
في اليوم العالمي لمرض ألزهايمر: نصائح لفهم المرض والعناية بمرضاه
في روايته المشهورة "ألزهايمر" يقول الكاتب السعودي الراحل غازي القصيبي:
"صديقي ألزهايمر لا يُفرَق بين شيءٍ جيد وشيءٍ سيء. لا يُفرق بين ذكرى القبلة الحالمة وذكرى الطعنة القاتلة... يمحو كل شيء. وعندما يذهب كل شيء، أي معنى يبقى للسعادة؟"
الرئيس الأمريكي الراحل، والذي أصيب بداء ألزهايمر، تحدث عن هذا المرض بالقول: "هذا مرضٌ جميل! تقابل الأشخاص أنفسهم وتظن أنك ترى وجوهاً جديدة كل يوم."
في حين تنصح الجمعية السعودية الخيرية لمرض ألزهايمر كل إنسان بالتالي: "نوّر ذاكرتكَ وساعد في تقليل احتمال إصابتكَ بمرض ألزهايمر عن طريق تنشيط الدماغ والذاكرة وممارسة الأنشطة والهوايات التي تُنشَط الذهن."
في 21 سبتمبر من كل عام، يُحيي الناس اليوم العالمي لداء ألزهايمر؛ وهو مرضٌ عصبي تقدمي يُعدَ أكثر أسباب الخرف شيوعًا. ويتسبب ألزهايمر في تراجع الذاكرة والقدرات الإدراكية تدريجياً، مؤثرًا على قدرة المصابين به على القيام بأنشطتهم اليومية، مما يجعل تأثيره ممتداً إلى الأسرة والمجتمع بأكمله.
أكثر من 55 مليون شخص حول العالم يعانون من الخرف، ويُعدَ الزهايمر الشكل الأكثر شيوعًا من الخرف، بنسبةٍ تفوق 60% من الحالات. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد المصابين إلى 139 مليون شخص بحلول عام 2050، نتيجةً لزيادة متوسط العمر وتقدم الرعاية الصحية؛ في حين تتجاوز تكلفة الرعاية والخسائر المرتبطة بألزهايمر عالميًا 1.3 تريليون دولار سنويًا، وقد تصل إلى 2.8 تريليون دولار بحلول 2030.
في المملكة العربية السعودية، وبحسب الجمعية السعودية الخيرية لمرض ألزهايمر؛ يُقدّر أن 10% من كبار السن فوق 65 عامًا مُعرضون للإصابة بالزهايمر، والنساء يُشكَلن النسبة الأكبر من المصابين، بسبب طول العمر النسبي.

ننضم إلى الحملة العالمية للتوعية من داء ألزهايمر، ونحرص كموقعٍ موجه للنساء وصحتهنَ ورفاههنَ، على تقديم المشورة الصحية والمعلومات الطبية الموثوقة، لتثقيف قارءاتنا وتشجعيهنَ على اتباع نمطٍ حياتي صحي بغية تجنب هذا المرض وغيره. لهذا توجهنا بالحديث إلى الدكتور أمير عبد الغفار، استشاري طب المخ والأعصاب من https://www.reemhospital.com/؛ الذي شرَح لنا مرض ألزهايمر وأعراضه ومراحله المختلفة، مع التطرق بالطبع إلى العلاجات المتاحة، طرق التوعية وكيفية العناية بمريض ألزهايمر، والتي تُعتبر مسألةً في غاية الأهمية.
مرض ألزهايمر: من العلامات المبكرة إلى المراحل المتقدمة
وفقًا للدكتور عبد الغفار، فإن مرض ألزهايمر يتطور تدريجيًا عبر مراحل متداخلة، تختلف من شخصٍ لآخر؛ لكن تقسيمها يساعد في فهم التغيَرات التي يمر بها المريض وتخطيط الرعاية المناسبة له.
1. المرحلة المبكرة
وفيها يبدأ المرضى بنسيان الأحداث القريبة مثل المواعيد أو أماكن وضع الأشياء؛ تكرار نفس الأسئلة عدة مرات؛ مواجهة صعوباتٍ في التركيز أو متابعة المحادثات الطويلة؛ التردد في اتخاذ القرارات البسيطة، وتغيَرات في المزاج مثل القلق أو الميل للعزلة.
2. المرحلة المتوسطة
وفيها يظهر فقدان القدرة على تذكَر أسماء المقربين، الارتباك في الأماكن المألوفة، صعوبة استخدام الكلمات أو تكوين جملٍ صحيحة، مع ظهور سلوكياتٍ غير مألوفة مثل الغضب أو العدوانية، والحاجة إلى مساعدةٍ في الأنشطة اليومية.
3. المرحلة المتقدمة
من إسمها يتبين لنا أنها المرحلة الأشد من مرض ألزهايمر؛ حيث يعاني المرضى من فقدان القدرة على الكلام بوضوح، صعوباتٌ في الأكل أو البلع، فقدان التحكم بالحركة، والاعتماد الكلي على الآخرين في مسائل العناية الشخصية.

مرض ألزهايمر: العلاجات المتاحة
يوضح الدكتور أمير عبد الغفار أنه، ورغم أن مرض ألزهايمر كان لسنواتٍ طويلة غير قابلٍ للعلاج، وكانت جميع الأدوية المتاحة تقتصر على التخفيف من حدة الأعراض دون أي تأثيرٍ حقيقي على المسار التصاعدي للمرض، إلا أن الطب شهد منذ عام 2021 نقلةً نوعية مهمة تجاه هذا الداء.
فقد بات هناك علاجاتٌ فعّالة ولأول مرة في التاريخ الطبي الحديث، تتعامل مع المُسببات المرضية نفسها، وتستهدف تراكم البروتينات غير الطبيعية في الدماغ؛ ما يُساهم في تغيير المسار العام للمرض بدلاً من مجرد السيطرة على الأعراض.
هذه الأدوية تُعطى عن طريق الوريد داخل المستشفى، بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة للتأكد من ملاءمتها للحالة الصحية للمريض، ويتم إعطاؤها تحت إشراف متخصصين لمراقبة فعاليتها وتقليل أي آثارٍ جانبية محتملة.
كيفية العناية بمريض ألزهايمر
جئنا للنقطة الأهم، والتي يتساءل عنها كثيرون ممن يجدون صعوباتٍ في كيفية العناية بمرضاهم الذين يتخبطون في متاهات ألزهايمر.
ويُطمئن الدكتور عبد الغفار هؤلاء الناس، بمنحهم أسس العناية الصحية والمتكاملة لمرضى ألزهايمر على النحو الآتي:
• تهيئة بيئة آمنة لمرضى ألزهايمر لتجنيبهم أية إصابات.
• إزالة المخاطر المُحدقة بهم مثل الأدوات الحادة أو الأثاث ذو الحواف الصلبة.
• تركيب إضاءة جيدة في الممرات وغرف النوم.
• وضع علاماتٍ وألوان مميزة على الأبواب والغرف لمساعدتهم على الحركة بسهولة.
كذلك من الضروري وضع روتين يومي لمرضى ألزهايمر، يضمن لهم الراحة والهدوء، مع القدرة على متابعة العلاج بشكلٍ فعال. وبنود هذا الروتين تتضمن الحفاظ على جدولٍ ثابت للوجبات والنوم والأنشطة، وتقليل التغييرات المفاجئة في الروتين قدر الإمكان.
مرضى ألزهايمر، كغيرهم من الأشخاص المصابين بمشكلةٍ صحية معينة، يحتاجون إلى التغذية الصحيحة والعناية بصحتهم العامة. لهذا ينصح الدكتور عبد الغفار بضرورة تحضير وجباتٍ متوازنة غنية بالخضروات والفواكه والبروتينات لهؤلاء المرضى؛ مراقبة شربهم الماء بانتظام، وتقديم أطعمة لينة في المراحل المتقدمة لتسهيل البلع.
ماذا عن التواصل؟ بالتأكيد، لا بدَ من تفعيله مع مرضى ألزهايمر، كأن نتحدث إليهم ببطء وباستخدام جملٍ قصيرة وواضحة. مع أهمية استخدام لغة الجسد مثل الابتسامة واللمس، تجنَب الجدال مع المريض، والصبر على التكرار.
لا نغفل بالطبع عن أهمية النشاط البدني والذهني لمرضى ألزهايمر؛ وفي هذا الصدد، ينصح استشاري طب المخ والأعصاب من مستشفى ريم أبوظبي الدكتور أمير عبد الغفار بتشجيع المشي اليومي أو التمارين البسيطة؛ القيام بألعابٍ ذهنية أو عرض صورٍ عائلية قديمة، والاستماع إلى الموسيقى المفضلة بين الحين والآخر.
يبقى مسألة الدعم النفسي والاجتماعي، ومن ضمنها تخصيص وقتٍ للحديث مع المريض لتعزيز إحساسه بالأمان؛ إشراكه ضمن أنشطةٍ بسيطة تناسب قدراته، وتقليل مصادر التوتر مثل الضوضاء أو البيئات المزدحمة.

مرض ألزهايمر: المتابعة الطبية والدعم العائلي
يُشدَد الدكتور عبد الغفار على وجوب إخضاع مرضى ألزهايمر لفحوصاتٍ دورية، لمراقبة الصحة العامة؛ كما من الضروري مراجعة الطبيب لتقييم العلاجات وتعديلها عند الحاجة.
دعم الأسرة موضوعٌ مهم أيضًا، بحيث يجب توزيع المسؤوليات بين أفراد العائلة للعناية بمرضى ألزهايمر، ولا ضير من الانضمام إلى مجموعات دعمٍ لتبادل الخبرات، وتخصيص وقتٍ للراحة لمقدمي الرعاية.
لا بدَ من التنبيه إلى أنه وخلال المراحل المتقدمة من مرض ألزهايمر، يحتاج المرضى لرعايةٍ تمريضية متخصصة عند الحاجة، فيما تصبح العناية بالنظافة الشخصية والتغذية مسؤوليةً أساسية للأسرة أو الطاقم الطبي.
في الختام؛ يُمثَل اليوم العالمي لمرض ألزهايمر فرصةً للتأكيد على أهمية التشخيص المبكر، دعم الأبحاث الطبية، وتوفير الرعاية المتخصصة. ويؤكد الدكتور أمير عبد الغفار أن الجمع بين العلاجات الحديثة والرعاية الطبية المتقدمة والدعم الأسري المستمر، هو السبيل الأمثل للتعامل مع هذا المرض وتقليل آثاره على المريض وأسرته.