الصدمة يجب أن يكون بنفس مستوى الصدمة، حتى يؤتي ثماره.

وبحسب حسام الدين، يجب أن يكون الدعم النفسي كما يلي:

الدعم النفسي الديني

كأن يدعم المحيطين الأم بعبارات لها علاقة بالدين والعقيدة مثل: "هذا ليس خطؤك وقدر الله وماشاء فعل"، - وكذلك الحديث عن الصبر والاحتساب في تلقى المصائب وإيضاح فوائد معنى الصبر وأنه يجب أن يكون عند الصدمة الأولىة أي أول سماع الخبر وتلقي الصدمة.

الدعم النفسي المرحلي

كأن يكون هناك دعم للأم لكل مرحلة من مراحل الحزن مثل : حقيقة وفاه الرضيع، واحتوائها وتأكيد عيني مادى ملموس لها بأنه يقيناً قد توفى، ثم احتضان الغضب التالي لتأكيد وفاه الرضيع بدون تركها بمفردها مطلقاً أو منعها من إظهار غضبها لكن بتهدئتها تدريجياً ويفضل أن يكون الزوج والأب متواجدين إن أمكن، أو أحد رموز الأمان بالنسبة لهذه الأم، وذلك لإحتواء نوبات الغضب القصيره التي تتمثل في الفزع والقلق الشديد والتي تصيبها أثناء حزنها على وليدها.

كما أشار حسام الدين إلى أهمية دعم الأم في مرحلة المساومة، لتعديلها في قول عبارات رقيقة برفق وبتكرار الجمل السليمة التي تقابل عبارات الأم حتى تكررها مع الداعمين لها مثل : سوف أقوم بفعل أي شيء لكى يعود الرضيع، التصحيح : إن شاء الله اكفل يتيم، ان شاء الله ادعوا له دوماً في صلاتي، إخراج ذكاة باسم الطفل إلى غير ذلك من العبارات الهادفة التي قد تهدأ من فزع الأم مع تكرارها.

حتى تأتى مرحله الحزن وهنا يجب دعم الأم من خلال نصحها بأن تعبر عن حزنها وأن تنفث عن ما يئن به قلبها، لأن الحزن الذي لا تبكي له العين يفتك بالجسم والوجدان.

وفى النهاية نبدأ في تصويب مسارها، وتلك هي المرحلة الخطيرة التي تبدأ عند بداية استقرار الحزن ظاهرياً وقد يترك الجميع الأم ظنا منهم أنها خرجت من الأزمة، لكن الحقيقة أنها قد تكون بدأت في الهروب من الواقع كله، لذا وجب المتابعة معها حتى تعود لحياتها الطبيعية وتمارسها بشكل طبيعي والمتابعة مع الطبيب المختص بحالتها للاطمئنان على حالتها الصحية، خصوصاً أنها قد ترفض أي رعاية بحالتها الصحية كنوع من إلحاق العقاب بنفسها إثر شعورها بالذنب تجاه وفاه هذا الرضيع وهو شعور خاطئ يجب تصويبه، حتى لا تزيد عليها معاناتها وآلامها.

وأخيراً وإذا لم تستجيب الأم التي فقدت وليدها لكل المحاولات الداعمة لها، والتي سبق ذكرها أعلاه، وإذا استمر الحزن لأكثر من 6 أشهر، وجب اللجوء إلى إخصائي نفسي لعلاج الأم بالطب النفسي بشكل مباشر لبدء البرنامج العلاجي الذي يراه مناسباً لحالة الأم، والذي يكون قد يكون بالدمج بين العلاج المعرفي السلوكي والعلاج بالمعنى، وبوصف عقاقير مناسبة للأم حتى يمكنها تخطى الأزمة، ومن بعدها يتابع مختص في العلاج النفسي مسيرة إخراجها من الأثار المترتبة على تلك الصدمة، والتي تكون إضطراب ما بعد الصدمة الذي يصاحبه قلق واكتئاب.

رسالة لكل أم فقدت ابنها

لن تكفي أي كلمات من أي شخص لتعويضك عن فقيدك، ولن يوجد أي شخص يمكنه أن يبرد على قلبك ليمحو الأثر الذي علق به، ولن يتمكن أي شخص مهما كانت درجة قرابته منك إنتشالك من هذه الفاجعة رغماً عنكِ، لذا ابدئى بنفسك وارفقي بها من أجل الخروج منها، ولا تغمسيها في الشعور بالحسرة والشعور بالعجز والحزن المستمر، وتذكري وليدك إلى الأبد، واعلمي أنه حي في قلبك لن يموت أبداً.