فيلا "كالا فولبي": مشروع معماري فائق الدقّة يعبّر عن عشق الطبيعة المحلّية

على مرتفع بلدة أبيادوري حيث تفتح الأرض ذراعيها لتعانق البحر، تقف فيلا مدهشة ذات جمالية نحتية وتطل على خليج كالا فولبي الساحر. يتميز هذا المبنى الذي يتفرّد بأحد أجمل المناظر البانورامية في جزيرة سردينيا، بطابعه الخيالي وطريقته في نسج تفاعل متواصل بين الرموز والتلميحات التي تشدد على الروابط الموثقة بين المبنى وبيئته الطبيعية. ويهتم التصميم الذي ابتدعه المهندس المعماري "فابيو ماتزيو" Fabio Mazzeo بكل الجوانب وأصغر التفاصيل، لنسج خيوط أسلوب فريد وفائق الدقّة.

الفن يلتقي بالتصميم والحرفية في توازن دقيق

يقول المهندس المعماري: "إن طريقتنا في التصميم والبناء متجذرة في فكرة عن الجمال الإيطالي غير جامدة أبدا، بل تنعكس دائما من خلال أسلوب فريد ينبع من رغبات العميل. ونحقق هذا الهدف من خلال إشراك أصحاب مواهب ومهارات متنوعة الوظائف، من فنانين وحرفيين ومصممي ديكور ورسامين وجميع مبدعي فريق "فابيو ماتزيو"، في رؤية شاملة وعضوية للهندسة المعمارية ".

يوحّد بين كل أجزاء التصميم حجر "ترافرتين" الجيري الذي يغطي هيكل الفيلا الخارجي بالكامل ويشق طريقه إلى الداخل. في لوحة ألوان رخامية راقية، تتراوح التأثيرات بين العاجي الناعم في ترافرتين "نافونا" الإيطالي، ودرجة خشب الجوز المنعكسة من الجير البيجي الهادئ، وتتأرجح اللمسات الأخيرة بين المطروق والمسفوع بالرمل والمصقول، وهو ما يمنح المبنى حركة ونورا يحاكيان تأثير النوافذ الكاملة الارتفاع التي تلتقط المشهد الخارجي الساحر والدائم التغيّر.

تنساب أجزاء الفيلا مثل منحوتة نقشتها الرياح بانسجام مع تضاريس الأرض وتفاعل رائع مع البيئة الطبيعية. وتمتد غرف المنزل وأروقته على مساحة 1300 متر مربع موزعة على ثلاثة طوابق بطريقة متناغمة تماما مع بركة السباحة البانورامية اللامتناهية والحديقة المدرّجة الممتدة على مساحة 5000 متر مربع. بتصميمها الديناميكي المتعدد الأوجه، تثير الفيلا مشاعر جديدة من كل جانب. فتفرض الواجهة الغربية المتناسقة والمنتظمة أكثر من الواجهات الأخرى، إطلالة كلاسيكية وقوية تبدو مثل قلعة مهيبة تقف خلف الأفق. لكن صرامتها القاصية تلين وتنعم بفضل أشجار الزيتون القديمة والهندسة المعمارية العضوية. أما الواجهة الجنوبية، التي تكاد أن تكون شفافة بشكل كامل، فتطل على شاطئ بيفيرو والجزر المواجهة، فيما تقوم النوافذ الضخمة على الواجهة الشرقية بتصفية الضوء الطبيعي المتراقص بين المساحات الداخلية والحديقة.

وبالنظر إلى الشمال، يخطف المدخل الرئيسي الأنظار على الفور. هنا، يتقارب الإطار المصبوب بالرخام مع فتحاته غير المتماثلة باتجاه البوابة التي تشبه لوحة من الفولاذ المصقول والمسفوع بالرمل وتصوّر أشكال الأشرعة البحرية. تدعونا هذه البوابة إلى اكتشاف الجزء الداخلي من الفيلا، حيث تكثر التفاصيل المسرحية مثل الخلفية التي تحيط بغرفة السينما المنزلية، والمطلية يدويا بالجص مع زخرفات على شكل أوراق من الذهب والفضة تعكس أفق بلدة كالا فولبي، وتنسجم مع هوية ديكور المنزل المستوحى من العناصر الطبيعية التي تحتضنه.

تضفي ألواح خشب البلوط المبيّض والأسطح العاكسة نورا وسحرا على كل أجزاء الطابق الثاني المميز بتصميم مفتوح شاسع تتدفق فيه كل مساحة مستقلة نحو الأخرى بكل سلاسة، من المدخل إلى غرف الجلوس والطعام. وتنتشر في كل أنحاء الفيلا مفروشات كثيرة صممها فريق "فابيو ماتزيو" خصيصًا لهذا المشروع وصنعتها أيدي أفضل الحرفيين الإيطاليين، وتجتمع هذه القطع الفريدة بأجمل التصاميم المعاصرة مثل مقاعد "ليفينغ ديفاني" في غرفة الجلوس.

ترسم عناصر الإضاءة مشاهد أخاذة، مع ثريات فخمة وأنيقة من "فيستوزي"، وثريات مرصعة بالأحجار الساطعة من "لولي أند ميمولي"، وتجهيزات إضاءة جدارية عصرية من "كاتيلاني أند سميث"، وشمعدانات جدارية فنّية من "فيزيونير". تم اختيار كل قطعة بعناية فائقة، من زوج مزهريات معدني ومموج التصميم من "دي كاستيلي" يتلاعب بالظلال والضوء في الردهة، إلى مرايا "بورادا" الأنيقة النفيسة، والطاولات والكراسي والخزائن المؤلفة من أدراج من "أوبيرا كونتمبوريري" المنسقة مع أسرّة من "تويلز" وأقمشة تنجيد من "روبيلي" ومقاعد بذراعين من "فندي كاسا". وتضم غرفة النوم الرئيسية غرفتي استحمام رخاميتين مزخرفتين بتفاصيل زينية فسيفسائية وملونة بتدرجات مياه البحر من "سيتشيس"، ومجهّزتين بمغاسل أنيقة من علامة "فيلروي أند بوش". كما تظهر هذه القطع المذهلة أيضا في حمامات الضيوف بجانب التفاصيل الفسيفسائية المستوحاة من الأشكال النباتية الطبيعية التي صممها أيضا فريق "سيتشيس".

يجتاح المشهد الطبيعي المحيط كل أجزاء التصميم، من صالات الاستراحة إلى غرفة النوم الرئيسية وغرف الضيوف والمطبخ. هذا التأثير الساحر يغمر الزائر بمناظره المتغيرة باستمرار، حيث يتحول النور والخضار إلى جزء لا يتجزأ من عمارة البيت. ويصل هذا الحوار مع الطبيعة إلى ذروته في مناطق الاسترخاء، من الحديقة وبركة السباحة، إلى شرفة السطح التي تمتد بألواح أرضيتها نحو البحر الأبيض المتوسط.

fabiomazzeoarchitects.com