القولون العصبي.. هكذا تتجنبين تقلصاته ومشاكله أثناء الصيام

يعاني أصحاب بعض الأمراض من تداعيات مرضهم في العديد من أوقات السنة، خصوصًا خلال شهر رمضان المبارك. حيث أن الصيام لساعات طويلة دون طعام أو شراب، ثم الإفطار دفعة واحدة، قد يترتب عليه بعض المشاكل والمتاعب الصحية خاصةً إذا ما كان المريض يتناول وجبات غير صحية وغير مدروسة.

ومرضى الجهاز الهضمي بشكل عام، والقولون العصبي بشكل خاص؛ هم أكثر عرضة لتداعيات الصيام الخطيرة على صحتهم، في حال لم يلتزمونا بنصائح وإرشادات الطبيب الدوائية والغذائية. على الرغم من أن العديد من هؤلاء المرضى قد يستفيدون من مزايا الصيام في رمضان، في حال اتباعهم بشكل صحي ومتوازن.

فإن كنت عزيزتي ممن يعانون من مشاكل القولون العصبي، وتجدين صعوبةً في الصيام بشكل صحي وسلس؛ يقدم لك الدكتور فراس محمود، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي من المستشفى الكندي التخصصي بدبي بعض النصائح الفعالة التي تجعلك صيامك خلال الشهر الفضيل يمرَ بأدنى مضاعفات ممكنة.

نصائح لمرضى القولون العصبي لتجنب مضاعفات الصيام

يُشدَد الدكتور فراس وغيره من اختصاصيي الجهاز الهضمي، على ضرورة التزام مرضى القولون العصبي بوجبات الإفطار والسحور في مواعيدها وتناول الأطعمة التي تضمن صحة وعمل القولون دون أية مضاعفات.

ومن النصائح التي يقدمها الدكتور فراس لمرضى القولون العصبي في رمضان:

• تناول بضع حبات من التمر عند الإفطار مباشرةً، يُعطي الجسم الطاقة والسكريات التي يحتاجها؛ كما تساعد على الهضم كونها غنية بالألياف.
• تجنب شرب السوائل مع الطعام أو بعد الطعام مباشرةً؛ مع الأكثار من السوائل بعد الطعام بساعتين لمنع تشكل الحصوات والرمال.
• تناول وجبة خضار مع طعام الإفطار، وذلك لتخفيف اعراض الأمساك الناجمة عن الصيام. 
• الامتناع عن تناول البقوليات والمعجنات قدر الأمكان، كونها السبب الأساسي للنفخة.
• يُفضل تقليل حجم الوجبة في رمضان عن ما هو مُعتاد عليه في الحياة اليومية، وذلك لترك حيز للسوائل الضرورية .
• عدم تأخير السحور والنوم بعد السحور مباشرةً، وذلك لتخفيف أعراض الارتجاع المريئي.
• عدم تناول أطعمة غنية بالأملاح عند السحور أو تحتوي على الطماطم المطبوخة؛ وذلك لتخفيف العطش والإرتجاع .

تأثير الصيام على مرضى القولون العصبي

تتفاوت الآراء والأبحاث حول تأثير الصيام في رمضان على مرضى القولون العصبي؛ ففيما تُرجح بعض النظريات أن الصيام قد يُحسَن من أعراض ومضاعفات القولون في رمضان لجهة تخفيفها، يُحذر بعض الخبراء من تدهور حالة مرضى القولون العصبي في رمضان. وربما يكون السبب الرئيسي في ذلك، مرده بشكل خاص وكما أشرنا أعلاه، إلى عدم التزام هؤلاء المرضى بمواعيد الوجبات ومحتواها الصحي.

ومن الواضح أن للصيام فوائد وتبعات متفاوتة بشكل كبير بين مرضى القولون العصبي، بسبب نوع ودرجة الإصابة بالقولون العصبي. لذا يحتاج كل مريض حسب حالته الصحية الخاصة، استشارة طبيبه حول آمان وإمكانية صيامه بشكل صحي والالتزام بتعليمات الطبيب بحذافيرها.

يمكن أن تشهد حالة مريض القولون العصبي في رمضان بعض التحسن في رمضان، إذ قد تزول آلام القولون أثناء الصيام في حال كان تناول الطعام هو السبب وراء تفاقم أعراض القولون العصبي . وفي هذه الحالة، قد يستفيد هؤلاء المرضى من الصيام في تخفيف هذه الأعراض والتحكم بها. ولكن في بعض الحالات قد يزيد الصيام من هذه الآلام، وذلك لميل الصائمين نحو تناول كميات كبيرة من الطعام بعد صيام طويل؛ ما يؤدي إلى تفاقم ألم البطن وأعراض القولون العصبي في رمضان عند المريض.

ومن الفوائد الصحية الأخرى التي ما زالت محط نقاش وتفاوت بين الأطباء ومرضى القولون العصبي، للصيام في رمضان:

• مركب النزوح الحركي (بالإنجليزية: Migration Motor Complex): وهو كناية عن موجات كهربائية تعمل في الجهاز الهضمي خلال فترات الصيام، وأثناء الليل وبين الوجبات؛ مهمتها الأساسية دفع جميع الأشياء غير قابلة للهضم عبر الأمعاء، مثل العظام، أو الألياف، أو البكتيريا الضارة. وبحسب الدراسات، فإن مركب النزوح الحركي لا يعمل بشكل جيد لدى مرضى القولون العصبي، مما يتسبب بصعوبة في حركة الأمعاء وظهور الأعراض التي يعاني منها مريض القولون العصبي. وترتبط عدم فعالية مركب النزوح الحركي بزيادة نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، والذي يكون عادة المُسبب الرئيسي للقولون العصبي.

• تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهاب: والمعروف أن هاتين المشكلتين مرتبطتان بشكل أساسي بالقولون العصبي؛ إذ يعاني مريض القولون العصبي من ارتفاع الإنزيمات التأكسدية وانخفاض فعالية الإنزيمات المضادة للأكسدة، مما يؤدي إلى تلف الخلايا وتعطَل عملها. ويأتي الصيام كعلاج فعالة لهذا الإجهاد التأكسدي، ما يساعد في التحكم والتخفيف من أعراض القولون العصبي مع الصيام.

أعراض القولون العصبي في رمضان

تتشابه هذه الأعراض في كافة أوقات السنة وليس فقط في رمضان، وإن كانت تزداد شدة عند البعض أثناء الصيام. كما أنها تتفاوت بين مريض وآخر، إن لجهة حدتها أو تكرار حدوثها.

وتشمل أعراض القولون العصبي الآتي:

• آلام وتقلصات في البطن.
• الشعور بعدم التفريغ الكامل بعد استخدام دورة المياه.
• خروج مخاط مع البراز.
• انتفاخ البطن والغازات.
• الحاجة الملحة لاستخدام دورة المياه.
• تغير عادات الإخراج بين الإمساك والإسهال.

أضرار الصيام على مرضى القولون العصبي

تبقى المشكلة الأساسية لجميع الصائمين بالعموم، ومرضى القولون العصبي بالخاص، في رمضان هي الإقبال على تناول كميات كبيرة من الطعام في وجبة الإفطار. وهو ما قد يتسبب بمشاكل هضمية وصحية عدة، كما يفاقم من أعراض القولون العصبي.

كما أن الجوع لعدم تناول المآكل والمشرب لوقت طويل، قد تكون له مضاعفات سلبية لجهة تحفيز هذه الأعراض وتفاقمها لدى بعض مرضى القولون العصبي.

أيضًا يهمل الكثير من الصائمين ومنهم مرضى القولون العصبي في رمضان، التركيز على المكونات الغذائية الضرورية لتحسين عمل الجهاز الهضمي وتقليل أعراض القولون العصبي؛ مثل البروبيوتيك والألياف، ما يزيد من تفاقم من أعراض القولون العصبي في رمضان.

في الختام، يُشدَد الخبراء والأطباء على أهمية الصيام بشكل صحيح لكافة الأفراد، حتى المصابين منهم بأمراض معينة مثل مرض القولون العصبي. بشرط أن يكون الصيام بطريقة صحيحة ومدروسة، وبعد مراجعة الطبيب المختص، والالتزام بنظام غذائي محدد وفي أوقات معينة مع ضرورة تناول الأدوية حسب وصفة الطبيب.

وتذكَري عزيزتي أن الصيام واجب ديني على كل بالغ وراشد وقادر صحيًا على إتمام هذه الفريضة؛ وأن الله تعالى التمس العذر لكل شخص مريض بعدم الصيام في حال عدم قدرته على ذلك. فإن كنت غير قادرة على الصيام بسبب معاناتك الشديدة من القولون العصبي، لا حرج عليك؛ وسارعي لاستشارة طبيبك لمعرفة العلاجات المناسبة والالتزام بها.