أنشطة رياضية مشتركة مع ابنتكِ تخّلق بينكما روابط قوية لا تُقدر بثمن.. اعتمديها

أنشطة رياضية مشتركة مع ابنتكِ تخلق بينكما روابط قوية لا تُقدر بثمن.. اعتمدّيها

رحاب عباس المواردي
17 ديسمبر 2025

بينما كنت استعدّ للنوم، دخلت ابنتي الغرفة للتحدث معي قليلًا. كان حوار ممتع، نتبادل الضحكات، نقييم يومنا، ونفكر معًا "كيف يمكننا استغلال أجازة نهاية الأسبوع لممارسة أنشطة مشتركة سويًا؟". لا شك أنني سرحت في طلبها "أتمنى قضاء وقت ممتع معكِ يا أمي". هنا، أدركت مدى افتقادنا لأوقات نقضيها معًا بعيدًا عن دراستها ومهامي اليومية. عمومًا أنهيت حديثنا بأهم وعد لها: "سأبدأ بتخصيص وقت أسبوعي لكِ، ليس لقضاء وقت فحسب، بل لاستثمار علاقتنا في لحظات تذوب فيها الفروق بين "أم" وابنة" لنتحول إلى شريكتين في مغامرة، رفيقتين في تحدي، وصديقتين في اكتشاف كل ما هو جديد ومفيد لبناء روابط قوية بيننا لا تقدر بثمن".

في الصباح الباكر، وبعد الانتهاء من مهامي الصباحية؛ جلست أتصفح مقاطع متنوعة لأنشطة مختلفة يمكن استغلالها كأسلوب حياة مع ابنتي وليس لمجرد وقت فقط. هنا بدأت اكتشف بعض الأنشطة الرياضية التي يمكن جدولتها في روتين حياتنا. لذا، تناقشت مع صديقتي مدربة اللياقة البدنية كابتن مها محمود من القاهرة التي اختارت أبرزها لتكون بمثابة "جسر من الحركة يعبر فوق فجوات الأجيال، لغة جديدة تتحدثها الأجساد قبل الكلمات، ورقصة حوارية لا تحتاج لموسيقى سوى ضحكاتنا المشتركة".

من هذا المنطلق، أسعى من خلال مقالي اليوم عبر موقع "هي" إلى تشجيع كل أم على تخصيص أوقات مشتركة وهادفة مع ابنتها، بعد التعرف على أهمية بعض الأنشطة الرياضية المشتركة لتعزيز علاقتهما معًا في المقام الأول.

أنشطة رياضية تصّنع أقوى الذكريات

أنشطة رياضية مشتركة تعزز  علاقة الأم والابنة مدى الحياة
أنشطة رياضية مشتركة تعزز  علاقة الأم والابنة مدى الحياة

في البداية تطرقت كابتن مها، إلى جزء مهم عند اختيار أي نشاط رياضي يمكن ممارسته مع ابنتي، وقالت: "هل تعلّمين أن أقوى الذكريات غالبًا ما تُصنع خارج منطقة الراحة؟ عندما تتحدين مع ابنتكِ في مواجهة تحدي رياضي، عندما تسقطان معًا وتنهضان معًا، عندما تنجزان معًا ما ظننتما أنه مستحيل.هنا تُخلق لا مجرد ذاكرة، بل روابط من نوع خاص".

واستكملت: "تخيلي ابنتكِ وهي تراكِ - لا كأمها فقط - بل كإنسانة قوية، مرنة، تجرؤ على المحاولة وتضحك على نفسها إذا أخطأت. هذه الصورة ستبقى في ذاكرتها أكثر من ألف نصيحة".

ثم أكدت كابتن مها، أن الأمهات والبنات، فريق غير عادي يمكنه تحويل أي ملعب إلى مسرح للتفاهم، وأي نشاط رياضي إلى حكاية تقارب. فالرياضة المشتركة ليست للعضلات فقط، بل لعضلة العلاقة التي تحتاج هي الأخرى إلى تمارين منتظمة لتبقى قوية ومرنة.

أهمية الأنشطة الرياضية المشتركة بين الأمهات والبنات

ووفقًا لكابتن مها، لاشك أن أي نشاط مشترك بين الأمهات والبنات سيحقق فوائد مذهلة، أبرزها:

  • تحسين اللياقة البدنية للطرفين وتقليل مخاطر الأمراض المزمنة.
  • زيادة إفراز الإندورفين (هرمون السعادة) مما يحسن المزاج ويُقلل التوتر.
  • تعزيز عادات صحية ستستمر مع البنات مدى الحياة.
  • خلق ذكريات مشتركة ومساحات جودة وقت (Quality Time) حقيقية.
  • بناء جسر للتواصل خارج الإطار الروتيني اليومي.
  • تعزيز الثقة المتبادلة من خلال مشاركة التحديات والنجاحات.
  • تعليم البنات المثابرة من خلال قدوة الأم.
  • تعزيز احترام الذات لدى البنت من خلال إنجازات مشتركة.
  • تطوير روح الفريق والتعاون المتبادل.
  • تعليم أهمية الانضباط والالتزام من خلال الممارسة المنتظمة.
  • فرصة لنقل الحكمة بشكل غير مباشر خلال الأنشطة المشتركة.
  • تعزيز مفهوم الرعاية الذاتية كأولوية وليس كرفاهية.
  • تقليل التوتر المراهقي عند البنات من خلال قناة تفريغ صحية.
  • تخفيف ضغوط الأمومة لدى الأمهات من خلال تفريغ الطاقة الإيجابي.
  • خلق لغة مشتركة تتجاوز الحوارات اليومية الاعتيادية.
  • تشكيل هوية عائلية رياضية تُشجع على نمط حياة نشط.
  • تحدي الصور النمطية عن قدرات النساء في مختلف الأعمار.
  • بناء شبكة دعم طبيعية بين أفراد الأسرة.
  • تأسيس تقليد عائلي صحي يمكن تمريره للأجيال القادمة.
  • تقليل فجوة الأجيال من خلال أنشطة مشتركة ذات معنى.
  • خلق إرث صحي يتجاوز الفوائد الفردية المباشرة.

برامج تجمع بين الأمهات والبنات في أنشطة رياضية مشتركة

وتابعت كابتن مها، الرياضة المشتركة بين الأمهات والبنات ليست مجرد نشاط بدني، بل استثمار متعدد الأبعاد في العلاقة، الصحة، والنمو الشخصي لكليهما، مع تأثيرات إيجابية تمتد لسنوات قادمة وتخلق رابطًا فريدًا يُعزز التقارب في المراحل العمرية المختلفة. أما عن أفضل الأنشطة الرياضية المناسبة لهما معًا، فهي كالتالي:

اليوغا المشتركة

تُركز على التوازن، المرونة، والاسترخاء. لذا هي مناسبة للأمهات والبنات في جميع المراحل العمرية.

الرقص الرياضي (زومبا، هيب هوب، باليه)

يُحسن اللياقة ويُنشط العلاقة بين الأم والابنة. كما أنه مناسب لكل الأعمار وغالبًا ما تكون جلساته مرحة ومسلية.

السباحة العائلية

أنشطة مائية مشتركة في المسابح العامة، أو دورات سباحة للأمهات والبنات.

رياضة المشي والجري

فرصة للتواصل، والمشاركة في ماراثونات ومشي عائلي. وهنا يمكن انضمامهما لنوادي مشي أو جري.

رياضات الدفاع عن النفس

تُعزز الثقة بالنفس واللياقة البدنية مثل "حصص الكاراتيه أو التايكوندو المشتركة".

تسلق الجدران الداخلية

نشاط ممتع ومغامر للأمهات والبنات. يناسب مختلف الأعمار والمستويات، كما أنه يُعزز الثقة والتعاون.

إرشادات مهمة لتشجيع الأمهات والبنات على ممارسة أنشطة رياضية مشتركة

أكدت كابتن مها، أن الرياضة المشتركة لا تحسن الصحة البدنية فحسب، بل تقوي الروابط العائلية وتخلق ذكريات جميلة تدوم مدى الحياة. لذا اتبعّي الإرشادات التالية من الآن فصاعدًا، وذلك على النحو التالي:

ابدئي من حيث أنتما الآن

لا تنتظري الظروف المثالية، ابدئي بنشاط بسيط مثل المشي 15 دقيقة. تقبلي المستوى الحالي لللياقة من دون مقارنات، وتذكّري دومًا أن: "القليل الدائم خير من الكثير المنقطع".

اجعليها متعة لا واجبًا

اختاري أنشطة تحبونها فعلًا، ولا تشعران أنها عبء. ادخلي عناصر المرح "موسيقى مفضلة، تحديات مرحة، وجوائز صغيرة". كذلك لا تركزا فقط على النتائج بلعلى الاستمتاع بالوقت المشترك بينكما.

كوني قدوة إيجابية

بدلًا من إعطاء الأوامر، قولي: "هل ترغبين في التجربة معي؟". كذلك شاركي حماسكِ وليس فقط التزامكِ، وتحدثي عن الفوائد التي تشعرين بها شخصيًا.

تجنبي النقد والمنافسة السلبية

ركّزي على التحسن الشخصي وليس المقارنة. استخدمي لغة التشجيع: "رائعة!"، "تحسنت كثيرًا!"، "أنا فخورة بمحاولتنا"، كذلك تذكري أن الهدف هو التقارب وليس التفوق.

كوني مرنة ومبتكرة

إذا لم يعجبكما نشاط، جربا غيره حتى تجدان ما يناسبكما. كذلك يمكنكما تغيير الروتين لمنع الملل "حديقة اليوم، شاطئ غداً، نادي بعد أسبوع"، كذلك جربا أنشطة جديدة معًا "ليوغا، التسلق، الرقص".

حدّدي مواعيد ثابتة لكن غير صارمة

ضعي موعدًا أسبوعيًا في التقويم كموعد مهم، لكن كوني مستعدة للتعديل عند الظروف الطارئة، لأن الأهم هو الاستمرارية وليس الكمال.

استخدمي التكنولوجيا لصالحكما

حملي تطبيقات رياضية عائلية.سجلي إنجازاتكما وشاركوها (بشكل خاص)، كذلك استمعا معًا لبودكاست أو كتب صوتية أثناء المشي.

 ابدئي بالتدريج

تأكدي أن 10دقائق أفضل من لا شيء. ثم زيدي المدة والكثافة تدريجيًا، واحتفلا بالمعالم الصغيرة خلال ممارستكما الأنشطة الرياضية المشتركة.

ادمجي الرياضة في الحياة اليومية

تحّركا معًا إلى السوق معًا بدلًا من السيارة، اصعدّا السلالم معًا، وارقصّان أثناء تحضير العشاء.

كوني مستعدة للعقبات

توقعيالأيام الصعبة، لكن لا تستسلمي عندها. تكلمي بصراحة  مع ابنتكِ عن التحديات: "أشعر بالتعب اليوم، لكن دعينا نمشي قليلًا فقط"، كذلك ابحثي دومًا عن بدائل في الأيام المزدحمة.

اختاري وقتًا يناسبكما معًا

صباح العطلة الأسبوعية، بعد العودة من المدرسة/العمل، أوأي وقت تشعران فيه بالطاقة والإيجابية.

استعيني بالآخرين

انضمي لمجموعة أمهات وبنات لمزيد من التشجيع، شاركي في فعاليات رياضية مجتمعية، واطلبي من الأب أو الإخوة دعمكما.

ركّزي على الجانب الاجتماعي

أنشطة رياضية مشتركة اجعليها منذ نعومة أظافر ابنتك وفي جو عائلي لا يقدر بثمن
أنشطة رياضية مشتركة اجعليها منذ نعومة أظافر ابنتك وفي جو عائلي لا يقدر بثمن

خطّطي للرياضة ثم لفطور أو عصير صحي معًا، استغلي الوقت للحديث عن أمور إيجابية، وتذكّري دومًا: " أن الجودة أهم من الكمية".

وأخيرًا، أؤكد من خلال مقالي اليوم، أن هدفي ليس الوصول إلى وزن معين أو مستوى رياضي محدد، بل بناء علاقة أقوى وأكثر صحة بين الأم والابنة. فكل دقيقة تمضيها مع ابنتكِ منذ الصغر هي استثمار مدى الحياة  في صحتكما "الجسدية، النفسية، والعاطفية" من دون استثناء، وخصوصًا إذا كانت في جو عائلي ومع الأب تحديدًا. لذا، ابدئي من اليوم فصاعدًا، وليكن شعاركما: "معًا نتحرك، معًا نتقارب، ومعًا ننمو".