مديرة قائدات مترو جامعة الأميرة نورة معالي الحساوي لـ"هي": المرأة السعودية تتقدم في خطى جبارة

الرياض: مشاعل الدخيل

أثبتت المرأة السعودية أنها عنصر ناجح ومطور ومهم في بناء مجتمعها وأن تمكينها ضرورة لا بد منه في شتى المجالات الاقتصادية والتعليمية والتقنية وما إلى ذلك. وأصبحنا نعيش تجارب وقصص نجاح ملهمة تدعو إلى الفخر والإشادة و الإطراء. التقينا بالأستاذة معالي بنت عبدالرحمن بن راشد الحساوي، مديرة قائدات مترو جامعة أ لاميرة نورة بنت عبدالرحمن. معالي خريجة جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز ومتخصصة في مجال جغرافيا الطرق والمواصلات، وهو ما تعلق بشكل مباشر في عملها في قطاع النقل والمواصلات. تحمل معالي أيضاً الماجستير الموازي في التربية العامة. كان لنا معها هذا اللقاء المميز والمختلف تماما عن سابقه لامرأة سعودية بدأت تجربة قيادة مركبة القطار قبل قيادة السيارة.

بدأتِ قيادة مركبات القطار قبل السيارات! حدثينا أكثر عن هذه التجربة.

هذه التجربة لم تكن تجربة اعتيادية في وقتها، فعلى الرغم من أن المرأة السعودية لم يكن مصرحا لها بقيادة السيارة حينها، ولكن كان هناك دعم حقيقي جدا من جهة الدولة لتطوير المرأة في جميع المجالات. فعليا المشروع كان كالحلم الذي اكتمل، وافتتح على يد المغفور له الملك عبدالله رحمه الله، حيث كان أحد شروطه أن تكن القائمات على قيادة وصيانة المترو في الجامعة من شابات البلد، وقدم الدعم الشخصي لذلك رحمه الله، وفعليا أثبتت المرأة السعودية قدرتها على العمل في هذا المجال ومجالات عدة. وتوالى تفعيل دور المرأة في الكثير من المجالات، والآن كان تفعيل قرار قيادة المرأة للسيارة من قبل ملكنا وقائدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظة الله، قرار حكيم صب كليا في مصلحتنا نحن النساء. هذه التجربة كانت جدا مميزة، فأبهرني نوع العمل كقيادة وصيانة المترو، وهو مجال عمل جديد بالنسبة للمرأة السعودية، وهذا ما حفزني على سرعة التعلم والإبداع والعطاء. منذ الوهلة الأولى كانت أهدافي واضحة، أحدها أن أكون قدوة ناجحة لفتيات هذا البلد ونموذجا يثبت أن المرأة السعودية قادرة حتى في المجالات الجديدة.

في أي عام حصلتِ على التدريب ورخصة قيادة مركبة القطار؟ وكيف تصنفين هذه التجربة مقارنة بأي مؤهلات أو دورات اكتسبتِها أثناء عملك؟

التدريب كان في عام 2011 في مدينة كوبنهاجن عاصمة الدنمارك على يد خبراء في صيانة وقيادة القطارات، وبالفعل حصلت على الرخصة وقتها، وبعدها عدت إلى مزاولة العمل في الجامعة.

ما المسؤوليات التي تترتب عليك متابعتها بصفتك مديرة مركبات القطارات في جامعة الأميرة نورة بالرياض؟

تترتب علي مسؤولية قيادة وإدارة وتنظيم فريق قائدات مترو الجامعة، بما في ذلك الإشراف على وجودهم في مواقع العمل المعينة لهم، وممارسة المهام المطلوبة، والتأكد من سير العمل اليومي وتدفقه، إضافة إلى التنسيق بين المهام والتواصل بين فريق العمل وغرفة التحكم، والتأكد من جاهزية الفريق، وأنهم دائما حاصلون على آخر التطورات في المجال، وهو ما يساعد على التحسين والتطوير في فريق العمل وبيئته. وكذلك الحرص أيضا على تفاهم وتناغم الفريق معا، حيث إنه من أساسيات عملنا العمل الجماعي  باعتبارنا فريقا واحدا، فمن دون ذلك لا يمكن الحصول على تشغيل جيد.

ما أهم التحديات التي واجهتك من المجتمع؟ هل كان هناك رفض لفكرة حصولك على رخصة قيادة القطار؟

لم أواجه تحديات من المجتمع، ومن أهم أسباب نجاحي المجتمع، وخصوصا دعم والدي، حفظه الله، وعائلتي والبيئة المحيطة بي بوجه عام، هذه العوامل هي المحفز الرئيس لنجاحي.

وكيف تصفين نظرة المجتمع وقتها إلى فكرة قيادة مركبة القطار؟

بالتأكيد بحكم أن هذه المهنة جديدة سيكون ذلك مستغربا، ولكن بعد فترة قصيرة تقبل المجتمع المهنة، بل انهالت علي الكثير من التساؤلات عن طبيعة عملي وكيفية ممارسته بشغف وحب ومن ثم لمست تشجيعا كبيرا من المجتمع والبيئة المحيطة، ولله الحمد.

ما الأسباب الرئيسة وراء تدريب وتوظيف المرأة في هذا المجال في وقت لم يسمح فيه للمرأة بقيادة السيارة؟ هل كانت خطوة تمكينية أم فقط لأن حرم الجامعة لا يسمح بدخول الرجال إليه؟

لله الحمد، في السنوات الماضية حرصت حكومتنا الرشيدة على تفعيل دور المرأة في جميع المجالات، وألا تكون هناك فروقات مجتمعية على كل الصعد، وهو ما ناسب حالة المترو داخل الجامعة، وزاد الفرصة أن يكون هناك فريق نسائي متخصص في صيانة وقيادة المترو داخل الحرم الجامعي أثناء الدوام الرسمي، وهو ما يسهل استخدام المترو بأريحية. وبوجه عام كان هدفا لإدخال المرأة السعودية في هذا المجال، ومن إحدى خطوات التمكين، وأيضا توفير البيئة المناسبة لمرتادي المترو داخل الحرم الجامعي. هذه الخطوة أصابت جميع الأهداف بشكل فعال.

هل كنتِ تحملين رخصة قيادة السيارة من دولة أخرى؟

لا.

حدثينا عن استقبالك لخبر رفع الحظر عن قيادة المرأة. كيف كانت ردّة فعلك نحو هذا القرار المصيري؟

إنه من أحد القرارات المهمة، وقد خدم الكثير من طبقات المجتمع، وسهل كثير من الصعوبات التي كانت تواجه المرأة من ناحية التنقل والتكلفة المادية المترتبة على ذلك في عملية استقدام سائق خاص، والأريحية التي تكون للمرأة بقيادة سيارتها بنفسها، عوضا عن وجود سائق أجنبي معها. أيضا القرار يصب في مصلحة البلد عامة من الناحية الاقتصادية والسياسية والأمنية بتقليص عدد العمالة الوافدة.

وكيف كان استعدادك للقيادة قبل تطبيق القرار؟ هل بدأتِ رحلة البحث عن سيارة مناسبة؟

كنت كلي حماسة بأن أكون في الصفوف الأولى بذلك، وأن أحمل رخصة قيادة السيارة، كما حملت رخصة قيادة القطار مسبقا، وكنت من الرائدات في ذلك. بدأت التدرب على قيادة السيارة قبل تاريخ التفعيل، وبالفعل حصلت على الرخصة، والآن أقود في شوارع الرياض، أتجه لعملي ومنزلي بكل أريحية وبتشجيع من الجميع.

وكيف كانت تجربتك مع استخراج رخصة قيادة السيارة من السعودية؟

الحمد لله، هناك تسهيلات جبارة لذلك، وقد حصلت على الرخصة بعد إتمام تدريبي الذي استغرق 15 يوما، وأتممته بنجاح، ولله الحمد، على أيدي مدربات سعوديات لديهن القدرة الكافية على التأهيل والتدريب. والشكر مقدم إلى مدارس القيادة في السعودية، وأيضا إلى مرور الرياض، على هذا الدعم والتشجيع والحرص على التأكد من الجاهزية، وإتمام التدريبات اللازمة قبل الحصول على الرخصة.

كيف تقيمين أداء المرأة بوجه عام نفسيا ومعنويا مع صدور هذا القرار؟

المرأة السعودية متحمسة جدا ومرحبة بالقرار، وهناك إقبال واسع على مدارس القيادة وتعليمها، وهو ما سبب تأخرا في الحصول على فرصة التدريب بسرعة، ولكن الجهات المعنية تعمل على قدم وساق لتوفير الفرصة المناسبة للتأهيل والتدريب على قيادة السيارة للجميع، وتفعيل القرار السامي الذي يصب في مصلحتنا جميعا.

هل استغنيتِ عن السائق بشكل رسمي؟

نعم نعم نعم.

نعود إلى موضوع اختيار سيارتك؟ ما أهم المواصفات التي كنتِ تبحثين عنها في مركبتك الخاصة؟

أن تكون آمنة ومناسبة لي ولأفراد عائلتي، وهذه أهم احتياجاتي.

ما التطورات أو التغييرات التي تتمنين رؤيتها في السنوات المقبلة والتي ستسهم في تطوير تجربة القيادة في المملكة؟

نحن نتقدم في خطى جبارة واثقة متوافقة مع رؤية المملكة 2030 ، وحكومتنا الرشيدة لم تدخر أي جهد في سبيل تفعيل التقدم والتطور في جميع المجالات بما يتوافق مع الرؤية، وبما يصب في مصلحة المجتمع وجميع أجناسه وطبقاته. ونحن مقبلون أيضا على ثورة كبيرة في مجال النقل، وخصوصا مجال القطارات والمترو. فقريبا، بإذن الله، سيُفتتح مترو الرياض، وهو الخطوة الكبرى في مجال النقل لهذا العام، والتي سوف يكون لها التأثير الفعال في الحركة في شوارع الرياض والمدن المخطط لها بذلك، وهو ما سيكون دافعا كبيرا لتفعيل قيادة المرأة بشكل أوسع.

ما نصيحتك لكل امرأة مقبلة على القيادة؟ ولتلك التي ما زالت في مرحلة التفكير في الأمر؟

عدم الرهبة، والالتزام بالقوانين، وأن يكون لديها الدعم الكافي من جميع الجهات المعنية والمجتمع. وأشجع المرأة عموما على قيادة السيارة لما في ذلك من مصلحة لاقتصاد الوطن والمجتمع ولها شخصياً.