الدكتورة لميس ابوحليقة، طبيبة وخبيرة في الصحة العامة وعداءة ورسامة

د. لميس ابوحليقة للإماراتيات في يومهّن: كل إنجاز عظيم يبدأ بقرار بسيط.. آمنّ بأنفسكن وابدأن بخطوة صغيرة

جويل تامر

في يوم المرأة الإماراتية، نسلّط الضوء على نساء ملهمات، أثبتن أن الإرادة قادرة على تغيير المسار وصناعة الفارق. الدكتورة لميس ابوحليقة، طبيبة وخبيرة في الصحة العامة، وعداءة ورسامة والأم العاملة التي وجدت في الجري وسيلتها الأصدق للتخفيف من الضغوط، وبوابة نحو صحة جسدية وذهنية متجددة، تشارك "هي" رحلتها من أول سباق لمسافة 5 كيلومترات وصولاً إلى إكمال ماراثون كامل.

اليوم د. لميس في صدد خوض السباحة كتحدٍ جديد، وتحمل رسالة واضحة: لا عمر محدداً للبدايات، وكل خطوة صغيرة قد تكون مفتاحاً لتحول كبير. لميس لم تجعل الرياضة مجرد نشاط، بل أسلوب حياة يلهم أسرتها ومجتمعها ويؤكد أن التوازن بين العمل، الأمومة، والطموحات الشخصية ممكن متى ما توفرت العزيمة.

قصتها اليوم تعكس روح يوم المرأة الإماراتية: الاحتفاء بإنجازات المرأة، واستلهام القيم التي غرستها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات" في تمكينها، وتذكير كل سيدة أن الرياضة والحياة الصحية حق وفرصة متاحة في أي وقت. إنها دعوة صادقة للنساء الإماراتيات: آمنّ بأنفسكن، وابدأن بخطوة صغيرة… فكل إنجاز عظيم يبدأ بقرار بسيط.

1

ماذا يمثل لكِ يوم المرأة الإماراتية على الصعيد الشخصي، وما الرسالة التي تودين مشاركتها مع النساء في هذه المناسبة؟

يوم المرأة الإماراتية هو يوم للاحتفاء بإنجازات المرأة الإماراتية، واستذكار الجهود العظيمة التي بذلتها أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله، في تمكين المرأة. رسالتي لكل سيدة: الرياضة والحياة الصحية حق لكِ في كل وقت، لا تنتظري اللحظة المثالية، بل ابدئي الآن. آمني بنفسك، واعملي بخطوات ثابتة، وستجدين أن الإنجاز أقرب مما تتصورين.

وصفتِ الجري بأنه وسيلتك الأولى للتخفيف من الضغوط. شاركينا اللحظة التي اكتشفتِ فيها متعة الجري لأول مرة، وكيف تحوّل إلى أسلوب حياة بالنسبة لكِ؟

رحلتي مع الرياضة بدأت منذ 2015، لكنّها لم تكن مستمرة. أما البداية الحقيقية فكانت عام 2018 عندما تعرّفت إلى رياضة الجري ومارستها بنفسي. وفي العام نفسه شاركت في أول سباق جري نظّمته أكاديمية الشيخة فاطمة بنت مبارك لرياضة السيدات، وهناك اكتشفت جمال المشاركة وروح التحدي مع أخريات. منذ تلك اللحظة انفتحت أمامي أبواب عالم الجري المجتمعي وخوض السباقات، وتحول الجري إلى شغفٍ وأسلوب حياة.

من أول سباق لكِ لمسافة 5 كيلومترات وصولاً إلى إكمال ماراثون كامل، ما هي القوة الداخلية أو الذهنية التي ساعدتك على تجاوز التحديات والاستمرار؟

الجري بالنسبة إليّ ليس مجرد رياضة، بل هو علاج نفسي يمنحني راحة داخلية ويخفف عني ضغوط الحياة والعمل، خاصة كوني أمّاً وامرأة عاملة. علّمني الجري أن أركّز على نفسي، وأن أجدّد طاقتي الجسدية والذهنية. منحني صحة وقلب أقوى، وشعوراً بالحيوية. هذه الفوائد مجتمعة هي ما تدفعني للاستمرار وتجاوز كل التحديات، خطوة بعد خطوة، حتى أصل إلى أهدافي

كثير من النساء يعتقدن أنه "فات الأوان" للبدء بشيء جديد. كيف تمكنتِ من التحرر من هذا الاعتقاد وإثبات أن العمر ليس عائقاً أمام أي بداية؟

بالنسبة لي، لم يكن العمر يوماً حاجزاً أمام تحقيق أهدافي. فقد أدركت أنّ الرياضة متاحة للجميع وفي أي مرحلة من العمر طالما كان لديك الدافع والمثابرة، وأنّ البدء ولو بخطوات صغيرة يقود إلى إنجازات عظيمة. كما أثبتت لي مشاركتي في سباقات الجري أن الإرادة هي ما يصنع الفارق. 

وهذا بالضبط هو النهج المطلوب عند التفكير في المشاركة في ألعاب الماسترز أبوظبي 2026، والرسالة الأهم التي يجب أن يعرفها الجميع، فالوقت دائماً مناسب للبدء بممارسة الرياضة والاهتمام بنشاطك البدني.

كامرأة عاملة وأم، فإن الموازنة بين العمل والأسرة والأهداف الشخصية قد تكون مرهقة. كيف ساهم الجري في تعزيز إحساسك بالتوازن والمرونة في حياتك اليومية؟

كان التحدي الأكبر هو إدارة الوقت بين مسؤولياتي كأمّ وموظفة، لكن رياضة الجري منحتني طاقة مضاعفة وقدرة على التركيز، مما انعكس إيجاباً على حياتي اليومية. تعلمت أن أرتّب أولوياتي وأخصص وقتاً ثابتاً للرياضة، الأمر الذي منحني شعوراً بالتوازن والقدرة على العطاء في جميع أدواري.

ما الدور الذي تلعبه الرياضة في تطوير ذاتك، ليس جسدياً فقط، بل ذهنياً وعاطفياً أيضاً؟

الرياضة لم تكن مجرد نشاط بدني بالنسبة لي، بل صارت وسيلة لاكتشاف ذاتي. فهي تمنحني صفاءً ذهنياً وراحة نفسية، وتعلّمني الصبر والمثابرة. الجري، على وجه الخصوص، جعلني أكثر قوة وثقة، وأشعر أنّه شكل من أشكال العلاج الذي يوازن بين الجسد والعقل والروح.


كيف أثر شغفك بالرياضة في دورك كأم، وألهم أسرتك ومجتمعك؟

أشعر أنّ كوني أقوى بدنيّاً جعلني أكثر حضوراً في حياة أسرتي، وقادرة على غرس قيمة الرياضة في أبنائي. كما أنني حرصت على تشجيع النساء من حولي، سواء جاراتي أو صديقاتي، على خوض تجارب رياضية بسيطة. واليوم أرى بعضهن يشاركن في سباقات وماراثونات، وهو ما يجعلني فخورة بأن شغفي ألهم الآخرين لعيش حياةٍ صحيّة.

وطموحي أن يمتد هذا الأثر إلى ما هو أبعد من أسرتي ودوائري القريبة؛ ليشمل نساءً في مثل سني، وأصغر منّي أيضاً، وكل من يؤمن بأن الرياضة أسلوب حياة. وأتمنى أن نلتقي جميعاً في ألعاب الماسترز أبوظبي 2026، نتشارك الشغف نفسه، وندعم بعضنا على المضمار، لنرسم معاً صورة تليق بالمرأة الإماراتية وبمجتمعنا ككل.

لقد ألهمتِ الكثير من حولك بجعل الرياضة أسلوب حياة. كيف ترين أن رحلتك الشخصية تؤثر في النساء بمجتمعك، خاصةً الجيل الجديد؟

رسالتي دائماً أنّ الرياضة ليست حكراً على فئة معينة، بل هي حق وفرصة لكل امرأة. عندما ترى الفتيات أن امرأة عاملة وأمّاً قادرة على خوض الماراثون أو ممارسة رياضات متعددة، يدركن أنّ الطريق ليس مستحيلاً. أؤمن أن القدوة أقوى من الكلمات، وما أسعى إليه أن أكون نموذجاً عملياً يلهم الجيل الجديد للاستمرار.

ما الرسالة التي ترغبين في توجيهها للنساء الإماراتيات اللواتي يرغبن في اتخاذ الخطوة الأولى نحو أسلوب حياة أكثر صحة ونشاطاً، لكنهن يشعرن بالتردد؟


أقول لهن: الوقت لا يفوت أبداً. يمكنك البدء الآن بخطوات بسيطة، وستجدين من يدعمكِ في هذا الوطن الكريم الذي وفّر بيئة مثالية لتمكين المرأة رياضياً. هناك مدرّبات، ومجموعات مجتمعية، وبرامج تساعدكِ على دخول هذا العالم بمتعة وأمان. الرياضة فرصة للحياة الصحية، خذي الخطوة الأولى، واكتشفي نفسكِ من جديد.

 أنتِ اليوم تشاركين في سباقات 5 كيلومترات، وتفكرين في خوض السباحة كخطوتك التالية. ما الذي يدفعك للاستمرار في تحدي نفسك بأهداف جديدة؟

أنا بطبيعتي لا أكتفي بإنجاز واحد. كل تجربة رياضية تفتح أمامي أفقاً جديداً، وتشجعني على البحث عن تحدٍ آخر. بعد إصابتي مثلاً، وجدت في السباحة رياضة بديلة ساعدتني على الاستمرار، وأصبحت اليوم دافعاً لخوض مغامرات أخرى. التحديات تمنحني معنى لحياتي، وتؤكد لي أنّ النمو لا يتوقف.

ماذا تعني لك المشاركة في ألعاب الماسترز أبوظبي 2026؟

المشاركة في ألعاب الماسترز أبوظبي 2026 بالنسبة لي تعني تحقيق حلم لطالما راودني منذ الطفولة. فقد كنا نتابع الأولمبياد بشغف ونتساءل: هل يمكن أن نحظى نحن أيضاً بفرصة المشاركة في حدث عالمي بهذا الحجم؟ واليوم، تأتي ألعاب الماسترز إلى الإمارات لتفتح هذا الباب أمام كل من تجاوز الثلاثين ليعيش التجربة بروح احترافية وفي بيئة شاملة للجميع. بالنسبة لي، الأمر ليس مجرد سباق رياضي، بل هو دليل بأن الأحلام تتحقق، وأن الإرادة قادرة على تحويل الطموح إلى واقع.