دكتورة هدى الشعراوي مدرب إنعاش القلب والمنسق الحالي لمجلس الإنعاش العربي في مصر

لضمان إنقاذ الأرواح: تعلَمي من الدكتورة هدى الشعراوي كيفية القيام بالإسعافات الأولية

عبير عباس

لطالما كانت بعض اللحظات القليلة، مفصلية، في إنقاذ أرواح أو خسارة شخصٍ ما جراء حادثٍ أو مشكلةٍ صحية معينة. تلك اللحظات تُتوجَها معرفتنا بمبادئ الإسعاف الأولي الذي لا شك، ينقذ حياة الكثيرين.

تلعب الإسعافات الأولية دورًا أساسيًا في إنقاذ الأرواح والتقليل من خطورة الإصابات المفاجئة قبل الوصول إلى الرعاية الطبية المتخصصة.وهي كناية عن مجموعةٍ من الخطوات البسيطة التي يمكن لأي شخص تعلَمها لتقديم الدعم السريع للمصابين في حالات الطوارئ، مثل الجروح والنزيف والحروق أو فقدان الوعي.

وعلى الرغم من أهمية تعلَم مبادئ الإسعافات الأولية، يقع الكثيرون في أخطاءٍ شائعة أثناء محاولة الإسعاف، مما قد يُضاعف من خطورة الحالة بدلًا من تحسينها، أو قد يُصيب المُسعف نفسه بضررٍ غير متوقع.

لتحضير أنفسنا جيدًا لأي مستجدَ، وللتعرف على المزيد من التفاصيل حول الإسعافات الأولية والطريقة الصحيحة للتعامل مع المواقف المختلفة بوعيٍ وسرعة وفعالية؛ تواصلت "هي" مع الدكتورة هدى الشعراوي، مدربة إنعاش القلب والمنسق الحالي لمجلس الإنعاش العربي في مصر، للحديث معها عن أهمية تعلَم مبادئ الإسعافات الأولية في إنقاذ المصابين قبل وصول الخدمة الطبية.

ما هي مبادئ الإسعافات الأولية؟

التأكد من النبض أولى خطوات التعامل مع الإغماء
التأكد من النبض أولى خطوات التعامل مع الإغماء

في البداية، أوضحت دكتورة هدى أن الإسعافات الأولية تعني التعامل مع المواقف الطبية الطارئة للحفاظ على حياة الإنسان حال تعرضه لخطرٍمفاجئ، من خلال تقليل آثار الإصابة وضررها حتى تصل المساعدة الطبية المناسبة.

وهناك بعض الأشخاص الذين يهتمون بالحصول على تدريباتٍ متعلقة بمبادئ الإسعافات الأولية، ووقتها يمكنهم التعامل بشكلٍ واعٍ مع أغلب المواقف الطارئة التي يتعرضون لها بشكل صحيح؛ خصوصًا مع حالات مرضى الضغط والسكر والكسور في الحوادث وبعض حالات النزيف.
وفي هذا السياق، نصحت دكتورة هدى بضرورة عدم التدخل للتعامل مع المصاب إذا لم يكن لدى الشخص المسعف معلوماتٍ كافية عن هذه الإصابة.

ما هي الأخطاء الشائعة التي يقوم بها المسعفون؟

في حالات الإصابات والحوادث، قد يواجه المُسعف بعض الضغوط والتوتر التي تجعله يرتكب أخطاءً غير مقصودة، تؤثر على تصرفه مع المصاب. وكشفت مدربة إنعاش القلب عن أبرز الأخطاء الشائعة في حالات الإسعافات الأولية؛مؤكدةً أنه في بعض الحالات لا يتم طلب المساعدة الطبية أولًا قبل بدء التعامل مع المصاب، خاصةً في حالات الحوادث التي يكون فيها أكثر من مصاب.عندها قد يتم التركيز مع شخصٍ واحد ويتم تجاهل التعامل مع باقي الحالات.

كثير من المسعفين أيضًا لا يقومون بتأمين أنفسهم بشكلٍ جيد قبل التعامل مع الحالات المصابة، خاصةً في حالات الماس الكهربائي ودوامات الغرق. وشددت دكتورة هدى على ضرورة الحذر مع النزيف إذا لم تكن لديكِ معلومةٌ مؤكدة حول مرض المصاب، لتجنب الإصابة العدوى والأمراض.

ما أبرز الحالات التي يمكن التعامل معها بشكلٍ آمن؟

حالات الإغماء المفاجئ يتعرض لها الكثير من الأشخاص، سواء في المنزل أو مكان العمل أو حتى في الأماكن العامة. حينها من الضروري التأكد من أن النبض يعمل بشكلٍ طبيعي، وبعدها يمكن تقديم شيءٍ ذو رائحة نفاذة لإفاقة المريض، أو رفع رجله لأعلى لزيادة ضخ الدم إلى المخ. وفي حالة عدم الاستجابة، من الضروري البدء في الإنعاش القلبي الرئوي " CPR".

أما في حالات الحروق، فيتم التعامل وفقًا للحالة؛ ففي المراحل البسيطة الأولية، من الممكن التعامل بالوصفات المنزلية بشكلٍ عادي، لكن في الحالات الصعبة، خاصةً إذا حدثت في شركة أو معمل، من الضروري التوجه إلى المستشفى، لأنه من الممكن أن تكون هناك مادةٌ حارقة ما زال مفعولها ممتدًا.

من الإصابات الشائعة أيضًا الكسور، وقالت مدربة إنعاش القلبأنه في حالة اضطر المسعف لنقل المصاب، من الضروري وضع الجزء المكسور على لوحٍ خشبي أو جسمٍ مستقيم وتثبيته، لتجنب أية مضاعفات أثناء النقل. فيما يتعلق بمرضى السكر، ففي حالة الانخفاض، من الضروري وضع شيء حلو المذاق تحت اللسان؛ أما في حالة ارتفاع السكر، يجب تناول العلاج والتوجه إلى المستشفى لمتابعةٍ طبية دقيقة.

حوادث الأطفال لا تنتهي، خاصة في السن الصغير، حيث يكونون عرضة

دكتورة هدى الشعراوي مدرب إنعاش القلب والمنسق الحالي لمجلس الإنعاش العربي في مصر رئيسية
دكتورة هدى الشعراوي مدرب إنعاش القلب والمنسق الحالي لمجلس الإنعاش العربي في مصر رئيسية

للكثير من المشكلات، منها التي تتعلق ببلع أجسامٍ صلبة وكبيرة؛ أكدت دكتورة هدى أنه في حالة بلع أي شيء غريب، من الممكن التعامل معه عن طريق حمل الطفل بزاويةٍ معينة والضرب على الظهر في اتجاه القصبة الهوائية حتى يخرج الجسم، موضحةً أن هناك الكثير من الفيديوهات لهذه المشكلة على الإنترنت يمكن الاستفادة منها.

تعلَم مباديء الإسعافات الأولية أمر ضروري

تُعدَ أجهزة الضغط والسكر وحقيبة الإسعافات الأولية، من الأدوات الطبية الضروري تواجدها في كل منزل؛ ومن الضروري أيضًا وجود شخص واحد في الأسرة لديه خبرة للتعامل مع الحالات الطارئة. وأوضحت دكتورة هدى أنه ليس من المهم الدراسة بشكلٍ عميق أو الاشتراك في دورات تعليمية لتعلَم مبادء الإسعافات، إنما من الممكن التعلَم من خلال الفيديوهات المتاحة أونلاين.
وأنهت حديثها مشيرةً إلى أنه من الممكن تدريب طلاب المدارس على الإسعافات الأولية ضمن الأنشطة المدرسية، من خلال فيديوهات توعية للتعامل مع الحالات المختلفة.

ماذا تقول الدراسات عن معرفة الناس بالإسعافات الأولية؟

رغم بساطة مبادئ الإسعافات الأولية، إلا أن الإحصاءات العالمية تكشف عن فجواتٍ كبيرة في الوعي والتدريب. إليكِ أبرز الأرقام التي توضح حجم التحدي وضرورة نشر ثقافة الإسعاف بين الناس:

  • نسبة الأشخاص الذين تلقوا تدريبًا على الإنعاش القلبي الرئوي عالميًا هي 42.04، بينما النسبة لمن تلقوا تدريبًا خلال آخر عامين فقط هي 10.02، وذلك حسب مراجعة منهجية نشرتها مجلة Resuscitation في مايو 2023.
  • نسبة من تلقوا تدريبًا على استخدام جهاز الصدمات القلبية عالميًا تبلغ 21.08، حسب نفس الدراسة في Resuscitation عام 2023.
    وفي أوروبا تصل نسبة التدريب على الإنعاش القلبي إلى 58.8، بينما في الشرق الأوسط تنخفض إلى 18.9، وفقًا لدراسة مجلة Resuscitation عام 2023.
  • هناك علاقةٌ قوية بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات إجراء الإسعافات الأولية من قبل المارة، حسب دراسة منشورة في PubMed عام 2021.
  • النساء أقل احتمالًا لتلقي الإنعاش القلبي في الأماكن العامة مقارنة بالرجال، حيث يحصل عليه 39 في المئة من النساء مقابل 45 في المئة من الرجال، حسب بيانات Resuscitation Outcomes Consortium من 2011 إلى 2015، منشورة في PubMed عام 2018.
  • احتمالية حصول الرجال على الإنعاش القلبي من المارة في الأماكن العامة تزيد بنسبة 27 مقارنة بالنساء، بحسب نفس الدراسة المنشورة في PubMed عام 2018.
  • كل زيادة بنسبة 5 في عدد المتدربين على الإنعاش القلبي ترتبط بزيادة قدرها 14 في معدلات النجاة بعد توقف القلب، وذلك حسب دراسة دنماركية نشرت في PubMed عام 2023.
  • النساء أقل احتمالًا من الرجال في الحصول على صدمات كهربائية في حالات توقف القلب بنسبة تصل إلى 26، حسب تسجيل شامل لحالات توقف القلب في ولاية فيكتوريا بأستراليا، منشور في PubMed عام 2024.
  • في 59 من الدراسات العالمية التي حللت الفروقات بين الجنسين في الحصول على الإنعاش القلبي، كانت النساء أقل تلقيًا للمساعدة، حسب مراجعة شاملة لـ 80 دراسة منشورة في PubMed عام 2022.

خلاصة القول، فإن الإسعافات الأولية من الأمور الضرورية الواجب التدرب عليها بشكل صحيح، للتعامل مع الحالات التي قد تتعرض لإصابات مفاجئة، حتى تصل الخدمة الطبية الأساسية. إنما من المهم أيضًا التعامل بحذر شديد عند القيام بهذه الإسعافات،بغية عدم تعريض المسعف حياته للخطر.