رئيسة التحرير مي بدر تكتب في افتتاحية عدد نوفمبر: بوّابات صغيرة نمرّ قربها من دون أن نتوقف
لأن عالمنا المتسارع يتغير اليوم بإيقاع يفوق إدراك الحواس، أعود بكم وأسرة التحرير في هذا العدد إلى تلك اللحظات التي يتوقف فيها الزمن قليلا، كي نراقب ما يجري حولنا بكل أحاسيسنا، ولكن قبل ذلك لنعترف بأن حواسنا الخمس صارت في زمن السرعة بوابات صغيرة نمرّ قربها من دون أن نتوقف. ولهذا السبب قررنا أن نحتفي بكل ما يجعل الحواس شريكة للجمال.. نحتفي بالضوء حين يلامس فخامة "الهوت كوتور"، وبالصوت حين يتحوّل إلى موسيقى داخلية في لحظة تصوير، وباللمس حين يترجم الحرفيّ دقة قلبه قبل أن يترجم مهارته.. نحتفي بالذوق الذي لا يحدّه الزمان، ونتذكر أن الفخامة ليست شكلا نقتنيه، بل إحساسا نعيشه.
اليوم أحدثكن يا صديقاتي عن الفن العظيم الذي يولد حين نصغي إلى ما لا يمكننا أن نسمعه.. وعن الفخامة الحقيقية التي أرى أنها ليست سوى القدرة على الإصغاء، ورؤية التفاصيل التي تتجاوز البريق، ولمس الأشياء البسيطة التي تلامس حقيقتنا.. الفخامة يا صديقاتي ليست نقيض البساطة، بل هي امتداد لها، وتجربة نعيشها بكل حواسنا. ومنهما نتذوّق اللحظات التي تمنح يومنا معناه، ونستنشق ما يعيدنا إلى ذاتنا.

في هذا الزمن الذي تغلب فيه الصورة على الإحساس، نحاول من خلال صفحاتنا الغنية، إعادة الجمال إلى مكانه الطبيعي.. إلى الداخل، حيث يندمج العقل مع القلب، وتصبح التفاصيل الصغيرة مفتاحا لرفاهية أكبر من المظاهر. ونتشارك مع النجمة الكبيرة نادين لبكي رحلة مختلفة، كشفت لي فيها عن أن الإبداع يبدأ من إحساس صادق، وأن المخرج لا يصنع الصورة، بل يصنع الزمن داخلها. وحدثتني عن الفنّ الذي لا يعيش في الخوف، وعن الانبهار باعتباره أجمل ما يمكن لروح أن تشعر به، وعن الفخامة بوصفها توازنا بين العيش في الطبيعة والبقاء متصلين بالعالم، وعن الأنوثة التي تبقى في داخل كل امرأة مهما تغير العمر وتبدل الضوء.
وأختم بمقولة للفيلسوف "غوته": "الجمال الحقيقي يوقظ الروح قبل أن يلفت النظر"، ولعلّ هذا ما نحتاج إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى: أن نستعيد علاقتنا بما يوقظ أرواحنا.