أشواق عبدالله مدخلي لموقع "هي": أريد أن أصنع أثرا فعالًا في المجتمع ولو على شخص واحد

"اللهم اجعلنا ممن يسلك الطريق الذي نلتمس فيه علمًا ولا ينتهي أبدًا" أشواق تبدأ بعلم وتنتهي بآخر وتنتهي من حلم لتطير لحلم آخر. وتُقفل الأبواب في وجهها ولا تستلم لتخلق بنفسها الفرص لتفتح الأبواب لها. كان حلمها شيئًا مختلفا وبتخصص مختلف وبجامعة مختلفة ولكن إرادة الله أفضل من اختياراتها.

درست أشواق التغذية الإكلينيكية ثم اللغة الإنجليزية ثم انتهى بها المطاف لدراسة المحاسبة. حازت على الجائزة الذهبية من جامعتها الأسترالية University of Tasmania تقديرًا لأعمالها وجهودها المميزة في عام 2020 في مختلف المجالات ودعمها وتمثيلها للمسلمين أمام منظمات مختلفة منها حكومة تازمانيا. ترشحت لأن تكون Volunteering Talent من الملحقية السعودية الثقافية في أستراليا لعام 2021.

تؤمن أشواق بأنها كمبتعثة سفيرة للوطن، تحمل على عاتقها مسؤولية تحسين صورة الوطن بعيون الآخرين وإظهار الصورة الحقيقية للسعوديين بشكل عام والمرأة السعودية الملهمة بشكل خاص. بالإضافة لشغفها وإيمانها بأن كل شخص يستطيع أن يحقق ولو جزء بسيط من رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بالبدء بنفسه أولًا بالمساهمة ثم بمجتمعه.

ما النصيحة التي تقدمونها للمقبلين على دراسة هذ التخصص؟

تخصص المحاسبة من التخصصات التي تفتح آفاق واسعة وخيارات مستقبلية متعددة. سواء لمن يرغب بالعمل في القطاع الخاص أو الحكومي، أو لمن يرغب أن يسلك الطريق الأكاديمي أو المهني، أو أن يؤسس لعمل خاص. تعد المحاسبة من أحد التخصصات التي لا تستغني عنها أي منظمة، سواء كانت حكومية أو خاصة. ولذلك يُطلق على المحاسبة بأنها لغة الأعمال. وهذا ما يجعل دراسة تخصص المحاسبة مهم في كل أرجاء العالم. ولذلك فإن أحد إيجابيات هذا التخصص الاستقرار والطلب المتزايد على مهنة المحاسبة. من إيجابيات هذا التخصص أيضًا تنوع المجالات الوظيفية بعد التخرج مثل مجال الزكاة والضرائب، المحاسبة الإدارية، التخطيط المالي، المراجعة والتدقيق، محاسبة التكاليف، ومجالات أخرى.

الشيء المميز بهذا التخصص أن المحاسب لديه القدرة بالتطور والاحتراف، وذلك بالحصول على شهادات مهنية موثوقة متعددة حيث أن هذه الشهادات تًكسب المزيد من الخبرة والمعرفة بالتخصص بالإضافة إلى زيادة فرص العمل للحاصل على أي شهادة مهنية مثل شهادة المحاسب القانوني المعتمد CPA المحاسب الإداري المعتمد CMA شهادة زمالة المراجع الداخلي

المعتمد CIA شهادة محلل مالي معتمد CFA شهادة المحاسب القانوني المعتمد ACCA. وبنفس الوقت يمكن للمحاسب أن يكمل الدراسات العليا بأحد مجالات المحاسبة.

أما سلبيات هذا التخصص، أن التعليم لن يتوقف عند حصول الطالب على درجة معينة بل يجب الاستمرار بالتعلم والمطالعة ومواكبه كل ما هو جديد خاصة مع تطور وتحديث المعايير المحاسبية بين حين وآخر. ويجب التحلي بالصبر والإيمان، وأن يكون الطالب دوما على يقين إذا وُجدت الرغبة والشغف بدراسة تخصص المحاسبة فلن تقف أيه صعوبات أو معوقات أمام طموحه.

 حدثينا عن تجربتكِ الدراسية في بلد الابتعاث ؟ وما التخصص الذي تدرسينه؟

في البداية اخترت تخصص التغذية الإكلينيكية، ولكني وجدت بعد فتره أنه لا يناسبني وأحببت أن أحول إلى قسم جديد لم يسبق لي أن درسته بمرحلة الدراسة وهو تخصص القانون. حيث كان وقتها تخصص جديد وكان قد بدأ منذ فصل دراسي واحد فقط. قررت أن أبذل جهد أكبر في الدراسة حتى يتم تحويلي لتخصص القانون في الفصل الثاني. وما أن قاربت نهاية الفصل الأول تم إلغاء التسجيل بالقسم لعدم وجود أعضاء هيئة تدريس كفاية. اعتبرتها رسالة من الله أن لا أيأس وأن أبحث عن فرص أخرى لربما لم أراها سابقا. ولحبي وشوقي الشديد للدراسة كنت أرسل لمن لدي بالقائمة بالدعاء أن الله ييسرها لي وأكمل دراستي. وشاءت الفرص أن يتحول النظام إلى فصول دراسية بدلًا من سنوات، واستطعت أن أعود للدراسة بموافقه الإدارة رغم بداية الفصل الدراسي.. كان الشغف وحب الدراسة الدافع الأول والأخير، ومن كثر الحماس درست كل مواد السنة التحضيرية العشرة في فصل واحد، وكانت الاختبارات لمدة أسبوع واحد كل يوم مادتين. حصلت بتوفيق من الله ودعاء من حولي على معدل مرتفع وكانت من أولى رغبات الدراسة المحاسبة، لأحصل على التخصص الذي أردت والحمدلله.

أحببت أن أدون هذه التجربة رغم أنها لا تخص الابتعاث بشكل مباشر ولكنها نصيحة لكل شخص أن لا يستسلم وأن يصنع الفرص من لا شيء. لم أتخيل يومًا منذ صغري أن أتخصص في المحاسبة. نصيحتي عندما تنسج عمرا فاسمح لأفكارك أن تتغير، لأن نظرتك للأمور تختلف حسب الأمور التي تدور حولك والتغييرات التي تحدث ويجب أن تتكيف معها.

وكما نوهت سابقًا فإن تخصص المحاسبة من التخصصات التي يمكنك أن تكمل فيها الدراسات العليا وتكون أكاديميًا في قسم المحاسبة.

أما عن تجربة الابتعاث فتجربتي كانت كحلم خفي يراودني منذ الطفولة ولم أبوح به لأحد، بل همست به بالخفاء بيني وبين رب العالمين. وصار حقيقةً وواقعًا أعيشه الآن. بدأ منذ وصولي إلى الولايات

المتحدة الأمريكية وعدم فهمي للغة حالما وطأت قدماي المطار إلى سرقة جوازي وجواز مرافقيني بعد تقريبًا شهر منذ وصولي، ثم وصولي لبلاد الكنغر - أستراليا وبقائي ليلة كاملة في حديقة بدون سكن. ولكني متيقنة أن النهاية تستحق كل هذه التجارب التي عشتها: النهاية هي حلم وردي تعيش تفاصيله وترسمها بنفسك كل يوم.

بالتحديد: تم حصولي على وظيفة كمعيدة بعد تخرجي بفضل الله ثم بدعاء الوالدين ومن حولي حيث أصبحت معيدة بنفس الجامعة التي درست بها. ومن هنا تم ابتعاثي لإكمال الماجستير للولايات المتحدة بنفس تخصصي المحاسبة.

أما بالنسبة لحلم الدكتوراة، وما هو من حلم! فقد كنت أهمس به بيني وبين نفسي خفيه ولطالما كنت أفصح عنه ليلا لرب العباد. وما لبث أن أتاني حلمي راقصًا بعد سنة من عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية.

هل لديكم مشاركات في الأنشطة والتطوع خارج المنهج الدراسي؟

الإحساس بالضياع كان يسيطر على منذ وصولي بلاد الغربة، وأقصد بذلك الضياع الداخلي الذي كان يعمي بصيرتي أن أجد نفسي في بعض الأحيان. والملفت للنظر أني وجدت ضالتي بالعمل التطوعي، إذ بدأ هذا الإحساس بالضياع يتبدد حالما بدأت التطوع في أمريكا، حيث كان شغفي منذ أن كنت في السعودية. وأخيرا وجدت نفسي، نعم لقد وجدتها في خدمة الآخرين، وجدتها في العطاء.

ومنذ ذلك الحين لم أتوقف. كنت أشارك مع النادي السعودي في كل ولاية زرتها في أمريكا. بالإضافة إلى مشاركتي مع عدة منظمات أخرى غير ربحية في أمريكا. وقد مشيت على نفس المنهج عندما أتيت إلى أستراليا ولكني وسعت تجربة التطوع لتشمل المجتمع الأسترالي. وبذلك أصبحت سفيرة للمسلمات عن طريق الجمعية المسلمة في University of Tasmania وممثلة لهم مع الحكومة الأسترالية. في سنة 2021 أصبحت رئيسة للجمعية المسلمة في الجامعة وعضوة في فريق بصمات مبتعث في أستراليا المعتمد من وزارة التعليم في السعودية.

والجدير بالذكر أنه تم منحي الجائزة الذهبية من University of Tasmania لعام 2020 تقديرًا وتكريمًا لمجهوداتي التطوعية في مجالات مختلفة.

 كيف تصفين التمكين الذي تعيشه المرأة في السعودية؟ وما تأثيره عليك؟

المرأة السعودية شخصية قيادية واعدة ومبدعة منذ فطرتها. ولأن حكومتنا الرشيدة حكيمة بقراراتها ومنفردة بتطلعاتها، فإنها تؤمن أيضًا بذلك. ولذلك أتى تمكين المرأة السعودية لإظهار ذلك وإعطائها الفرصة للانطلاق للمجد والتحليق للعلياء.

أبرز المعوقات التي صادفتك كطالبة وكيف تغلبت عليها؟

المعوقات هي محفزات إذا اخترتها أن تكون. هي تعتمد على نظرتك لها وردة فعلك تجاهها. كانت اللغة هي من أكبر المعوقات خلال تجربه الابتعاث مثلًا، بالإضافة إلى عامل الثقافة، الدين، الحضارة. وعدم معرفتي بنظام البلد قانونيًا. عدم معرفتي بنظام قبول الجامعات واختبارات اللغة قبل الابتعاث. الحنين للوطن والأهل والاشتياق لهم وخاصة في المناسبات مثل رمضان والعيد. ولكنكما أشرت مسبقا، تستطيع أن تجعل هذه المعوقات طاقة تدفعك وتحفزك للتقدم والنجاح.

تغلبت على هذه المعوقات بالقراءة والاطلاع والمعرفة والتعايش مع المجتمع الآخر وتقبل الآخرين رغم اختلاف لغتهم وثقافتهم واحترامها لأني بالمقابل أريد منهم احترام ديني وثقافتي. تغلبت عليها بالصبر ودعاء الوالدين ومن أحب وبثقة الحكومة الرشيدة وفقها الله ورعاها ودعمها المستمر

كيف تصفين تجربتكم في التعايش مع جائحة كورونا؟

جائحة كورونا ماهي إلا فرصة أعطانا إياها الوهاب لنعيد ترتيب أمور حياتنا وتقوية روابطنا مع أنفسنا أولًا، ثم مع الأقربون من حولنا. اكتسبنا مهارة التأقلم والتكيف وتعلمنا الصبر والتحمل وان الاستسلام لا يجب أن يكون من بين خيارات الحياة التي أمامنا.

ما لذي تحلمين بتحقيقه؟

أريد أن أصنع أثرا فعالًا في المجتمع ولو على شخص واحد، فلربما هذا الشخص ينقل الأثر لشخص آخر وتتسع دائرة التأثير الإيجابية. أريد أن أنقل كل تجربة مررت بها وكل فكرة عشتها وكل خبرة واجهتها في بلاد الغربة لبلادي الوطن الغالي. أريد أن أساهم ولو بشكل بسيط بتحقيق رؤية 2030 الطموحة. أريد أن أكون خير ممثل وخير سفيرة لبلدي المملكة العربية السعودية وأن أحسن صورة المملكة في عيون الآخرين.