التصلب اللويحي المتعدد.. مرض مناعي بات بالإمكان التعايش معه

يصادف 30 مايو اليوم العالم للتصلب اللويحي المتعدد، وعلى قدر ما أن الأيام العالمية للأمراض والمشاكل الصحية مهمة للتوعية والكشف عن طرق العلاج وآخر الأبحاث القائمة، على قدر ما أن معرفة هذه الأمراض والإطلاع على أسرارها وكيفية التعامل معها، تسهل الكثير على المصابين بها والمحيطين بهم.

والتصلب اللويحي المتعدد هو أحد أمراض الجهاز العصبي، يصيب الدماغ والنخاع الشوكي والمعروفان بإسم الجهاز العصبي المركزي. يتسبب التصلب اللويحي المتعدد بضرر وتلف لأعصاب الجهاز العصبي المركزي، حيث يهاجم الجهاز المناعي في الجسم الطبقة العازلة التي تغطي الألياف العصبية (طبقة الميالين) مما يؤثر بدوره على تدفق الرسائل العصبية من الدماغ، والرسائل التي يرسلها إلى بقية أعضاء الجسم، وبالتالي فهو مرض مناعي في الدرجة الأولى.

يُسمى التصلب اللويحي المتعدد التصلب العصبي المتعدد أيضاً، كونه يصيب الأعصاب بشكل خاص. وتعود جذور كلمة Sclerosis’ “تصلب” إلى اليونانيّة وهي تعني تندب الأعصاب، أما كلمة ‘Multiple’ “متعدد” فهي تشير إلى الأجزاء المتعددة للدماغ والنخاع الشوكي الّتي يفتك بها هذا المرض، بحسب ما أورد موقع مستشفى "كليفلاند كلينك" أبوظبي.

أما موقع "الجمعية السعودية الإستشارية للتصلب العصبي المتعدد"، فقد عمل على تصنيف المرض إلى عدة أنواع حسب نشاط أو خمول المرض، وهي التالية:

عوامل وراثية وبيئية قد تسبب التصلب اللويحي المتعدد
عوامل وراثية وبيئية قد تسبب التصلب اللويحي المتعدد
  • التصلب العصبي المتعدد الإنتكاسي.
  • التصلب العصبي المتعدد المتقدم الثانوي.
  • التصلب العصبي المتعدد المتقدم الأولى. 

وأضاف الموقع المختص أن التصلب اللويحي المتعدد ليس مرضاً معدياً أو وراثياً، وهو يصيب الفئات العمرية الشابة بين 50-20 سنة، ويُعد أكثر شيوعاً عند النساء من الرجال بنسبة3:1. وعلى الرغم من أن المرض يصيب غالباً الفئة العمرية الصغيرة، إلا إنه من الممكن أن يصيب أشخاص من فئات عمرية أخرى.
 

قد تُسبب تسمية المرض الخوف للأشخاص الذين ليسوا على دراية كاملة بالمرض، لكن معظم الأشخاص المصابين الذين تم تشخيصهم بالمرض، باتوا قادرين على العيش بصورة طبيعية وممارسة حياة كاملة ومنتجة، لاسيما مع ما توصل إليه العلم والطب الحديث اليوم من علاجات متفق عليها لتغيير مسار المرض، الرعاية الصحية، استراتيجيات العلاج التأهيلي، والمعدات المساعدة للحركة. إضافة إلى الأبحاث المستمرة سواء لإيجاد علاجات للأنواع المتقدمة من المرض أو لإعادة بناء المايلين المتضرر في الخلايا العصبية.

ما هي أسباب الإصابة بمرض التصلب اللويحي المتعدد
على الرغم من عدم مقدرة الأطباء على كشف الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالتصلب اللويحي المتعدد والأسباب الكامنة وراء مهاجمة الجهاز المناعي لأعصاب الجهاز العصبي المركزي، إلا أن دراسة أمريكية قام بها باحثون من كلية هارفرد للصحة العامة في الولايات المتحدة العام الماضي، أفادت أن التصلب اللويحي المتعدد قد ينتج على الأرجح من فيروس إبستين-بار. وهو فيروس يصيب نحو 95% من البالغين ويمكن لهذا الفيروس أن يتسبب في أمراض أخرى من بينها كثرة الوحيدات العدوانية.

وأظهرت الدراسة التي نُشرت في مجلة "ساينس،" أن وجود هذا الفيروس شرط ضروري للإصابة بمرض التصلب اللويحي، ولكن لا يُصاب جميع الأشخاص الذين يحملون الفيروس بهذا المرض.

وفي حين يبقى السبب الرئيسي للإصابة بالتصلب اللويحي المتعدد مجهولاً، فإن بعض العوامل يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة به بما أن عاملاً واحداً لا يؤدي للإصابة بهذا المرض.

ويشير موقع"كليفلاند كلينك أبوظبي" إلى عوامل مرتبطة بالجهاز المناعي، قد تتسبب في الإصابة بالتصلب اللويحي المتعدد إضافة لعوامل أخرى مثل وجود جينات معينة عند البعض تجعلهم أكثر عرضة للإصابة به، وبالتالي يُرجح أن يكون للعامل الوراثي دور في الإصابة بهذا المرض.

التعب وفقدان البصر من اعراض التصلب اللويحي المتعدد
التعب وفقدان البصر من اعراض التصلب اللويحي المتعدد

وبالرغم من عدم قدرة الأطباء على تحديد من سيُصاب بمرض التصلب اللويحي المتعدد، إلا أنهم لاحظوا أنماطاً معينة لتوزع المرض يمكنها المساعدة في فهم عوامل الخطر المسببة لتطور المرض. وتضم هذه العوامل الآتي:

  • الجنس: ينتشر مرض التصلب اللويحي المتعدد بين النساء أكثر بثلاثة مرات من الرجال، مما يعني أن الهرمونات الأنثوية قد يكون لها دور في التسبب بهذا المرض.
  • العمر: يتم تشخيص الفئة العمرية التي تتراوح بين 20 و50 عاماً بمرض التصلب اللويحي المتعدد بشكل شائع، إلا أنه قد يصيب الأطفال والكبار في السن أيضاً.
  • الجغرافيا: إذ ينتشر مرض التصلب اللويحي المتعدد في المناطق البعيدة عن خط الإستواء.
  • العرق: أو لون البشرة، ويُعد الأشخاص من شمال أوروبا الأكثر عرضة للإصابة بمرض التصلب اللويحي المتعدد، تليهم النساء الأمريكيات من أصل أفريقي.

كما أن الأبحاث العلمية المختلفة، أثبتت أن العدوى لا تُسبب التصلب اللويحي المتعدد، إلا أنها عامل مُحفز من شأنه أن يؤديللعديد من التفاعلات في الجسم يمكن أن تتطور مع مرور الوقت لتصبح مرض التصلب اللويحي المتعدد. كما كشفت أبحاث علمية موازية، أن بعض العوامل البيئية قد تزيد من احتمالية الإصابة بهذا المرض، مثل التدخين ونقص فيتامين د الحاد في الجسم.

ما هي أعراض التصلب اللويحي المتعدد

تتفاوت حدة الأعراض وطبيعتها تبعاً لمستوى تلف الأعصاب ونوع الأعصاب المُصابة. إذ قد يعاني بعض الأشخاص من أعراض خفيفة من وقت لآخر، فيما يختبر آخرون تراجعاً تدريجياً في قدرتهم على المشي.

ولحسن الحظ، ساهمت حملات التوعية بالمرض في زيادة تشخيص عدد الأشخاص المصابين بالتصلب اللويحي المتعدد ما يساعد في تحسين حياتهم وتسريع علاجهم من هذا المرض. وساعد أيضاً فهم ومتابعة الناس للأعراض المرتبطة بهذا المرض، في سرعة اللجوء للطبيب والخضوع للفحوصات اللازمة للكشف المبكر عن المرض.

تجدر الإشارةإلى أن معظم المرضى بالتصلب اللويحي المتعدد، لا يختبرون جميع الأعراض الناجمة عن هذا المرض. لكن من المهم جداً التعرف كافة الأعراض الأكثر شيوعاً والأقل شيوعاً، لضمان تشخيص ناجح ودقيق قدر الإمكان، وتسهيل استبعاد المضاعفات الطبية الأخرى التي يمكن أن تنشأ في مرحلة متقدمة من المرض.

والأعراض الأكثر شيوعاً للتصلب اللويحي المتعدد كما جاءت على موقع المستشفى الأمريكي في أبوظبي:

  • فقدان البصر: بما في ذلك عدم وضوح الرؤية والتباين السيئ للألوان، وقد يترافق مع ألم في العين.
  • ازدواجية الرؤية: بسبب التهاب جذع الدماغ وتسببه باختلال محاذاة مقلة العين.
  • علامة ليرميت: وهي انحناء الرقبة إلى الأمام ويحدث بسبب التهاب النخاع الشوكي داخل الرقبة.
  • الضعف في عضلات الساقين والذراعين.
  • صعوبة المشي.
  • الخدر والتنميل.
  • التصلب أو التشنج الناجم عن صعوبة تحريك الأطراف أو ثني المفاصل.
  • الدوخة واختلال التوازن والإرهاق.
  • مشاكل في المثانة والأمعاء لجهة زيادة الرغبة بالتبول وحالة السلس البولي عند البعض، أو حصر البول لفترة طويلة بسبب فقدان الإحساس بالحاجة للتبول عند البعض الآخر.
  • ضعف الإنتصاب عند الرجال وفقدان النشوة الجنسية عند النساء.
  • الألم الذي يتراوح بين الخفيف والمزمن خصوصاً في الذراع أو الساق.
  • الرعشة التي لا يمكن السيطرة عليها، خاصة عند مد الذراع لالتقاط الأشياء.
  • النسيان والبطء في تلقي المعلومات وفهمها، فضلاً عن فقدان القدرة على القيام بمهام متعددة في آن واحد.
  • الإكتئاب والقلق بسبب التغيرات الكيميائية في الدماغ والإجهاد الناجم عن أعراض التصلب اللويحي المتعدد.

وكون مرض التصلب اللويحي المتعدد يؤثر على أي جزء من الدماغ أو النخاع الشوكي، فمن المحتمل ظهور الكثير من الأعراض الأخرىالأقل شيوعاً، وتشمل التهاب العصب الخامس (ألم يشبه الصدمة الكهربائية في الوجه)، والنوبات، ومشاكل في النطق والبلع والتنفس والسمع.

في النهاية، يمكن القول أن تشخيص مرض التصلب اللويحي المتعدد في مرحلة مبكرة يسهم في تخفيف حدة هذا المرض ومنع تطوره للأسوأ. وتساعد الأدوية في علاج النوبات التي يسببها المرض وتقليلها، وتثبيط تطوره. لذا لا تهملي أية أعراض قد تكون مؤشراً على الإصابة بمرض التصلب اللويحي المتعدد، واحرصي دوماً على إجراء فحص عام يكشف لك حالتك الصحية.