كل ما تريدين معرفته حول نوبات القلب لدى النساء

النوبات القلبية بين نساء الشرق الأوسط تزداد بنسبة 50%: ما الأسباب؟

جمانة الصباغ

في تحذيرٍ صارخ للنساء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كشف تقريرٌ جديد للمستهلكين أصدرته شركة زيورخ العالمية للتأمين على الحياة – الشرق الأوسط؛ عن ارتفاعٍ مُقلق في حالات الإصابة المبكرة بأمراض القلب والأمراض الحرجة، مصحوبًا بفجوةٍ كبيرة في التغطية التأمينية قد تُعرَض معظم النساء لمخاطر مالية جسيمة.

وأظهر تقرير مطالبات العملاء المدفوعة لعام 2025، الصادر عن شركة زيورخ العالمية للتأمين على الحياة، زيادة بنسبة 50% في عدد مطالبات الوفاة الناتجة عن النوبات القلبية والسكتات الدماغية بين النساء منذ عام 2020. ويُثير هذا الارتفاع قلقًا بالغًا في الأهمية، خاصةً لارتباطه بتزايد عوامل الخطر المرتبطة بنمط الحياة، مثل التدخين وقلة النشاط البدني، التي أصبحت أكثر شيوعًا بين النساء من مختلف الأعمار.

وبحسب التقرير، فقد جاءت أبرز النقاط على الشكل التالي:

الدكتور حسام بله استشاري أمراض القلب في المستشفى السعودي الألماني
الدكتور حسام بله استشاري أمراض القلب في المستشفى السعودي الألماني
  • 1 من كل 10 نساء تقدمت بمطالبات لمزايا الحياة لأمراض القلب، كانت مُدخنة.
  • متوسط التغطية التأمينية على الحياة للرجال أعلى بنسبة 88% من متوسط التغطية لدى النساء.
  • 3 من كل 5 نساء يمتلكنَ تغطيةً تأمينية على الحياة تقل عن 200 ألف دولار أمريكي.
  • زيادة بنسبة 50% في عدد مطالبات الوفاة الناتجة عن النوبات القلبية والسكتات الدماغية بين النساء منذ عام 2020.

يصف الخبراء هذا التطور الصحي المتصاعد بأنه "وباءٌ صامت"، لأن كثيرًا من الحالات تُشخَص في مراحل متأخرة؛ وغالبًا ما يُخطئ الأطباء والنساء أنفسهنَ في تفسير الأعراض، مما يؤدي إلى تأخرٍ كبير في الحصول على العلاج اللازم.

ويقول الدكتور حسام بله، استشاري أمراض القلب في المستشفى السعودي الألماني؛ أنه لطالما ارتبطت أمراض القلب بالصورة النمطية للرجال، ولكن الواقع يتغير. فالنساء اليوم يواجهنَ نفس عوامل الخطر التي كانت تقتصر سابقًا على الرجال، بل وقد تكون بعض هذه العوامل أكثر تأثيرًا عليهنَ، كالتغيرات الهرمونية والنفسية.

اللافت أن النوبات القلبية لدى النساء تحدث أحيانًا دون ألمٍ في الصدر؛ بل تظهر على شكل تعبٍ مفاجئ، ضيقٍ في التنفس، دوخة، اضطرابات في النوم، شعور بالقلق، أو حتى آلام في الفك والظهر، وهي أعراضٌ غير تقليدية تؤدي إلى تشخيصاتٍ خاطئة مثل التوتر أو فقر الدم أو اضطرابات المعدة.

للوقوف أكثر على حيثيات هذه الزيادة المخيفة في أعداد النساء المصابات بالنوبات القلبية في منطقة الشرق الأوسط، أسبابها وطرق الوقاية؛ تحدثنا إلى الدكتور حسام بله الذي وافانا مشكورًا بالمعلومات القيَمة التالية..

ما هي أسباب ارتفاع نوبات القلب لدى النساء؟

عطفًا على ما ذكرناه في بداية المقال، من ارتباط نمط الحياة غير الصحي والخامل بزيادة نسبة النساء المصابات بالنوبات القلبية في منطقة الشرق الأوسط؛ يؤكد الدكتور بله على هذه العوامل، ويشرحها على الشكل الآتي:

1. نمط الحياة الحديث والمتحول

إحمي نفسكِ من نوبات القلبية المتزايدة باتباع إجراءات الوقاية الغذائية والحياتية
إحمي نفسكِ من نوبات القلبية المتزايدة باتباع إجراءات الوقاية الغذائية والحياتية

مع تطوَر الحياة الحضرية، أصبح من الشائع أن تقضي النساء ساعاتٍ طويلة في العمل أو المنزل دون ممارسة أي نشاطٍ بدني يُذكر. كما تزايد الاعتماد على السيارات والمصاعد والجلوس المُفرط أمام الشاشات، الأمر الذي يُقلَل من حركة الجسم ويؤثر سلبًا على صحة القلب.

وهو ما قد يزيد من خطر تعرَضكِ عزيزتي لنوبات القلب وغيرها من المشاكل الصحية، في حال لم تتداركي الأمر باكرًا.

2. التغذية السيئة والصامتة

بات انتشار مطاعم الوجبات السريعة وتناول الأطعمة المُصنعة والمُعلبة، للأسف، جزءًا لا يتجزأ من حياةٍ يومية مزدحمة؛ حيث تعاني معظم النساء العاملات من إيجاد الوقت لتحضير الطعام في المنزل بسبب ساعات العمل الطويلة، ما يُضطرهنَ لطلب الوجبات الجاهزة والسريعة وتناولها. ومع ارتفاع استهلاك السكريات والدهون الضارة والملح الموجودة في مثلا هذه الوجبات، تتراكم الدهون في الشرايين تدريجيًا وتُضعف تدفق الدم إلى القلب.

في المرة القادمة التي تطلبين فيها وجبةٍ سريعة للغداء أو العشاء، فكرَي عزيزتي بمضاعفات هذا الأمر على صحتكِ..

3. السُمنة والسكري وارتفاع الكوليسترول

تُعتبر هذه الثلاثية أحد أكبر مُسبَبات النوبات القلبية. ويُلاحظ في الشرق الأوسط، ارتفاعًا واضحًا في معدلات السُمنة بين النساء، وهو ما يرتبط بدوره بارتفاع ضغط الدم ومستويات السكر والكوليسترول. وهذه جميعها، عوامل تعمل بشكلٍ خفي على إضعاف الأوعية الدموية للقلب وزيادة خطر التعرض لنوبات القلب.

4. الضغوط النفسية والإجهاد العقلي

تلعب الصحة النفسية دورًا أساسيًا في صحة القلب. فالمرأة التي تواجه ضغوطاتٍ في العمل أو داخل الأسرة، أو تعاني من الشعور الدائم بالذنب أو عدم الإنجاز؛ قد تكون مُعرضةً أكثر لتأثيرات التوتر على الجهاز القلبي الوعائي. فالتوتر المستمر يرفع ضغط الدم، ويزيد من التهابات الجسم، ويؤدي في النهاية إلى تآكلٍ صامت في جدران الشرايين.

5. انقطاع الطمث وتغيَر الهرمونات

يُعدَ انقطاع الطمث مرحلةً فارقة في حياة المرأة، حيث تنخفض مستويات هرمون الإستروجين، الذي كان يوفّر حمايةً طبيعية للقلب. ومع هذا الانخفاض، تزداد فرص الإصابة بتصلَب الشرايين والنوبات القلبيةبالتزامن مع ارتفاع ضغط الدم.

ارتفاع الضغط قد يبدأ باكرًا وقبل سن الثلاثين، بنسبة قد تصل إلى 10%؛ ويحدث ارتفاع الضغط لدى بعض النساء بعد الولادة، وقد يستمر بشكلٍ صامت دون أية أعراض مهمة كالصداع أو التعب أو ضيق التنفس. علمًا أن الضغط الشرياني الطبيعي، وفي حال قياسه في المنزل، لا يجب أن يتجاوز 85/125 إلا في حالات الشدة والتوتر.

إذا كنتِ تمرين بمرحلة انقطاع الطمث، أو تعرفين نساءً يحاولنَ اجتيار هذه المرحلة بأمان؛ من الضروري لكنَ جميعًا استشارة طبيب القلب حول هذه المسألة الخطيرة.

6. قلة الوعي المجتمعي والطبي

لا تدعي التوتر وقلة النوم يزيدان من خطر تعرضكِ لنوبات القلب
لا تدعي التوتر وقلة النوم يزيدان من خطر تعرضكِ لنوبات القلب

رغم التقدم الطبي، لا تزال المعرفة المجتمعية – وحتى الطبية أحيانًا – بأعراض النوبات القلبية لدى النساء محدودةً. وهذا ما قد يؤدي إلى تأخير التشخيص أو إعطاء علاجاتٍ غير مناسبة، ما يزيد من مضاعفات المرض لدى النساء.

ما هي طرق الوقاية من نوبات القلب لدى النساء؟

الوقاية هي مسؤولية ذاتية ومجتمعية، يقول الدكتور بله؛ مشيرًا إلى أن الخبر الإيجابي في هذا الموضوع، هو أن الوقاية من النوبات القلبية مُمكنة وفعالة إذا تمَ اتخاذ خطواتٍ جدية ومُبكرة.

لذا لا تترددي عزيزتي في وضع خطةٍ وقائية تحميكِ ومن تحبين من نوبات القلب المميتة، باتباع أهم الإجراءات التالية كما وافانا بها استشاري أمراض القلب في المستشفى السعودي الألماني:

•       الفحص الدوري لضغط الدم، السكر، والكوليسترول، حتى دون وجود أعراض.

•       ممارسة الرياضة بانتظام ولو لمدة 30 دقيقة يوميًا، مثل المشي السريع أو السباحة أو حتى الرقص.

•       اتبَاع نظامٍ غذائي متوازن يعتمد على الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة، البروتينات الصحية، والدهون المفيدة مثل زيت الزيتون.

•       إدارة التوتر عبر التأمل، تمارين التنفس، أو الدعم النفسي.

•       التوقف عن التدخين بكافة أشكاله، بما في ذلك الشيشة والسجائر الإلكترونية.

•       النوم المنتظم: تلعب الراحة الكافية ليلاً، دورًا مهمًا في تنظيم ضربات القلب وحماية الأوعية الدموية.

في الختام؛ وفي رسالته إلى كل امرأة تقرأ هذه المقالة، يقول الدكتور بله: إذا شعرتِ بتعبٍ غير مُبرر، أو خفقانٍ متكرر، أو ألمٍ غريب في الفك أو الكتف، لا تهملي الأمر. استمعي إلى جسدكِ، ولا تتركي أحدًا يُقلَل من شكواكِ. النوبة القلبية قد لا تكون صاخبة، لكنها تحتاج دائمًا إلى صوتكِ ووعيكِ كي لا تمرّ بصمت.

بدورنا، نتوجه إلى جميع قارئات "هي" العزيزات، لدعوتهنَ إلى الاعتناء بصحة قلوبهنَ كما يعتنينَ بصحة الجميع من حولهنَ؛ فأنتِ عزيزتي أساس البيت والمجتمع، والجميع بحاجة إليكِ كي تكوني بأتم الصحة والعافية.