أديل وسلمى أبو ضيف الأشهر.. كيف تجاوزت النجمات اكتئاب ما بعد الولادة

تُعد مرحلة ما بعد الولادة من أكثر المراحل حساسية في حياة المرأة، إذ تختلط فيها مشاعر الفرح بقدوم طفل جديد مع الإرهاق الجسدي والنفسي الناتج عن الحمل والولادة وتغير نمط الحياة. وهنا تبرز أهمية فهم أسباب اكتئاب ما بعد الولادة بوصفه حالة طبية حقيقية قد تمر بها أي امرأة، مهما بدت قوية أو مستقرة من الخارج.

قد تُصاب بعض الأمهات بما يُعرف باكتئاب ما بعد الولادة، وهو اضطراب نفسي شائع، لكنه غالبًا ما يُساء فهمه أو التقليل من شأنه. ولا يرتبط هذا الاكتئاب بضعف الشخصية أو قلة الإيمان، بل هو حالة لها أسباب بيولوجية ونفسية واجتماعية واضحة، وهو ما يجعل الحديث عن أسباب اكتئاب ما بعد الولادة خطوة أساسية في طريق التوعية والعلاج.

وهنا سؤال مباشر لكل أم: هل شعرتِ يومًا بأن الفرح المتوقع لم يأتِ كما ينبغي؟ هذا الإحساس، مهما بدا مربكًا، لا يعني ضعفًا أو تقصيرًا، بل قد يكون إشارة لحالة تحتاج إلى فهم ودعم.

نجمات تحدثن بصراحة عن تجربة اكتئاب ما بعد الولادة

رغم الأضواء والنجاح، لم تتردد بعض النجمات في كشف تجاربهن مع هذه المرحلة الصعبة، في محاولة لكسر الصمت المحيط بها، والتأكيد على أن ما تمر به الأمهات له جذور حقيقية ترتبط بأسباب اكتئاب ما بعد الولادة.

الفنانة الشابة سلمى أبو ضيف تحدثت بصراحة عن تجربتها بعد ولادة ابنتها الأولى صوفيا، مؤكدة أنها مرت بفترة شديدة الصعوبة، عانت خلالها من الإرهاق والتعب وقلة النوم لأيام متواصلة، وهو ما أثر على صحتها وقدرتها على رعاية طفلتها.

وأوضحت سلمى أبو ضيف أنها استطاعت تجاوز هذه المرحلة سريعًا نسبيًا، بفضل وعي المحيطين بها ودعمهم النفسي، وهو ما يسلّط الضوء على أهمية الدعم الأسري، الذي قد يكون في أحيان كثيرة الفارق الحقيقي في التعامل مع أسباب اكتئاب ما بعد الولادة.

من جانبها، كانت المغنية البريطانية أديل من أوائل النجمات اللاتي تحدثن بوضوح عن تجربتهن مع اكتئاب ما بعد الولادة بعد إنجاب ابنها أنجيلو، حيث اعترفت بأنها لم تشعر بالسعادة في البداية، وكانت تخشى أن تكون أمًا سيئة. وأكدت أن الحديث عمّا تمر به وكسر حاجز الصمت كان بداية طريق الشفاء، في رسالة مباشرة لكل أم لا تفهم ما تمر به أو تخجل من الاعتراف به.

أما الفنانة دنيا عبد العزيز، فمرت بتجربة قاسية بشكل خاص، خاصة أنها اضطرت لتصوير مسلسل “المداح” بعد 40 يومًا فقط من الولادة. وتحدثت دنيا عن حالتها النفسية والجسدية المتعبة، قائلة في لقاء مصور:
كنت بصوت وناكشة شعري في البيت، وبقول الناس بتبارك ليّ ليه؟ أنا في مصيبة، سيبوني في حالي وعياط، لأن مش بنام غير ساعة في اليوم، فكان عندي انهيار عصبي.

وتعكس هذه التجربة جانبًا واقعيًا من أسباب اكتئاب ما بعد الولادة المرتبطة بالإجهاد الشديد وضغط العمل وقلة النوم.

أسباب اكتئاب ما بعد الولادة

تتعدد أسباب اكتئاب ما بعد الولادة، وغالبًا ما تكون ناتجة عن تداخل عدة عوامل في الوقت نفسه.وأكد دكتور عمرو حسن، استشاري أمراض النساء والتوليد، أن المرأة بعد الولادة تتعرض لتغيرات هرمونية حادة، حيث تنخفض مستويات بعض الهرمونات بشكل مفاجئ، ما يؤثر على الحالة المزاجية ويزيد من الشعور بالحزن والقلق.

وأضاف أن الإرهاق الجسدي الناتج عن الولادة، إلى جانب قلة النوم بسبب رعاية الطفل، يلعبان دورًا كبيرًا في إضعاف القدرة على التحمل النفسي.

ومن الناحية النفسية، قد تشعر الأم بضغط شديد نتيجة الإحساس بالمسؤولية أو الخوف من الفشل في رعاية طفلها، خاصة في تجربة الأمومة الأولى، وهو ما يندرج أيضًا ضمن أسباب اكتئاب ما بعد الولادة الشائعة.

كما أشار إلى أن إغفال العوامل الاجتماعية، مثل قلة الدعم الأسري أو المشكلات الزوجية أو الضغوط الاقتصادية، قد يجعل الأم تشعر بالعزلة والوحدة، ويزيد من حدة الاكتئاب.

تأثير اكتئاب ما بعد الولادة على علاقة الأم بطفلها

قد يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة بشكل واضح على علاقة الأم بطفلها، خاصة في الشهور الأولى التي تُعد أساسية لبناء الارتباط العاطفي بينهما. فالأم المصابة بالاكتئاب قد تجد صعوبة في التفاعل مع طفلها أو الاستمتاع بوجوده، وقد تشعر بالذنب، رغم أن ذلك لا يعكس مشاعرها الحقيقية، بل هو انعكاس مباشر للحالة النفسية التي تمر بها.

وأوضح استشاري أمراض النساء والتوليد أن الاكتئاب قد يؤثر على استجابة الأم لاحتياجات طفلها العاطفية، مثل الاحتضان أو التحدث معه، وأحيانًا يصل إلى عدم الرغبة في الرضاعة الطبيعية، ما يستدعي التدخل المبكر والدعم النفسي.

كيف تستطيع الأم تجاوز هذه الفترة؟

تجاوز اكتئاب ما بعد الولادة ممكن، خاصة عند الاعتراف بالمشكلة وطلب المساعدة في الوقت المناسب. وأكد دكتور عمرو حسن أن الخطوة الأولى هي إدراك الأم أن ما تشعر به حالة مرضية قابلة للعلاج، وليست فشلًا شخصيًا أو ضعفًا.

وأشار إلى أن التحدث مع الزوج أو شخص موثوق يخفف من العبء النفسي، كما أن اللجوء إلى طبيب نفسي عند الحاجة، سواء للعلاج النفسي أو الدوائي تحت إشراف طبي، قد يكون عاملًا حاسمًا في التعافي، إلى جانب الاهتمام بالراحة والنوم والتغذية السليمة.

متى تعود الأم لممارسة حياتها بشكل طبيعي؟

أكد دكتور عمرو حسن أن مدة التعافي من اكتئاب ما بعد الولادة تختلف من امرأة لأخرى، حسب شدة الحالة ومدى توفر الدعم والعلاج المناسب. فقد تشعر بعض الأمهات بتحسن خلال أسابيع قليلة، بينما تحتاج أخريات إلى عدة أشهر، مشددًا على أن الصبر وعدم استعجال النتائج جزء أساسي من رحلة التعافي.

خلاصة القول

يُعد اكتئاب ما بعد الولادة تجربة صعبة، لكنها ليست نهاية الطريق، بل مرحلة مؤقتة يمكن تجاوزها بالفهم والدعم والعلاج المناسب. والوعي بأسباب اكتئاب ما بعد الولادة يساعد الأم والمحيطين بها على تقليل آثاره السلبية، وحماية صحتها النفسية وعلاقتها بطفلها وأسرتها. وطلب المساعدة ليس ضعفًا، بل خطوة شجاعة نحو الشفاء.