لقاء مع المهندسة السعودية نهلة مجلد
جدة: جمال عبدالخالق
تجربة المهندسة السعودية نهلة مجلد العملية تنفى ما يردده البعض أن المهندسات السعوديات يفضلن الجلوس خلف المكاتب الفارهة، وخصوصا إن كن من اللاتي تخصصن في هندسة الديكور، لأنها تفضل الركض خلف تفاصيل عملها، وتبحث عن إخراجه بشكل لافت ومغاير عمّا هو سائد، وتشير نهلة إلى أن الوقوف على رأس العمل يمنحها وضع رؤية خاصة، ويجعل من يعملون معها يعرفون جيدا أنه لا مجال للتهاون حتى يتم إنجاز المهمة.
تخطيت مرحلة العمل بالمساحات الصغيرة وصممت ديكورات للقصور والفنادق الكبيرة
ماذا عن البداية؟
بدايتي كانت عندما كنت أستمتع باللون والمحسوسات الجمالية من حولي، فكنت أذكر استمتاعي بالرسم في صغري، وكيف أنسق الألوان باستمتاع، فنشأت بيننا علاقة عشق، وأصبحت سر انجذابي لعالم التصميم والفنون، كانت لدي موهبة عززتها بالدراسة والتخصص، وكان شعاري منذ البداية «لا مستحيل» إلا أنه شعار مشروط دائما بالالتزام بتعاليم ديننا الحنيف والالتزام بعادات وتقاليد مجتمعنا السعودي.
شعرت بأن لدي رغبة كبيرة بأن أتخصص في عالم الديكور الداخلي، تركت الدراسة في إدارة الأعمال الذي لم أرَ نفسي فيه، واتجهت إلى التصميم الداخلي على الرغم من الصعوبات التي كنت أدرك أنني سوف أواجهها من مجتمعي، تغلبت عليها بحب وإصرار وحب لهذا المجال، ولولا حبي له لما كنت قد تخطيت مصاعبه، ففي كل مرة أحبط كنت أراقب قطعة أثاث أو لوحة فنية، فترفع معنوياتي، وتأخذني إلى أحلام قريبة من الواقع الذي أرسمه.
أحب مهنتي كثيرا، وأحب اقتران اسمي بالمصممة أكثر من أي اسم آخر.
ما الذي يميز مصممة عن أخرى؟ وهل المرأة السعودية تثق بالمصممة السعودية؟
المقومات الأساسية في التصميم وعالم الديكور هي مطلب ضروري ومهم لنجاح أي مصممة، وفي الوقت ذاته تظل هناك لمسة خاصة لكل مصممة تميزها عن الأخرى في اختيارها لستايل خاص بها تبدع فيه أكثر من غيره، وفي الآونة الأخيرة أصبحت هناك ثقة بين المرأة السعودية والمهندسة أكثر من ذي قبل، فهي أعلم وأدرى بما تريده، لكونهما من البيئة والمجتمع نفسهما، وأصبحت المهندسة السعودية تشعر بهذه الثقة.
إلى أي درجة تعتقدين أن الديكور يرتبط بالحالة النفسية؟ بمعنى هل يجب أن تكوني في حالة نفسية معينة حتى تمارسي عملية التصميم أم أن لكل حالة انعكاساتها؟
قد يرتبط نوعا ما، ولكن المصمم البارع هو الذي يفصل حالته المزاجية التي قد لا تكون في وقتها قوية، أحيانا أشعر بسعادة في يومي، فأعيش هذه السعادة برسومات وألوان تولد فكرة جبارة، وما إن تتطور حتى تصبح أقوى من قبل، لأني تعايشت معها بأحاسيس الراحة والحلم، بخلاف عندما أكون في حالة مزاجية أخرى، فإني أبتعد تماما عن التصميم والألوان، لأنها ستكون حالة مؤقتة وسرعان ما تختفي، ولا أريد تذكرها فيما بعد.
إلى أي درجة يمكن لك أن تقبلي بفكرة تصميم ديكور خارج عن عالمك الخاص الذي تفضلينه؟
أتقبل بعدما أستوعب احتياجاته كاملة من ناحية مساحة المكان والمادة ونفسيته، فعلى المصمم معرفة عميلة وطبيعة حياته كاملة، وما إن تتوازن هذه الأساسيات مع متطلباته، أحاول أن أستضيفه في عالمي وبين تصاميمي، ومع رؤيته التي آخذها في عين الاعتبار ولا أتجاهلها، فكثير من العملاء يأتيني ويتخيل منزله بأفكاره، وأحاول أن أترجم هذه الأفكار على أرض الواقع، فيكون سعيدا بذلك، وهنا أكون قد حققت ونجحت في جزء كبير من المشروع، ويبقى التنفيذ.
كيف ترين علاقة الديكور باعتباره حالة إبداعية مع حالته للكسب المادي؟
كل حالة إبداعية أو فكرة خاصة لمشروع لها مردود مادي، ولكن المردود المعنوي الذي أشعر به بعد انتهاء أي مشروع يسعدني أكثر من المردود المادي.
هل المساحة تحد من إبداع المصمم؟
المصمم البارع تظهر براعته في إبراز الفراغ في أجمل صورة وبكل معطيات المكان، فقد نجد اليابانيون أكثر من غيرهم يبدعون في المساحات الصغيرة وبشكل دقيق مع توفير الراحة الجسدية والنفسية.
مَن يعجبك من المصممين؟ وأي حضارة تجذبك؟
أكثر ما يعجبني المصمم العالمي «جان لوي مانغي» Jean-Louis Mainguy، فهو بارع في اتجاهاته الكلاسيكية، فيوازن بين ما يقوله وبين التعبير عنه بمقولته الشهيرة «الحياة يجب أن تكون مليئة بالضوء».
من أين تستلهمين أفكار تصاميمك؟
من أعماق التاريخ القديم. فالتزيين الداخلي بدأ منذ بداية الحضارة الإنسانية مع مراعاة مجريات العصر الحديث.
الكثير من البيوت السعودية في قمة الفخامة، ولكن بعضها يفتقر إلى الروح أو الطابع العربي، ما السبب؟
هنا يأتي دور المصمم، لأنه لم يوازن بين تحقيق الحلم والواقع، فاختياره للألوان، والتنوع في التصميم كانتقاله من تصميم لآخر دون الشعور بالملل وعدم التنوع.
ما مفتاح المصمم للنفاذ إلى قلب العميل؟
عندما نترجم أحلامه ونوفر له راحته الجسدية والنفسية للمكان نكون قد نلنا استحسانه.
هل للتصميم الداخلي مدارس كما هو الحال بالنسبة للفن التشكيلي؟ وإلى أي المدارس تنتمين؟
مدارس التصميم الداخلي كثيرة، وأميل إلى مدرسة لويس الثالث عشر أي إلى الستايل الفرنسي Fernch Style الذي يجمع ما بين الثراء والجمال والبذخ أيضا، ويبهرني قصر ڤرساي واللوفر في فرنسا، فالأثاث والديكور الفرنسي يتجدد على الدوام، ولا يفقد هيبته.
ما الجزء المفضل لديك في مهنتك؟
أجمل ما أحب في مهنتي هو ثقة عميلاتي، فعند انتهائي من أي مشروع تنشأ بيننا علاقة حب وودٍّ وتقدير، وهذا هو الجانب المضيء، والذي يستمر في مهنتي.
مَن العميلة التي لا تحبين التعامل معها؟
لا أحب التعامل مع تدعي بأن لديها المعرفة بكل شيء، والتي تلقنك آراءها دون أي تدخل أو حتى نقاش.
هل ثمة فرق بين إمكانات الرجل والمرأة في عالم تصميم الديكور؟
إيماني يقوى يوما بعد يوم بأن 90 في المئة من التصاميم الداخلية تناسب المرأة، قد يكملان بعضهما في مشروع، ولكن تبقى لمسات المرأة الأقرب للحميمية والدفء.
ماذا تقولين عن تجربتك الطويلة حتى الآن؟ وماذا عن طموحات المستقبل؟
أنا سعيدة لأنني أستثمر طاقاتي في هذا المجال، فقد تخطيت مرحلة العمل بالمساحات الصغيرة، وصممت ديكورات للقصور والفنادق الكبيرة وأصبحت أقف على أرض صلبة، وأنا كل يوم أحلم، ومازلت في مرحلة تحقيق حلمي