
التفكير الإيجابي أداة توجه بوصلتكِ نحو مسارات صحيحة وآفاق واسعة في عالم اللامعقول
لماذا التفكير الإيجابي قوة نجاح لا تُضاهى؟.. لا شك أن هذا السؤال لن يتوارد إلا في أذهان من يقبلون ذاتهم بنقاط قوتها وضعفها، من يُصِرون على الاستمرارية في تحقيق أهدافهم رغم ينابيع الفشل والتحدي التي تُحاوطهم.
وفي ظل الأحداث التي نعيشها في عصرنا الحالي؛ باتت الأفكار السلبية ومفردات اليأس ومشاعر الألم تتسلل إلى عقولنا. تُسيطر على ساعات يومّنا، وتستنزف طاقتنا، ما يجعلنا دومًا في دائرة الخوف الخفي من المستقبل
لكن لحظة... أين هو الإيمان بالله وحب الحياة ورؤية الأقدار بنفسًا راضية؟، أين التفاؤل الذي تُناشد به جميع الأديان السماوية؟. عمومًا، لن أتطرق إلى حديث يُفقدنا بث روح الإيجابية إلى جميع جوانب حياتنا. لذا، دعينا سويًا نرسم ملامح الأمل والخير في سطور بسيطة في كلماتها، ولكنها عميقة في فهمها واستيعابها لننهض سويًا ونبي آفاق جديدة مهما كانت الصعوبات التي تواجهنا.
لذا، سأوجه بوصّلة عقلكِ أنا محرروة مجلة هي "رحاب عباس"نحو المسار الصحيح لتخطي صعوبات الحياة. آلا وهو التفكير الإيجابي لصناعة المعجزات في عالم اللامعقول.
نعم.. هو عالم اللامعقول؛ صدقيني لم أجد كلمة أخرى أكتبها، فكل ما يحدث من حولنا بات في منطقة اللامعقول. لكن ماذا لو كان سرّ نجاحك الأكبر مختبئًا في مكانٍ لم تبحثي فيه بعد؟..ليس في موهبتكِ، ولا في ظروفكِ،بل في طريقة تفكيرك.
تخيّلي معي أنكِ تمتلكين بوصلة خفية توجه كل قراراتك:كلما دارت نحو "هذا ممكن"،انفتحت أمامكِ أبواب كنتَ ترايها جدرانًا. هذه ليست فلسفةً مثالية... بل "هندسة عقلية" تخلق نجاحاتٍ ملموسة.
من هذا المُنطلق، دعينا نُغير قواعد اللعبة؛ فالتفكير الإيجابي ليس تفاؤلًا أعمى، بل فن تحويل طاقتك الذهنية إلى وقود عملي. فكل فكرة إيجابية هي لبنة في جسر نجاحكِ، وكل حوار بناء مع ذاتكِ هو محرك لإنجازاتك.
لذا تتّبعي السطور القادمة عبر موقع "هي" واستفيدي من فوائد التفكير الإيجابي وكيفية اكتسابه بخطوات بسيطة، بناءً على توصيات استشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من جدة.
لماذا فوائد التفكير الإيجابي بمثابة فنّ استراتيجي يُشكل حياتنا؟

ووفقًا للدكتورة لبنى، لأن التفكير الإيجابي ليس مجرد "نظرة وردية" للحياة، بل هو بالفعل فنّ استراتيجي لتحويل التحديات إلى فرص، والتركيز على الحلول بدل المشكلات. كذلك هو نمط عقلي يبحث عن الإمكانيات في كل موقف، عبر التالي:
- إعادة صياغة السلبية مثل: تحويل "هذا التمرين صعب" إلى "هذا تحدي سأتعلم منه".
- التركيز على ما نتحكم فيه:كتحسين الأداء بدل الانشغال بنتائج المسابقات.
- رؤية الفشل كمعلومة:كأن تقولي "هذه الطريقة لم تنجح، سأجرب أخرى".
لماذا يُعتبر "سوبر باور" للإنجاز؟
وتابعت دكتورة لبنى، لأن العلم دومًا وراء التفكير الإيجابي وليس الجهل. ما يُساهم ذلك في تحفيز إفراز الدوبامين (هرمون التحفيز) والسيروتونين هرمون (الاستقرار النفسي). على سبيل المثال: "لاعبو كرة السلة الذين يمارسون التخيل الإيجابي (Visualization) يُحسّنون دقة التصويب بنسبة 23 % دراسة في Journal of Sport & Exercise Psychology". من ناحية أخرى، وجدوا باحثو جامعة هارفارد أن المتفائلين أقل عرضة لأمراض القلب بـ 35 % وأكثر إنتاجية في العمل بنسبة 31 %.
كيف يختلف التفكير الإيجابي الحقيقي عن التفاؤل السطحي؟
أوضحت دكتورة لبنى، أن التفكير الإيجابي الحقيقي "يعترف بالمشكلة ويبني خطة حلّ، يُركز على الجهد والتحسين المستمر، يتعلم من الفشل"؛ بينما التفاؤل السطحي ( الواهم) "يُنكر المشكلة (كل شيء تمام)، ينتظر الحظ (راح تتحلّى الأمور)، يتهرّب من النقد".
على سبيل المثال، أقوال تُلخّص فلسفة التفكير الإيجابي الحقيقي: "لا تُحدّد الظروف شخصيتك، بل ردود فعلك هي من تفعل ذلك.. "ستيفن كوفي". "الإيجابية لا تعني تجاهل السوء، بل إدراك أن الخير أقوى.. "مارتن سليجمان مؤسس علم النفس الإيجابي".
ما هو الفرق بين التفكير الإيجابي الصحي والسام؟
وأضافت دكتورة لبنى، أما عن التفكير الإيجابي الصحي فهو "يعترف بالمشاعر السلبية ثم يتحرك للأمام، يرى الواقع بوضوح ويبحث عن حلول". بينما التفكير الإيجابي السام فهو "ينكر المشاعر (لا تحزن)، يهرب من الواقع (كل شيء مثالي)".
ما هي فوائد التفكير الإيجابي المُثبتة علميًا؟
أكدت دكتورة لبنى، أن التفكير الإيجابي ليس مجرد "شعارات تحفيزية"، بل هو"أداة " علمية تُحسّن جودة حياتنا جسديًا ونفسيًا واجتماعيًا، وتحقق فوائد متنوعة أثبتها العلم، وذلك على النحو التالي:
تُعزز الصحة النفسية
- أثبتت دراسة في جامعة بنسلفانيا أن ممارسة التمارين الإيجابية (ككتابة الامتنان) خفّضت أعراض الاكتئاب بنسبة 30 %.
- تزيد المرونة النفسية، وتساعد على التعافي من الصدمات أسرع عبر تحويل التركيز من "الضحية" إلى "البطل القادر على المواجهة".
تُدعم الصحة الجسدية
- أثبتت دراسة حديثة في جامعة هارفارد، أن المتفائلون لديهم خلايا مناعية (T-cells) أكثر فعالية بنسبة 50%
- يُقلل التفكير الإيجابي خطر الأمراض: "أمراض القلب بنسبة 35 %، السكتة الدماغية بنسبة 39 %، الالتهابات المزمنة بنسبة 41 %.
- يطيل العمر:المتفائلون يعيشون أطول بـ 11–15% من المتشائمين (دراسة شملت 70,000 شخص).
تُحسن الأداء والإنجاز
- في الرياضة:الرياضيون الإيجابيون يحققون نتائج أفضل بنسبة 20 % في التدريبات والمنافسات (مجلة علم النفس الرياضي).
- في العمل:الموظفون الإيجابيون أكثر إبداعًا بنسبة 31 %، وأقل تغيبًا عن العمل (دراسة غالوب).
- في التعليم:الطلاب المتفائلون يحصلون على درجات أعلى بنسبة 25 % من زملائهم المتشائمين.
تُطور العلاقات الاجتماعية
- جاذبية شخصية: الأشخاص الإيجابيون يجذبون الآخرين بسهولة (دماغ الإنسان يتفاعل تلقائيًا مع الطاقة الإيجابية).
- حل النزاعاتي: يُركزون على الحلول بدلًا من المشكلة، مما يقلل الصراعات بنسبة 40 %.
تُدير التوتر بفعالية
- تحويل الضغط إلى طاقة:عبر رؤية التحديات كفرص للنمو ظاهرة تسمى ( eustress)
- خفض هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) بنسبة 23 %، وفقاً لدراسة حديثة في "جامعة ييل".
تُطور العقلية النامية (Growth Mindset)
- رؤية الفشل كمُعلِّم: "هذا خطأ" .. "هذه فرصة لأتعلم".
- التركيز على الجهد: "أنا غير موهوب.. "سأتدرب أكثر".
كيف تكّتسبين تفكيرًا إيجابيًا بخطوات عملية بسيطة؟

من وجهة نظرالدكتورة لبنى، تُعتبر فوائد التفكير الإيجابي بمثابة "فيتامين عقلي" سيمنحكِ مناعةً ضد اليأس،وقودًا للإنجاز، ومرونةً لمواجهة الحياة. لذا، ابدئي الآن فصاعدًا بـ كلمة واحدة إيجابية تُعيد برمجة يومك؛ وتأكدي أن اكتساب التفكير الإيجابي مهارة تُبنى بالتدريب اليومي، وليست موهبة فطرية. وتعلمي هذه الخطوات العملية المبنية على علم النفس الإيجابي وعلم الأعصاب؛ وذلك على النحو التالي:
ارصدّي الأفكار السلبية
- احملّي مفكرة أو استخدمي تطبيقًا مثل ( Daylio).
- دوّني المواقف التي تثير تفكيركِ السلبي، على سبيل المثال: "العبارات التي تكرريها لنفسك مثل (أنا فاشلة، هذا مستحيل)؛ كي تصبحي واعية بأنماط تفكيركِ قبل تغييرها.
أعيدّي صياغة السلبية (إعادة الهيكلة المعرفية)
حوّلي العبارات: "أخاف الفشل" إلى "هذه فرصة لأتعلم وأتحسن". "التمرين صعب جدًا" إلى "هذا التحدي سيقويني". "لا أملك وقتًا" إلى "سأبدأ بـ 5 دقائق فقط".
تعلّمي تمرين "يوميات الامتنان"
أثبتت دراسة في جامعة كاليفورنيا أن هذه العادة ترفع مستوى السعادة بنسبة 25 % خلال 3 أسابيع. أما طريقة التنفيذ، فكالتالي: "كل ليلة، اكتبي 3 نقاط بسيطة تشعركِ بالامتنان لها مثل (شكرًا لأنني استطعت المشي اليوم، شكرًا للقهوة اللذيذة التي شربتها).
ركّزي على ما يُمكنكِ التحكم فيه
اسألي نفسك: "ما هو الجزء الوحيد من هذا الموقف الذي أستطيع تغييره؟، ما هي الخطوة الواحدة الصغيرة التي يُمكنني فعلها الآن؟. على سبيل المثال: "بدل القلق من نتيجة مباراة، ركزي على جودة تدريبكِ اليوم".
مارّسي التخيل الإيجابي (Visualization)
تأكدي أن هذه العادة تُنشط نفس المسارات العصبية في الدماغ كالتنفيذ الفعلي، مما يعزز ثقتكِ بنفسكِ. وهنا يُمكنكِ تنفيذ التالي:
- أغلقي عينيكِ وتنفسي بعمق.
- تخيلّي نفسكِ تنجحين في هدفٍ صعب مثل (إنهاء سباق، تقديم عرض ناجح).
- ركّزي على تفاصيل الحواس"الأصوات، المشاعر، الروائح".
اقطعّي المصادر السلبية

- قلّلي تواجدكِ مع من يُشعركِ بالإحباط مهما كان صلتكِ به.
- توقّفي عن متابعة أخبار أو حسابات "التواصل الاجتماعي" التي تزيد من قلقكِ
- استبدّلي كلامكِ مع ذاتكِ: "لماذا أنا ضعيفة؟" بـ "كيف أكون أقوى؟".
استخدمي لغة الجسد الإيجابية
- الوقوف مستقيمة أحد الحركات التي تُغير من دماغكِ (يُقلل الكورتيزول).
- الابتسامة حتى لو لم تكوني سعيدة (تُحفز إفراز الإندورفين).
ابّني شبكة داعمة
اختاري أشخاصًايُذكرونكِ بإنجازاتكِ حين تُنسى، ويقدمون نقدًا بناءً من دون تحطيم.
تجنبي فخ الإيجابية السامة
لا تنكّري مشاعركِ: قولي "أشعر بالإحباط الآن، وهذا طبيعي... ما الدرس الذي يمكن أن أتعلمه؟". "أنا غاضبة، كيف أحول هذه الطاقة إلى فعل مفيد؟".
استفيدي من التكرار والمرونة
- توقعي الانتكاسات:بعض الأيام ستغلبكِ السلبية... هذا طبيعي!
- حدثي نفسكِ: "اليوم كان صعبًا، غدًا أبدأ من جديد".
ازّرعي كلمة سحرية في يومكِ
كل صباح، اختاري كلمة إيجابية تكون بوصلة يومك مثل: "قادرة"، "مبدعة"، "أستحق".
اصنّعي فيلمًا ذهنيًا لنجاحك
يقول علم الأعصاب (الدماغ لا يفرق بين التخيل الواضح والواقع) وفقًا لتجارب جامعة "كليفلاند". لذا قبل النوم: "تخيّلي نفسكِ تلمسين هدفكِ، تشعرين بلمسته، تسمعين صوت تصفيقكِ، تري ابتسامتكِ".

وأخيرًا، ابدئي معي اليوم فصاعدًا بهذه الجملة:"عقلي منجم ذهب.. وأفكاري أدوات التنقيب"؛ واسألي نفسك الآن:"ما الإنجاز الذي سأصنعه اليوم بسلاح تفكيري الإيجابي؟.