المالكة والمديرة العامة لمجموعة الفارس العالمية سحر المرزوقي لـ"هي": علينا تطوير أساليب التعلم الرقمية

حوار: "مشاعل الدخيل" Mashael Al Dakheel
تصوير: "عبدالله المشرف" Abdullah Al Musharraf

يمر العالم بمرحلة جديدة من جراء تداعيات أزمة كورونا التي أثرت في قطاعات عديدة، ولا سيما القطاع التعليمي الذي وضع أمام تحدٍّ كبير في مواجهة التقلبات التي تخللته، وامتحن البرامج والصروح التعليمية في قدراتها وإمكاناتها على مواجهة الصعوبات التي ظهرت مع إجراءات وترتيبات التعليم عن بُعد. وفي هذا الصدد، تسنت لنا فرصة قيمة بمحاورة السيدة سحر المرزوقي المالكة والمديرة العامة لمدارس الفارس العالمية التي اجتازت مرحلة التعليم عن بُعد بنجاح يستحق الثناء والتقدير. أُسست مدارس الفارس العالمية عام 2004 على يد سحر المرزوقي بنظرتها المستقبلية واتجاهاتها العالمية، لتسهم في تطوير مستوى التعليم في المملكة. وتعد مدارس الفارس العالمية واحدة من الصروح التعليمية الريادية التي طبقت استراتيجيات التعليم عن بُعد، وأكدت استمرارية المنهج، وكأنما الطلبة يتلقون تعليمهم في صفوفهم.
تعرفي معنا إلى تفاصيل هذا الحوار الخاص بالسيدة سحر المرزوقي التي تشاركنا خبرتها في مجال التعليم، ومفهومها الريادي في تطوير المستوى التعليمي في المملكة.


بداية حدثينا عن مسيرتك في قطاع التعليم.
بدأت رحلتي مع التعليم منذ كنت طالبة في جامعة الملك سعود في تخصص رياض الأطفال، حيث كنت أمارس ما تعلمته مع أطفال أقاربي، وهنا تعلق قلبي بالتعليم، وبدأت أدرك ما يمكن أن أقدمه لوطني الغالي. ولقد أنشأت بعد ذلك مجموعة مدارس بالتعليم الأجنبي، ثم انقطعت عن التعليم لظروف عائلية خاصة، واتجهت للعمل المصرفي، واكتسبت خبرة جديدة ساعدتني مرة أخرى على الخوض في معترك التعليم الأجنبي، وهنا كانت بداية مدارس الفارس العالمية.
ما أهم المبادئ التي تسعون إلى ترسيخها في مناهجكم التعليمية؟
تحرص مدارس الفارس على تطبيق أساليب فعالة ومتوازنة للتعليم والتعلم، وتجتهد في تطوير طلاب وطالبات متطلعين يتميزون بالاستجابة للتحديات بتفاؤل وعقل منفتح، وواثقين بهوياتهم، ويتخذون القرارات الأخلاقية، وينضمون مع الآخرين للاحتفال بسمتنا الإنسانية المشتركة، وليكونوا جاهزين لتطبيق ما تعلموه في المواقف الواقعية والمعقدة.

نهنئكم بتطبيق برنامج التعليم أثناء أزمة كورونا التي يمر بها العالم، ما الإجراءات والآليات التي اتبعتموها لضمان نجاح البرنامج بشكل عملي ومثالي؟
للنجاح عدة عوامل مجتمعة، تبدأ بوعي أولياء الأمور وحرصهم على متابعة أبنائهم للعام الدراسي. ثم اندفاع الطلاب والطالبات لتفعيل تجربة التعلم عن بُعد ومواكبة المنظومة التعليمية للتكنولوجيا، وخاصة في ظل الوضع الحالي المتعلق بانتشار وباء فيروس كورونا عالميا. ومن أهم أسباب النجاح أيضا، اجتهاد المعلمين والمعلمات، وحرصهم على خلق أجواء تعليمية تفاعلية ومسلية في آن واحد من خلال حصص تعليمية عن بُعد، باستخدام أنظمة شركتي زووم ومايكروسوفت (Zoom and MS TEAMS). فهذه المنصات جعلت الطلاب كأنهم موجودون داخل صفوفهم العادية في المدرسة. أما عن الآليات المعتمدة، فإن جميع المراحل تتبع منصات عدة للتعليم بشكل أساسي من خلال منصة المدرسة الإلكترونية ونظام إدارة المدرسة وبضعة تطبيقات أخرى جعلت المتابعة سهلة على جميع الأطراف.
وماذا عن التحديات التي واجهتكم على الصعيد المهني والشخصي؟
بفضل من الله أولا ثم الخطط الواضحة لوزارة التعليم، لم تواجهنا صعوبات كبيرة. ولكن نواجه بعض التحديات كعدم تعاون بعض أولياء الأمور، ولكن عملنا على تحفيزهم لمتابعة أبنائهم وبناتهم من أجل مصلحتهم العلمية. فتلك الصعوبات تكاد تكون معدومة في ظل هذه الظروف، فجميع طاقمنا المدرسي وطلابنا وطالباتنا مهيئون نفسيا وتقنيا لطريقة التعلم عن بُعد، فهذا النظام معتمد في نظام المدرسة الداخلي اليومي في أداء الواجبات والتواصل مع أولياء الأمور.
كيف استطعتم خلق حلقة وصل ناجحة بين أولياء الأمور والمدرسة في تطبيق برنامج التعليم عن بُعد بنجاح؟
لطالما حرصنا على اتباع نظام حماية البيئة من خلال نظام Going green ، والتواصل مع أولياء الأمور من خلال منصة الفارس الإلكترونية، وتطبيق نظام إدارة المدرسة، حيث تعتبر هاتان الوسيلتان الطريقة الرسمية للمدرسة في التواصل مع أولياء الأمور منذ سنوات عديدة.

ما نوع الدعم أو الجهود التي تلقيتموها من وزارة التعليم في هذه الفترة؟
لم تقل جهود وزارة التعليم عن جهودنا، فقد كانت حاضرة بشكل يومي متابعة وداعمة لنا، وتجيب عن أسئلتنا واستفساراتنا، وكانت تزودنا بالتعاميم التي تسهل علينا في المدارس لتسيير أمورنا في تلك الفترة.
وكيف تسهمون في تطوير استراتيجيات التعليم في المملكة بوجه عام؟
أولا من خلال استقطاب المعلمين والمعلمات، وتأهيلهم وتطويرهم، وتحسين البيئة التعليمية المحفزة للإبداع والتطور، وتطوير المناهج وأساليب التعليم والتقويم. وكذلك تطوير المهارات الطلابية على المستويين الأكاديمي والشخصي لنسهم في تأهيل جيل قادر على تحسين وتطوير المجتمع الدولي عامة، والمجتمع السعودي خاصة.
هل يخضع المعلمون لأي تطوير مهني على مدار السنة ليكونوا على دراية بالثقافة الرقمية وأدواتها وكيفية إدراجها في مناهج التعليم بشكل فعال؟
بالتأكيد، يتحتم على كل منظمة أو مؤسسة تربوية أن تواصل تطوير وتجديد مهارات ومعرفة المعلمين لكي يجاروا الابتكارات الجديدة في العالم الرقمي. ولتحديث هذه المهارات، يخضع القطاع التعليمي لدى مدارس الفارس لدورات تدريبية دورية، وحضور مؤتمرات دولية على مدار السنة.
كيف تقارنون بين المستويات التعليمية؟ وهل وجدتم أن بعض المستويات شكلت لكم تحديا مختلفا؟ وكيف واجهتم الأمر؟
هناك تباين في مستويات التعليم بين التعليم العام والخاص من جهة، والتعليم الأجنبي من جهة أخرى من حيث إجادة اللغة الإنجليزية بالتحديد. وهو التحدي الأكبر الذي يواجه الطلبة الذين ينتقلون إلى نظام التعليم الأجنبي، حيث يكون في هذا النظام تعليم جميع المواد باللغة الإنجليزية ما عدا مادتي التربية الإسلامية واللغة العربية بكل تأكيد. وتوجد لدينا برامج تقوية متخصصة برفع مستوى الطلاب لمواكبة المستوى العام للمدارس.
ماذا يعني لكِ الالتزام؟
يعتبر الالتزام شرطا أساسيا لنجاح أي فرد أو منشأة في مختلف الميادين لتحقيق الأهداف المرجوة. وللالتزام أهمية واضحة، فهو يشكل أحد ملامح التعلم من خلال سمات تعريف المتعلم (Learner profile attributes) التي تسعى المدرسة إلى زرعها لدى طلابنا الأعزاء.
كيف ترين مستقبل الطلاب والطالبات بعد الخروج من أزمة الكورونا؟ وما المستقبل الذي ينتظرهم من ناحية أعمال ومهن ومجالات جديدة؟
أتوقع أن تنتج هذه الأزمة طلابا مسؤولين أكثر، ومنضبطين وأصحاب وعي أكثر بسبب الوضع الراهن. وفي ظل انتشار هذا الفيروس واضطرار معظم الشركات لتبني سياسات العمل عن بُعد، باتت التكنولوجيا أفضل وسيلة لضمان استمرارية الأعمال. فمن المتوقع أن تزدهر أعمال ومهن ومجالات جديدة كقطاع الإنترنت والتجارة الإلكترونية، وقطاع تطوير البرمجيات، وقطاع الخدمات اللوجستية والتوزيع.
ما خططك لتطوير المنهج الدراسي بعد انتهاء أزمة كورونا؟
إننا نسعى الآن لوضع الخطط البديلة، لجعل مناهجنا فعالة عن بعد تماما كتنفيذها في الصفوف التعلمية العادية. لا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل لنا. لذلك نحرص على أن يحصل أبناؤنا على التحصيل العلمي المناسب تحت أي ظروف.
ما رأيك بجهود المرأة السعودية في جميع المجالات ودورها المهم في مكافحة أزمة كورونا؟
المرأة عضو مهم في المجتمع، فقد تصدرت بصفتها أُمّا في بيئتها الصغيرة في نشر الوعي في ما يخص هذه الأزمة. فهي كما ذكرنا الأم والطبيبة والممرضة والمعلمة وغير ذلك من المهمات الصعبة التي تضطلع بها، وتتقنها بجدارة ناشئة من ثقافتها التعليمية والأسرية. اختيرت الرياض عاصمة للمرأة العربية 2020 تحت شعار المرأة وطن وطموح.
ما مسؤوليات المرأة السعودية بوجه خاص في تحقيق طموحات الدولة؟
المرأة عضو فعال في دولتنا الحبيبة في شتى المجالات. وتمثل المرأة تقريبا نصف عدد الشعب السعودي، لذلك يجب أن تتحمل مسؤولية النهوض بتحقيق أهداف رؤية 2030 . أزمة كورونا سببت إحباطا كبيرا لأصحاب الأعمال والمشاريع في المملكة، ما رأيك بحال القطاع الخاص، وقرارات الكثير في إيقاف أعمالهم لتفادي الخسائر؟ جائحة كورونا أثرت في العالم بأسره، وأشهرت بسببها الكثير من الشركات العالمية إفلاسها، وخسر الآلاف من الناس وظائفهم. ولكن والحمد لله قدمت دولتنا الدعم الحقيقي لسوق العمل لتجنب الكوارث المالية، ولتجنب انهيار السوق بوجه عام. والإيقاف ما هو إلا ضرورة وقتية، وستعود الحياة إلى طبيعتها في المستقبل القريب بإذن الله تعالى.
رسالة أخيرة توجهينها للمجتمع التعليمي فيما يتعلق بالوضع الحالي، وما نصيحتك لهم في تحسين وتطوير برامج التعليم في حال حدوث الأزمات؟
نحن نمر بفترة حرجة مع الجائحة التي أصابتنا، ويجب علينا أن نضع أيدينا بأيدي بعضنا لمواجهة هذه الظروف الصعبة. وعلى الرغم من أن وزارة التعليم، مشكورة، وضعت الكثير من البرامج المتطورة للتعليم عن بُعد، علينا تطوير أساليب التعلم الرقمية لمواكبة الأزمات في المستقبل لا سمح الله.