أداة ذكاء اصطناعي من مايو كلينك تتعرف على 9 أنواع من الخَرَف، بما فيها داء الزهايمر

أداة ذكاء اصطناعي.. قادرة على التعرف على أنواع الخَرَف مثل ألزهايمر

جمانة الصباغ
18 سبتمبر 2025

مرةً أخرى، تُثبت لنا ثورة الذكاء الاصطناعي، أنها مفيدةٌ وفعالة؛ وهذه المرة أيضًا، في مجال الرعاية الصحية حيث يُساعد الأنظمة الطبية كثيرًا في تحليل البيانات والتنبؤ بالنتائج وتحسين عمليات الرعاية الصحية بصورةٍ أكبر وأفضل.

مجال التشخيص المبكر أو الكشف عن أنواعٍ معينة من الأمراض التي يمكن أن تُصيب الإنسان في مرحلةٍ ما، هو مجالٌ فريدٌ من نوعه وضروري، لتعزيز صحتنا ورفاهنا. وكثيرًا ما نسمع الأطباء وخبراء الصحة، ينصحون بالخضوع للفحص الدوري بغية الكشف المبكر عن أي مشكلةٍ صحية وعلاجها، فيما تكون في بداياتها.

هذه المرة، الموضوع يتعلق تحديدًا بالخرف وأنواعه المختلفة، التي بات من السهل الكشف عنها من خلال أداة ذكاء اصطناعي طوَرها باحثون من مايو كلينك. فماذا نعرف عن هذه الأداة الثورية، وما هي أنواع الخرف التي يمكن لها رصدها في مرحلةٍ مبكرة؟

إليكِ التفاصيل في مقالة اليوم..

هناك أنواعٌ عديدة من الخرف من أبرزها داء ألزهايمر
هناك أنواعٌ عديدة من الخرف من أبرزها داء ألزهايمر

أداة ذكاء اصطناعي من مايو كلينك تتعرف على 9 أنواع من الخَرَف، بما فيها داء الزهايمر

إذن؛ طوّر الباحثون في مايو كلينك أداة ذكاءٍ اصطناعي جديدة، تساعد اختصاصيي الرعاية السريرية على رصد أنماطٍ دماغية مرتبطة بتسعة أنواعٍ من الخَرَف، بما فيها داء ألزهايمر، وذلك عبر فحصٍ واحد متاح على نطاق واسع — ما يُمثَل نقلةً نوعية في التشخيص المبكر والدقيق.

حيث ساعدت أداة StateViewer الباحثين في تحديد نوع الخَرَف في 88% من الحالات، وذلك بحسب بحثٍ نُشر على الإنترنت في 27 يونيو 2025 في مجلة طب الأعصاب (Neurology)، وهي المجلة الطبية الصادرة عن الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب. كما مكّنت تلك الأداة اختصاصيي الرعاية السريرية من تفسير الفحوصات الدماغية بسرعة، بلغت الضعف، ودقةٍ فاقت أساليب الفحص القياسية بثلاثة أضعاف. درّب الباحثون أداة الذكاء الاصطناعي واختبروها على أكثر من 3600 فحص، شمل صورًا لمرضى الخَرَف وأشخاصًا غير مُصابين بضعفٍ إدراكي.

ما الغاية من هذه الأداة؟

يعالج هذا الابتكار تحديًا جوهريًا في رعاية مرضى الخَرَف، ألا وهو اكتشاف المرض مبكرًا وبدقة، حتى مع وجود عدة حالاتٍ مرضية أخرى مُصاحبة له. ومع ظهور علاجاتٍ جديدة، يساعد الوصول للتشخيص في الوقت الصحيح، على توجيه المرضى لأنسب رعايةٍ صحية لتحقيق أفضل نتيجةٍ ممكنة. ومن شأن هذه الأداة توفير الدعم التشخيصي المتطور للعيادات التي تفتقر إلى الخبرة في مجال طب الأعصاب.

طُوِّرت أداة StateViewer تحت إشراف ديفيد جونز، طبيب الأعصاب ورئيس برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب في مايو كلينك. ويقول جونز في تعليقه على الأداة: "لدى كل مريضٍ يأتي لعيادتي قصةٌ فريدة شكَلتها تعقيدات الدماغ. هذه التعقيدات هي ما جذبني نحو طب الأعصاب ولا تزال تدفعني للالتزام بالوصول إلى إجاباتٍ أوضح". تعكس أداة StateViewer هذا الالتزام، كونها تُشكَل خطوةً متقدمة نحو الوصول لفهمٍ مبكر وعلاجٍ أكثر دقة، وفي يومٍ ما، تغيير مسار هذه الأمراض.

ولتحقيق هذه الرؤية، يتعاون الدكتور جونز مع الدكتور ليلاند برنارد وهو عالم بياناتٍ يقود هندسة الذكاء الاصطناعي وراء  StateViewer.ويتحدث الدكتور برنارد قائلًا: "أثناء تصميمنا لأداة  StateViewer، لم تغب عنا حقيقةٌ مفادها أن وراء كل نقطة بيانات وفحصٍ دماغي شخصٌ يواجه تشخيصًا صعبًا وأسئلة مُلِّحة. إن رؤية كيف يمكن لهذه الأداة مساعدة الأطباء من خلال تقديم رؤى وإرشاداتٍ دقيقة في الوقت الفعلي على تسليط الضوء على إمكانات التعلُّم الآلي في مجال الطب السريري".

كيف تُحوَل هذه الأداة أنماط الدماغ إلى رؤى سريرية؟

تُحلَل الأداة فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، باستخدام فلوروديوكسي الغلوكوز، والذي يُظهر كيفية استخدام الدماغ للغلوكوز للحصول على الطاقة. بعدها، تُقارن الفحص بقاعدة بياناتٍ كبيرة مأخوذة من فحوصاتٍ لأشخاصٍ تأكدت إصابتهم بالخَرَف، ومن ثم تتعرف على الأنماط التي تتوافق مع أنواعٍ محددة أو مُركَبة من الخَرَف.

يؤثر داء ألزهايمر عادةً في مناطق الذاكرة والمعالجة في الدماغ، في حين يؤثر خرف أجسام ليوي في مناطق مرتبطةٍ بالانتباه والحركة، ويُحدِث الخرف الجبهي الصدغي تغيَراتٍ في المناطق المسؤولة عن اللغة والسلوك. وتُظهر StateViewer هذه الأنماط من خلال مخططاتٍ دماغية مُرَمَّزَة بالألوان، تُبرز المناطق الرئيسية للنشاط الدماغي، مما يُوفر لجميع اختصاصيي الرعاية السريرية، حتى من غير المتخصصين في الأعصاب، شرحًا مرئيًا لما يرصده الذكاء الاصطناعي ومدى دعمه للتشخيص.

ويخطط باحثو مايو كلينك لتوسيع نطاق استخدام الأداة والاستمرار في تقييم أدائها في مختلف البيئات السريرية.

الخَرَف: مرض ذو عبءٍ متزايد

أداة ذكاء اصطناعي من مايو كلينك تتعرف على 9 أنواع من الخَرَف، بما فيها داء الزهايمر - رئيسية واولى
أداة ذكاء اصطناعي من مايو كلينك تتعرف على 9 أنواع من الخَرَف، بما فيها داء الزهايمر

يؤثر الخَرَف في أكثر من 55 مليون شخص حول العالم، وتُشخَص حوالي 10 ملايين حالة جديدة سنويًا؛ فيما يُعدَ داء ألزهايمر أكثر أشكال الخَرَف شيوعًا، وهو حاليًا خامس سبب للوفاة في العالم.

ويتطلب تشخيص الخَرَف عادة اختباراتٍ إدراكية واختبارات دم وفحوصاتٍ تصويرية ومقابلاتٍ سريرية وإحالاتٍ لاختصاصيين. وحتى مع الاختبارات المُكثَفة، لا يزال التمييز بين مختلف الحالات مثل داء ألزهايمر، وخَرَف أجسام ليوي والخرف الجبهي الصدغي يُشكَل تحديًا، حتى بالنسبة للاختصاصيين ذوي الخبرة الكبيرة.

ما هي أنواع الخَرَف؟

بحسب موقع "ويب طب"، فإن الخَرَف لا يُعدَ مرضًا بعينه؛ بل هو مصطلحٌ طبي يُطلق على أعراضٍ معينة، تشمل تراجع الإدراك وفقدان الذاكرة وأعراضًا عصبية أخرى عديدة قد تؤثر سلبًا على جودة حياة الفرد. ويمكن أن تظهر أعراض الخَرَف جراء الإصابة بمجموعةٍ من الأمراض والمشكلات الصحية، ويتم تصنيف هذه الأمراض طبيًّا على أنها أنواع ومُسببات الخَرَف في ذات الوقت.

يُصنَف الخَرَف ضمن في فئاتٍ ثلاث رئيسسة هي: 

1.     الخَرَف الأولي، أو الخَرَف التقدمي: وهي فئةٌ تضم حالاتٍ يُشكَل فيها الخَرَف المشكلة الصحية الأبرز لدى المريض. 

2.     الخَرَف الثانوي: فئةٌ تضم أنواعًا من الخَرَف سبَبتها مشكلةٌ صحية أو مرضٌ آخر.

3.     الخَرَف القابل للتعافي: وهي فئةٌ تضم أمراضًا يُبدي المصابون بها، أعراضًا شبيهة بأعراض الخَرَف، لكن بالإمكان التعافي منها وعكسها.

وإذا ما أردنا تبيان أنواع الخرف الشائعة، فإنها التالية كما يُورد الموقع المختص:

•       داء ألزهايمر: السبب الأكثر شيوعاً للخَرَف ، ويؤثر على الذاكرة واللغة والتفكير.

•       الخَرَف الوعائي: ويحدث نتيجة تضرَر الأوعية الدموية التي تُوصل الدم إلى الدماغ، غالباً بعد سكتةٍ دماغية.

•       خَرَف أجسام ليوي: ينتج عن تراكمٍ غير طبيعي لبعض البروتينات في الخلايا العصبية، ومن أعراضه الهلوسة البصرية وصعوبات النوم.

•       الخَرَف الجبهي الصدغي: يحدث جراء حدوث ضمورٍ أو تلفٍ في الفصوص الجبهية والصدغية للدماغ.

•       الخَرَف المختلط: هو وجود نوعين أو أكثر من أنواع الخَرَف في وقتٍ واحد، وغالباً ما يجمع بين ألزهايمر والخَرَف الوعائي.

ليس ذلك فحسب؛ بل ثمة أنواعًا أخرى من الخَرَف قد تكون أقل شيوعًا، لكن من الضروري معرفتها. منها:

1.     الخَرَف المتعلق بمرض باركنسون: والذي يتطور لدى بعض المصابين بهذا المرض العصبي.

2.     الخَرَف القابل للعكس: الناتج عن نقص الفيتامينات، مشاكل الغدة الدرقية، الآثار الجانبية للأدوية، أو الإفراط في تناول الكحول.

3.     اعتلال الدماغ الرضحي المزمن (CTE): وهو نوعٌ من الخَرَف يحدث نتيجة إصاباتٍ متكررة في الرأس، مثلما يحدث لدى بعض الرياضيين.

4.     خَرَف مرض الإيدز: ويحدث جراء وصول فيروس الإيدز إلى الدماغ وتدمير خلاياه.

في الخلاصة؛ فإن مرض الخَرَف الذي يجتاح العالم من حولنا، بأنواعه المختلفة، بات ممكنًا اليوم الكشف مبكرًا عن أنواعه تلك ومنها داء ألزهايمر. ما يفتح الباب على مصراعيه لثورةٍ علمية وطبية كبيرة، تُساعد مختصي الرعاية الصحية على تحديد نوع الخَرَف في مرحلةٍ مبكرة والتعاطي معه بشكلٍ مناسب.

كما سينعكس هذا الابتكار إيجابًا على حياة ملايين الأفراد، الذين قد يعانون من الخَرَف دون معرفتهم بنوعه المحدد وكيفية التعامل معه.