خاص "هي": تُحدّث القلب والعقل .. دروس من حياة ريتا لمع وقصة نجاحها

خاص "هي": تُحدّث القلب والعقل .. دروس من حياة ريتا لمع وقصة نجاحها

جويل تامر

 

قليلة هي الشخصيات التي نقابلها في حياتنا وتترك بصمة. ولكن عندما نلتقي هؤلاء، يصبحون مصدر إلهام لنا ونموذجا يسهم في تحوّل حياتنا. يتحدثون بأفعالهم، ويمتلكون قوة خاصة لجعلنا ننظر إلى العالم بطريقة مُختلفة، فنتعلم من تجاربهم الشخصية لنطوّر أنفسنا، فتكون بصمتهم دائما محفورة في قلوبنا، وتذكيرا دائما بأنّه يمكننا أن نكون أكثر ممّا نحن عليه اليوم.

ومن الشخصيات البارزة التي أثبتت أن قوة التأثير الإيجابي ليست مقتصرة على الشهرة، بل هي في القلب والعقل والعمل الصادق والإيمان بقدرتنا على تغيير العالم للأفضل، خبيرة الموضة والمدونّة ريتا لمع.

هي شخصية استثنائية تتميّز بتفوقها في مجموعة متنوعة من المجالات. إنها زوجة النائب في البرلمان اللبناني إلياس حنكش، وأم لـ3 أطفال، ومؤثرة ورائدة أعمال، ومقدمة برامج ووصيفة ملكة جمال لبنان سابقة. سنكتشف في هذا اللقاء كيف تجمع ريتا بين هذه الأدوار المتعددة، وكيف تدير وقتها بشكل فعال لتحقيق التوازن. وسنتعلم أيضا من خبرتها كنموذج للفتيات الطامحات اللواتي يرغبن في بناء علامة تجارية ناجحة، فقد أطلقت مؤخرا SIZEPICO، أول علامة تجارية جريئة ومعاصرة للمقاسات الكبيرة في المنطقة.

إنها قصة نجاح امرأة استثنائية تستحق الاستماع إليها، فلا تفوتوا هذه المقابلة الملهمة، حيث شاركتنا ريتا رحلتها الملهمة من البدايات، حيث واجهت تحديات، والدروس التي استفادت منها في رحلتها نحو تطوير الذات.

1

حوار: جويل تامر

  • تبدعين في الكثير من المجالات، فأنتِ زوجة وأم ومؤثرة ورائدة أعمال، كيف يمكنك إدارة وقتك وتحديد أولوياتك بشكل فعال للتوفيق بين هذه الأدوار؟ وما الدور الأقرب إلى قلبك؟

لا أستطيع أن أنكر أن الأمر يترافق مع الكثير من التحديات، وأهمّها هو النضال المستمر لإيجاد التوازن بين الجوانب المختلفة لحياتي. مع مرور السنين، أدركت أن التوازن الدائم غير موجود، وأن الأهّم هو أن نعيش كل لحظة. كما أدركت أهمية التركيز على ما أفعله بدلا من القيام بكل شيء في الوقت نفسه، وهو ما كنت أفعله لفترة طويلة.

وهنا أستشهد بما سبق أن قالت "أوبرا وينفري": "يمكنك الحصول على كل شيء، ولكن ليس دفعة واحدة" You can have it all, just not all at once.

من بين الأدوار العديدة التي أضطلع بها في حياتي، الأقرب إلى قلبي وهو الأمومة، فأنا أتمتّع بامتياز أن أكون أمّا لـ3 أطفال وتربيتهم ومشاهدتهم يكبرون.

  • بدأتِ مسيرتكِ من نقطة الصفر، ما النصيحة التي تقدمينها للفتيات الطامحات إلى اتباع مسار مماثل من حيث بناء علامة تجارية وعمل تجاري ناجح؟

استثمرن في أنفسكن، ولا تتوقفن أبدا عن التعلم. أعتقد أن على كلّ امرأة أن تسمع هذه النصيحة، لأننا بطبيعتنا نميل إلى العطاء أكثر من الأخذ. فضلا عن ذلك، فإن الاتساق في التصرفات المترافق مع عقلية مرنة وإيجابية هو أهم وأصعب ما تعلمته شخصيا خلال مسيرتي المهنية. كما أن إحاطة أنفسكن بالأشخاص الملهمين المناسبين يمكن أن يكون مفيدا جدا للوصول إلى أهدافكن.

 

  • ما اللحظات أو القرارات المحورية التي أسهمت بشكل كبير في نموّك الشخصي؟

أول ما يتبادر إلى ذهني هو فترة بعد التخرج مباشرة عندما قررت الدخول إلى عالم الإعلام التلفزيوني. أتذكر أنني قدمت أول برنامج تلفزيوني مباشر لي عندما كنت في الـ 18 من عمري، وقد حقق نجاحا كبيرا. ولاحقا قدّمت عدّة برامج تلفزيونية عبر قنوات مختلفة، وكان أحدها برنامجا ضخما بإنتاج كبير كان يتم بثّه في أوقات الذروة. لقد كانت تلك بالتأكيد واحدة من أهّم اللحظات المحورية بالنسبة لي والتي لعبت دورا كبيرا في بناء ثقتي بنفسي، بما في ذلك لغة الجسد والحضور العام.

وهناك أيضا لحظة أخرى مثيرة للاهتمام ومحورية في حياتي، وكانت عندما قررت استئناف دراستي بعد إنجاب طفلين. فقد التحقت بـ"كلية لندن للأزياء" London College of Fashion لدراسة تنسيق الأزياء، كما تابعت دورة في التسويق الرقمي، وكلاهما ساعدني في إطلاق علامتي التجارية الجديدة SIZEPICO، أول علامة تجارية جريئة ومعاصرة للمقاسات الكبيرة في المنطقة.

  • من هم قدوتك أو مرشدوك؟ وماذا تعلمتِ منهم في مجال تطوير الذات؟

القدوة موجودة في كل مكان! شخصيا، لقد تأثرت بالكثير من الأشخاص الذين قابلتهم في حياتي، والذين ألهموني لتطوير نفسي بشكل أكبر، وهم الأشخاص الذين لا يزالون ناجحين، ليس بالضرورة على المستوى المهني فقط بل على الأصعدة كافة، على الرغم من كل التحديات التي يواجهونها، والمسنون الذين لا يتوقفون عن تعلم أشياء جديدة، وأشخاص سقطوا وتعلموا من أخطائهم، واستمروا في تسلق سلمّ النجاح.. كل من يرتفع فوق الصعوبات، ويزدهر على الرغم من كل شيء.

  • برأيكِ، ما العادات اليومية التي أسهمت أكثر في نجاحكِ وتطوركِ؟

ممارسة الرياضة في الصباح الباكر! لا يقتصر الأمر على فوائدها الصحية الإيجابية فحسب، بل يمكن أن تعزز يقظتك العقلية وتركيزك لتمضية يوم أكثر إنتاجية والتمتع بنوم أفضل خلال الليل!

شيء آخر أجده مفيدا جدا، وهو أنني أبدأ يوم عملي بالمهمة الأكثر أهمية، وأحاول التركيز عليها حتى الانتهاء منها.

  • كيف تحافظين على حماسكِ وعلى "عقلية النمو" في مواجهة النكسات؟

عندما أجد نفسي عالقة في الأفكار السلبية (ثقي بي، يحدث هذا كثيرا بالنسبة لمَن يعانون الإفراط في التفكير مثلي)، أحاول ملء جدول أعمالي بأنشطة ممتعة وهادئة. نحن نميل إلى نسيان كيفية الاسترخاء، وأن نكون حاضرين في اللحظة. أعترف أنني تعلمت ذلك في وقت متأخر جدا من حياتي. عندما كنت في العشرينيات من عمري كنت مشغولة جدا بالعمل. وفي الثلاثينيات من عمري كنت أركز على العمل والأمومة، ولم أدرك أن الحياة هدية رائعة، ولا يمكننا أن نعيشها إلا مرة واحدة، إلا عندما بدأت أتعلم التمهُّل، وأن أعيش كل لحظة بلحظتها، وأحاول قدر المستطاع أن أترك بعض الأشياء على حالها.  (Still trying، كما أشارت ممازحة).

  • ما كتبك أو البودكاست المفضلة لديكِ والتي كان لها تأثير عميق في تطورك الشخصي والمهني؟

على الرغم من أنه من الصعب بالنسبة لي أن أجد وقتا لقراءة كتاب وإنهائه، ستجدين دائما واحدا على طاولتي الليلية أو في حقيبة سفري. لقد بدأت مؤخرا في استخدام الكتب الصوتية audiobook والبودكاست، لأنني أجدها بديلا رائعا عندما ينفد الوقت. فيما يلي بعض ما أستمع إليه مؤخرا:

If life is a game these are the rules (audiobook), Judgment detox (book), The Disoriented (book), The Goop Podcast, The doctor’s pharmacy (بودكاست), Greenlights (audiobook).

  • كيف تتعاملين مع النقد أو ردود الفعل السلبية؟ وما الاستراتيجيات التي تستخدمينها للتعلم منها والنمو؟

أبقى واقعية! قد يجد بعض الأشخاص أن ما أقدمه مثير للاهتمام ويعجبهم، بينما يكون رأي البعض الآخر معاكسا. ليس من الضروري أن يحب الجميع كل شيء. قد يكون الأمر مؤلما عندما نتعرض للانتقاد والحكم المسبق، ولكن مع مرور الوقت بدأت أميز بين النقد غير البناء والنصائح التي قد تفيدني.

2

  • من يتفقد حسابك على "إنستغرام" يدرك كم أنتِ محترمة وحقيقية، وهي قيم يفتقر إليها البعض اليوم. صفي لنا علاقتك بوسائل التواصل الاجتماعي. وكيف تحمين نفسك وعائلتك من تأثيرها السلبي الذي يصل أحيانا إلى حد التنمر؟

أعتقد أنني أبقي الأمور حقيقية وأصيلة حتى عند الترويج لعلامة تجارية! على الرغم من أنني كنت أروج للعلامات التجارية قبل سطوع نجم وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الصناعة قد تغيرت تماما، وتركت الأمر لإبداع المؤثرين للترويج لمنتج مُعيّن، في حين أنه منذ سنوات مضت، كان الأمر متروكا للوكالة الإبداعية فقط للتوصل إلى فكرة وتوظيفها.

أجد الأمر أكثر إثارة للاهتمام هذه الأيام. وعلى الرغم من المحتوى السطحي الذي نراه يوميا، فإن اكتشاف مواهب جديدة على مستويات مختلفة أصبح أسهل من أي وقت مضى.

بشكل عام، ينشر معظم الأشخاص أبرز أحداث حياتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويميلون إلى التركيز على كل ما هو إيجابي. ولكن هذا لا يعني أن حياتنا مثالية، ولا تحتوي على السلبيات أو الانتكاسات، بل يعكس رغبة داخلية لدينا في عدم نشر السلبية.

بالعودة إلى المحتوى الخاص بي، كما أشرت سابقا، فقد أبقيته دائما حقيقيا. لا يمكنني أبدا التعامل مع علامة تجارية لا تشبهني، أو لا أتشارك معها قيما مُعيّنة. تتعاون معنا العلامات التجارية للعمل على قصة مثيرة للاهتمام وواقعية، أكثر من مجرد محاولة إيصال الرسالة بصراحة. يثق المتابعون بذلك، ويتفاعلون أكثر بكثير مما هو عليه عندما يكون من الواضح أن الإعلان مفروض عليهم.

كما أميل إلى مشاركة الكثير من النصائح لتمكين النساء ونشر التوعية عبر منصاتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال التعاون سواء مع المنظمات غير الحكومية أو مع العلامات التجارية التي لديها رسالة تريد نقلها من خلالي عندما يتعلق الأمر بالنساء ودعمهّن في المجالات كافة. منذ طفولتي أقدّر المرأة، وما تمرّ به خلال حياتها، وقوّتها وقدرتها على القيادة والإدارة، والتنظيم حتى عند تعدد المهام التي ننفذها.

أما عندما يتعلق الأمر بعائلتي، فقد اتخذت قرارا شخصيا بعدم استخدام صفحتي لمحتوى متعلّق بعائلتي وحياتي الشخصية. يمكنكم مشاهدة بعض المنشورات المتعلقة بهم بشكل عشوائي، لكنني لا أنشر أبدا صورة لأطفالي من دون موافقتهم. ولهذا السبب لا ترينهم كثيرا عبر خاصية الستوري أو على منشوراتي اليومية. هم يفضلون أن تكون الأمور على هذا النحو، لأنهم غير مهتمين بوسائل التواصل الاجتماعي. أعتقد أنه من المهم جدا احترام اختيار أطفالنا، لأنهم يثقون بنا تماما، ومهمتنا هي أن نوضح لهم أن ملايين الأشخاص سوف يشاهدون صورهم، وإذا لم يشعروا بالارتياح لفعل ذلك، فعلينا أن نحترم رغبتهم.

  • ما أهم قيمة علّمتها لأطفالك؟ ولماذا هي مهمة بالنسبة لك؟

الاحترام والقبول! احترام وقبول الآخر بغض النظر عن عمره أو عرقه أو دينه أو هويته أو أي خاصية أخرى. مع الحفاظ على تقاليدنا ومعتقداتنا كعائلة، ما زلنا بحاجة إلى تعليم أطفالنا أهمية الاحترام.

ما الطرق التي تمارسين بها الرعاية الذاتية، وتعطين الأولوية من خلالها لصحتك العقلية والجسدية؟

أعتقد أن أحد أهم الأمور التي أسهمت بشكل كبير في نموي هو إنشاء روتين صباحي. أنا مدمنة "بيلاتيس"! أتدرب مرتين في الأسبوع لمدة ساعتين في كل مرة، وأتأكد من البدء في وقت مبكر جدا من الصباح. وفي الأيام الأخرى، إما أن أتمشى في الطبيعة أو أمارس اليوغا. أنا لست من أشد المعجبين بتدريبات HIIT، ولكني أحاول دمجها في روتيني بين الحين والآخر.

من خلال البدء مبكرا وممارسة الرياضة، أعتقد أنه يمكنني إضفاء طابع إيجابي ومُنعش على يومي. من المهم جدا أن يكون لديك روتين صباحي وجمالي ثابت للمساعدة في التغلب على التوتر الذي يأتي مع الحياة والأمومة. كما أنني أتبع نظاما غذائيا للـ"ديتوكس" لمدة 3 أسابيع مرتين في السنة.

  • هل هناك أي تجارب أو تحديات جديدة ترغبين في خوضها لتوسيع آفاقك وتطويرك الشخصي؟

لا أتوقف أبدا! إلى جانب تطبيق عادات صحية وإيجابية يومية مثل إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية والقراءة، فإن هدفي هو تبني عقلية النمو والبدء في النظر إلى التحديات كفرص للتعلم منها بدلا من رؤيتها كعقبات.

أعلم أن الأمر لن يأتي بسهولة، ولكن مع الجهد المناسب، أنا متأكدة من أنني سأستطيع ذلك.

كما أرغب في زيارة بلدان جديدة مدرجة في قائمة أمنياتي، لأنني أعتقد أن السفر يمنحنا مساحة للنمو، ويساعدنا على البقاء في اللحظة بينما ننقطع عن مشتتات الحياة اليومية.

 

4