يوم هشاشة العظام العالمي

في اليوم العالمي لهشاشة العظام.. ليكن هدفكِ عظامٌ قوية لحياة أفضل

جمانة الصباغ
20 أكتوبر 2025

في العشرين من أكتوبر من كل عام، يتوحّد صوت العالم للحديث عن واحدٍ من أكثر الأمراض الصامتة انتشارًا وتأثيرًا على جودة الحياة: هشاشة العظام. ورغم أن المرض لا يُرى بالعين المجردة، إلا أن آثاره تترك بصماتها المؤلمة في حياة الملايين، خصوصًا النساء بعد سن اليأس وكبار السن من الرجال.

يوم هشاشة العظام العالمي ليس مجرد يومٍ للتذكير، بل هو دعوةٌ عالمية للتحرك نحو الوقاية، التشخيص المبكر، والتعامل الواعي مع صحة العظام قبل أن تتكسر بصمت. لهذا يستعرض لنا اليوم الدكتور إيهاب شحادة، استشاري أمراض وجراحة العظام في المستشفى الدولي الحديث، لكافة المعلومات المتعلقة بهذا المرض وكيفية علاجه والوقاية منه بطرقٍ صحية تضمن لنا عظامًا قوية لحياةٍ أفضل.

ما هي هشاشة العظام؟

هشاشة العظام مرضٌ تدريجي، يقلَ فيه معدل تكوين العظم الجديد مقارنةً بمعدل ارتشاف العظم القديم، فتضعف البنية الدقيقة للعظام وتصبح أكثر عرضةً للكسور.

وبحسب الدكتور شحادة؛ فإن العظام نسيجٌ حيّ ومتجدد، تتوازَن فيه عمليتا الهدم والبناء عبر خلايا متخصصة (الخلايا الناقضة للعظم والخلايا البانية). ويختل هذا التوازن مع التقدم في العمر والتغيرات الهرمونية خصوصًا بعد انقطاع الطمث. لتكون النتيجة النهائية: انخفاض الكثافة المعدنية للعظم وتبدّل معماره الداخلي، ما يُقلَل قدرته على تحمّل الضغوط اليومية البسيطة.

هشاشة العظام: أرقامٌ ومؤشرات عالمية

تشير التقديرات العالمية إلى أن واحدةً من كل ثلاث نساء وواحدًا من كل خمسة رجال فوق سن الخمسين، سيتعرضون لكسرٍ مرتبط بهشاشة العظام خلال حياتهم. وتُعدَ كسور الورك تحديدًا من أخطر المضاعفات؛ إذ ترتبط بارتفاع مخاطر العجز وفقدان الاستقلالية وزيادة الوفيات خلال السنة التالية للكسر.

الدكتور إيهاب شحادة استشاري أمراض وجراحة العظام في المستشفى الدولي الحديث
الدكتور إيهاب شحادة استشاري أمراض وجراحة العظام في المستشفى الدولي الحديث

في منطقتنا العربية، تُسهم قلة التعرض لأشعة الشمس، ونمط الحياة قليل الحركة، والعادات الغذائية الفقيرة بالكالسيوم وفيتامين D في رفع العبء المرضي المتوقع خلال العقود المقبلة.

هشاشة العظام: عوامل الخطر

يشير الدكتور شحادة إلى مجموعة عوامل يمكن أن تزيد من خطر تعرضكِ لهشاشة العظام؛ منها:

1.     التقدم في العمر.

2.     انقطاع الطمث عند النساء.

3.     التاريخ العائلي للكسور.

4.     البنية الجسدية النحيفة.

5.     نقص الكالسيوم وفيتامين D.

6.     قلة الحركة والجلوس الطويل.

7.     التدخين والكحول والافراط في تناول الكافيين.

8.     تناول بعض الأدوية (مثل الكورتيكوستيرويدات).

9.     الأمراض المزمنة (مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، وأمراض سوء الامتصاص).

من المهم التفريق بين عوامل لا يمكن تغييرها (العمر، الوراثة) وعوامل قابلة للتعديل (الغذاء، الرياضة، التعرض للشمس، والإقلاع عن التدخين).

المرض الصامت: لماذا لا نشعر به مبكرًا؟

تتطور هشاشة العظام تدريجيًا دون ألمٍ واضح؛ فلا يشعر المصاب بشيءٍ حتى يقع الكسر جراء سقوطٍ بسيط أو حركة اعتيادية. قد تظهر إشاراتٌ مُنبهة مثل آلام الظهر المزمنة، نقص الطول بضعة سنتيمترات عبر السنوات، إنحناء الظهر (حداب)، أو كسور متكررة في المعصم أو الفقرات ينبغي الالتفات إليها. فالوعي بهذه الإشارات سوف يقودنا بلا شك إلى الفحص المبكر قبل حدوث الكسر الكبير الذي يُغيَر مسار الحياة.

الكشف المبكر وفحص DEXA

يُعتبر فحص قياس كثافة العظام (DEXA) المعيار الذهبي لتشخيص الهشاشة وتحديد درجة الخطورة المستقبلية للكسور. ويُطمئن الدكتور شحادة أن الفحص سريع وغير مؤلم، وبجرعة إشعاعٍ منخفضة جدًا، يعطي نتيجةً رقمية تُعرف بـ T-score تُستخدم لتصنيف الحالة إلى طبيعية أو نقص كتلةٍ عظمية أو هشاشة.

وتوصي الجمعيات العلمية بإجراء الفحص للنساء ≥50 عامًا والرجال ≥70 عامًا، أو مبكرًا عند وجود عوامل خطورة قوية أو كسور سابقة.

التغذية: حجر الأساس للوقاية من هشاشة العظام

فيما يُشبه التأكيد المعروف الذي نتحدث عنه دومًا، ينصح الدكتور شحادة جميع قارئات "هي" بوجوب إيلاء الغذاء العناية القصوى؛ ليس فقط لحماية أنفسهنَ من مرض هشاشة العظام، وإنما أيضًا لتعزيز صحتهنَ على المدى الطويل.

وركائز التغذية الصحيحة للوقاية من هشاشة العظام لا بد أن تتضمن العناصر التالية:

•       الكالسيوم وفيتامين D والبروتين والمغنيسيوم: عناصر محورية لبناء عظم قوي.

مصادر الكالسيوم: الحليب ومشتقاته، السردين، السلمون، الخضروات الورقية الداكنة، اللوز والسمسم.

•       فيتامين D: يتوَلده الجلد عند التعرض لأشعة الشمس، كما يوجد في الأسماك الدهنية وصفار البيض؛ وقد تُلزم الجهات الصحية تناول المكملات عند نقصه الحاد.

•       ينبغي الانتباه لاستهلاك الكافيين والمشروبات الغازية والملح؛ فزيادتها قد ترفع طرح الكالسيوم وتُضعف العظم على المدى البعيد.

الرياضة وتقوية العظام

الرياضة والتغذية السليمة سلاحكِ الأمضى للوقاية من هشاشة العظام
الرياضة والتغذية السليمة سلاحكِ الأمضى للوقاية من هشاشة العظام

بجانب الغذاء السليم، لا ننسى أهمية وفائدة الرياضة في تقوية العظام وتدعيمها ضد مرض هشاشة العظام. وينصح الدكتور شحادة بالنشاطات الرياضية الآتية:

1.     الأنشطة الحاملة للوزن (مثل المشي السريع وصعود الدرج) وتمارين المقاومة بالأوزان الخفيفة تُرسل إشاراتٍ ميكانيكية تُحفّز الخلايا البانية للعظم.

2.     تحسين التوازن عبر اليوغا والبيلاتس وتمارين الأطراف السفلية يُقلَل خطر السقوط، وهو أهم مُسببٍ للكسور لدى كبار السن.

الهدف الواقعي: 150 دقيقة أسبوعيًا من نشاط بدني معتدل + جلستان من تمارين المقاومة، مع مواءمة الخطة حسب العمر والحالة الصحية.

السلامة المنزلية وتقليل السقوط

كثيرًا ما تحدث حوادث الكسور والسقوط في المنزل، خصوصًا لكبار السن؛ لذا يؤكد استشاري أمراض وجراحة العظام في المستشفى الدولي الحديث الدكتور إيهاب شحادة على وجوب تأمين ما يلي:

•       إضاءة جيدة في المنزل.

•       إزالة السجاجيد المنزلقة.

•       وضع مقابض داعمة في الحمام.

•       أحذية ثابتة.

•       فحص النظر بانتظام.

•       مراجعة الأدوية التي قد تُسبَب الدوخة أو النعاس.

•       تقييم التوازن وقوة العضلات لدى كبار السن بشكلٍ دوري.

العلاج الدوائي وتطوّر الخيارات

تشمل الخيارات الدوائية مجموعتين رئيسيتين:

1.     أدوية تُبطئ ارتشاف العظم (كالبيسفوسفونات).

2.     أدوية تُحفّز تكوين العظم (مثل نظائر هرمون جار الدرقية وعلاجات مُوجهة جديدة).

ويُحدَّد الدواء وفق درجة الخطورة، التاريخ المرضي، وتحمَل المريض للعلاج؛ مع ضرورة المراجعة الدورية لقياس الاستجابة والآثار الجانبية.

إنما يؤكد الدكتور شحادة: لا يغني الدواء عن الأساسيات؛ الكالسيوم، فيتامين D، الحركة، وتعديلات نمط الحياة.

العظام عبر مراحل العمر

إذا ما أردنا إلقاء نظرةٍ قريبة على نمو وتطور العظام مع العمر، نجد ما يلي:

•       الطفولة والمراهقة: بناء قمة الكتلة العظمية؛ وخلالها يُنصح بالنشاط البدني والتغذية الغنية بالكالسيوم والبروتين.

•       سن الشباب: تثبيت المكاسب العظمية وتجنَب العادات التي تُضعف العظم كالتدخين وقلة الحركة.

•       منتصف العمر: فحوصاتٌ دورية خاصة للنساء مع اقتراب انقطاع الطمث، والانتباه لعوامل الخطر المكتسبة.

•       ما بعد الخمسين: التركيز على الوقاية من السقوط، تقييم الأدوية، وربما بدء علاجٍ دوائي عند الحاجة.

هشاشة العظام والبعد النفسي والاجتماعي

يوم هشاشة العظام العالمي - رئيسية
يوم هشاشة العظام العالمي

إن الخوف من السقوط بعد أول كسر، قد يقود إلى قلة الحركة والعزلة، ما يُفاقم ضعف العظم والكتلة العضلية، وهو ما يُخطأ بشأنه العديد من مرضى هشاشة العظام. لذا فإن الدعم العائلي وبرامج إعادة التأهيل والعلاج الطبيعي قد تُعيد الثقة إليهم وتُشجَعهم على العودة التدريجية للنشاط.

هشاشة العظام: رسائل عملية سريعة

يُوجَهها مشكورًا الدكتور شحادة إلى قارئاتنا العزيزات، بهدف التوعية من هشاشة العظام وتعلَم أساسيات الوقاية منها. وتتمثل في:

1.     افحصي مستوى فيتامين D والكالسيوم عند وجود عوامل خطورة أو أعراض.\

2.     ابدأي برنامجًا بسيطًا للمشي اليومي وتمارين التوازن، مع زيادة الشدة تدريجيًا.

3.     عدّلي منزلك لتقليل فرص التعثر والسقوط، وتأكدي من إضاءة الأماكن الليلية.

4.     ناقشي مع طبيبكِ بعض الأدوية التي قد تؤثر على توازنكِ أو كثافة عظامكِ.

في الختام؛ يؤكد الدكتور إيهاب شحادة، استشاري أمراض وجراحة العظام في المستشفى الدولي الحديث، على أن الوقاية المبكرة قادرةٌ على تقليل مخاطر الكسور بشكلٍ كبير. مُشدَدًا في الوقت ذاته على أهمية فحص كثافة العظام بعد سن الخمسين للنساء والسبعين للرجال أو أبكر عند توافر عوامل الخطر، إلى جانب التغذية السليمة والنشاط المنتظم.

للمزيد من المعلومات حول صحة العظام وخدمات العلاج المتوفرة، يمكن زيارة موقع المستشفى الدولي الحديث – دبي: https://www.imh.ae/