ما لا تعرفونه عن "الطفلة المعجزة" فيروز

ان تؤدي طفلة جميلة لا يتجاوز عمرها الـ7 سنوات دور ما في السينما ببراعة وتحفظه عن ظهر قلب، دليل على موهبتها الفنية المميزة، لكن ان تجمع فن الاستعراض والغناء الى جانب الأداء التمثيلي بكل اتقان وعفوية لتُسند اليها ادوار البطولة فهذا ما يسمى بالمعجزة الفنية النادرة، وهذا ما انطبق على صفات الأيقونة فيروز التي ودعتنا بالأمس بعد معاناة من امراض الشيخوخة.
 
ولادتها وانطلاقتها نحو عالم الشهرة
"دهب"، "ياسمين" "قطقوطة"...أسماء ما تزال عالقة بذاكرتنا لطفلة استطاعت ان تنتزع الدموع بحرارة من أعيننا وترسم البسمة على شفاهنا بكل سلاسة في نفس الوقت عبر أدوار سينمائية صُنفت مدرسة بحذ ذاتها وبإعتراف الكثير من الجيل الجديد بذلك بينهم الفنانة الشابة كارمن سليمان التي صرحت بأنها كانت تُقلد هذه الطفلة المعجزة. 
 
فيروز واسمها الحقيقي بيروز آرتين كالفيان، تعود أصولها الى أسرة أرمينية من مدينة حلب السورية، ولكنها ولدت في القاهرة عام 1943، وشقيقتها الفنانة الاستعراضية نيللي.
 
اكتشفها الفنان الكوميدي المصري من أصل سوري، إلياس مؤدب، وكان أحد أصدقاء والدها، وكان يزورهم في منزلها، وقد رآها خلال أداء حركات راقصة في منزلها، فاصطحبها معه في إحدى الحفلات وعرض عليها فرص كثيرة، وجمعها بالفنان أنور وجدي ليوقع مع والدها عقد احتكار تتقاضى عنه ابنته ألف جنيه عن كلّ فيلم.
 
ومنذ أن رآها أنور وجدي تبناها فنيا، وقام بتغيير حرف الباء في اسمها إلى فاء، ليصبح فيروز بدلا من بيروز، واستعان بمدرب الرقص إيزاك ديكسون الذي عمل في عدة أفلام في السينما المصرية لتدريب الصغيرة لعدة أسابيع وذلك لتهيئتها لأوّل بطولة سينمائية. وبدأ عهد جديد في حياة الثنائي والذي كتب له التخليد في السينما المصرية لغاية اليوم حيث ظهرت فيروز في العديد من الأفلام التي مثل فيها أو أنتجها، وتميزت بقدرتها الفائقة على الاستعراض والغناء والتمثيل في سن صغيرة، وعملا معا لمدة 3 سنوات.
 
اشهر اعمالها الفنية
في السابعة من عمرها جسدت اول فيلم لها بعنوان "ياسمين" عام 1950، ورغم ان إنتاج الفيلم كان من المفترض أنْ يكون مشتركاً بين أنور وجدي والموسيقار محمد عبد الوهاب الا ان الاخير تراجع ولم يشأ أن يضع أمواله في فيلم تقوم ببطولته طفلة لا تتقن سوى غناء المونولوج بحسب تعبيره، فخاض وجدي المغامرة وحده..وبالفعل لاقى الفيلم نجاحاً باهراً  بعد ترويج اعلانات له بطريقة ذكية. بعدها قدمت فيروز فيلم "فيروز هانم" عام 1951. ثم فيلم "صورة الزفاف" عام 1952 ثم فيلم "دهب" عام 1953 وهو أشهر أفلام الثنائي أنور وجدي وفيروز.
 
خلال هذه المرحلة، لقبت حينها فيروز بـ "الطفلة المعجزة" وشبهها الكثيرون بـ"شيرلي تمبل" الممثلة الأمريكية التي اشتهرت بتمثيل أفلام للأطفال في فترة الثلاثينات.
 
ورغم ان فيروز وصلت لقمة نجاحها مع انور وجدي، شهد عام 1953 الانفصال بين الثنائي بعد ثلاث سنوات من أول تعارف بينهما حيث قرر والدها الانفصال عن الاخير ورفض تجديد العقد معه على أن يقوم هو بإنتاج أفلامها وانتج مباشرة فيلم "الحرمان" في 1953، وظهرت فيه فيروز إلى جانب شقيقتها الفنانة نيللي.
 
وبعد عام 1955 خرجت فيروز من رداء الطفلة الصغيرة فقدمت عدة تجارب كفتاة شابة لكن لم يكتب لها النجاح مثل: "عصافير الجنة" و"إسماعيل ياسين للبيع" عام 1957، وآخرهم "بفكر في اللي ناسيني" مع شكري سرحان عام 1959. وتوقفت فيروز عن التمثيل وهي في سن 18 عاما تقريبًا، ثم اعتزلت الفن لتختم مسيرتها الفنية التي لم تتعدى 10 سنوات، مثلت فيها 6 أفلام شهيرة و4 لا يتذكرها الكثيرون.
 
حياتها الشخصية وأسرار عنها
تزوجت فيروز الفنان بدر الدين جمجوم، وتعرفت عليه أثناء مشاركتها مع فرقة إسماعيل ياسين المسرحية، بعد اعتزالها التمثيل، وأنجبت منه أيمن وإيمان، وقد توفي زوجها عام 1992.
 
وفي احدى المقابلات القديمة لها، تقول فيروز :" مع كل حبي وتقديري لوالدي، فقد كان هو المسؤول الأول عن تعثر خطواتي السينمائية، فيما بعد، لأنه لم يكن على دراية واسعة بعملية تنظيم إدارة شؤوني الفنية".
 
وعن حادثة رفض محمد عبدالوهاب تلحين أغنية لها وانتاج احد افلامها، تقول: "بمجرد أن رآني لأول وهلة نظر إلى أنور وجدي باستغراب وقال له: "إزاي تغامر بفلوسك في فيلم البطلة فيه طفلة تصلح لأن تغني مونولوج فقط؟"، ورفض محمد عبدالوهاب أن يكون شريكًا في هذا الفيلم بالذات، وقال له: "أنتج الفيلم لوحدك، أنا لا أحب المغامرة"، ثم تتذكر فيروز أن الموسيقار محمد عبدالوهاب عندما شاهد الفيلم غضب جدًا، وقال لأنور وجدي: الحقيقة أنه كان في يدك جوهرة ثمينة لم يشعر أحد بقيمتها سواك.
 
وبالأمس، رحلت عن عالمنا فيروز بعد مشاكل صحية خطيرة في الكلى والكبد ليسدل الستار الاسود عن فنانة عربية نجحت بخطف محبة الجماهير بشقاوتها الطفولية.