علاج تحفيزي يساعد مرضى الآلام المزمنة على تقليل استخدام المسكنات

يعاني مرضى الآلام المزمنة من أوجاع لا تحتمل لفترات طويلة خلال النهار والليل على حد سواء، ما يضطرهم للجوء إلى الأدوية المسكنة لتخفيف تلك الآلام والتنعم بقليل من الراحة والنوم.

إلا أن الإفراط في تناول المسكنات، قد تكون له مضاعفات صحية خطيرة على العديد من أعضاء الجسم مثل قرحة المعدة والإضرار بصحة الكلى على المدى الطويل.

وعليه أعلن مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" عن توفير تقنية متقدمة لعلاج المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة في الأعصاب والعضلات الهيكلية، حيث يساعد الخيار العلاجي الجديد الذي يقوم على تحفيز الأعصاب الطرفية (المحيطية)، بالحد الأدنى من التدخل الجراحي، على تخفيف آلام المريض ومنحه راحة طويلة الأمد، ما يحد من اعتماده على الأدوية المسكنة للألم على المدى البعيد.

تخفيف الألم على الأعصاب الطرفية

مرضى الالام المزمنة يحتاجون لتناول الادوية المسكنة لوقت طويل

تنتشر الأعصاب الطرفية (المحيطية) خارج الدماغ والحبل الشوكي، وتمتد لداخل أعضاء وأطراف الجسم. تتمثل وظيفتها في التحكم بوظائف الإحساس والحركة والتنسيق الحركي، إلا أنها يمكن أن تتضرر بسهولة.

ومن خلال زرع صغير يعمل على توصيل النبضات الكهربائية إلى الأعصاب الطرفية، يمكن أن تساعد تقنية تحفيز العصب المحيطي على تخفيف الألم بشكل كبير لدى المرضى الذين يعانون من حالات عديدة مثل متلازمة الألم الناحي المركب، وآلام القدم، واضطرابات الصداع، وآلام أسفل الظهر والرقبة، وآلام الفتق أو جراحة الركبة، وآلام ما بعد البتر أو آلام الأطراف الوهمية.

وأوضح الدكتور عمار سلطي، طبيب استشاري متخصص في التخدير وعلاج الألم التدخلي في مستشفى "كليفلاند كلينيك أبوظبي" قائلاً: "أن تقنية تحفيز العصب المحيطي هي الخيار الأحدث والأكثر تقدماً لعلاج المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة. وطبيعة عملية الزراعة بالحد الأدنى من التدخل الجراحي، إضافة إلى التطور المستمر لتقنية تحفيز العصب المحيطي يجعلان من هذا العلاج طريقة مفضلة لتخفيف الألم لدى المرضى المؤهلين، الأمر الذي يساعدهم على تقليل اعتمادهم تدريجياً على الأدوية، ومنحهم راحة أطول أمد من الآلام التي يشعرون بها".

يتكون جهاز تحفيز الأعصاب المحيطية من أقطاب كهربائية توضع تحت الجلد، بجوار العصب المسبب للألم. ويدخل المريض أولاً في مرحلة تجريبية حيث يتم تحفيز عدة نقاط عصبية بنبضات كهربائية منخفضة التردد من زرع مؤقت، حتى يتم تحديد العصب الذي يرسل إشارات الألم. وعند ظهور نتائج إيجابية من هذا الإجراء، يقوم خبير علاج الألم ببرمجة جهاز التحفيز لمنح المريض أفضل مستوى ممكن من الراحة، ويتم بعد ذلك تزويد المريض بجهاز للتحكم عن بعد وإرشادات حول كيفية التحكم فيه بنفسه.

علاج تحفيزي يساعد مرضى الآلام المزمنة على تقليل استخدام المسكنات

وأشار الدكتور سلطي إلى أن تقنية تحفيز الأعصاب المحيطية هي إجراء موصى به للمرضى الذين يعانون من الآلام المزمنة، وذلك بعد إجراء تقييم شامل لتاريخهم الطبي وتحديد مصدر الألم.

مضيفاً: "هناك العديد من العوامل التي يجب مراعاتها قبل التوصية بهذا العلاج، بما في ذلك مدى استمرارية الألم لدى المريض، حيث يمكن أن يوفر العلاج بتحفيز الأعصاب المحيطية نتائج مرضية للمرضى الذين لم يشعروا بتحسن حالتهم بعد 12 أسبوعاً من الألم حتى مع بدء تناولهم الأدوية أو اعتماد علاجات أخرى، مثل تحفيز النخاع الشوكي، والعلاج الطبيعي. ويمكن أن يلاحظ المرضى نتائج إيجابية على الفور في غضون 6-8 أسابيع مع توقع انخفاض الألم بنسبة 50% أو أكثر".

وقد أكد أول مريضين تم علاجهما بواسطة زراعة جهاز تحفيز العصب المحيطي في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" في يوليو الماضي، تحسناً كبيراً في حالتهما بعد معاناتهما من آلام في الكاحل وأسفل الساق.

واختتم الدكتور سلطي: "لا يمكن القول بأن هذا العلاج سيخلص المريض من الألم تماماً، لكنه سيسمح له بإدارة حالته بشكل أفضل بكثير. تخيل أنك غير قادر على المشي أو قيادة السيارة أو العمل أو ممارسة الرياضة أو اللعب مع أطفالك نتيجة معاناتك من الألم المزمن يومياً، ولحسن الحظ أصبح بمقدورنا الآن مساعدة هؤلاء المرضى على تحسين جودة حياتهم من خلال إجراء بسيط منخفض المخاطر".