مريم آلبلوشيِ، لاعبـة جودو، جوجيتسو، وكرة طائرة والحائزة على شهادات في إدارة الرياضة وعلم النفس، وعضو مجلس إدارة اتحاد البولينغ الإماراتي

"لا وجود للعقبات"... مريم آلبلوشي تحكي لـ"هي" قصتها في يوم المرأة الإماراتية وتعيد تعريف القوة

جويل تامر

في يوم خُصّص للاحتفاء بالمرأة الإماراتية وإنجازاتها، تبرز نساء تُلهم وتُضيء الطريق لغيرها. تقف مريم آلبلوشيِ، لاعبـة جودو، جوجيتسو، وكرة طائرة والحائزة على شهادات في إدارة الرياضة وعلم النفس، وعضو مجلس إدارة اتحاد البولينغ الإماراتي، مثالاً حياً على أن الشغف قادر على إعادة تشكيل المصير. لم تكن البداية سهلة؛ فقد عُرفت بانطوائيتها وابتعادها عن الرياضات الجماعية، لكنها قررت أن تجعل من الرياضة جسراً تتجاوز به حدود الخجل، لتتحوّل إلى بطلة في الجودو، تكسر الصورة النمطية وتبرهن أن الرياضة ليست حكراً على أحد.

واليوم، بينما تستعد لتمثيل الإمارات في ألعاب الماسترز – أبوظبي 2026 برياضة الكرة الطائرة، لم تعد قصتها مجرد إنجاز شخصي، بل رسالة أمل ومساحة انتماء للفتيات اللواتي يبحثن عن صوتهن ومكانهن. من خلال تأسيس فريق نسائي، تُثبت مريم أن الإرادة لا تعرف المستحيل، وأن المرأة الإماراتية قادرة على تحويل شغفها إلى إرث يلهم أجيالاً قادمة.

1

في يوم المرأة الإماراتية، وما الرسالة التي توجهينها للنساء اللواتي يخضن رحلاتهن الخاصة في البحث عن الذات والتمكين؟

أقول لكل امرأة: أنتِ الركيزة التي يقوم عليها المجتمع، وقوتكِ الحقيقية تنبع من قراركِ أن تعيشي حياتكِ بجرأة، فلا تترددي في الإقدام على خطوتكِ الأولى، فكل إنجازٍ عظيم يبدأ بخطوة صغيرة اخترتِ أن تخطيها اليوم.

ما الرسالة التي ترغبين بتوجيهها للشابات الإماراتيات اللواتي يشعرن بضغط التوقعات الاجتماعية عند سعيهن وراء شغفهن؟

لا تخافي من اتخاذ الخطوة الأولى، فكل إنجاز عظيم يبدأ بقرار بسيط تُقدِمين عليه اليوم. تذكّري أنّكِ أساس المجتمع، وبقوّتك تفتحين الطريق لغيرك وتمنحينهن الشجاعة للسير على خطاكِ.

من شخصية انطوائية تتجنب الرياضات الجماعية إلى بطلة عالمية في الجودو. ما هي نقطة التحوّل التي دفعتك الى التحرر من هذه القوقعة؟

صحيح، منذ طفولتي كنت خجولة وأبتعد عن الأنشطة الجماعية والتي تعرضني للاختلاط بالناس، لكنني فكرت بعد ذلك أن الرياضة قد تكون الباب الذي يغيّر شخصيتي للأفضل، وبالفعل هذا ما حدث، بالنسبة لممارسة الجودو كانت نقطة تحول في حياتي، لأنني وجدت فيه فرصة لأثبت أن الفتاة الإماراتية قادرة على دخول مجالات يظنها الناس حكراً على الرجال.

2

كيف منحتك الرياضة القوة لتجدي صوتك وثقتك بنفسك؟

علمتني الرياضة كيف أخرج من دائرتي الضيقة وأبني ثقتي بنفسي وبالآخرين، وكانت البداية مع كرة الطائرة، فهي لعبة تحتاج ستة لاعبين يعملون بتناغم وتوافق، فتعلمت من خلالها كيف أتواصل مع الناس بشكل أفضل وأكتسب الثقة بنفسي وفي قدرتي على أن أكون جزءاً من فريق.

ما هي العوائق الشخصية الأصعب التي واجهتِها، وكيف غيّرتِ من طريقة تفكيرك لتتجاوزيها؟

عندما بدأت بممارسة رياضة الجودو، التي تعتبر رياضة للرجال فقط، واجهت نظرات المجتمع وحتى تردّد عائلتي في البداية، لكن مع كل فوز وميدالية، كنت أثبت أن المرأة الإماراتية قادرة على المنافسة وترك بصمتها في جميع المجالات. أما التحدي الثاني فقد كان الزواج والأمومة، كنت أخشى أنها ستكون نهاية مسيرتي الرياضية، لكنني اكتشفت مع الوقت أن الدعم من زوجي وأطفالي هو مصدر قوتي للاستمرار.

لقد تحديتِ الفكرة السائدة بأن الرياضة "حكر على الرجال". كيف تعاملتِ مع الشكوك أو الانتقادات خلال مسيرتك؟

لم ألتفت إلى القوالب الجاهزة أو النظرات المسبقة، بل ركّزت كل طاقتي على المشاركة والعطاء. وفي كل بطولة كنت أثبت، أولاً لنفسي ثم للجميع، أن الرياضة ليست حِكراً على أحد، وأن المرأة الإماراتية قادرة على دخول أي مجال وترك بصمة حقيقية فيه.

وخطوتي القادمة في ألعاب الماسترز هي إثباتٌ للجميع أن المرأة قادرة على كل شيء، مهما كان عمرها أو قدراتها البدنية، فالأمر في النهاية يرتبط بالعقلية والإصرار قبل أي شيء آخر.

كيف ساهمت رياضة الجودو، ولاحقاً كرة الطائرة، في تشكيل شخصيتك ونموك الذاتي وصلابتك وإحساسك بالهوية؟

أرى اليوم أنّ كل رياضة خضتها شكّلت لبنة في شخصيتي، وصاغت هوية أعتز بها وأحملها معي داخل الملعب وخارجه، فالجودو علّمني الصبر والانضباط، وفتح أمامي أبواب العالم كبطلة، أما كرة الطائرة فأخرجتني من انطوائي، وعلّمتني قيمة التعاون والعمل الجماعي.

كيف تعلّمك الرياضة مهارات حياتية تنعكس على حياتك اليومية ورحلة تطويرك الذاتي؟

الرياضة لم تكن بالنسبة لي مجرد منافسة، بل أسلوب حياة كامل. من خلالها تعلّمت أن أوازن بين أدواري المتعددة، وأن أواجه الصعوبات بعزيمة لا تخبو. كل تمرين، وكل مباراة، كانت درساً في الانضباط والصبر وتنظيم الوقت، وهذه القيم رافقتني خارج الملعب، لتصبح جزءاً من رحلتي الشخصية وتطوري المستمر.

3

أنتِ تخلقين اليوم فرصاً لنساء أخريات من خلال تأسيس فريق كرة طائرة. ما الذي ألهمك لتتخذي هذا الدور كقائدة وملهمة؟

حين كنت صغيرة كنت أبحث عن مكان أشعر فيه بالانتماء وبالطاقة الإيجابية، واليوم، من خلال تأسيس فريق نسائي لكرة الطائرة، هدفي أن أوفّر لغيري من النساء هذه المساحة نفسها.

لا أعتبر دوري كقائدة للفريق إنجازاً شخصياً بل هو ثمرة دعم عائلتي وزوجي وفتيات الفريق اللواتي مكّنني تشجيعهن من الاستمرار.

ما الأثر الذي تأملين أن يتركه مشروعك في كرة الطائرة على الفتيات الصغيرات اللواتي يبحثن عن مساحة ينتمين إليها؟

أتمنى أن تجد الفتيات في الفريق مساحةً للاكتشاف وبناء الثقة والشعور بالانتماء، وأن تدرك كل فتاةٍ منهنّ أنّه يمكن للرياضة أن تكون بيتها الثاني، حيث تكتشف صوتها وتستمدّ قوتها وتجد مكانها بين من يشبهها كما كان الأمر بالنسبة لي.

ومع استعدادنا اليوم لألعاب الماسترز أبوظبي 2026، نشعر أنّ هذا الانتماء يزداد قوة، وأننا نسير جميعاً نحو هدف واحد: أن نرفع علم الإمارات عالياً، وأن نمثّل وطننا بأفضل صورة ممكنة في هذا الحدث الاستثنائي.

ماذا تعني لكِ المشاركة في ألعاب الماسترز أبوظبي 2026؟

عندما علمتُ أنّ ألعاب الماسترز أبوظبي 2026 ستُقام على أرض دولة الإمارات، غمرني شعور عميق بالفخر والامتنان، فإقامة هذا الحدث العالمي هنا تعكس المكانة التي بلغتها دولتنا كوجهة رائدة على مستوى الرياضة والتنظيم. وبالنسبة لي، فإن المشاركة فيه ليست مجرد منافسة، بل فرصة لخوض التجربة مع رياضيين وهواة من مختلف أنحاء العالم، وتمثيل الإمارات في حدثٍ بهذا الحجم.