خدّاع عقلكِ سرّ حُبّكِ لممارسة التمارين الرياضية.. كيف ذلك؟

خداع عقلكِ سرّ حُبّكِ لممارسة التمارين الرياضية.. كيف ذلك؟

رحاب عباس المواردي

هل تعلّمين أن بلغة علم الأعصاب، يمكنكِ إعادة تشكيل مسارات السعادة والتحفيز  لدماغكِ، لتجعلي التمرين يُطلِقُ نفس العواصف الكيميائية التي تُطلِقُها لحظة الفوز في لعبة، أو سماع أغنيتكِ المفضّلة، أو لقاء شخص تُحبينه؟

نعم، إنها خطة فعّالة لاختراق نظام التشغيل الخاص بدماغكِ، وإعادة برمجته بحيث "لا يرى الحركة عبئًا، بل يراها مكافأة، لا ينجذب إلى الراحة فقط، بل إلى النشوة التي تأتي بعد التمرين، ويستمع إلى الموسيقى فيخيّل له أن جسدكِ يرقص لا يركض.

لذا سأطلعكِ عبر موقع "هي" على حيلًا مجربة من علم النفس "الربط، التلاعب بالإدراك، التحديات المصغّرة، وتحويل الملل إلى مغامرة". فهل أنتِ مستعدة لخدعة صغيرة؟.

لا تترددي، وابدئي بهذا السؤال: "ما هو أخف وأبسط شيء يمكن فعله الآن؟ ربما مجرد ارتداء حذاء الرياضة أو المشي لدقيقتين. انظري، لقد بدأتِ. هذا هو أول خيط نجذب به دماغكِ نحو عالم جديد، حيث تكون الرياضة هدية تقدمينها لعقلكِ، وليست عقابًا تفرضينه على جسدكِ.

هيا، لنبدأ ونضع الأسلحة بين يديكِ: "وعيُكِ، فضولكِ، وخمس دقائق فقط من وقتكِ"؛ بناءً على توصيات كل من استشاري الطب النفسي الدكتور محمد فريد، ومدرب اللياقة البدنية كابتن هاني سلامة من القاهرة.

خدعة ارتداء الملابس أحد الاستراتيجيات الفعالة لحب ممارسة التمارين  الرياضية
خدعة ارتداء الملابس أحد الاستراتيجيات الفعالة لحب ممارسة التمارين  الرياضية

كيف يتم خداع الدماغ لحُبّ ممارسة الرياضة؟

ووفقًا للدكتور محمد، خداع الدماغ لحُبّ التمارين الرياضية هو فن تحويلها من واجب شاق إلى جزء مُنتظر وممتع ضمن الروتين الحياتي صفة عامة.هنا تكّمن الفكرة في إعادة برمجة الروابط الذهنية والعاطفية مع الرياضة، باستخدام استراتيجيات فعالة قائمة على علم النفس وعادات السلوك؛ وذلك على النحو التالي:

اربطي الرياضة بشيء تستمتعين به حقًا

  • أنشئي قائمة أغاني أو بودكاست أو كتب صوتية لا تسمعينها إلا أثناء التمرين. هنا سيتوق دماغكِ للاستماع إلى المحتوى الممتع، وسيصبح التمرين هو الوسيلة الوحيدة للحصول عليه.
  • اربطي التمرين بمكافأة صغيرة فورية وممتعة، مثل "كوب من عصيركِ المفضل، حمام فقاعات مريح، أو حتى مشاهدة حلقة من مسلسلكِ المُفضل". هذا يخلق رابطًا إيجابيًا في ذاكرتكِ.

اجعلي بداية الهدف والخداع بسيطة

  • استخدمي خدعة الملابس الرياضية فقط ولا تفكري في التمرين كله. بحيث يكون هدفكِ الوحيد هو ارتداء ملابس الرياضة وحذائكِ. لأن في أغلب الأحيان، بعد ارتدائها، سيكون من السهل جدًا البدء ولو لمدة 5 دقائق.
  • استفيدي من قاعدة الخمس دقائق "أقنعي نفسكِ بأنكِ ستتمرنين لـ5 دقائق فقط". بعد انتهاء الخمس دقائق، غالبًا ما يكون الدافع الكيميائي (إفراز الإندورفين) قد بدأ، وستستمرين بسهولة، وحتى لو توقفتِ، فهذا إنجاز.

التزمي بتغيير الإطار الذهني واللغة

  • لا تقولي "يجب أن أتمرن"، قولي "سأمنح جسدي الطاقة" أو سأتحرك من أجل عقلي". لتغيير التركيز من واجب إلى هدية تقدمينها لنفسكِ.
  • بدلًا من التفكير في الرياضة كعقاب؛ فكري فيها كتحدّي لتقوية جسدكِ والشعور بالانتصار. ولا تنسي أن تركزي على الشعور بعد التمرين (النشاط، الفخر، الراحة الذهنية).

استفيدي منها كلعبة ومتعة

  • استخدمي تطبيقات تجعل الرياضة لعبة بمستويات، تحديات، ومكافآت افتراضية.
  • سجّلي أرقامكِ القياسية وحاولي تحطيمها مثل "عدد خطوات في اليوم، وقت أسرع لمدة كيلومتر". وشجعي الدماغ على تحقيق الأهداف الصغيرة.
  • لا تلتزمي بنوع واحد ممل؛ لكن جربي "اليوجا، الرقص، تسلق الصخور، الرياضات الجماعية، أو تمارين في الهواء الطلق"  لأن التنوع يقتل الملل.

ركّزي على الأحاسيس الجسدية الإيجابية

  • كوني واعية أثناء التمرين، وركزي على إحساس القوة في عضلاتكِ، على تنفسكِ المنتظم، على نبضات قلبكِ النشطة. هذا يربطكِ بجسدكِ بشكل إيجابي بعيدًا عن شكل الجسم.
  • تذكري دومًا هذه المقولة "لم أندم أبدًا على تمرين قمت به". هذا الشعور بالرضا والفخر بعد الانتهاء هو ما يجب أن تعلقيه في ذهنكِ، وليس صعوبة البداية.

ادمجي التمارين مع الحياة الاجتماعية

  • مارسي التمرين مع صديقة حيث تتحول الرياضة إلى وقت للتواصل.
  • انضمي إلى مجموعة أو نادي، لأن الشعور بالانتماء لمجتمع صحي يحفزكِ ويجعل التمرين عادة اجتماعية.

تساهّلي مع نفسكِ وتخلصي من الكمالية

  • لا تشعري بالذنب إذا لم تمارسي روتينكِ الكامل المخطط له؛ فأي حركة هي انتصار و10 دقائق أفضل من لا شيء.
  • احتفلي بالجهود الصغيرة "كافئي نفسكِ عقليًا على الالتزام، وليس فقط على النتائج الخارجية".

وهنا أكد دكتور محمد، أن الأمر كله يتعلق ببناء عادة إيجابية تدريجيًا. ابدئي صغيرة، واربطي التمرين دائمًا بشيء ممتع أو شعور جيد. مع الوقت، سيتوقف الدماغ عن رؤيتها كعدو، وسيبدأ في طلبها للحصول على تلك الجرعة من النشاط والإنجاز والمتعة. كذلك أكد دكتور محمد، على ضرورة البحث عن النشاط الذي يجعلكِ تشعرين بالحياة، وليس الذي تعتقدين أنه "يجب" عليكِ فعله. فعندما تجدينه، لن تحتاجي إلى خداع دماغكِ كثيرًا.

تمارين فعّالة لتحفيز دماغكِ.. لاتفوتكِ

اختار كابتن هاني، تمارين مُحفِّزة للدماغ بطبيعتها ستجعل حُبّ الرياضة يحدث تلقائيًا؛ علمًا أنها مصممة خصيصًا لتشجيع الدماغ على إطلاق المواد الكيميائية المسؤولة عن المتعة والتحفيز، مما يخلق شغفًا حقيقيًا؛ وهي كالتالي:

تمارين الإيقاع المتسارع لإطلاق الدوبامين

مثل:"الجري أو المشي السريع أو ركوب الدراجة" مع الاستماع إلى قائمة أغاني ذات إيقاع متصاعد. هنا يعمل التزامن بين الإيقاع الموسيقي المتزايد وحركة الجسم على خلق حالة من "التدفق" لإفراز الدماغ الدوبامين، الذي يُسبب الشعور بالإنجاز والتزامن مع الموسيقى، الذي يجعل التمرين يشبه اللعبة.

تمارين المهارة والتحدي لتنشيط نظام المكافأة والتعلم

مثل:"تسلق الصخور (الاصطناعية أو الطبيعية)، الملاكمة، اليوجا المعقدة ( الـVinyasaأو الـAcroYoga))، أو تدريبات الجمباز الأساسية (كالوقوف على اليدين). تتطلب هذه التمارين تركيزًا عقليًا كاملاً. فعندما تنجحين في تنفيذ حركة صعبة مثل (إكمال مسار تسلق)، يفرز دماغكِ دفعة قوية من الدوبامين، ليصبح التمرين تحديًا عقليًا وجسديًا ممتعًا، وليس مجرد تكرار.

تمارين التنافس اللطيف واللعب لإثارة المشاعر الإيجابية والمرح

مثل: "كرة القدم، كرة السلة، التنس"، أو حتى استخدام تطبيقات اللياقة التنافسية مثلStrava لتحدي أصدقائكِ في خطوات أو مسافات. يُقلل العنصر الاجتماعيفي هذه التمارين  من الشعور بـ"المجهود". لأن الفوز أو حتى المشاركة المضحكة، يُطلق الإندورفين والسيروتونين؛ ما يجعل الدماغ يتذكر المتعة الاجتماعية ويربطها بالنشاط البدني.

تمارين الطبيعة والمغامرة لتحفيز الحواس وتقليل الإدراك للمجهود

مثل: "المشي لمسافات في الطبيعة، ركوب الدراجة الجبلية، الجري في حديقة جديدة، أو ممارسة اليوجا في الخارج".تُحفز المشاهد والأصوات والروائح الجديدة الحواس وتجذب انتباه الدماغ بعيدًا عن التعب. علمًا أن هذه الظاهرة تسمى "الانحراف الحسي"، حيث ينشغل الدماغ باستكشاف المحيط فيشعر أن التمرين أقصر وأسهل.

تمارين العقل والجسم لتهدئة النظام العصبي وخلق ارتباط إيجابي

مثل: "اليوغا، التاي تشي، البيلاتس". تركز هذه التمارين على التنفس والتحكم الحركي الدقيق. هذا يهدئ الجهاز العصبي (يرفع من مستوى GABA، ناقل عصبي مهدئ) ويخفض الكورتيزول (هرمون التوتر).  وبما أن الدماغ يرتبط  بهذه الممارسات، لذا سيُصاحبكِشعور السلام الداخلي والاستقرار دومًا.

تمارين الرقص والتعبير الحر لإطلاق الإندورفين ومحاربة الملل

مثل: "صفوف الزومبا، الرقص الحر في المنزل، الهيب هوب، أو الباليه". تُطلق الموسيقى والحركات الإيقاعية سيلًا من الإندورفين. علمًا أنه لا يوجد هدف للأداء سوى المتعة والتعبير عن النفس، مما يزيل ضغط "أداء التمرين بشكل صحيح". لذا الدماغ يعتبره لهوًا وليس تمرينًا.

اليوغا  ضمن أسرار التخلص من التوتر وحب ممارسة التمارين الرياضية
اليوغا  ضمن أسرار التخلص من التوتر وحب ممارسة التمارين الرياضية

على الهامش.. تمارين تُناسب حالتكِ المزاجية

  • إذا كنتِ متوترة مارسي تمارين العقل والجسم (اليوغا).
  • إذا كنتِ تشعرين بالملل استخدمي تمارين المهارة أو الرقص.
  • إذا كنتِ تشعرين بالكسل مارسي تمارين قصيرة مكثفة (HIIT) للتغلب على المقاومة.
  • إذا كنتِ محتاجة للطاقة استفيدي من تمارين الإيقاع المتسارع.
  • إذا أردتِ التواصل عليكِ بالتمارين الجماعية أو التنافسية.

وأخيرًا، لا تجبري نفسكِ على تمرين لا يشتهيه دماغكِ في ذلك اليوم. وتذكّري دومًا أن المرونة في الاختيار حسب الحالة المزاجية ستُبقي الروابط إيجابية. كذلك جربي كل نوع لعدّة مرات، وسيبدأ دماغكِ تلقائيًا في الانجذاب إلى الشعور الذي يمنحه إياه ذلك التمرين المحدد.