خاص ل"هي": "جايا"...عباءة تفهم بالإحساس قبل الشكل

خاص لـ"هي": "جايا"... عباءة تفهم بالإحساس قبل الشكل

سارة العجمي
28 ديسمبر 2025

ليست العباءة في عالم جايا مجرّد قطعة تُستكمل بها الإطلالة، بل حالة شعورية تُلامس الداخل قبل أن تُرى. تصاميم تنبني على هدوء متعمّد، وعلى فهم عميق للأناقة بوصفها لغة صامتة، لا تحتاج إلى مبالغة كي تُعبّر عن حضورها. هنا، تتحوّل العباءة إلى مساحة تأمّل، وإلى امتداد طبيعي لشخصية المرأة التي تختارها: واثقة، متزنة، وقريبة من ذاتها.

تأسست جايا عام 2021، لتقدّم رؤية أنثوية راقية تمزج بين التراث الخليجي والحداثة دون صدام، وبين الحرفية العالية والبساطة المدروسة دون استعراض. في كل قطعة، تحضر الخامة المختارة بعناية، والتنفيذ اليدوي، والتفاصيل الصامتة التي لا تطلب الانتباه، بل تستحقه.

في هذا الحوار الحصري مع "هي"، تفتح المصمّمة القطرية من علامة" جايا" المساحة للحديث عن الهوية، والعباءة كلغة، والحرفية كقيمة، والاستدامة كسلوك تصميمي، كما تتناول رؤيتها لمستقبل الأزياء التقليدية الفاخرة في الخليج، وكيف يمكن للقطعة المحلية أن تعبر الحدود دون أن تفقد روحها.

عباءة شتوية من المخمل الفاخر من JAIA.jpg
عباءة شتوية من المخمل الفاخر من JAIA

كيف تعرّفين نفسك إبداعيًا، وكيف وُلدت هوية جايا؟

أعرّف نفسي كصانعة حكايات تُترجم إلى عباءات. أعمل على الجمع بين الحسّ الجمالي والبعد الشعوري للقطعة، بحيث لا تكون مجرّد تصميم بل تجربة تُعاش. هوية جايا وُلدت من حاجة داخلية لخلق عباءة تحمل معنى: جذورها من إرث المكان، وروحها من المرأة المعاصرة التي تبحث عن أناقة هادئة تشبهها.

تنبع تصاميم جايا من توازن دقيق بين الإرث والحداثة. ما اللحظة التي شكّلت بداية هذه الرحلة الإبداعية؟

البداية كانت لحظة وعي: أن العباءة ليست مجرد زي تقليدي، بل لغة كاملة تعبّر عن الهوية. حين أدركت أن بإمكاني احترام الموروث دون نسخه، وابتكار تصميم حديث دون القطع عنه، بدأت رحلة جايا. من هنا تشكّل ذلك الخط الرفيع بين الماضي والمستقبل.

حين تبدئين مجموعة جديدة، ما المساحة التي ينطلق منها الإلهام أولاً: الذاكرة، الفن، أم تفاصيل الحياة اليومية؟

الإلهام يولد من تداخل هذه المساحات معًا. الذاكرة تمنح العمق، الفن يمنح الرؤية، وتفاصيل الحياة اليومية تمنح الصدق. أحيانًا تبدأ الفكرة من مشهد عابر أو لون في الطبيعة، ثم تنمو لتصبح مجموعة كاملة ترتبط بإحساس معيّن.

كيف تحضر الهوية في تصاميمك، وما الذي ترغبين أن تقوله العباية عن المرأة التي ترتديها؟

الهوية تحضر في الخطوط الهادئة، القصّات المتوازنة، واحترام البساطة المدروسة. أريد للعباءة أن تقول عن المرأة التي ترتديها: إنها واثقة دون مبالغة، أنيقة دون ادّعاء، قريبة من جذورها لكنها لا تخشى التجدّد.

قطعة مطرزة بالكامل من مجموعة الشتاء من JAIA.jpg
قطعة مطرزة بالكامل من مجموعة الشتاء من JAIA

في كل قطعة من جايا حضور واضح للحرفية. أي تفصيل تشعرين أنه يختصر روح العلامة؟

روح جايا تختصرها التفاصيل الهادئة غير الصارخة: درزة دقيقة، خامة مختارة بعناية، أو حركة بسيطة في القصّة تغيّر الإحساس كله. الحرفية بالنسبة لي ليست المبالغة في التزيين، بل القدرة على جعل البساطة تبدو ثمينة.

كيف تنظرين إلى تطوّر الأزياء التقليدية الفاخرة في الخليج اليوم، وإلى أين يتجه هذا المشهد برأيك؟

المشهد اليوم ينضج بوضوح. هناك وعي أكبر بالتصميم، وبهوية محلية تحمل نفسها بثقة عالميّة. برأيي الاتجاه المقبل سيجمع بين ثلاث قيم: الراحة، الاستدامة، والهوية الواضحة. لن تكون القطعة فقط جميلة، بل مرتبطة بقصة وثقافة ومسؤولية.

تصاميمك تبدو عابرة للزمن رغم معاصرتها. كيف تصنعين هذا التوازن بين الوفاء للتقاليد وابتكار الجديد؟

أعمل دائمًا على قاعدة: التقليد ثابت، والتصميم متحرّك. أحترم روح العباءة وشكلها الأساسي، ثم أسمح للتفاصيل أن تتغير: القصة، الخامة، الحركة. الهدف أن تبقى القطعة صالحة للّبس اليوم وغدًا، دون أن تفقد جذورها.

إلى أي حد تشكّل الاستدامة، مادياً وثقافياً، جزءاً من رؤيتك الإبداعية؟

الاستدامة بالنسبة لي ليست شعارًا، بل سلوك تصميم. أحرص على اختيار خامات تدوم، وعلى تصميم قطع قابلة للّبس أكثر من موسم. أما الاستدامة الثقافية، فتعني الحفاظ على روح العباءة الخليجية مع تقديمها برؤية معاصرة، كي تبقى حاضرة للأجيال القادمة.

قطعة مطرزة من مجموعة الشتاء من JAIA.jpg
قطعة مطرزة من مجموعة الشتاء من JAIA

ما الفصل القادم الذي تتطلعين إلى كتابته لجايا؟

الفصل القادم هو مزيد من الانتشار، مع الحفاظ على الجوهر. أطمح أن تصبح جايا علامة تُعرف بهدوئها وقيمتها، وأن تصل إلى نساء جديدات دون أن تفقد دفئها الأول. أرى جايا تكبر، لكن تبقى قريبة من المرأة التي ترتديها.

في زمن تتشابه فيه الصور وتتسارع الصيحات، تختار جايا طريقًا آخر: عباءة تُصمَّم بهدوء، وتُفهم بعمق، وتُرتدى كامتداد طبيعي للهوية. علامة قطرية تنتمي إلى الخليج بأكمله، وتؤمن أن الأناقة الحقيقية لا تعبر الحدود بصوت عالٍ، بل بثبات، وصدق، وشعور يبقى.