تخّلصي من العبء المعرفي بأساليب فعالة للتفكير بشكل أوضح وأكثر إبداعًا

تخّلصي من العبء المعرفي بأساليب فعالة للتفكير بشكل أوضح وأكثر إبداعًا

رحاب عباس المواردي

هل تعلّمين أن عقولنا أشبه بغرفة عمليات مركزية؛ لكن مع تراكم المهام، والملاحظات اللاصقة، والإشعارات الداخلة بلا توقف، تتحول إلى فوضى عارمة؟. نعم، هذا بالضبط هو "العبء المعرفي" الثقيل الذي يسرق وضوحنا ويخنق إبداعنا.

عمومًا، لستّ معكِ اليوم لأقدم المزيد من النصائح إلى حياتك المزدحمة أصلًا؛ بل لأساعدكِ على التخلي عن كل ما يعيقكِ. إنها مغامرة استكشافية داخل عقلكِ، ستتعلمين فيها: "كيف تخلقين مساحة ذهنية صافية كسماء صافية بعد عاصفة، كيف تطلقين العنان لأفكارٍ إبداعية لم تكن تعرفين أنها موجودة أصلًا، وكيف تتحررين من الإرهاق الذهني لتجدّدي شغفكِ بالتفكير والإبداع".

لذا، خذي نفسًا عميقًا، واخلعي عنكِ ثقل المشتتات للحظات، واستعدي عبر موقع "هي" لاكتشاف كيف يمكن أن يكون عقلكِ حينما يعمل بأقصى طاقته، أن يجعل التفكير المعقد سهلًا، وإبداعًا يتدفق كالنهر للتخلص من العبء المعرفي؛ بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرية الدكتور مصطفى الباشا من القاهرة.

ما هو العبء المعرفي؟

العبء المعرفي هو اجمالي مقدار الجهد الذهني والموارد المعرفية المستخدمة في الذاكرة العاملة في لحظة معينة
العبء المعرفي هو اجمالي مقدار الجهد الذهني والموارد المعرفية المستخدمة في الذاكرة العاملة في لحظة معينة

ووفقً للدكتور مصطفى، العبء المعرفي (Cognitive Load) هو مصطلح في علم النفس التربوي وعلم النفس المعرفي يشير إلى إجمالي مقدار الجهد الذهني والموارد المعرفية المستخدمة في الذاكرة العاملة في لحظة معينة.

ببساطة، تخيّلي أن ذاكرتكِ العاملة مثل "مساحة عمل" محدودة على مكتبكِ. يمكنكِ وضع عدد قليل من الأوراق والكتب عليها للعمل. كذلك العبء المعرفي هو كمية المعلومات والمعالجة التي تقومين بها على هذا المكتب في وقت واحد. فإذا وضعت الكثير من الأوراق، سيصبح المكتب مزدحمًا وغير منظم، وتقل قدرتكِ على العمل بكفاءة.

الجدير بالذكر، أن نظرية العبء المعرفي  (Cognitive Load Theory - CLT)، طورها "جون سويلر" في الثمانينيات، وتهدف إلى فهم كيفية تعلم البشر بشكل أكثر فعالية من خلال الأخذ بعين الاعتبار حدود الذاكرة العاملة.

هل اللعبء المعرفي له أنواع؟

استراتيجيات عملية لتقليل العبء المعرفي وتحسين تعلم المرأة
استراتيجيات عملية لتقليل العبء المعرفي وتحسين تعلم المرأة

نعم، أوضح دكتور مصطفى، أننظرية العبء المعرفي تُقسم إلى ثلاثة أنواع؛ وهي التالي:

  1. العبء المعرفي الذاتي (Intrinsic Cognitive Load)

هو الجهد الذهني الناتج عن تعقيد المادة التعليمية نفسها.فهو مرتبط بطبيعة المهمة ومدى صعوبتها الفطرية. على سبيل المثال: "تعلم أساسيات الجمع والطرح (عبء ذاتي منخفض) مقابل تعلم حل معادلات تفاضلية متقدمة (عبء ذاتي مرتفع). علمًا أن هذا النوع لا يمكن التقليل منه، لأنه جزء من المادة. لكن يمكن إدارته عن طريق تقسيم المادة إلى أجزاء صغيرة يمكن إدارتها.

  1. العبء المعرفي الخارجي  (Extraneous Cognitive Load)

هو الجهد الذهني غير الضروري الذي يستهلكه المتعلم بسبب الطريقة التي تم بها تقديم المعلومات أو تصميم التعليم. علمًا أن هذا النوع هو العدو الرئيسي للتعلم الفعال.  على سبيل المثال: "تصميم عرض تقديمي سيء يحتوي على نصوص طويلة وصور غير ذات صلة، تعليمات معقدة وغير واضحة، والبحث عن معلومات مهمة في موقع ويب سيء التصميم"؛ وبالتالي يجب على المصممين والمعلمين تقليل هذا النوع إلى أدنى حد ممكن.

  1. العبء المعرفي الأساسي  (Germane Cognitive Load)

هو الجهد الذهني المفيد والمثمر الذي يستثمره المتعلم في معالجة المعلومات وبناء نماذج عقلية (Schemas) في الذاكرة طويلة المدى. هذا هو العبء الذي نريد تعظيمه. على سبيل المثال: "عندما تربطين مفهومًا جديدًا بمعلومات تعرفينها مسبقًا، أو عندما تتأملين في حل مشكلة لفهم المبدأ الأساسي وراءها". وهنا يجب زيادة هذا النوع من خلال أنشطة تعزز الفهم العميق والربط بين المفاهيم.

لماذا يجب أن تتخلص المرأة من العبء المعرفي؟

وتابع دكتور مصطفى، لأن عندما يتجاوز العبء المعرفي الإجمالي (الذاتي + الخارجي + الأساسي) سعة الذاكرة العاملة المحدودة للمرأة، ستحدث المشاكل التالية:

  • بطء في التعلم.
  • زيادة في نسبة الأخطاء.
  • الإحباط والتشتت.
  • انخفاض التحفيز.
  • صعوبة في الفهم والاستيعاب.

ماهي استراتيجيات تقليل العبء المعرفي لتحسين تعلم المرأة؟

وأضاف دكتور مصطفى، أن فهم العبء المعرفي يساعد تحديدًا "المعلمين، مصممي التجارب، واضعي السياسات، وحتى الأفراد" على تقديم المعلومات ومعالجتها بالطريقة الأكثر كفاءة وفعالية، مما يؤدي إلى تعلم أفضل واتخاذ قرارات أكثر حكمة. وبالتالي يمكن لأي امرأة في هذه المجالات اتباع التالي:

  • تجزئة المعلومات (Chunking)  أي تقسيم المعلومات المعقدة إلى مجموعات أو خطوات صغيرة ومنطقية.
  • إزالة المعلومات غير الضرورية من خلال التخلص من "الزخارف، النصوص، والصور" التي لا تخدم الهدف التعليمي المباشر.
  • استخدام الوسائط المتعددة بفعاليةل دعم النص بالصور أو الرسوم البيانية المناسبة، وليس مجرد تكرار نفس المعلومة.
  • دمج المصادر المتعددة من خلال وضع النص التفسيري بجوار الصورة مباشرة بدلًا من وضعه في أسفل الصفحة.
  • توضيح الأهداف والمتطلبات مسبقًاحتى تعرف ما هو متوقع منه وأين تركز جهدها.
  • تقديم الأمثلة المحلولة لرؤية النموذج الصحيح قبل تطبيقه.

ماذا عن الأساليب الفعالة التي ستُساعدها على تفريغ عقلها لتُفكر بشكل أوضح وأكثر إبداعًا؟

أوضح دكتور مصطفى، أن إفراغ العقل هو عملية رائعة لتنظيف "مساحة العمل" الذهنية، مما يسمح للمرأةبالتفكير الأوضح والإبداع الأعمق؛ وذلك من خلال الأساليب الفعالة التالية:

استخدي تقنيات التفريغ الفوري

  • داوّمي على الكتابة الحرّة (Brain Dump).
  • اكتبي كل ما يدور في ذهنكِ من دون تنظيم أو تحرير.
  • استخدمي الورق والقلم لتعزيز الاتصال بين اليد والعقل.
  • مارسي هذا صباحًا أو قبل النوم لتفريغ الهموم.

استفيدي من القوائم المنظمة

  • اصنّعي قوائم بالمهام، الأفكار، الهموم، والأهداف.
  • رتبي أهدافكِ حسب الأولوية والأهمية.
  • ضعّي مواعيد نهائية واقعية لكل بند.

قلّلي من المشتتات الرقمية

  • خصصي أوقاتًا للابتعاد عن الهاتف ووسائل التواصل.
  • استخدمي تطبيقات حظر الإشعارات المؤقت.
  • نظمي مساحة العمل المادية والرقمية.

اهتمي بفترات الصمت والعزلة

  • خصصي 10- 15 دقيقة يوميًا للجلوس في صمت.
  • امشي من دون موسيقى أو بودكاست
  • امنحي عقلكِ مساحة للتفكير من دون مدخلات

مارّسي التأمل والوعي التام

  • طبّقي جلسات تأمل قصيرة تركز على التنفس.
  • لاحظي الأفكار من دون الانجذاب خلفها.
  • استفيدي من "المسح الجسدي" لاكتشاف مناطق التوتر.

لا تُهمّلي التمرين البدني

  • امشي في الطبيعة  وخصوصًا بين الأشجار أوعلى رمال البحر.
  • مارسي اليوجا أو التاي تشي لربط العقل والجسم. علمًا أن أي نشاط رياضي يسمح للعقل بالاسترخاء".

على الهامش.. نصائح مهمة لتفريغ عقلكِ من الطاقات السلبية وتعزيز التفكير الإيجابي في  حياتكِ

تدوين أي أفكار مقلقة قبل النوم للتخلص من العبء المعرفي
تدوين أي أفكار مقلقة قبل النوم للتخلص من العبء المعرفي
  • احصليعلى قسط كافي من النوم الليلي.
  • تخلي قبل النوم عن الشاشات.
  • دوّني أي أفكار مقلقة قبل النوم لتفريغها.
  • استمتعي بالقراءة المتعمقة من دون مقاطعات
  • قومي بتغيير روتينكِ وبيئتكِ قدر المستطاع.
  • سفري لاكتشاف أماكن مختلفة.
  • استفيدي من الأنشطة اليدوية "الرسم، التلوين، والأعمال اليدوية، الطبخ، الزراعة".

وأخيرًا، ابدئي بأسبوع التفريغ من خلال تخصيص 10 دقائق يوميًا للكتابة الحرة، ثم أضيفي تقنية جديدة كل أسبوع. ستلاحظين مع الوقت أن "ضجيج الخلفية" الذهني قد خفت، وحللت محله مساحة للتفكير الواضح والأفكار الإبداعية. وتذكّري دومًا أن العقل مثل الحديقة  يحتاج إلى عناية مستمرة وإزالة الأعشاب الضارة لينمو ما هو جميل ومفيد.