مارلين مونرو .. كسرت القالب!

مما لا يقبل الجدل أن مارلين مونرو، قنبلة هوليوود الموقوتة وملهمة كاتبي النصوص ومخرجي الأفلام، هي ايضا المثال الاعلى للعديد من نجمات هوليوود والصورة الكاملة للمرأة "الأنثى" التي تحاول العديد منهن تصويرها. بصوتها الخافت الى حد الهمس، وشعرها الاشقر البلاتيني وجسدها المثالي وابتسامتها المشعة التي تجمع الشفاه المصبوغة بالأحمر القاني والأسنان اللؤلؤية، إلى النظرة الحالمة الناعسة المرسومة بالآي لاينر الاسود والشامة المرتاحة على خدها الابيض العاجي الناعم. لقد كانت "المرأة الحلم" التي ارتبط اسمها بـ"الحلم الاميركي".

كانت مونرو أسطورة السينما الأمريكية بجمالها وكانت من أعلامها بتمثيلها السهل الممتنع، وقد لمعت لدرجة غطت بها على سواها من نجمات زمانها الحميلات كجاين مانسفيلد واليزابيث تايلور وريتا هايوارث.حيث لم نرى أحداً من فنانات هذه الايام يحاول تقليد أحداً غيرها. هي الزهرة الفتية التي خبا عبيرها باكراً، حيث توفيت منتحرة بجرعة زائدة من الدواء قبل 49 عاما، لم تظهر خلالها في عيون كاميرات السينمائية الأميركية من تقاربها جمالا وسحرا وانوثة وعذوبة وبراءة معا. لكن رسالة كتبتها (مارلين مونرو)عام 1960اي قبل وفاتها بعامين تبين مقدار المرارة التي كانت تشعر بها، فقد جاء في الرسالة:

«لدي إحساس عميق بأنني لست حقيقة تماما، بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الاحساس بين وقت واخر، ولكني أعيش هذا الاحساس طيلة الوقت، بل أظن أحيانا أنني لست إلا إنتاجاً سينمائياً فنياً أتقنوا صُنعه.»

كيف تخفي تلك المرارة التي تجرعتها مارلين مونرو او نورمان جين بيكر ، التي ولدت عام 1926 لأم رفضت تربيتها،  وقررت تركها وأخوها جاستين وأختها التي لم يعرف اسمها لتتزوج بشخص غني. هذا التخلي جعل نورمان تقاسي في صغرها الحرمان و هروب الحب و القساوة، وكانت تعاني من التأتاة دلالة على النقص العاطفي. وبدلاً من العيش في كنف والدتها وزوجها الثري، .تربت في الميتم و تقلبت في مراهقتها بين عدة عائلات وتعرضت لتحرشات غير اخلاقية بكثرة. إلى ان تزوجت جارها القريب البالغ من العمر 21 سنة، ما لبث أن حصل بعده الطلاق بعدما تعلقت نورمان جين بيكر بهوليود. ولم تصبح ممثلة و مغنية ( على يد زوجها وطليقها لاحقاً آرثر ميللر) وحسب، بل قدوة للقتيات و المرهقات و الفنانين في ذلك الوقت و إلى يومنا هذا. ولكن نهايتها المريرة والتي قيل أنها كانت انتحاراً، لم توقف تأثيرها على الناس على مر الأيام. ومن أفلامها السينمائية: كيف تتزوجين مليونيرا(1953)، الرجال يفضلون الشقراوات (1953)ن نهر بلا عودة (1954)، هرشة السنة السابعة (1955)، موقف الأوتوبيس (1956)، البعض يفضلونها ساخنة (1959)، اللامنتمون (1961)، الألماس صديق الفتاة الوفي (1953).

لو كانت مارلين مونرو على قيد الحياة اليوم، لكانت اتمت عامها السادس والثمانين في ذكرى عيدها الكائنة في الأول من حزيران/يونيو. ولكن ذكراها لا تخبو بسبب حرص الناس  على تكريمها (متحف الشمع مدام توسو في نيويورك الذي كرمها بتثمال شمعي في 31 مايو، ودار السينما الصينية التي تكرمها عبر عرض أفلامها طيلة شهر حزيران، وغيرها الكثير). هذا بالاضافة إلى تكريم النجمات عبر تقليدها، او الاستعانة بستايلها في "اللوك" الذي يعتمدنه أو حتى تمثيل شخصيتها في بعض الافلام التي تحكي سيرتها. وقد اثنى بعض النقاد والجماهير على فنانات جميلات قلدن الأسطورة الراحلة أمثال مادونا، أنجيلينا جولي، سكارليت جوهانسون، ميشيل ويليامز، ميرا سورفينو، كريستينا أغيليرا، أوما ثورمان، ريهانا، نيكول كيدمان، آنا نيكول سميث، لايدي غاغا، بريتني سبيرز، باريس هيلتون وغيرهن الكثيرات. ولكن لم تعتبر ولا واحدة منهن كبديلة أو وريثة لها. فالشبه الشكلي لا يكفي، فان كان التشابه بالشكل موجوداً، فلن يكون الصوت ولا المشية ولا طريقة الكلام ولا نوعية الإغراء ولا الروحية مماثلة. وإن كان كذلك فسيكون مفتعلاً حتماً.

وقد بلغت درجة اعجاب بعض النجمات بها مثل مارايا كاري أن تشتري البيانو الابيض الخاص من احد المزادات الخاصة بمارلين مونرو بـ 600 ألف دولاراً، كما وقامت بتسمية ابنتها "مونرو" تيمناً بها.

لا شك إن مارلين مونرو نجحت دون قصد أن تبقى وحدها خارج دائرة المقارنة، وكسرت القالب الذي ممكن أن يُصنع منه نسخة مشابهة لها. ولعل اهم الاسباب في ذلك هو رحيلها المبكر( 36 عاماً) وهي في أوج عطائها، مما ابقى صورتها الفتية في اذهان الجماهير؛ أولئك الذين كانوا ينتظرون منها العديد من العطاءات التي لم يكتب لها ان ترى النور.