"كيلي لندبرغ" Kelly Lundberg، الكاتبة الأكثر مبيعًا، والمتحدثة في TEDx، وخبيرة عالمية في بناء العلامة الشخصية

الفخامة الحقيقية تبدأ من الداخل.. كيف تعيد "كيلي لندبرغ" صياغة مفهوم العلامة الشخصية اليوم؟

جويل تامر

ليست الفخامة ما نرتديه، ولا حتى ما نقتنيه. إنها ما نشعر به عندما نعيش بوعي، ونُصغي لحواسنا، ونتّسق مع ذاتنا في عالمٍ باتت فيه الخوارزميات أكثر حضورًا من الوجوه. وسط هذا الضجيج الرقمي، تبرز "كيلي لندبرغ" Kelly Lundberg، الكاتبة الأكثر مبيعًا، والمتحدثة في TEDx، وخبيرة عالمية في بناء العلامة الشخصية، لتعيد تعريف معنى أن تكون مرئيًا وصادقًا في عصر يقوده الذكاء الاصطناعي.
انطلقت "كيلي" من دبي، حيث بنت مسيرة ريادية حافلة بالجوائز كمستشارة للعلامات الشخصية، بعد أن كانت من أبرز منسّقات الإطلالات للمشاهير. اليوم، تعمل مع كبار التنفيذيين، والمؤسسين، والعلامات الفاخرة حول العالم، لمساعدتهم على صياغة حضور حقيقي ومؤثر يعكس أصالتهم لا صورتهم فقط.
في زمنٍ تُعيد فيه التقنية رسم ملامح التواصل، ترى "كيلي" أن عصر التأثير الجديد لن يُقاس بعدد المتابعين، بل بالقدرة على إظهار الهشاشة، والارتباط الإنساني، وسرد القصص التي تُلامس الجوهر. من خلال رؤيتها التي تجمع بين علم النفس، والقيادة، والتكنولوجيا، تكشف "كيلي" أن الفخامة القادمة ليست في المظاهر، بل في الصدق، في القصة التي تُروى بنبرةٍ تشبهك، وفي الأثر الذي يتركه حضورك الهادئ حين تدخل الغرفة.
في هذا الحوار مع "هي"، نغوص مع "كيلي" في مفاهيم "الفخامة عبر الحواس" و"إعادة تعريف الظهور في عصر الذكاء الاصطناعي"، حيث يصبح الجمال تجربة تُرى بالعاطفة قبل العين، وتُبنى بالنية قبل الصورة.

الفخامة اليوم لا تُعرّف بما نملك، بل بما نشعر به. كيف تختبرين الفخامة من خلال الحواس؟ كيف تبدو، أو تُشمّ، أو تُحَسّ بالنسبة لكِ؟
بالنسبة لي، الفخامة هي فن العيش عن قصد، أن أحيط نفسي بأشياء وأشخاص وتجارب ترفع ليس فقط مظهري الخارجي، بل أيضًا إحساسي الداخلي. إنها الأناقة في البساطة، والثقة في أن القليل، حين يُنفّذ بإتقان، يكون دائمًا أكثر.
وأؤمن أيضًا أن أثمن عملة فاخرة نملكها اليوم هي الوقت. الوقت الذي نمنحه لأنفسنا، والوقت الذي نقضيه مع الآخرين. إنه الشيء الوحيد الذي لا يمكننا شراؤه مجددًا، ولهذا تكمن الفخامة الحقيقية في الاعتناء بأنفسنا نفسيًا وجسديًا وعاطفيًا.

أنتِ تساعدين القادة ورواد الأعمال في بناء علامات شخصية مرئية. في عصر تهيمن عليه الشاشات والخوارزميات، كيف تساعدينهم في صياغة حضورٍ يشعر بأنه إنساني؟
بالنسبة لي، كل شيء يبدأ بالقيم. فقيم العلامة الشخصية تشكّل كل شيء ، من طريقة اتخاذك للقرارات، إلى كيفية ظهورك على الإنترنت وتواصلك مع الآخرين. عندما تُبدعين من مكان متّسق مع ذاتك، سيبدو ذلك طبيعيًا وإنسانيًا.
سواء كان ذلك من خلال كتابة المحتوى، أو التحدث على المسرح، أو الظهور على لينكد إن، فإن الناس يتصلون بك أنتِ — بطاقتك، ونبرتك، وقصتك.
في عصر الخوارزميات، أذكّر القادة ورواد الأعمال أن الظهور بدون أصالة هو مجرد ضوضاء. لكن عندما تكون علامتك مبنية على من أنتِ فعلًا، يصبح كل منشور، وكل رسالة بريد إلكتروني، وكل محادثة امتدادًا لشخصيتك ، وهذا ما يترك الأثر الحقيقي.

هل تؤمنين أن الفخامة الحقيقية، في العلامة التجارية والحياة، تكمن في البساطة أم في التفرّد؟
أؤمن أن الفخامة الحقيقية هي توازن بين الاثنين. فالبساطة تمنح الوضوح، لأنها تتيح للتفاصيل والقصة الكامنة وراء الشيء أن تبرز.
عندما نزيل الزوائد، يبقى ما هو مميز بطبيعته. سواء كانت علامة شخصية، أو زيًّا، أو أسلوب حياة، فإن البساطة تتيح للفردية أن تتألق.
ولهذا لا أستطيع الاختيار بين البساطة أو التفرّد ، لأن البساطة هي ما يكشف التفرّد.

مع استمرار الذكاء الاصطناعي في تشكيل أسلوب التواصل، كيف يمكن للأفراد ضمان أن تعكس علاماتهم الشخصية ذكاءهم العاطفي وصوتهم الأصيل؟
الذكاء الاصطناعي أداة، يمكنه صقل طريقة تواصلنا، لكنه لا يستطيع استبدال القصص التي تجعل العلامة الشخصية لا تُنسى. الذكاء العاطفي والصوت الأصيل يظهران في التجارب التي نشاركها، والدروس التي تعلمناها، والمنظور الفريد الذي نحمله.
استخدمي الذكاء الاصطناعي لتحسين الوضوح والبنية، لكن دعي القصة ، طاقتك، قيمك، وطريقتك في رؤية العالم ، تبقى ملكك أنتِ. فالسرد القصصي هو الفخامة الإنسانية التي لا يمكن لأي خوارزمية تقليدها.

تتحدثين كثيرًا عن "أن يُراكِ الناس كما أنتِ حقًا". ما هي الإشارات الحسية، نبرة الصوت، اختيار الكلمات، أو الطاقة التي تجعل شخصًا ما يبدو حقيقيًا وجديرًا بالثقة على الفور؟
أن تُرى كما أنتِ حقًا يبدأ من الطاقة ، فالناس يشعرون بها قبل أن يسمعوا كلمة واحدة منكِ.
نبرة الصوت مهمة جدًا: الدفء، الثقة، والنية تجعل الشخص لا يُنسى بسهولة. الأمر أيضًا يتعلق بالوعي ، الانتباه للكلمات الزائدة، والتحدث بقصد، وترك مساحة للصمت.
المصداقية تأتي من الاتساق ، عندما تكون طريقتك في الكلام والكتابة وحتى اللباس متناغمة. وبالطبع، يلعب الحماس دوره. فعندما تكون طاقتك حقيقية وفضولك صادقًا، لا يسمعك الناس فقط ، بل يشعرون بك.

كيف ترين الهشاشة والقابلية للتواصل كأشكال جديدة من التأثير ، كنوعٍ من “الفخامة الحديثة” في عالم مهووس بالكمال؟
لطالما كنت حذرة في كيفية استخدام كلمة “الهشاشة” في العلامات الشخصية. فهي غالبًا ما تُحتفى بها كقوة، لكني أعتقد أنه يمكن أحيانًا إساءة فهمها. فعندما تُشجَّع دون سياق أو حدود، قد تتحول الأصالة إلى انكشاف مفرط ، وهذا نادرًا ما يخدم أحدًا.
بالنسبة لي، الشفافية أكثر تمكينًا. إنها مشاركة تأتي من مكانٍ من الثقة والفهم، لا من الارتباك. الشفافية تقول: "لقد تعاملت مع هذا، وفهمته، وأشاركك إياه لأنني أعتقد أنه قد يفيدك."
في العلامات الشخصية، هذا الفارق جوهري. فالهشاشة قد تنزلق بسهولة إلى الإفراط في المشاركة أو البحث عن التقدير، بينما الشفافية تبني الثقة من خلال الصدق والخبرة والاتزان. التأثير الحقيقي لا يعني كشف كل شيء، بل مشاركة ما يهم ، بوعيٍ وهدف

عندما يدخل شخصٌ ما إلى الغرفة، هناك تجربة حسية ، هالة، نغمة، إيقاع. ما هي التفاصيل غير المرئية التي تجعل حضوره لا يُنسى؟
عندما يدخل أحدهم إلى الغرفة، نادرًا ما يكون الأكثر صخبًا هو الأكثر تذكّرًا (أو للأسباب الصحيحة). بل تلك التفاصيل الدقيقة وغير المرئية هي التي تترك الأثر الحقيقي.
الكاريزما ليست أداءً، بل طاقة ونيّة واتساق.
طريقة الإصغاء، ثبات النظرة، دفء النبرة، وسلاسة الحركة ، كلها جزء مما أسميه "العملة الصامتة". إنها الثقة الهادئة والأصالة التي تجذب الآخرين وتجعلهم يشعرون بأنهم مرئيون ومقدَّرون ومُلهمون.
الحضور في النهاية هو مزيج من الطاقة والوعي الذاتي والاتساق ، تفاصيل لا يمكن تقليدها، بل تُنمّى بصدق.

كيف يمكن للنساء، على وجه الخصوص، استعادة الظهور على طريقتهن ، لا كأداء، بل كتعبير عن الذات؟
استعادة الظهور لا تتعلق بالأداء أو محاولة التوافق مع فكرة شخص آخر عن النجاح، رغم صعوبة الاعتراف بذلك أحيانًا. بالنسبة للنساء خاصة، تبدأ الرحلة بالوضوح: فهم القيم، ونقاط القوة، والأثر الذي يرغبن في تحقيقه.
عندما ينبع الظهور من التوافق الداخلي لا من الإلزام، يصبح تعبيرًا عن الذات. سواء في طريقة التواصل، أو نوع المحتوى، أو أسلوب الحضور في الاجتماعات، كل اختيار يعكسكِ.
هذا النوع من الظهور واثق، ومتسق، ولا يُنسى، لأنه نابع من الأصالة لا من الأداء.

إذا كان عليكِ وصف عصر الفخامة القادم في عبارة واحدة، فماذا ستكون؟ وكيف ترين أنه سيخاطب حواسنا بشكل مختلف عما مضى؟
لو كان عليّ وصف العصر القادم من الفخامة في عبارة واحدة، لقلت: "الفخامة من خلال القصص الأصيلة".
اليوم، لم تعد الفخامة مرتبطة بالمنتجات أو الصور، بل بالتجارب التي تثير الحواس وتترك أثرًا دائمًا. كيف تشعرين عند لمس العلامة، كيف تبدو في المحادثة، والتفاصيل الدقيقة التي تبقى في الذاكرة، هذه هي الفخامة الحقيقية.
السرد الأصيل يمكّن العلامات من التواصل بعمق أكبر، وخلق تجارب تعكس النية والشفافية والثقة. كل اختيار، وكل تفاعل، يصبح فرصة لإيصال من أنتِ وماذا تمثلين. هذا هو المعيار الجديد للفخامة.

وأخيرًا، إذا كانت الفخامة شعورًا لا منتجًا، فماذا سيكون هذا الشعور بالنسبة لكِ اليوم؟
لو كانت الفخامة شعورًا لا منتجًا، لكانت اليوم الثقة الهادئة في أنني متّسقة تمامًا مع ذاتي. إنها إحساس بالراحة والنية والوضوح الذي يرفع من جودة كل لحظة.
ليست بما أملك، بل في طريقة عيشي، أن أتخذ قرارات تعكس قيمي، وأستثمر في تجارب ذات معنى، وأخلق مساحة لأشعر بالكفاءة والرضا. تلك، بالنسبة لي، هي أصدق أشكال الفخامة