ماهو السكر التراكمي؟ أهم الأعراض وطرق العلاج

مرآتكِ الحقيقية لتجنب داء السكري: تعرفي معنا ما هو السكر التراكمي.. وأهم الأعراض وطرق العلاج

جمانة الصباغ

عندما نتحدث عن السكر التراكمي، فإننا بطبيعة الحال نتحدث عن ميزةٍ خاصة بداء السكري Diabetes من الضروري فهمها والتعامل معها بالطرق المناسبة.

يصيب مرض السكري الملايين حول العالم، ويؤدي إلى العمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف. وفي عام 2021، أُصيب 537 مليون بالغ على مستوى العالم (شخصٌ واحد من كل 10 أشخاص) بالسكري؛ ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 643 مليون شخص بحلول عام 2030 و783 مليون شخص بحلول عام 2045.

يعيش أكثر من 75% من البالغين المصابين بالسكري في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ويعاني ما يقرب من 36٪ من المصابين بالسكري من الضغوط النفسية، فيما يخشى 63٪ منهم من المضاعفات، ويكافح 28٪ منهم للاحتفاظ بموقفٍ إيجابي إزاء حالتهم. وتؤكد هذه الأرقام على تحديات الصحة النفسية الكبيرة التي يتعيَن التصدي لها في مجال التدبير العلاجي للسكري، والحاجة إلى دعم شامل؛ فالسكري ليس مرضًا بحد ذاته، بل مضاعفاته والآثار السلبية الناجمة عنه، هي ما يضع مريض السكري في معركةٍ دائمة وقلقٍ وتوجس مما ينتظره.

ويعاني إقليم شرق المتوسط من أعلى معدلات انتشار السكري في العالم، بحسب ما جاء على موقع منظمة الصحة العالمي؛ وهو يضم 6 بلدان من بين 10 دول لديها أعلى المعدلات على مستوى العالم. وفي الوقت الحالي، يعاني من المرض 73 مليون شخص بالغ (شخصٌ واحد من كل 6 أشخاص). وبحلول عام 2045، من المتوقع أن يرتفع العدد بنسبة 86%، ليصل إلى 136 مليون شخص، وهو ثاني أكبر زيادة على مستوى العالم. مع الإشارة إلى أن ثلث الحالات لم يتم تشخيصها، مما يُسلَط الضوء على وجود فجواتٍ في الكشف والرعاية، وسُجلت 796000 حالة وفاة مرتبطة بالسكري في عام 2021. كما يعاني الإقليم من أعلى نسبة (24.5%) من الوفيات الناجمة عن السكري في صفوف الأفراد في سن العمل.

السكر التراكمي: تساؤلاتٌ بحاجة لإجابات وافية

الدكتورة نجوى عكاشة أخصائي الغدد الصماء والطب الباطني في المستشفى الدولي الحديث
الدكتورة نجوى عكاشة أخصائي الغدد الصماء والطب الباطني في المستشفى الدولي الحديث

كل هذه الأرقام والتوقعات المخيفة، تطرح الكثير من الأسئلة حول السُبل الأنجع والأسرع لتقليص حجم الإصابات بهذا الداء حول العالم. ويبقى الوعي الذاتي والتثقيف الصحي حول السكر التراكمي، مسألةٌ مهمة، لتجنب الإصابة بالمرض؛ خاصةً لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخٌ عائلي للإصابة، مثلي. فقد أجريتُ منذ فترةٍ فحصًا للسكر التراكمي، والحمدالله، جاءت النتيجة 5.2 (في حين أن المعدل الطبيعي لهذا المؤشر يجب أن يكون دون 5.7)؛ وهو ما أراحني بعض الشيء، كون والدتي توفيت بسبب مرض السكري، ولديَ حاليًا ستة من أخواتي يعانون من هذا الداء.

لكن ما هو السكر التراكمي، ولماذا يجب أن نحتفظ به ضمن مستوياتٍ منخفضة، لدرء خطر السكري؟ ما هي الأعراض التي تترافق مع ارتفاعه، وكيف يمكننا علاجه؟ أسئلةٌ عدة حملناها إلى الدكتورة نجوى خليل عكاشة؛ أخصائي الغدد الصماء والطب الباطني في المستشفى الدولي الحديث دبي، التي أفادتنا مشكورةً بالمعلومات التالية..

ماهو السكر التراكمي؟

السكر التراكمي (HbA1c) هو تحليلٌ يُستخدم لقياس متوسط مستوى السكر في الدم خلال الثلاثة أشهر الماضية. ويعتمد الاختبار على نسبة الهيموغلوبين المرتبط بالجلوكوز في الدم، وهو أداةٌ أساسية لتشخيص مرض السكري ومتابعة فعالية العلاج لدى المصابين به.

  • المعدل الطبيعي للسكر التراكمي: أقل من 5.7%
  • ما قبل السكري: من 5.7% إلى 6.4%
  • السكري: 6.5% أو أكثر.

لماذا يعتبر فحص السكر التراكمي مهمًا؟

التغذية السليمة من طرق علاج ارتفاع السكر التراكمي
التغذية السليمة من طرق علاج ارتفاع السكر التراكمي

لأنّه يقدّم صورةً شاملة عن استقرار مستويات السكر، على عكس الفحوصات اللحظية؛ مثل سكر الصائم أو بعد الأكل، التي قد تتأثر بعوامل يومية كالطعام أو التوتر.

بالطبع، يحتاج الأشخاص الذين لديهم تاريخٌ عائلي للإصابة بمرض السكري، لإجراء فحص السكر التراكمي حسبما ينصح الطبيب. لكن من المؤكد، أن ثمة حاجةٍ ملحة للقيام بهذا الفحص في حال الشعور بأعراضٍ غير طبيعية يمكن أن تُنبأ بارتفاع معدلاته عن الطبيعي.

ما هي أعراض ارتفاع السكر التراكمي؟

وفقًا للدكتورة نجوى، فارتفاع السكر التراكمي يعني أن معدلات السكر في الدم كانت مرتفعةً لفترةٍ طويلة.

ومن أبرز الأعراض التي تؤشر لذلك:

1.     العطش الشديد وجفاف الفم.

2.     كثرة التبول، خاصة ليلاً.

3.     التعب والإرهاق المزمن.

4.     تشوش الرؤية.

5.     بطء التئام الجروح.

6.     فقدان الوزن المفاجئ (رغم تناول الطعام).

7.     الالتهابات المتكررة، خاصةً الجلدية أو البولية.

8.     وخز أو تنميل في الأطراف (اليدين والقدمين).

ظهور مثل هذه الأعراض، يستلزم مراجعة الطبيب المختص الذي سوف يعمل على تحديد مُسببات الارتفاع وكيفية علاجه. وهنا يُطرح السؤال المهم: ما الأسباب التي قد تؤدي لارتفاع السكر التراكمي؟

السكر التراكمي هو تحليلٌ يُستخدم لقياس متوسط مستوى السكر في الدم
السكر التراكمي هو تحليلٌ يُستخدم لقياس متوسط مستوى السكر في الدم

تشير الدكتورة عكاشة إلى مجموعة عوامل وأسباب، قد تقف وراء ارتفاع السكر التراكمي عن مستوياته الطبيعية؛ وتتمثل فيما يلي:

•       ضعف التحكم في النظام الغذائي.

•       عدم الانتظام في تناول أدوية السكري أو الأنسولين.

•       قلة النشاط البدني.

•       الضغوط النفسية المزمنة.

•       الإصابة بأمراضٍ أخرى تؤثر على التمثيل الغذائي.

•       سكري الحمل.

ما هي طرق علاج ارتفاع السكر التراكمي؟

من الضروري التنويه إلى أن ارتفاع معدلات السكر بالدم، ومنها ارتفاع السكر التراكمي، هي مسألةٌ في غاية الأهمية ولا ينبغي إغفالها أبدًا؛ كي نتجنب مضاعفات هذه الارتفاعات على الصحة.

ويحتاج ارتفاع السكر التراكمي لعلاجٍ دوائي، بجانب إجراء تعديلاتٍ على نمط الحياة؛ تُطلعنا عليها الدكتورة نحوى في التالي:

1.     التغذية السليمة: تناول كميات معتدلة من الكربوهيدرات المُعقدة (حبوب كاملة، خضار)؛ الابتعاد عن السكريات البسيطة والمشروبات الغازية؛ وتقسيم الوجبات إلى 5-6 وجبات صغيرة طوال اليوم.

2.     ممارسة الرياضة: على الأقل 30 دقيقة يومياً، مثل المشي السريع، السباحة أو ركوب الدراجة. وتساعد التمارين في تحسين حساسية الجسم للأنسولين.

3.     الالتزام بالأدوية: لمرضى السكري، ينبغي تناول أدوية السكر أو حقن الأنسولين حسب تعليمات الطبيب؛ ومراجعة الجرعة في حال تغيّر الوزن أو النظام الغذائي.

4.     المراقبة المنتظمة: من خلال فحص السكر التراكمي كل 3 أشهر، ومتابعة مستويات سكر الدم اليومي باستخدام جهاز القياس المنزلي.

5.     تقليل التوتر: الذي يؤثر بصورةٍ سلبية على مستويات السكر؛ ولتحقيق ذلك، يمكنكِ ممارسة التأمل أو اليوغا أو التنفس العميق.

هل يمكن خفض السكر التراكمي دون أدوية؟

مارسي الرياضة بانتظام للوقاية من ارتفاع السكر التراكمي
مارسي الرياضة بانتظام للوقاية من ارتفاع السكر التراكمي

في بعض الحالات، أجل، تقول الدكتورة عكاشة؛ خاصةً عند مرضى ما قبل السكري، يمكن خفض السكر التراكمي بتغيير نمط الحياة فقط. لكن في حالات السكري المؤكد، غالبًا ما تكون الأدوية ضروريةً بالتوازي مع تغيير نمط الحياة.

كيف أحمي نفسي وأتحكم في السكر التراكمي؟

من خلال بعض الخطوات البسيطة، التي يُساعد الالتزام بها، في منع ارتفاع مستويات السكر التراكمي:

1.     راقبي وزنكِ، وحاولي الوصول إلى وزنٍ صحي بإشراف طبيب أو أخصائية تغذية.

2.     توقفي عن التدخين.

3.     احرصي على نومٍ كافٍ ومنتظم.

4.     تناولي وجبة فطور متوازنة.

5.     ابتعدي قدر الإمكان عن الأطعمة المُعالجة والمقلية.

في الختام؛ فإن السكر التراكمي ليس مجرد رقم، بل هو مرآةٌ حقيقية لصحة مريضات السكري والتزامهنَ بالعلاج. وتُعدَ المتابعة الدقيقة، والنمط الحياتي السليم، والعلاج المنتظم مفاتيح الحفاظ على سكرٍ تراكمي طبيعي وتجنّب المضاعفات الخطيرة مثل أمراض القلب والكلى والعيون.

لذا لا تتأخري عزيزتي في إجراء فحص السكر التراكمي عند الطبيب المعالج، في حال ساورتكِ الشكوك بإمكانية ارتفاعه؛ خصوصًا في ظل بعض الأعراض غير الطبيعية التي قد تُنذر بالارتفاع. ولتكن حياتكِ مفعمةً بالصحة والرفاه، بعيدًا عن مرض السكري وما يحمله من تبعاتٍ صحية قاسية على المرضى ومحيطهم.