
منها ضبط الساعة البيولوجية للجسم: إليكِ أفضل طرق تنظيم النوم بعد الإجازة من خبير
العطلة الصيفية لا تعني فقط الاستمتاع بأجواء الاسترخاء بعيدًا عن ضغط الدراسة والعمل، بل هي فرصة معظمنا (أكادُ أجزم!) للتنعم بالسهر والنوم متأخرًا كل ليلة.
لكن هذه الفرصة، على جمالها، تنقلب لشيءٍ بشع وغير محبوب بعد انقضاء الصيف، وضرورة العودة لنظام النوم القديم الذي اعتدناه خلال فصل الشتاء (النوم والاستيقاظ باكرًا). قد يسهل على الكبار "إعادة برمجة" أجسامهم للعودة إلى ذلك الروتين، لكن الأطفال والمراهقين، وحتى الشباب، قد يجدون صعوبةً في العودة السريعة لروتين النوم السابق. وهو ما قد يُعرَضهم لمشكلاتٍ كبيرة إن لجهة الاستغراق في النوم أثناء الدراسة، أو لمشاكل عدم التركيز وضعف الانتباه والمزاجية خلال النهار.
لذا من الضروري دومًا، وقبل العودة للمدارس والجامعات، الطلب من أولادنا العودة تدريجيًا إلى نظام النوم السابق، بغية تجنب هذه المشكلات. وبما أننا قاب قوسين وأدنى من استئناف الدراسة بعد أيامٍ قليلة في الإمارات وبعض دول المنطقة، تحدثنا إلى الدكتور أحمد زين أيوب؛ أخصائي طب الأطفال في المستشفى السعودي الألماني، للوقوف منه على أفضل الطرق والنصائح لتنظيم النوم بعد الإجازة.

ملحوظة: قد تبدو هذه النصائح موجهةً بشكلٍ خاص للصغار والمراهقين، لكنها بالتأكيد يمكن أن تكون مناسبة لنا كبالغين وكبار في السن.
ما هي أفضل طرق تنظيم النوم بعد الإجازة؟
وفقًا للدكتور أيوب؛ يعتاد الأطفال السهر خلال الإجازات المدرسية، ويتأخرون بشكلٍ كبير عن مواعيد نومهم المنتظمة التي تستمر طيلة العام الدراسي، مما قد يؤثر على ساعاتهم البيولوجية ويُضعف نوعية نومهم. ومن ثم يؤدي كل ذلك إلى صعوباتٍ جمة في العودة إلى نمط النوم المعتاد خلال العام الدراسي.
ويشير أخصائي طب الأطفال إلى أن الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة (3-5 أعوام) يجب أن يحصلوا على عدد ساعات نومٍ تتراوح بين 10-13 ساعة. أما الأطفال في سن المدرسة (6- 13 عاما) فيجب أن يحصلوا على 9-11 ساعة نوم يوميا؛ فيما يتراوح عدد ساعات نوم الطلبة المراهقين (14-17 سنة) من 8-10 ساعات.
مؤكدًا أن عدم حصول الأطفال على قسطٍ كافٍ من النوم كل ليلة، قد يترتب عليه العديد من المشكلات الدراسية؛ حيث تُقلَل اضطرابات النوم من القدرة على التعلَم والاستماع والتركيز وحل المشكلات.
لذا يقدم الدكتور أيوب، لنا ولكِ عزيزتي، بعض النصائح التي يمكن اتباعها للمساعدة في ضبط الساعة البيولوجية في الجسم بعد الإجازة؛ وتتضمن ما يلي:
1. ضمان اتباع جدول وجباتٍ منتظم: بحيث يتم تناول الطعام في أوقاتٍ محددة كل ليلة، لتجنب الأرق فيما بعد.
2. الحصول على وقتٍ محدد للاستيقاظ والنوم: حتى وإن جافاكم النوم قليلًا، لا ضير من البقاء في السرير ومحاولة النوم؛ وبالتأكيد ستنجحون في ذلك بعد فترة.
3. تناول العشاء مبكرًا؛ بمعنى آخر، إذا كان موعد النوم في الثامنة مساءً، يجب تناول الطعام قبل ساعتين على الأقل لضمان هضم الطعام قبل الخلود للنوم، وتجنب الإصابة بالتلبك المعوي والأرق جراء بقاء المعدة ممتلئة.
4. النوم على مرتبةٍ ووسادة مريحة: لا تتعجبي عزيزتي، فالقماش المستخدم في تغطية الوسادة والمرتبة، مدى نعومته وملاءمته للجسم، وتوفيره للراحة والاسترخاء، يلعب دورًا كبيرًا في تنظيم دورة نومكِ.
5. تجنَب وضع الأجهزة الالكترونية في غرفة النوم: مثل الكمبيوتر المحمول، والهواتف المحمولة، والتلفزيون. وهذه النصيحة موجهة بصورةٍ خاصة وشديدة للمراهقين والشباب من جيل زد، ممن يتحججون بإكمال دروسهم في السرير، في حين أن الأخير للنوم فقط. (لديَ مراهقة وأتكلمُ عن تجربة!)
6. الحفاظ على درجة حرارة الغرفة باردة: خصوصًا في الإمارات، كون ارتفاع الحرارة قد يُسبَب الإزعاج ويجعلنا غير قادرين على النوم براحة. لكن حذاري، فالحرارة المتدنية جدًا في غرفة النوم قد تُسبَب الأرق أيضًا؛ لذا اعمدي إلى ضبط حرارة الغرفة وفق ما يناسبكِ.
7. جعل الغرفة مظلمة: هذه النصيحة جدًا مهمة للكبار كونهم ينشغلون بالضوء أكثر من الصغار؛ لكن لا ضير من وضع إضاءة خافتة في غرف الأطفال ومن يخافون العتمة الشديدة.
8. تجنَب قيلولة النهار: ونتحدثُ هنا بشكلٍ أساسي على القيلولة التي تأخذ أكثر من نصف ساعة كل يوم.
9. القيام بأنشطة بدنية منتظمة: بشرط أن تكون معتدلة وقبل ساعات من موعد النوم؛ في حال كنتِ تعانين من أرقٍ شديد ولا تحبين التمرَن قبل النوم، يمكنكِ اللجوء إلى تمارين اليوغا أو التنفس لزيادة الاسترخاء والاستغراق في النوم.

من كل ما تقدم؛ يتضح لنا بما لا يقبل الشك، أن النوم عنصرٌ هام وجذري في صحتنا ورفاهنا. وعليه ينبغي معرفة الفوائد المهمة التي يعكسها النوم على الصحة الجسدية والنفسية والفكرية على حد سواء، وهو ما سوف نتعرف عليه في السطور التالية..
ما أهمية النوم للصحة الجسدية والنفسية؟
النوم هو حالةٌ طبيعية من الراحة الجسدية والعقلية؛ يتميز بانخفاض الوعي والاستجابة للمُنبهات الخارجية، حيث يقوم الجسم والدماغ خلاله بتجديد الطاقة واستعادة النشاط.
من هذا التعريف البسيط، يتبين لنا أهمية النوم على رخائنا البدني والفكري؛ فالنوم ضروريٌ للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية، تحسين الأداء اليومي، وتقليل خطر الأمراض المزمنة حسبما ذكر موقع وزارة الصحة السعودية. يمرَ النوم بمراحل مختلفة، بما في ذلك النوم الخفيف والنوم العميق وحركة العين السريعة (REM)، ولكل مرحلةٍ وظائفها الخاصة.
النوم ليس مجرد فترة راحة، بل هو عمليةٌ ضرورية لتجديد الخلايا والأنسجة، وتنظيم الهرمونات، وتحسين الوظائف الإدراكية والذاكرة، وتقوية جهاز المناعة، وحتى تنظيم المزاج.
وإذا ما أردنا تفصيل كل ناحية على حدة، سنجد أن أهمية النوم للصحة الجسدية تكمن في:
1. تجديد الخلايا والأنسجة: خلال النوم، يقوم الجسم بإصلاح الخلايا التالفة وتجديدها، مما يُعزَز الصحة العامة ويساهم في الوقاية من الأمراض.
2. تنظيم الهرمونات: يؤثر النوم على إفراز الهرمونات المختلفة، بما في ذلك هرمونات النمو والتمثيل الغذائي والتوتر.
3. تقوية جهاز المناعة: الحصول على قسط كافٍ من النوم يُعزَز وظائف الجهاز المناعي، مما يجعلكِ أقل عرضةً للإصابة بالعدوى والأمراض.
4. تحسين الأداء البدني: يُقوَي النوم الجيد القدرة على التحمل، كما يُحسَن السرعة، ويُقلَل من خطر الإصابة.
5. تحسين صحة القلب والأوعية الدموية: يساعد النوم الكافي في تنظيم ضغط الدم، مما يُقلَل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
أما أهمية النوم للصحة النفسية، فيمكن تلخيصها بالآتي:
1. تقليل التوتر والقلق: إذ يساعد النوم الجيد على تنظيم مستويات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يُقلَل من التوتر والقلق.
2. تحسين المزاج: يرتبط النوم الجيد بتحسن المزاج وزيادة الشعور بالسعادة، في حين أن قلة النوم قد تؤدي إلى تقلباتٍ مزاجية واكتئاب.
3. تعزيز الوظائف الإدراكية: النوم ضروري لتحسين الذاكرة والتركيز والقدرة على التعلَم واتخاذ القرارات.
4. دعم الصحة العقلية: يساعد النوم الجيد في معالجة المشاعر والعواطف، مما يُعزَز الاستقرار النفسي.
5. تحسين الإبداع: يلعب النوم دورًا بارزًا في تعزيز الإبداع والقدرة على حل المشكلات.

باختصار، النوم الجيد ضروري للحفاظ على صحة الجسم والعقل. لذا يجب الحرص دومًا للحصول على قسطٍ كافٍ من النوم بانتظام، واتباع عادات نومٍ صحية للحفاظ على الصحة العامة.
ومع اقتراب العودة للدراسة والعمل، لا بد من تنظيم الساعة البيولوجية للجسم التي يُصيبها بعض الاضطراب خلال العطلة الصيفية، من أجل ضمان نومٍ أفضل وأداءٍ أحسن سواء في الدراسة أو عند القيام بالأعمال اليومية.