التراجع التلقائي لعلاج مرض السكري من النوع الثاني

يحدث السكري من النوع الثاني عندما لا ينتج الجسم ما يكفي من الأنسولين ليعمل بشكل صحيح، أو عندما لا تستجيب خلايا الجسم للأنسولين المفرز. وهذا ما يعرف باسم مقاومة الأنسولين. وداء السكري من النوع الثاني هو أكثر شيوعا بكثير من داء السكري من النوع الأول، ويصيب غالبا البالغين وكبار السن، ومسبباته كثيرة منها تناول الحلويات والمشروبات المحتوية على السكر بشكل كبير.

ويسبب هذا النوع من السكري أمراضا مزمنة وخطرة، مثل انهيار الأعصاب وفقدان البصر وأمراض القلب وبتر الأعضاء والإصابة بالذبحة القلبية.

وتتضمن إدارة السكري من النوع الثاني، اللجوء لخطة علاجية وغذائية وصحية تتضمن تناول الادوية الخاصة بالسكري او الانسولين، واتباع نمط غذائي صحي، وخسارة الوزن، وممارسة الرياضة بانتظام، فضلاَ عن مراقبة سكر الدم.

برنامج التراجع التلقائي لعلاج السكري من النوع الثاني

في السياق ذاته، كشف مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري في ابوظبي، عن برنامج جديد لمعالجة مرض السكري من النوع الثاني، وهو عبارة عن عيادة متخصصة مهمتها تعزيز "التراجع التلقائي" للمرض، ضمن ما يعرف طبياً بعملية remission من خلال نظام تغذية لتخفيف الوزن.

ويسعى الأطباء ضمن هذا البرنامج  إلى منع أو تأخير المضاعفات التي تنتج عن مرض السكري من النوع الثاني وزيادة العمر المتوقع للمرضى.

وبحسب الدكتور عماد جورج، المدير الطبي واستشاري الغدد الصماء ومرض السكري في مركز إمبريال كوليدج للسكري، فإن عدداً كبيراً من العلماء يعتقدون أن تخزين كمية كبيرة من الدهون في الكبد والبنكرياس يؤثر على كيفية تطور مرض السكري من النوع الثاني، وبالتالي فإن التخلص من هذه الدهون يمكن أن يساعد في تعزيز عملية التراجع التلقائي من المرض.

وقال الدكتور جورج: "إن فقدان 15 كيلوجرام من الوزن أو أكثر، يزيد بشكل كبير من فرص التراجع التلقائي لمرض السكري من النوع الثاني".

فيما أشارت الدكتورة مهجة الشيخ، استشاري الغدد الصماء ومرض السكري في المركز أن الوزن الحالي للمريض، وتاريخ  تشخيص إصابته بالسكري ، من بين العوامل التي يمكن أن تؤثر على نتيجة البرنامج.

كما أن عملية "التراجع التلقائي" للمرض لا تعني أن المريض قد تم علاجه، وإنما هي حالة لن يكون فيها المريض مصاباً بمرض السكري من النوع الثاني، ولن يحتاج إلى أدوية مرض السكري، وسيكون له نتائج طبيعية في تحليل سكر الدم التراكمي HBA1c، الذي يقيس متوسط مستوى السكر في الدم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية.

كما أكدت: "إن تشخيص المرض في مراحل مبكرة، يعني أن النتائج ستكون أفضل، ولكننا لا نعرف بعد المدة التي سيدومها تأثير عملية التراجع التلقائي لمرض السكري من النوع الثاني، ولكن المهم هو الحفاظ على وزن صحي، وربما فقدان المزيد من الوزن في مرحلة لاحقة".

النظام الغذائي لمرضى السكري من النوع الثاني

من جهتها أشارت فاطمة الحلايقة، أخصائية التغذية في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري أن المرضى سيكونون قادرين على الاختيار بين اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، وهو عبارة عن خطة بديلة للوجبات الغذائية، أو نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات لخفض الكمية الإجمالية من الكربوهيدرات التي يتناولها المريض إلى 100 جرام في اليوم بحد أقصى.

وفي حالة النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية، لا يتناول المريض خلال 24 أسبوعاً الأولى سوى بدائل للوجبات مثل اللبن المخفوق والشوربات وما شابه ذلك، والتي تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاج إليها. بعدها، يسمح لهم بتناول الأطعمة الصلبة على مراحل، ويلي ذلك مرحلة أخرى لمراجعة الإيجابيات التي تحققت وإجراء التعديلات المناسبة في حال لزم الأمر بهدف الحفاظ على الوزن، بحسب الحلايقة.

أما في حالة النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، قالت الحلايقة ان المركز سيعمل مع المريض على وضع خطة وجبات غذائية متكاملة تتناسب مع المعايير الغذائية المحددة خلال الأسابيع 24 الأولى، ومن ثم يتم تدريجياً إعادة إدخال بعض العناصر التي تحتوي على كربوهيدرات في النظام الغذائي المتبع.

وقد أظهرت الأبحاث فعالية هذين النظامين الغذائيين، وكذلك جراحات علاج السمنة مثل عملية تكميم المعدة.

وكانت جمعية التجارب السريرية للتراجع التلقائي لمرض السكري، والمعروفة باسم DiRECT، قد أصدرت نتائج السنة الثانية من دراستها، والتي أظهرت أن النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية فعال في إحداث تراجع تلقائي مستمر لمرض السكري لمدة عامين على الأقل لدى أكثر من ثلث الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، مع نسبة تراجع أكبر للمرض لدى أولئك الذين يفقدون ما لا يقل عن 15 كجم من أوزانهم.

من ناحية أخرى، أثبتت الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات فعاليتها في إدارة الوزن؛ وتحسين السيطرة على نسبة السكر في الدم والحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني، على الأقل في المدى القصير، بينما لا تزال تجارب متابعة معدل التراجع التلقائي لمرض لسكري مستمرة.