بين العاطفة والمال.. كيف تتحكم مشاعر الرجل في قراراته المالية؟
هل صحيح أن المال والعاطفة من عالمين منفصلين؟ وهل يمكن أن تؤثر المشاعر والأحاسيس على الأرقام والمنطق؟ قد يعتقد البعض أن القرارات المالية تُبنى على الحساب والمنطق وحدهما، لكن الواقع يكشف شيئًا مختلفًا تمامًا. حتى أكثر الرجال عقلانية واتزانًا، يجد نفسه أحيانًا يتخذ قرارات مالية مدفوعة بالعاطفة. فقد ينفق بسخاء حين يسيطر عليه الحب، أو يتردد في الاستثمار عندما تتغلب عليه مشاعر الخوف أو القلق. إذن، كيف تؤثر العاطفة على قرارات الرجل المالية؟
دراسة.. العاطفة وتأثيرها على قرارات الرجل المالية
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الحالة النفسية والعاطفية للرجل تلعب دورًا كبيرًا في سلوكه المالي. فكما توضح د. أميرة داوود، اختصاصية علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية، دكتوراه صحة نفسية جامعة سيلينس إنجلترا، هناك دوافع نفسية خفية مرتبطة بالعاطفة والمزاجية تؤثر على طريقة إنفاق الرجل واتخاذه للقرارات المالية كما يلي:
تأثير الأخبار العاطفية
أظهرت دراسة أجرتها جامعة إسكس البريطانية أن الرجال الذين تعرضوا لمؤثرات عاطفية، مثل سماع أخبار حزينة أو مؤثرة، أصبحوا أكثر حذرًا في قراراتهم المالية، وكأن المشاعر غيرت طريقة تفكيرهم في المخاطر. أما العواطف السلبية مثل الخوف أو الغضب، فقد تدفع بعض الرجال إلى اتخاذ قرارات متسرعة أو شراء أشياء غير ضرورية.
وقوع الرجل في الحب والإنفاق العاطفي
على الجانب الآخر، فإن وقوع الرجل في الحب قد يجعله أكثر ميلاً للمخاطرة أو للكرم المالي. فبعد الحب يصبح المال وسيلة للتعبير عن المشاعر، سواء عبر الهدايا، المفاجآت، أو حتى الإنفاق على التجارب المشتركة مع الشريك.
مخاطر الإنفاق العاطفي
يستخدم بعض الرجال المال كوسيلة لتعويض الصدمات العاطفية أو النفسية، مثل محاولة تجاوز أزمة عاطفية بالشراء أو الاستثمار غير المدروس. هذا يوضح أن التوازن بين العاطفة والعقل ضروري جدًا لتجنب القرارات المالية الخاطئة.
هل يتغير إنفاق الرجل بعد الوقوع في الحب؟
عاطفياً، حين يقع الرجل في الحب، لا تتغير مشاعره فحسب، بل يتغير أيضًا أسلوب تعامله مع المال. فالحب يمنحه دفعة من الطاقة العاطفية التي تجعله أكثر كرمًا ورغبة في التعبير عن مشاعره عبر الهدايا والمفاجآت. إذ يرى الرجل أن الإنفاق ليس مجرد مصروف، بل وسيلة للتقرب والتعبير عن الحب والاهتمام.
سلوكيات مالية للرجل تؤكد تأثير العاطفة عليه
تشير الدراسات النفسية، وفقًا لدكتورة. أميرة داوود، إلى أن الرجل بعد الوقوع في الحب يميل إلى:
- الإنفاق بسخاء أكبر على من يحب، رغبة في إسعادها أو لفت انتباهها.
- تقديم هدايا رمزية تعكس المشاعر أكثر من قيمتها المادية.
- اتخاذ قرارات مالية عاطفية، مثل المجازفة بشراء أشياء باهظة أو التخطيط لمستقبل مشترك دون حساب دقيق للتكاليف أو مراعاة مبدأ الحيطة والحذر.
فالحب يُنشط مراكز المكافأة في الدماغ، فيشعر الرجل بالرضا كلما قدم شيئًا لمن يحب، مهما كلفه ذلك من مال أو جهد. هنا، يصبح الإنفاق انعكاسًا للمسؤولية والرغبة في العطاء وليس تبذيرًا.
متى تتحول العاطفة إلى عبء مالي على الرجل؟
الاندفاع العاطفي قد يقود الرجل إلى قرارات مالية غير محسوبة، خاصة في بداية العلاقة أو عندما لم تتضح معالمها بعد.
على الرغم من أن الإنفاق العاطفي يعكس الحب والاهتمام، إلا أنه قد يتحول إلى عبء مالي شديد على الرجل وبخاصة عند محاولاته المتكررة لفعل ما يلي:
- إرضاء المرأة التي يحبها بانفاق مالي كبير على رغباتها وما يسعدها دون مراعاة حدود ميزانيته.
- جعل الإنفاق وسيلة لإثبات المكانة أو التفوق الاجتماعي، وليس مجرد تعبير عن المشاعر.
- تجاهل أمور مالية غاية في الأهمية، مثل الادخار أو الالتزامات الأخرى بسبب الاستسلام لتأثير العاطفة.
هنا يحتاج الرجل للموازنة بين العاطفة والعقل ليبقى الحب مصدر سعادة وليس سببًا للقلق بسبب تدهور أوضاعه المالية.
كيف يمكن للرجل أن يوازن بين العاطفة والمنطق؟
يستطيع الرجل الموازنة بين الوعي بالمشاعر والمنطق قبل اتخاذ القرار المالي من خلال اتباع ما يلي:
- دراسة حالته النفسية قبل أي انفاق ومعرفة ما إذا كان متحمسًا أو قلقًا أو غاضبًا.
- تأجيل القرارات الكبيرة، كالقرارات العاطفية اللحظية، وتلك التي تتعلق بالأمور المالية.
- استشارة شخص محايد، كصديق، خبير أو مختص لتجنب أثر العاطفة عليه.
- ضرورة معرفة الفرق بين الكرم والتسرع في اتخاذ القرار، لأنه ليس كل إنفاق يدل على حب، وليس كل حذر يعني بخلًا.

خلاصة القول:
الوقوع في الحب يؤثر بشكل واضح على سلوكيات الرجل المالية، حيث يتحول الإنفاق أحيانًا إلى وسيلة للتعبير عن المشاعر والكرم. ومع ذلك، قد يؤدي الانفعال العاطفي إلى قرارات مالية غير محسوبة إذا لم يرافقه العقل والتخطيط. الرجل الحكيم هو من يجمع بين القلب والعقل، فالعاطفة تمنحه دفء المشاعر والدافع للعطاء، بينما العقل يمنحه القدرة على التخطيط والتصرف بحكمة. التوازن بينهما يضمن أن يكون الإنفاق تعبيرًا عن الحب وليس سببًا للضغط المالي أو القرارات الخاطئة، محافظًا بذلك على مشاعره واستقراره المالي في آن واحد.
سؤالي لكِ الآن عزيزتي حواء... أيهما تفضلين: الرجل الذي ينفق باعتدال أم الرجل الذي ينفق دون اتزان؟

