تؤثر على الصحة ككل: 5 أسباب وراء صعوبة النوم مع التقدم في العمر
أن يجافيكِ النوم ليلةً واحدة أو لعدة أيام، فهو أمرٌ صعب بالتأكيد، لكن يمكن احتماله على الرغم من تداعياته على الصحة الجسدية والنفسية؛ لكن ماذا لو عصى علينا النوم لفترةٍ أطول، في وقتٍ نحن بحاجةٍ إليه إلى الراحة والتنعم بنومٍ جيد لاستعادة نشاطنا وطاقتنا؟
المعروف أن الأطفال الصغار هم أكثر من يستمتع بساعات نومٍ طويلة وغير متقطعة، بعكس الكبار الذين يبدأون بالمعاناة من اضطرابات النوم عند البلوغ ومع التقدم بالعمر. وقد تزداد هذه الاضطرابات وليالي الأرق عند الراشدين وكبار السن، ممن يعانون من مشاكل صحية وأمراضٍ مزمنة، أو يرزحون تحت ضغطٍ كبير مادي ومهني وحياتي.
قلة النوم هذه، وما يتبعها من حالات أرق مزعجة، يمكن أن تؤدي في بعض الحالات إلى تداعياتٍ صحية خطيرة تشمل تدهور الصحة الجسدية والعقلية، وضعف الأداء الوظيفي والاجتماعي، وارتفاع خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري. كما يُضعف الأرق الشديد الجهاز المناعي، يؤثر على المزاج والتركيز، ويزيد من خطر الإصابة بالحوادث والأفكار الانتحارية. لهذا من الضروري معرفة أسبابه وتحديدها، بغية التوصل إلى حلها بالطرق الطبية والصحية المناسبة.
في مقالة اليوم، نستعرض وإياكِ عزيزتي لخمسة أسباب رئيسية، تقف وراء صعوبة النوم مع التقدم في العمر؛ وننصحكِ في الوقت ذاته بضرورة استشارة الطبيب المختص، لوصف العلاجات المناسبة في حال كنتِ تعانين من صعوبةٍ كبيرة في النوم مؤخرًا.
5 أسباب وراء صعوبة النوم مع التقدم في العمر
إن التقدم بالسن لا يجب أن يعني بتاتًا، عدم الاستمتاع بالحياة والنوم الجيد كما كنا نفعل في عمرٍ أصغر؛ كل ما علينا فعله هو تحرَي الأسباب التي قد تقف عائقًا بيننا وبين الحصول على نومٍ جيد وهانئ معظم الليالي.
وتشير المصادر الطبية المختلفة إلى أن صعوبة النوم مع التقدم في العمر تقف وراءها 5 أسباب رئيسية، هي التالية:

1. الهرمونات وتغيَرات الساعة البيولوجية
من المؤكد أن الجسم لا يبقى على حاله من الطفولة حتى الشيخوخة، بل سيمر بتغيَرات كثيرة تؤثر على ساعته البيولوجية بشكلٍ كبير. وتلعب الهرمونات دورًا بارزًا في هذه التغييرات، لتتأثر دورة النوم لدينا نتيجةً لذلك. فأنماط النوم تتغير بصورةٍ شبه جذرية مع التقدم في العمر، حيث نجد كبار السن يشعرون بالنعاس باكرًا، ويميلون للاستيقاظ مبكرًا أيضًا.
كما أن الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم، ينخفض مع التقدم بالسن؛ وهو ما يزيد من صعوبة الاستسلام للنوم والحصول على نومٍ عميق وجيد.
لا ننسى بالطبع الهرمونات النسائية التي تعصف بنا خلال مراحل حياتنا المختلفة، ولا تتوقف عند التقدم في العمر؛ فالتغيرات الهرمونية المصاحبة لانقطاع الطمث على سبيل المثال، ومنها انخفاض مستويات الإستروجين في الجسم، قد تتسبب بمشكلاتٍ حقيقية في النوم عند النساء.
2. الأمراض المزمنة والحالات الصحية
كما ذكرنا في المقدمة، يترافق التقدم في العمر للأسف مع إمكانية الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري ومشكلات الجهاز التنفسي، وما يُصاحبها من ألمٍ شديد يمكن أن يعيق جودة النوم.
كبار السن هم عرضةٌ أيضًا لاضطرابات النوم المحددة الناجمة عن مشكلاتٍ صحية مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، متلازمة تململ الساقين، وارتجاع المريء، وكلها مشاكل تتسبب بالاستيقاظ المتكرر. ناهيكِ عن مشاكل مرتبطة بالدماغ والأعصاب، إذ تتسبب أمراض الزهايمر والباركنسون والتصلب المتعدد في تزايد خطر اضطرابات النوم مع التقدم في العمر.
3. الآثار الجانبية للأدوية
عندما نتحدث عن الأمراض عند كبار السن، فنحن نقصدُ أيضًا الحاجة لتناول العديد من الأدوية، التي يأخذها المرضى في هذه المرحلة العمرية في ذات الوقت؛ بعض هذه الأدوية لها تأثيراتٌ جانبية سلبية قد تؤثر على جودة النوم أو تُسبَب الأرق.
لهذه الآثار الجانبية تأثيراتٌ على هرمونات النوم، ما يتسبب باضطراباتٍ حادة في الدورة اليومية الطبيعية للنوم والاستيقاظ عند التقدم في العمر.
4. القلق والتوتر
للتقدم في العمر ضريبةٌ كبيرة، للأسف، تتمثل في زيادة الضغوط النفسية وتأثيراتها على دورة الحياة الطبيعية، والنوم من ضمنها بالتأكيد.
فالصغار لا يعانون من القلق والتوتر كما نفعل نحن الكبار، وكثيرًا ما نجد أنفسنا نغرق في دوامة الاكتئاب والحزن والخوف من المستقبل وتداعيات الحروب والكوارث والاحتياجات المادية وغيرها؛ ما يزيد من صعوبة النوم أو استغراقنا فيه كما في السابق.
كما يؤثر الشعور بالوحدة وتغيرات الحياة الاجتماعية على الحالة النفسية لكبار السن، ويتسبب بالتالي في مشكلات النوم التي تتفاوت بين الخفيفة والمتوسطة إلى الحادة والتي تتطلب علاجًا فوريًا كي لا تؤثر بشدة على الصحة ككل.
5. العادات اليومية غير الصحية
لا يمكن أن نغفل عن السبب الخامس والأهم، وراء صعوبة النوم مع التقدم في العمر، والتي يُمارسها بعضنا للأسف: ألا وهي العادات اليومية غير الصحية؛ مثل الخمول وقلة النشاط البدني، الإفراط في تناول المنبهات كالشاي والقهوة طوال النهار وحتى ساعاتٍ متقدمة من الليل، وقضاء وقت طويل أمام الشاشات واستخدام الهواتف الذكية حتى وقت متأخر من الليل، التي ينبعث منها الضوء الأزرق الذي قد يُعطَل إفراز الميلاتونين ويؤثر على دورة النوم.
نصائح لعلاج صعوبة النوم مع التقدم في العمر
تلعب التغييرات الحياتية والغذائية، بجانب استشارة المختصين، دورًا مهمًا في تحسين جودة النوم والتخلص من مشكلات الأرق مع التقدم في العمر.

لذا بادري عزيزتي، في حال كنتِ تعانين من صعوبة النوم أو لديكِ كبارٌ في السن يواجهون المشكلة ذاتها، باتباع النصائح الآتية:
1. تحسين روتين النوم: من خلال وضع جدولٍ منتظم للنوم والاستيقاظ كل يوم في الوقت ذاته؛ تجنب القيلولة الطويلة بعد الظهر أو تجنبها في حال كانت تؤثر بشدة على نوم الليل؛ ممارسة الرياضة بانتظام، الخفيفة منها وليس الشديدة؛ واستخدام السرير للنوم فقط وليس للقراءة أو تصفح الهاتف وغيره.
2. تهيئة بيئة النوم: من خلال قضاء وقتٍ أطول خلال النهار وتحت ضوء الشمس؛ جعل الغرفة مظلمة تمامًا خلال الليل وعند الذهاب للنوم، وتقليل الضوضاء من حولكِ قدر الإمكان.
3. تعديل نمط الحياة: بتقليل المشروبات الغنية بالكافيين خصوصًا في المساء وقبل موعد النوم بعدة ساعات؛ تجنب الأكل بكميات كبيرة أو الجوع الشديد قبل النوم؛ والتعامل مع القلق والتوتر من خلال تقنيات الاسترخاء أو استشارة الطبيب الذي قد يصف علاجاتٍ معينة مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو الأدوية المناسبة.
نصيحتنا الأخيرة: احتفظي بمفكرة للنوم، تشبه المفكرة اليومية التي تكتبين فيها كل ما جرى معكِ خلال النهار؛ يمكن أن تساعدكِ هذه المذكرة في تتبع عادات نومك لتقديم معلوماتٍ دقيقة للطبيب عند استشارته.