إدارة الوزن: مفهومٌ شامل لعلاج البدانة

السياحة العلاجية في إمارة دبي تحقَق مكسباً آخر عمّق تقدمها الإقليمي والعالمي في هذا القطاع الحيوي من خلال بروزها كوجهة صحية على صعيد توفير أنماط علاجية وجراحية أكثر تقدماً لأمراض السُمنة وجراحات البدانة. وقد تجسَد هذا التقدم عبر بلورة مفهوم متجدد هو "إدارة الوزن". 
 
وشهدت الفترة المنصرمة زيادة قاصدي دبي لأغراض علاجية بصورة لافتة، ومن المتوقع أن يصل العدد الإجمالي 170 ألفاً سنوياً مع نهاية العام الحالي وحلول العام القادم.  
 
لتوضيح مفهوم إدارة الوزن، يتحدث الدكتور غيريش غونيغا، مدير مركز علاج البدانة ورئيس قسم الجراحة في مستشفى الزهراء بدبي، وهي من المؤسسات الصحية التي توفَر هذا النوع من العلاجات، عن أن الإستثمارات الضخمة التي ضختها الإمارة في القطاع الصحي، والتي تصل إلى 15 مليار درهم سنوياً، كان لها كبير الأثر في تعزيز الأنماط العلاجية بصورة عامة وعلاجات السُمنة وجراحاتها على وجه الخصوص. مشدداً أن مسألة إنقاص الوزن لم تعد جزئية جمالية تتعلق بالرشاقة والشكل النحيف وإنما باتت مسألة صحية غاية في الأهمية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة الجسم على مواصلة وظائفه الحيوية بصورة سليمة.  
 
وقد بات معروفاً للجميع أن اضطرابات الوزن والسُمنة تقود إلى مضاعفات طبية قد تكون قاتلة في بعض الأحيان، أما في الحالات الأقل خطراً، فهي تؤدي إلى مشاكل في الحركة والمشي بعد التأثير السلبي المتراكم لوظائف الركبة، إضافة إلى توقف التنفس أثناء النوم وارتفاع ضغط الدم. ويُضاف إلى هذه القائمة التي لا تنتهي مرضٌ آخر خطير ألمحت بعض الدراسات إلى وجود علاقة بينه وبين السَمنة وهو مرض السرطان. 
 
ويشير غونيغا إلى أن الخبرة التراكمية للكوادر الطبية المحلية والإستقطاب المكثَف للكفاءات الطبية من مختلف أنحاء العالم، أفضت إلى بلورة مفهوم متجدد يُعتبر الآن العنوان العريض لعلاجات البدانة وجراحاتها هو "إدارة الوزن"، والذي يمثَل منظومةً متكاملة تتطرق إلى كافة الأسباب والمكونات العلاجية للخروج بالصيغة الأنسب التي تشكَل الحل الأمثل لكل مريض على حدةٍ حسب حالته. 
 
تحديد نوع الجراحة
"إدارة الوزن" يتطرق أولاً إلى مؤشر كتلة الجسم والذي يُحسب بتقسيم الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر، ليتم بعدها تحديد الفئة التي ينتمي إليها المريض وهي: الوزن الزائد، البدانة من الدرجة الأولى، البدانة من الدرجة الثانية، وأخيراً البدانة المفرطة. ليأتي بعدها دور دراسة الأسباب الحقيقية، فليس كل حالات السُمنة ناجمةٌ عن نمط الحياة المعاصر، فبعضها ناتج عن عوامل وراثية وهرمونية كالليبتين، وأحياناً أخرى عن اجتماع عوامل جينية، حيث تؤكد الدراسات الحديثة أن خمس جينات هي المسؤولة عن تنظيم الشهية. 
 
العوامل السابقة مجتمعةً، ينبغي أن تمثَل خارطة الطريق لعمل الطبيب وتحديد الإتجاه الذي يتوجب عليه أن يسلكه وفق مقتضيات كل حالة، فإما الذهاب إلى الإجراء الجراحي أو العلاج بالحمية وبعض الأدوية الأخرى. وشدد غيريش على أن "إدارة الوزن" يضطلع أيضاً بتحديد أي نوع من أنواع الجراحة ينبغي إجراؤها للمريض، فطيف عمليات إنقاض الوزن آخذٌ في الإتساع، من عمليات المجازة المعدية إلى تكميم المعدة وصولاً إلى ربطها، وما يتكشَف عنه الطب الحديث أيضاً. 
 
وفي كل الحالات يجب أن يكون اختيار الإجراء صحيحاً لضمان أفضل النتائج، فكلما كان الإجراء دقيقاً جاءت قدرة الجسم على التخلص من الوزن الزائد أكبر (من 50% إلى 80% حسب الإجراء).  
 
يأخذ مفهوم "إدارة الوزن" في الحسبان أيضاً الإختصاصات الأخرى، في العمليات الجراحية، كالقلبية والغدد الصم، والجهاز الهضمي وغيرها، بما يكرس نجاحاً بأعلى دقة ممكنة في إدارة الجسم لوظائفه خلال العملية وبعدها.