Biohacking  يقتحم منازل الأثرياء.. رفاهية جديدة تجمع الصحة بالفخامة

بيوت الأثرياء تتحول إلى مختبرات عافية: إنه عصر Biohacking!

جمانة الصباغ
11 سبتمبر 2025

في زمنٍ تتسارع فيه الابتكارات الصحية، لم يعد تحسين الأداء الجسدي والعقلي حكرًا على المختبرات أو مراكز العافية. بل أصبح "الاختراق البيولوجي" أو Biohacking جزءًا من ديكور المنازل الفاخرة، حيث يدمج الأثرياء بين التصميم الداخلي والتقنيات الحيوية لتحقيق أقصى درجات الراحة والرفاهية الصحية. من غرف النوم المصممة لتحسين جودة النوم، إلى أنظمة تنقية الهواء والماء، وأجهزة العلاج بالضوء الأحمر، باتت المنازل الذكية اليوم مختبراتٍ شخصية للعافية.

في دبي، على سبيل المثال، تتصدر شركات التصميم مثل BBH Life هذا الاتجاه؛ حيث تقدم خدمات تصميمٍ داخلي تدمج عناصر الـBiohacking في كل زاوية من المنزل، لتخلق بيئةً تُعزز الصحة النفسية والجسدية على مدار الساعة. أما تقنيات مثل HOCATT، فتقدم جلساتٍ علاجية تجمع بين الأكسجين والحرارة والأشعة تحت الحمراء، وتُستخدم في المنازل الفاخرة كجزءٍ من روتين العناية الذاتية.

لكن تحسين الحياة، بالمفهوم الصحيح لهذه العبارة، لا يكون فقط من خلال تطوير الأدوات من حولنا؛ بل يتحقق عبر التركيز على الصحة البدنية والنفسية من خلال الرياضة والتغذية الصحية والتأمل، تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية عبر تحديد الأولويات، تقوية العلاقات الاجتماعية، والتعلَم المستمر لتحقيق التطور الذاتي والرفاهية، مع الاستفادة الواعية من التكنولوجيا بدلاً من السماح لها بالسيطرة علينا.

نُسلَط الضوء اليوم على ماهية الاختراق البيولوجي، بعض الأمثلة عنه، وكيف يُسهم في تعزيز مقومات الحياة للأثرياء، ومتى يفشل.

ما هو Biohacking؟

التكنولوجيا القابلة للارتداء من أنواع الاختراق البيولوجي الشائعة حاليًا
التكنولوجيا القابلة للارتداء من أنواع الاختراق البيولوجي الشائعة حاليًا

يُعرف الاختراق الحيوي أيضًا باسم "تحسين القدرات البشرية"، ويتراوح نطاقه بين تحسين وظائف الدماغ وفقدان الوزن بشكلٍ أسرع. بعض هذه الممارسات تُعدَ آمنة نسبيًا في المنزل، بينما قد تُشكَل أخرى مخاطر صحية وتُؤدي إلى نتائج متفاوتة.

وبحسب موقع Medical News Today، يمكن القول أن الاختراق البيولوجي أو الحيوي، هو شكلٌ من أشكال التحسين الذاتي؛ حيث يسعى الأفراد لتغيير جوانب بيولوجيتهم لتحسين صحتهم أو أدائهم أو رفاهيتهم. ليس مصطلحًا علميًا ولا مشروعًا، بل هو مصطلحٌ عام شائع حاليًا، يُشير إلى أنشطة عامة غير مُحددة.

قد يرغب الناس في اختراق بيولوجيتهم الخاصة لأسبابٍ مختلفة، مثل إصلاح ما يعتبرونه عيوبًا في أجسامهم؛ زيادة السيطرة على صحتهم، والسعي لإطالة أعمارهم.

يُوفر الاختراق البيولوجي القائم على التكنولوجيا، مثل الساعات الذكية وأجهزة Fitbit، للناس ثروةً من البيانات حول أجسامهم، مما يسمح لهم بتحسين أدائهم الرياضي من خلال تحليل البيانات.

يستخدم بعض الناس مصطلح الاختراق البيولوجي للإشارة إلى ممارساتٍ راسخة معينة مثل:

•       الصيام: يمارسه الناس منذ آلاف السنين؛ لكنه في السنوات الأخيرة، أصبح شائعًا بين من يدّعون الانخراط في الاختراق البيولوجي. ويعود ذلك عادةً إلى القدرة المُتصوَّرة للصيام على تحسين أو "إعادة ضبط" بعض الحالات الأيضية.

والحقيقة أن هناك العديد من الفوائد المُدعَّمة بالأدلة للصيام، مثل تعزيز التحكم في الوزن، وخفض خطر الإصابة بمرض السكري، وتحسين صحة القلب.

•       المنشطات الذهنية: من الأشكال الشائعة للاختراق البيولوجي مجموعةٌ من المواد تُسمى "المنشطات الذهنية"، أو "الأدوية الذكية"؛ وتشمل المنشطات الذهنية التي تُصرف بدون وصفة طبية، الأقراص والمكملات الغذائية والمشروبات والأطعمة التي تحوي موادًا يزعم مصنَعوها أنها تُساعد في تعزيز أداء الدماغ. من الأمثلة على ذلك الكرياتين والكافيين.

من الضروري ذكر أن هذه المنشطات غير المصروفة بوصفةٍ طبية، تُعتبر أدويةً ذات تأثيراتٍ مُنشِّطة، وقد يصفها الأطباء لحالاتٍ طبية مثل مرض الزهايمر أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، ويجب تناولها فقط وفقًا لتوجيهات الطبيب. للمنشطات الموصوفة طبيًا آثارٌ جانبية محتملة عديدة، وقد تكون خطيرة في حال إساءة استخدامها.

•       التكنولوجيا القابلة للارتداء: مثل الساعات الذكية، وشاشات الرأس، وأساور تتَبع اللياقة البدنية، هي من التقنيات الحديثة الشائعة التي يستخدمها الناس حاليًا بهدف تتَبع جوانب صحتهم واستخدام البيانات لتحسينها؛ تحقيق أهداف اللياقة البدنية والصحة، وتتَبع دورات الصحة الإنجابية.

تُصمّم وتُطوّر العديد من شركات التكنولوجيا ما يعتبره البعض الخطوة التالية في مجال الاختراق البيولوجي للتقنيات القابلة للارتداء: الغرسات المُدمجة. هذه الأجهزة تُزرع في الجسم، وقد يكون لها وظائف مُختلفة، بما في ذلك جمع بيانات أكثر تفصيلاً حول الوظائف البيولوجية للشخص وصحته ولياقته البدنية.

ما هي أنواع الاختراق الحيوي؟

يمكن اللجوء إلى الصيام المتقطع لتحسين الحياة والصحة
يمكن اللجوء إلى الصيام المتقطع لتحسين الحياة والصحة

هناك أشكالٌ مختلفة من الاختراق الحيوي، أشهرها ثلاثة أنواع هي علم الأحياء، وعلم الجينوم الغذائي، والتجارب العملية.

فلنتعرف بالتفاصيل على كل نوع حسبما أورد موقع Medical News Today:

1.     علم الأحياء "اصنعها بنفسك"  DIY Biology

يتضمن الاختراق الحيوي موضوع "اصنعها بنفسك"، والذي يُطلق عليه البعض أيضًا علم الأحياء "المُصنَع"، مشاركة خبراء في المجالات العلمية لتقنيات ومعلومات الاختراق الحيوي مع أشخاصٍ غير متخصصين. ويتيح هذا لعددٍ أكبر من الأشخاص، إجراء تجارب على أنفسهم خارج بيئة مقيدة.

يعتبر البعض علم الأحياء "اصنعها بنفسك" ثورةً مفتوحة ضد الطابع المؤسسي الأكاديمي للعلوم، ويهدف إلى نشر ثقافة علم المواطن والبحث العملي دون قيودٍ صارمة. كما يعتقدون أن علم الأحياء "اصنعها بنفسك" يُولّد المزيد من الأفكار والحرية والارتجال. يشمل علم الأحياء "اصنعها بنفسك" مجالاتٍ مختلفة من الاختراق الحيوي، بما في ذلك علم الأحياء الدقيقة، التغذية، وعلم الأحياء الطبية الحيوية والتركيبية.

2.     علم الجينوم الغذائي: نوعٌ آخر من الاختراق الحيوي يُركَز على كيفية تفاعل الطعام مع جينات الإنسان. وبالمثل، يستكشف كيف تؤثر جينات الشخص على استجابة جسمه للطعام.

يستخدم الباحثون علم الجينوم الغذائي لمعرفة المزيد عن النظام الغذائي والجينات، وكيف يمكن أن تؤثر على المخاطر الصحية للشخص، بغية المساعدة في إيجاد طرقٍ جديدة للوقاية من الأمراض وعلاجها. حيث يمكن لأي شخص إرسال عينةٍ من حمضه النووي إلى مختبرٍ متخصص، وفيها يتم تحليل تركيبه الجيني؛ ثم يمكن لفريق الرعاية الصحية الخاص به استخدام النتائج لوضع خطةٍ تغذية مُحسّنة. قد يشمل ذلك تجنب بعض الأطعمة المرتبطة بحالاتٍ وراثية لديه استعدادٌ لها.

3.     المطاحن Grinders: هم مُخترِقون بيولوجيون يعتبرون أنفسهم روَادًا في مجال تحسين القدرات البشرية. يتضمن هذا النوع من الاختراق البيولوجي عادةً أجهزة مزروعة تحت الجلد، واستخدام التكنولوجيا لإجراء تعديلاتٍ على الجسم.

هل ينجح، وماذا تقول الأبحاث؟ نظرًا لضعف تنظيم الاختراق الحيوي، وعدم إبلاغ الكثيرين عن نتائجهم، يصعب تحديد نسبة نجاحه. ورغم وجود مجتمعاتٍ إلكترونية كبيرة يشارك فيها الأشخاص نتائجهم، إلا أنه ليس ثمة طريقةً معينة لتحديد دقة العديد من تجاربهم الذاتية.

ومع ذلك، فقد وجدت بعض الأبحاث الحالية أن أنواعًا من الاختراق الحيوي فعالة. منها دراسةٌ أجريت على الحيوانات باستخدام علم الجينوم الغذائي، وجدت أن الفركتوز يُعيد تشكيل جوانب حيوية من تنظيم الجينات، مما قد يؤثر على كيفية تسبَب العدوى في المرض. كما وجد الباحثون أن الفركتوز يؤثر على الأيض والالتهاب والوظيفة المناعية للجسم.

ما هي أفضل الحلول لتحسين الحياة؟

Biohacking  يقتحم منازل الأثرياء.. رفاهية جديدة تجمع الصحة بالفخامة - رئيسية واولى
Biohacking  يقتحم منازل الأثرياء.. رفاهية جديدة تجمع الصحة بالفخامة

بالتأكيد؛ يمكن للناس السعي لتحسين صحتهم وإنتاجيتهم ووظائفهم الإدراكية، والنجاح في ذلك، من خلال الوسائل التالية المدعومة بالأدلة العلمية، وليس فقط بالاعتماد على الأنواع المذكورة أعلاه للاختراق الحيوي، والتي لم تثبت فعاليتها تمامًا حتى الآن، أو أن بعضها يحمل تداعياتٍ صحية خطيرة لا يُنصح بها.

ويشير موقع Medical News Today إلى عددٍ من الممارسات التي يمكننا اللجوء إليها لتحسين جودة حياتنا دون الإضرار بها، وبالطبع تحت إشراف ومتابعة طبية. تتضمن:

•       الصيام المتقطع: هو حميةٌ غذائية مُوقتة، بحيث يتناول الشخص الطعام فقط بين أوقاتٍ محددة ويصوم خلال الفترات الفاصلة. على سبيل المثال، يمكن للشخص تناول الطعام فقط خلال فترة 8 ساعات بين الظهر والثامنة مساءً، مع صيام بقية اليوم.

قد يساعد الصيام المتقطع في تقليل دهون الجسم؛ خفض ضغط الدم؛ خفض معدل ضربات القلب؛ تقليل الالتهابات في الجسم، ومقاومة مرض السكري. إنما من الضروري التنبيه للنساء بشكلٍ خاص، إلى وجوب استشارة الطبيب المختص قبل اعتماد الصيام المتقطع، نظرًا للتغيَرات الهرمونية الشهرية وحتى مع التقدم بالسن، والتي قد تُعيق تحقيق نتائج حقيقية من هذا الصيام.

•       العلاج بالماء البارد: يُعدَ اتجاهًا صحيًا ورياضيًا شائعًا بشكلٍ متزايد، وقد يكون له فوائد صحية متعددة. يتضمن هذا العلاج غمر الشخص نفسه في الماء بدرجةٍ حرارة أقل من 15 درجة مئوية (59 درجة فهرنهايت)، ويمكن القيام بذلك من خلال السباحة في المياه المفتوحة أو استخدام حمامات الثلج.

تشير مراجعةٌ موثوقة أجريت عام 2020 إلى أن السباحة أو الغمر في الماء البارد، له آثارٌ  إيجابية على الجهاز القلبي الوعائي؛ الجهاز المناعي؛ جهاز الغدد الصمَاء، والصحة النفسية.

مع ذلك، هناك مخاطر جسيمة مرتبطة بهذا الإجراء، بما في ذلك صدمة البرد، انخفاض حرارة الجسم، والموت المفاجئ. لذا من المهم استشارة الطبيب قبل الخضوع لهذا العلاج، والقيام به مع مُدرَبين مختصين.

•       الكافيين: يمكن أن يساعد على زيادة اليقظة والإنتاجية، ويُعزَز شعوركٍ بالمزيد من التركيز. مع ذلك، يُنصح بتناول الكافيين باعتدال، لأنه قد يُسبَب أيضًا آثارًا جانبية مثل ارتفاع ضغط الدم، وحرقة المعدة، والصداع.

هل إطالة العمر ممكنة؟

هناك العديد من مجالات الاختراق الحيوي المتعلقة بمجال إبطاء أو مواجهة آثار الشيخوخة. وقد يُركَز المهتمون بعلم الجينوم الغذائي على اتباع نظامٍ غذائي صحي، وتناول المكملات الغذائية، وممارسة الرياضة، والتأمل لإطالة حياتهم البيولوجية الطبيعية. كما قد يشير الاختراق الحيوي إلى ممارساتٍ أكثر تجريبية وأقل شيوعًا، مثل نقل الدم، وتجديد البويضات، والتبريد العميق، وتعديل الجينات.

ومع ازدياد شيوع هذه الممارسات، تُطرح أسئلةٌ أخلاقية حول التقدم في السن دون شيخوخة، والشيخوخة المرتبطة بالجنس، والحواجز بين الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى تقنيات إطالة العمر ومن لا يستطيعون.

في الخلاصة؛ يشير الاختراق الحيوي إلى مجموعةٍ واسعة من التغيَرات التدريجية التي يمكن للشخص إجراؤها على جسمه ونمط حياته، بدءًا من تناول المكملات الغذائية واستخدام التقنيات القابلة للارتداء لمراقبة الصحة، ووصولًا إلى استخدام الأجهزة المزروعة. وقد أسفرت بعض أنواع الاختراق الحيوي عن نتائج فعالة، مثل تطبيقات علم الجينوم الغذائي، بينما فشلت تجارب أخرى.

يمكنكِ تجربة أنواعٍ مختلفة من الاختراقات الحيوية سهلة التطبيق، مثل تناول الكافيين باعتدال، والصيام المتقطع، والعلاج بالضوء الأزرق.