الفوائد الصحية للاقلاع عن التدخين

بعد 20 دقيقة يعود ضغط الدم إلى طبيعته: إليكِ الفوائد الصحية للاقلاع عن التدخين من خبير

جمانة الصباغ

هل تساءلتِ يومًا كم سيجارة دخنتها في حياتكِ؟ وكم نفسًا من الهواء النقي خسرتهِ؟

يُعدَ التدخين مشكلةً صحية عالمية رئيسية، إذ يتسبب في حوالي 8 ملايين حالة وفاة مُبكرة سنويًا. ويشمل ذلك أكثر من 7 ملايين حالة وفاة ناجمة عن الاستخدام المباشر للتبغ، وحوالي 1.3 مليون حالة وفاة ناجمة عن التعرض للتدخين السلبي.

عالميًا، بلغ عدد المدخنين حوالي 22.3% من السكان في عام 2020، منهم 36.7% من الرجال و7.8% من النساء. وتُسجل أعلى معدلات التدخين في دول مثل ناورو (46.7%) وميانمار (42.3%) وصربيا (39%). كما لا تزال معدلات التدخين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرتفعةً على الرغم من الجهود العالمية للحد من استخدام التبغ.

الفوائد الصحية للاقلاع عن التدخين
الفوائد الصحية للاقلاع عن التدخين

ومن بين الإحصاءات الرئيسية الأخيرة للمنطقة:

•       يُسجل لبنان أعلى معدل تدخين في المنطقة، بمتوسط 1955 سيجارة للشخص الواحد سنويًا.

•       تُسجل ليبيا والكويت أيضًا معدلات تدخينٍ مرتفعة، بمتوسط 1764 و1849 سيجارة للشخص الواحد سنويًا على التوالي.

•       في المقابل، تُسجل الإمارات العربية المتحدة أحد أدنى معدلات التدخين في المنطقة، حيث تبلغ نسبة المدخنين حوالي 14% بين الرجال و2% بين النساء.

•       التدخين متأصل في التقاليد الاجتماعية والثقافية، وغالبًا ما يحدث في المقاهي والتجمعات.

•       تُشكَل الأمراض المرتبطة بالتبغ، بما في ذلك سرطان الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية، عبئًا صحيًا كبيرًا في المنطقة.

تشمل جهود الحد من التدخين سياساتٍ مختلفة، مثل اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (WHO FCTC)، التي تهدف للحد من تعاطي التبغ في جميع أنحاء العالم.

في 31 مايو من كل عام، يُحتفل بـ اليوم العالمي للتوقف عن التدخين. هذا اليوم ليس مجرد مناسبةٍ رمزية، بل إنه فرصة حقيقية لنفكر، ونتساءل، ونتخذ قراراتٍ جادة لإنقاذ أنفسنا ومن نحب.

يُحدثَنا الدكتور أحمد شحاته، أخصائي أمراض الرئة في مستشفى الإمارات التخصصي، عن أبرز الفوائد التي نجنيها من الاقلاع عن التدخين؛ والمثير في الأمر، أن جني تلك الفوائد يبدأ في أقل من نصف ساعة من اتخاذنا قرار ترك التبغ بجميع مشتقاته.. إليكِ التفاصيل.

الدكتور أحمد شحاته أخصائي أمراض الرئة في مستشفى الإمارات التخصصي
الدكتور أحمد شحاته أخصائي أمراض الرئة في مستشفى الإمارات التخصصي

ما هو التدخين؟ ولما هو خطير؟

التدخين هو عملية حرق مادةٍ تحتوي على التبغ، واستنشاق الدخان الناتج عنها. وعلى الرغم من أن هذه العادة قد تبدو بسيطةً أو "مُتنفسًا" للبعض، إلا أنها في الواقع واحدةً من أخطر المُسببات للأمراض والوفيات حول العالم.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية:

1.     يقتل التدخين أكثر من 8.7 مليون شخص سنويًا.

2.     من بين هؤلاء، هناك 1.3 مليون شخص لا يدخنون، لكنهم يتعرضون للدخان في المنزل أو العمل، أي ما يُعرف بـ "التدخين السلبي".

يُعتبر التدخين السبب الرئيسي في أمراض خطيرة مثل سرطان الرئة، الفم، الحنجرة، والمثانة؛أمراض القلب والسكتات الدماغية؛ أمراض الجهاز التنفسي المُزمنة مثل الربو والانخفاض الحاد في وظائف الرئة؛ الضعف الجنسي والعقم؛ شيخوخة الجلد المُبكرة، واصفرار الأسنان.

الفيب والتدخين الإلكتروني: السم نفسه بعلبةٍ جديدة

في السنوات الأخيرة، ظهر نوعٌ جديد من التدخين يُسمى الفيب أو السجائر الإلكترونية. هذه الأجهزة تُسخَن سائلًا يحتوي على نيكوتين ونكهات ومواد كيميائية، ويتم استنشاقه على شكل بخار.

ورغم الدعاية التي تقول إن الفيب "أخف ضررًا"، إلا أن الحقيقة مختلفة تمامًا. إذ تؤكد دراساتٌ حديثة أن الفيب يحتوي على النيكوتين، وهو مادةٌ تُسبَب الإدمان وتؤثر على القلب والدماغ.

تحتوي نكهات الفيب على مواد قد تؤدي إلى التهاب الرئة الحاد، وتلفٍ دائم في أنسجة الرئة. وبعض مستخدمي الفيب، أصيبوا بما يُعرف بـ "رئة الفشار" – وهو مرضٌ نادرٌ وخطير سببه مادة تُستخدم في النكهات.

الاستخدام المتكرر للفيب قد يؤدي إلى اضطراباتٍ في النوم، القلق، الاكتئاب، وضعف التركيز. وهناك تزايدٌ في حالات دخول المراهقين إلى الطوارئ بسبب الفيب، خصوصًا مع توفر نكهاتٍ مُغرية للأطفال مثل العلكة والمانجو والتوت.

التدخين نوعٌ من الادمان يتسبب باضطرابات النوم والاكتئاب
التدخين نوعٌ من الادمان يتسبب باضطرابات النوم والاكتئاب

لماذا يصعب الاقلاع عن التدخين؟

سؤالٌ يجول في خاطر الكثيرين، ويجيب عليه الدكتور شحاته؛ الإقلاع عن التدخين ليس بالأمر السهل، لأنه يتضمن:

•       إدمان جسدي: بسبب النيكوتين الذي يُغيَر كيمياء الدماغ.

•       اعتياد نفسي: يربط الشخص التدخين بالراحة أو التركيز أو التسلية.

•       تأثير اجتماعي: وجود مدخنين في العائلة أو الأصدقاء.

•       الخوف من الفشل: تجربة الإقلاع الفاشلة في الماضي قد تمنع المحاولة من جديد.

لكن الخبر الجيد هو: الإقلاع ممكن، وملايين الأشخاص نجحوا بالفعل. ماذا تنتظرين عزيزتي لاتخاذ الخطوة الأولى نحو استعادة عافيتكِ وصحتكِ؟

تبحثين عن الخطوات الأمثل لتحقيق ذلك؟ لا داعي للقلق.. فالدكتور شحاته أفادنا بها.

ما هي الخطوات البسيطة التي تساعدكِ في الإقلاع عن التدخين؟

وفقًا لأخصائي أمراض الرئة، فإن قرار الاقلاع عن التدخين اليوم يتطلب تحديد بعض المعايير والعوامل، وهي كما يلي:

1.     حدَدي السبب: هل هو صحتكِ؟ أولادكِ؟ مالكِ؟ ركّزي على دافعٍ قوي للبدء بقوة.

2.     اختاري تاريخًا للاقلاع والتزمي به.

3.     أخبري عائلتكِ وأصدقائكِ ليقدموا لكِ الدعم.

4.     تجنَبي المُحفزات: كالقهوة، والسهر، وأماكن التدخين.

5.     أشغلي وقتكِ بأنشطة جديدة، مثل المشي، الرياضة، والقراءة.

6.     استخدمي بدائل النيكوتين مثل العلكة أو اللصقات، بعد استشارة الطبيب.

7.     سجّلي تقدمكِ يومًا بيوم، واحتفلي بالنجاحات الصغيرة.

لا شك في أن الاقلاع عن التدخين صعبٌ وشاق، لكن معرفة فوائده فيما بعد، سوف تُشجعكِ أكثر على الاستمرار.

ماذا يحدث لجسمكِ بعد الإقلاع؟

ستتفاجئين مثلي عزيزتي، أن صحتكِ ستبدأبالتحسن بعد أقل من نصف ساعة من تخلَيكِ عن التدخين:

•       فبعد 20 دقيقة: يعود ضغط الدم ومعدل ضربات القلب إلى طبيعتهما.

•       بعد 12 ساعة: تنخفض نسبة أول أكسيد الكربون في الدم.

•       بعد أسبوعين إلى 3 أشهر: تتحسن وظائف الرئة والدورة الدموية.

•       بعد سنة: يقلَ خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 50%.

•       بعد 10 سنوات: يقلَ خطر الوفاة بسرطان الرئة بنسبةٍ كبيرة جدًا.

ماذا عن أطفالنا؟

التدخين والفيب لا يؤذيانكِ وحدكِ، بل يضعان من حولكِ في دائرة الخطر. فالطفل الذي يعيش مع مُدخنين، مُعرَضٌ أكثر بـ 3 مرات للإصابة بالربو، والتهابات الأذن، وضعف المناعة.والمراهق الذي يرى أحد والديه يدخن، غالبًا ما يجرب التدخين في سنٍ مبكرة.

بات الفيب من منتجات التبغ الخطيرة التي تهدد حياة المراهقين والشباب
بات الفيب من منتجات التبغ الخطيرة التي تهدد حياة المراهقين والشباب

هذا العام، تُركَز الحملة العالمية على منع الشباب من الانجراف نحو الإدمان، خصوصًا من خلال:

1.     منع ترويج الفيب في المدارس وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

2.     حظر بيع الفيب بنكهاته للأطفال.

3.     إدخال دروس توعية في المناهج الدراسية.

4.     دعم الأهل بالمعلومات الكافية لمساعدة أبنائهم.

في الختام؛ اليوم العالمي للتوقف عن التدخين هو فرصةٌ حقيقية لبداية جديدة، فلنبدأ من اليوم.

ربما حاولتِ من قبل وفشلتِ، وربما تشكين بقدرتكِ على التوقف. لكن الحقيقة أنكِ أقوى مما تظنين؛ صحتكِ أغلى، أولادكِ يستحقون أن تكبري معهم لا أن تتركيهم باكرًا، وحياتكِ بدون نيكوتين أخف، أنقى، وأسعد.

لذا ابدأي اليوم؛ لا تنتظري مروركِ بأزمةٍ صحية، ولا تدعي عادةً سيئة مثل التدخين، تُقرر مصيركِ.